إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أمريكا في سوريا ، الهذيان الأخير ...!!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-04-26

إقرأ ايضاً


يصر السيد لافروف وزير الخارجية الروسي ومعه المبعوث الأممي ديمستورا على القول أن المحادثات في جنيف لن تتوقف ، وفي نظرة سريعة على الواقع السوري نجد أن الحرائق عادت تلتهب في كل الأمكنة وقد أشعلتها كل الفصائل دون استثناء بما يؤكد أن الهدنة المتفق عليها أمريكيا – روسيا قد سقطت أو هي انتهت في الواقع وبقيت اليافطة تستظلها الوفود المختلفة في المدينة السويسرية .

العمليات السورية – الروسية المشتركة لم تتوقف بمواجهة داعش والنصرة ولا يبدو أنها ستتوقف بل ستعود شاملة بسبب سلوك فصائل العصابات المختلفة من الجنوب في درعا إلى الشمال في حلب ، ومن الساحل في ريف اللاذقية إلى حدود البادية كاملة ، والسؤال أين هي النقطة التي ما زالت الهدنة تظللها وتمنع عنها سفك الدماء حتى في الأماكن المدنية العزلاء ، قصف بالهاونات والصواريخ واسطوانات الغاز يطال كل أحياء حلب وريفها ، وأحياء دمشق والبلدات في ريف حماه ، وحمص ، ودرعا وبلدات ادلب المحاصرة .. إذاً : من يلتزم الهدنة وأين ومتى ، وهل لأي من المعارضات الخارجية تأثيرها على الفصائل المسلحة في الداخل أو بعضها على الأقل .؟.

المحادثات في جنيف لا تبشر بأية نتائج ايجابية ، ولا يستطيع أي من الوسطاء أو الدول الراعية أو حتى المشاركين ، أن يبشر بالخير معتمدا على ما دار في الكواليس أو ما قال ديمستورا أنه تم الاتفاق عليه ، ما زالت معارضة الرياض تنفخ في قربتها المثقوبة وتردد نفس اللازمة وشعارها استلام السلطة دون أي برنامج أو مشروع مستقبلي لسوريا ، سوى الحاقها بركب السعودية ووضعها تحت وصايتها وتاليا الدخول في النفق الصهيو – أمريكي وما انتظرت السعودية الوقت الكافي للتعمية والتمويه فها هي تعلن على الملأ موقفها وعلاقاتها مع الصهيونية والتزامها باتفاقية كامب دافيد التي وقعتها مصر بالوكالة والأصالة ... كامب دافيد كان إنجازاً سعوديا ، وقد آن الأوان للكشف عن بعض التفاصيل التي قيل فيها الكثير ومنها أن المشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة منذ أيام كيسنجر كانت فيه السعودية ( حصان طروادة ) وبعض جوارها رغم تمويه مواقفهم الحقيقية من خروج مصر على " إجماع عربي " ما أفضى إلى نقل الجامعة وتجميد عضوية مصر ، ذلك كان لزوم المرحلة لامتصاص فورة الشعوب العربية ... والاحباط الشعبي المصري ،، لهذا كان لا بد من تجويع مصر وتركيعها .. مصر التي كانت تطعم العالم قمحا وأرزا كما سوريا ..

الخطط الأمريكية في مصر حققت نجاحاً مؤكداً ، بينما فشلت في سوريا والسبب أن القضية الفلسطينية هي قضية سورية لا يمكن لمن يحكم سورية أن يعلن تنصله منها أو تنازله عن حقوق شعبنا فيها ، رغم القرار العربي بحصرية تمثيلها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ، الأعراب الذين لعبوا دورهم المرسوم في المشروع الغربي وانتقال مصر من ضفة المقاومة ورفض المشروع الصهيوني إلى ضفة اللاعب المنوط به دور التسويق لالتحاق الآخرين به عن طريق الترغيب أو الاقناع وربما استخدام الترهيب أحيانا أخرى ، وكان أن استعادت مصر دورها في جامعة الأعراب طبقا للخطة الأمريكية وهي التي لم تغادرها في الحقيقة فقد كان الجميع يتلمس الأعذار لمصر ، أما الحركة التي يسرت لمصر العودة فهي سقوط السادات بعد أن تخلت عنه الإدارة الأمريكية ومهدت لوصول مبارك ، أمريكا لم تخلص يوماً لأدواتها في كل العالم فهم ليسوا أكثر من بيادق يأتي سقوطهم بعد تحقيق نقلة تمهد لنجاح عملية متقدمة أكثر ودائماً البديل جاهز .

