شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-04-29
 

طرابلس لم تعُد زرقاء...

محمد حمية - البناء

دخلت المحافظات والمناطق اللبنانية «غوما» الانتخابات البلدية علّ إجراءَها يخفف وطأة غضب الشعب على حكامه، بعد التمديد للمجلس النيابي مرتين متتاليتين وحرمانه من ممارسة حقه الديمقراطي في الاستحقاق النيابي وضياع فرصته في تغيير ممثليه.

أنهت التيارات والأحزاب السياسية تزييت ماكيناتها الانتخابية وتشكيل اللوائح وباتت على أهبّة الاستعداد لخوض المعركة، ليسأل البعض: إذا كانت الانتخابات النيابية التي تعتبر استحقاقاً سياسياً بامتياز لم تحصل منذ 6 أعوام، وبالتالي لم تكشف التغييرات في أحجام وأوزان الأحزاب والتيارات السياسية منذ ذاك الوقت رغم التحولات الإقليمية، فهل سيشكل الاستحقاق البلدي والاختياري اليوم امتحاناً لشعبية هذه التيارات واختباراً لشارعها لا سيما تيار المستقبل الذي سجل خلال السنوات الماضية تراجعاً في شعبيته في جميع المناطق اللبنانية، بحسب مسؤولين في التيار؟

يرفض نائب شمالي بارز في «المستقبل» التسليم بمنطق أن الانتخابات البلدية تشكل مقياساً لشعبية التيارات السياسية، ويعتبر أن «الانتخابات البلدية تتخذ الطابع العائلي والمناطقي والإنمائي ولا تتخذ الطابع السياسي أما المقياس الحقيقي فهو الانتخابات النيابية، حيث يستند الناخب في الاختيار على الخيارات السياسية الكبرى للأحزاب». ويقر النائب المستقبلي بأن هناك تراجعاً نسبياً في حضور وشعبية التيار الأزرق لأسباب متعددة، لكن يعتبر ذلك طبيعياً ودليلاً صحياً ودافعاً لنواب التيار إلى تصحيح بعض الأخطاء وتصويب بعض الخيارات. ويؤكد أن تيار المستقبل لا يزال يمثل الأكثرية السنية في جميع المناطق، رغم بعض التراجع وبعض الخلافات في وجهات النظر بين قياداته.

ويستشهد النائب المستقبلي بالانتخابات البلدية التي حصلت عام 2010 في الضنية والتي خسر فيها تيار المستقبل أمام منافسيه، لكنه ربح في الانتخابات النيابية الفرعية في الضنية التي تلت البلدية بأسابيع فقط، كما يشير إلى التحالفات التي تحصل في الانتخابات البلدية بين قوى على خصومة سياسية، ويبدي اطمئنانه حيال الانتخابات البلدية في منطقته وإلى نتائجها، ويعلن أنه لم يتدخل فيها بل ترك لعائلاتها تشكيل اللوائح ولناخبيها الحق في اختيار من يمثلهم.

أما مصادر شمالية مطّلعة في 8 آذار فتقول لـ«البناء» إن «التحالفات الانتخابية في طرابلس لم تُحسم بعد والوضع يتأرجح بين التوافق والمعركة»، لكنه يرجّح حصول توافق في الأيام القليلة المقبلة ويعلل الأسباب بأن «المستقبل لديه مصلحة كبيرة بحصول التوافق مع القوى الأخرى في المدينة، وذلك للتغطية على أي تراجع في شعبيته في حال حصول معركة كما يتخلص في هذه الحالة من دفع الأموال للمناصرين وللرماديين أو لبعض المرشحين المتمردين داخل التيار».

وتؤكد المصادر على انحسار «المستقبل» في مناطق الشمال، وفي طرابلس خصوصاً، وحصول معركة انتخابية سيؤدي إلى توزع الأصوات ما بين «المستقبل» ووزير العدل المستقيل أشرف ريفي والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، وبالتالي ستظهر التصدعات في «المستقبل» على السطح.

وتذكّر المصادر بانتخابات العام 2009 النيابية في طرابلس، حيث نال الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان منفرداً 26 في المئة والرئيس الراحل عمر كرامي 32 في المئة في ظل خيارهما السياسي المعروف وفي ذروة الأزمة والانقسام السياسي والطائفي في لبنان، وفي ظلّ تحالف الرئيس ميقاتي وتيار المستقبل والوزير الصفدي في لائحة واحدة حينها، وتسأل المصادر: كيف سيكون الحال اليوم في ظل التغييرات الإقليمية وسقوط رهانات المستقبل على سقوط النظام في سورية وعلى حسم السعودية الحرب على اليمن لمصلحتها؟».

وتجزم المصادر، بأنه بعد تغطية تيار الحريري للتنظيمات الإرهابية على مدى سنوات وحضن قادة المحاور، وفي ظل الأزمة المالية الحادة التي يعاني منها الرئيس الحريري، فإن تراجع التيار بات واضحاً وقياداته تدرك ذلك، ويختم المصدر بجملة تختصر الواقع في المدينة بأن «طرابلس لم تعُد زرقاء».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه