إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المشنوق يدافع عن الحريري... أو يقدّم نفسه بديلاً عنه؟

هتاف دهام - البناء

نسخة للطباعة 2016-06-04

إقرأ ايضاً


لم ترمّم عودة سعد الحريري ما يجب ترميمه داخل تيار المستقبل. لم ينجح في تسوية التصدع القائم بين قيادات الصف الاول. اتخذت العلاقة على مستوى الصقور منحىً انحدارياً، وانتهت بتمرد وزير العدل المستقيل أشرف ريفي على رأس الهرم في القيادة، وخوضه انتخابات بلدية في وجهه، وجهت نتائجها ضربة قاضية وموجعة في مرمى وادي بو جميل.

هل استدعى انتصار اللواء في عاصمة الشمال إطلالة من وزير الداخلية نهاد المشنوق؟ وكان قد وعد الأخير خلال مؤتمره الصحافي لتقييم نتائج انتخابات طرابلس، المهتمين بهذا الشأن بإطلالة قريبة لتقييم ما حصل. انتظر أربعة أيام وخرج أول أمس في حديث تلفزيوني، خاصاً وزير العدل المستقيل برسائل من كل حدب وصوب. تعمّد امتصاص نتيجة انتخابات طرابلس و «التفخيت» من انتصار الجنرال ووضعه في حجمه الحقيقي من منظار الوزير البيروتي. قام بحركة التفافية نقلت الكرة التي بدأت في طرابلس إلى سياقات مختلفة عما يريده ريفي. لفت إلى مسألة أساسية وهي استثمار تيار الحريري للدم في مسيرته السياسية خلال السنوات الماضية. وهو إذ دان ريفي على استمرار سعيه في استثمار «الشهادة» في العمل السياسي، فإنه كان يدين التيار الحريري بأكمله من خلال دعوته إلى التوقف عن هذا الاستثمار.

لكن ماذا عن رئيس المستقبل والسعودية في مغزى كلامه؟ وهل يمكن للمشنوق أن يكون أقر بهذا الكلام الذي لم يسلم منه السعوديون والبريطانيون والأميركيون بمعزل عن الحريري؟ مَن مثّل في إطلالته؟ ماذا عن سقف الهجوم والحديث عن المملكة بهذه الطلاقة؟ وإلى مَن يستند؟

لم يأت كلام «أبو صالح» من فراغ. أعادت مواقفه السياسية، كما تقول مصادر مقربة منه، رسم صورة المشهد من خلفية مركزية قيادة الحريري للتيار. فهو حاول أن يثبت أن اللعبة السياسية في لبنان ليست محلية محضة وأن القرارات التي اتخذها تياره بشخص الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة وعوقب عليها من قبل جمهور طرابلس والشمال هي قرارات خاضعة لاعتبارات أكبر منّا. جزم أن حزبه جزء من لعبة إقليمية ودولية تفرض عليه خيارات ومواقف لا يتحمل مسؤوليتها رئيس الحكومة الأسبق، بقدر ما يتحملها حلفاؤه الإقليميون.

لكن هل صحت مقولة حزب الله عن أن الفريق السياسي المستقبلي يعمل بأجندة خارجية ويتلقى أوامر خليجية؟

تؤكد مصادر مطلعة في 8 آذار أن المقابلة التلفزيونية أظهرت انشقاقات حقيقية داخل التيار الأزرق. بعد زلزال ريفي مثّل كلام المشنوق جرأة وتجرؤاً على الشيخ سعد وصل إلى حد تحطيم الهالة الوطنية والاستقلالية التي أضفاها على نفسه وتياره خلال السنوات الماضية. كشف وزير الداخلية الكثير من حقائق كان تيار المقاومة يؤكدها في الفترة الماضية، بينما كان الإعلام الخصم يحاول تمييعها. صوّر المشنوق في مقابلته الحريري بأنه ليس رجلاً معتدلاً بطبعه، وأن خطواته «الانفتاحية» لم تكن منطلقة من ذاته، وإنما فُرضت عليه فرضاً، وهو في داخله لا يقلّ تطرفاً عن التيارات السلفية، سواء في ما يتعلق بالوضع في سورية أو في العلاقة مع المقاومة. وبأسلوب أقرب إلى «الخبث» استهزأ بضعف الحريري، فهو ينفّذ الإملاءات بحرفيتها من دون أن يعترض. لا يتّخذ أي قرار من تلقاء نفسه. الأوامر تُملى عليه من الخارج. لم تنجُ الرياض من لسعاته. فقراراتها ليست قرارات ذاتية ومستقلة، وإنما هي تنبع من وزارات الغرب وسفاراته، وما عليها إلا القبول. وإلزام أزلامها بالعمل وفقها. رغم أنه كشف عن وجود محاولة لتهشيم الفترة السعودية السابقة، من خلال الحديث عن قيادة سابقة وقيادة حالية، وهذا يعكس صراعاً داخل الحكم السعودي، وسعياً للانقلاب على إرث السياسة السعودية، ليس في لبنان فقط، وإنما في المنطقة كلها.

في موازاة ذلك، تقول أوساط سياسية في تيار المستقبل إن اللواء ريفي خاض معركة الوجود السياسي عبر الشارع وصناديق الاقتراع، وردّ المشنوق بمعركة إعلامية سياسية لإثبات الفعالية والوزن السياسي والدولي من دون أن يقيم اعتباراً للحريري ولا لبعض القوى الإقليمية. عمل وزير الداخلية، بحسب الأوساط نفسها، بذهنية فردية مغطاة من قوى دولية. لم يُقِم اعتباراً للتكتل السياسي الذي عيّنه وزيراً أو للتيار الذي ينتمي إليه. يحاول منذ بدء الحوار الثنائي مع حزب الله بناء حالة استثنائية خاصة ذات طبيعة سياسية معلوماتية إعلامية. ويريد تقديم نفسه بديلاً عن الحريري إذا قرر الحريري في لحظة أن يقدم بديلا عنه. ويدّعي انه ليس بحاجة لتطوير تموضعه تجاه حزب الله، فهو قدّم نفسه ضحية الاقتراب من حارة حريك.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024