فشل المعارضات المرتبطة بحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية ، رغم انخراط بعض هؤلاء الحلفاء مباشرة بالعمليات على الأرض ، ربما كان الدافع لدخول أمريكا من نافذة الأكراد رغم ضيق هذه النافذة ، مع ادراكها أن العامل الكردي ذاته ليس متجانسا ولا متوافقا على موقف موحد وبدا منذ اللحظات الأولى أن الغالبية الرافضة للمشروع الذي سوق له برنار هنري ليفي ستكون صاحبة القول الفصل ، وليفي هو العنصر الصهيو فرنسي الناشط في الربيع الأعرابي والذي ظهر في ليبيا يقود ثوارها ، ثم في اسطنبول محتضنا المعارضات السورية ، وأخيرا على الأرض السورية مع القيادات الكردية صاحبة مشروع الفدرلة .

ركوب الموجة الكردية أمريكياً وتعويم فصائلها يواجهه موقف عدائي تركي ، واستطرادا لن يكون مرحبا به من قبل السعودية الحليف الأقرب إلى تركيا ، كما لن ترحب الدول التي تحارب داعش بالاستثمار الأمريكي في هذا الوقت ومنها ايران وسوريا ، الوجود الأمريكي بين الأكراد تمثل بعدد قيل أنه لم يتجاوز مائتين من الخبراء " المدربين " ، ويبدو أن الاتجاه الجديد للإدارة الأمريكية هو مضاعفة العدد تمهيدا لتدخل على نطاق أوسع وليكون للإدارة الأمريكية موطئ قدم على الساحة السورية بمواجهة الروس والإيرانيين وبعيدا عن أي تنسيق مع الدولة صاحبة العلاقة وهي الحكومة السورية .

اليوم أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية موافقته على ارسال مائتين وخمسين من القوات الأمريكية ليلتحقوا بمن سبقهم إلى الأراضي السورية بذريعة تدريب القوات التي تحارب داعش ، في الوقت الذي تعتبر الدولة السورية هذا الوجود عدوانا سافرا إذ لا يندرج في سياق قرار دولي أو اتفاق مع الدولة السورية صاحبة الشأن ، وإذ يقتصر هذا الوجود على خمسمئة من الجنود الأمريكيين فهو لن يكون ذا أثر في محاربة داعش ، بل هو نوع من الهذيان في زمن الحاجة إلى حديث فاعل ، متوازن ومعقول ، بعيدا عن الخداع والتأرجح بين ولاءات لمشروع مبطن ، وعمل مسرحي تمثيلي غرضه الدعاية وإطالة أمد الأزمة التي تستنزف شعوب المنطقة وقدراتها البشرية والاقتصادية خدمة للمشروع الصهيوني .

المصالح الأمريكية ومحاولة الحفاظ على علاقات متوازنة مع الجانب الروسي هي من فرض على الإدارة الأمريكية اعلان الاتفاق مع الروس لوقف العمليات الحربية والضغط على الحلفاء للدخول في محادثات جنيف ، الأغلب أن النوايا غير الصادقة في هذا الاتجاه هي من يجعل الموقف الأمريكي عصياً على الفهم ، إذ لا يتطابق الحديث المعلن عن تأييد الحوار مع اجراءات تناقض الإعلان على أرض الواقع من تسليح المعارضات المسماة معتدلة والدفع بقوات داخل الأرض السورية في الوقت الذي انسحب الروسي مدللأً على رغبة صادقة في الوصول بالحوار إلى نتائج ايجابية توقف سيل المزيد من الدماء والكثير من الخراب والدمار ، وبينما تشارك الحكومة السورية هذا التوجه الروسي وتؤيده ، يلمس المراقب نفاقا واضحا في مواقف الأطراف الأخرى وخاصة الأمريكان في حين يعلن الأتراك والسعوديون عدم رضاهم واستمرار دفعهم باتجاه تسعير القتال والعمليات العسكرية .

لا شك أن للموقف الأمريكي تأثيره الفاعل لو خلصت النوايا ، فهو الأقدر على وقف تمويل وتسليح المعارضات والعصابات الغريبة ، سواء بمواجهة السعودي أو التركي ، وحتى الكيان الصهيوني بذلك فقط يدعم رغبة الروسي بما يحقق طموحات الشعب السوري في استعادة الأمن والسلام ليبدأ عملية إعمار ما خربته أدوات تحالف تركيا والسعودية ويهود الداخل .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024