إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الــتــاريـــخ هـــــو مــَـن يخــجــل . . !.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2016-07-07

إقرأ ايضاً


ملايين المرات رددنا ونردد قولك يازعيمي ياخجل هذه الليلة من التاريخ ...!.

ويبدو أن الليلة السوداء صماء لا تشعر بالخجل ، هو التاريخ يبدو أنه الأكثر خجلاً ولا يستطيع الخلاص من تسجيلها ضمن صفحاته .. ففي التاريخ الكثير من الصفحات السوداء والحمراء الملطخة بدماء العظماء والأبرياء ... وأنت يا زعيمي من أكثرهم عظمة وابداعاً .

وقولك : أنا أموت ولكن حزبي باق ... لهو استشراف في موضعه .. فالحزب بقي رغم المؤامرات والفواجع والملاحقات وأعاصير الحرب الدولية عليه بمعونة من الداخل المتخلف وهم من أسميتهم يهود الداخل ، ومع ذلك نما وانتشر وقويت شوكته وتصلب عوده وأثبت وجوده على ساحة الأمة ليشكل منارة النهضة وأملها في الخلاص ، من هنا يؤمن أبناؤك أن موت الفرد لتحيا الأمة هو القاعدة وهم يجسدونه فعلا ايمانيا على قاعدة ايمانك : إن الدماء التي تجري في عروقنا ، عينها ليست ملكا لنا بل هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها . أبناؤك يا زعيمي يستجيبون لنداء وصوت استغاثة الأمة في زمن المحنة فيردون الوديعة دون تردد ولا انتظار أجر أو ثواب لأنك القدوة التي يقتدونها وقد آمنوا بما قلت وقدروا عاليا العطاء الذي أعطيت .

قلت يا زعيمي ليس مهما أن أموت ، بل من أجل ماذا أموت ... ولقد جاء موتك لتحيا الأمة وتنطلق النهضة التي رسمت خطوطها ووضعت أسسها ، نهضة كنت فاديها وأنت تعلم على ما أقدمت ، ونسورنا اليوم .. نسور زوبعتك الحمراء يعلمون جيدا أن دماءهم تحوط النهضة وتحرس الأمة وتوفر لهما وقود استمرارهما وتفعيل الايمان في قلوب المترددين أو المشككين للقضاء على ترددهم وإبعاد شكوكهم بعطاء الايمان والقدوة الصالحة في المجتمع .

وأما أبناء أمتي فسينتصرون ، وسيأتي انتصارهم انتقاما لموتي ..... نعم يا زعيمي هم انتصروا ، وينتصرون في كل حين وفي كل مواجهة ، وأول انتصاراتهم كانت انتقاما لموتك ، وما تبعها من انتصارات هي لصيانة النهضة والحفاظ على العقيدة ولتحقيق الغاية والمبادئ التي صاغها فكرك المستنير .. ، وننتصر اليوم في أصعب معاركنا المستهدفة وجود الأمة من جذورها ، من قبل قوى غاشمة لم تكن غافلا عنها ... حذرت منها وأسميتها ، لكن من يقال عنها أمة اقرأ ... لا تقرأ ولا تريد أن تفهم إذا قرأت ، ما حيلتنا والصراخ لا يجدي ، وقوى الشر والعدوان أضعاف أضعاف من استنارت عقولهم وتفتحت قلوبهم للحق والخير والجمال .

الصهيونية التي حذرت من مخاطرها وفضحت أهدافها ، وبينت مصادر دعمها .. كانت الأسرع في الدعوة إلى التخلص منك ومن أفكارك وبذور النهضة التي بذرتها ولما يمض عام واحد على قيام دولتها .. حاربتَ الصهيونية في كل المحافل الدولية ، وتوجهت بنداءاتك إلى كل معني على أرض الأمة ، لكنهم كانوا الأسرع والأكثر قدرة بما يملكون من نفوذ وأموال ، أقاموا لمشروعهم حراسا وأدوات من الداخل ، أجل ممن أسميتهم يهود الداخل وهؤلاء هم من تآمروا وتواطؤوا وخططوا ونفذوا فيك إرادة المحفل الأعظم .. هم من صنعوا ليلة الثامن من تموز التي لا تشعر بالخجل .

أتساءل يازعيمي ، ماذا لو كنت حيا اليوم ، تنظر حولك لتجد قطعانا من مرتزقة العالم تمولهم الوهابية التي حذرت من مخاطرها وكنت الأعلم والأسبق في فضح نوايا ابن سعود وتوجهه نحو الشام مشتريا الذمم بالأموال ، الوهابية التي قال فيها الحاخام بن زفي : هي فرقة يهودية سرية تمارس طقوسها تحت عباءة الإسلام ، وهي كغيرها من الفرق الأخرى في ديانات مختلفة تمارس دورها في تخريب المعتقدات غير اليهودية .. ربما قرأوا تحذيراتك وسخرو منها ، لكنهم لا يستطيعون السخرية مما قاله حاخام من أهل البيت ، وهكذا يرمونه بتهم شتى .. أو يحاربون نشر ما قال ويدفعون بشعوبهم أكثر فأكثر نحو الجهالة ... الوهابية اليوم تستبيح المحرمات وتنتهك مقدسات الأمة وتحاول بعثرة نسيجها المتماسك منذ قرون تعود إلى ماقبل التاريخ الجلي ... رمال الصحراء تجتاحنا كعاصفة هوجاء فتح لها العثماني أبواب حدوده ، فهو يقبض الثمن من طرفين .. الأعراب يدفعون الأجور وثمن المعدات ، والغرب يدفع الرشوة مضطرا أمام ابتزاز التركي المحتال الذي لم تفارقه أطماعه ، وكنا نحن أبناؤك يا زعيمي الأكثر معرفة بخطره الذي نبهتنا منه ونوهت عنه بالأدلة .. ولكن كان خطابك لقوم يعقلون ... وما فهموا .

لو أنك موجود يا زعيمي لربما بعقلك الراجح ووعيك اللا محدود ، ومع تطور خبراتك وجدت لنا المخرج والطريق الأسرع لمجابهة هذا الخطر وتجاوزه .. لربما قلت رصوا صفوفكم أكثر ، فان فيكم قوة لو فعلت لتغيرت المسارات ، احذروا من الفتنة ، ومن الأنانية ... وربما حذرتنا من الانغماس أكثر في السياسة وتذوق المشاركة في السلطة ، فهي من أشد المفاسد خطورة على النهضة وهي المولدة للصراعات في داخلها ، وأجزم يا زعيمي بأنك ستعبر عن الرضا لسلوك مقاتليك النسور البواسل المقتدين بطهر فداءك للأمة التي يعملون لها ، ويؤمنون كما نحن بأننا تعاقدنا على قضية تساوي وجودنا .... وأننا لهذه القضية نذرنا أنفسنا وعملنا لتحقيق نصرها .

أكتب يا زعيمي وأنا أعاني كل أنواع الآلام ، النفسية والجسدية ، وآلامي النفسية هي الأشد فتكاً وتأثيرا على الجسد الذي اقترب من نهاية الرحلة ، اتألم نفسيا من كل ما وصلت إليه الحال بين أبناء العقيدة الواحدة ، والأهداف والغاية الواحدة ، والشعار الواحد والاسم الواحد والمؤسس الواحد ، لكن برؤوس متعددة تتصارع على الواجهة وكرسي السلطة بعد أن لاح لبعضهم أن المشاركة في السلطة في هذا الكيان أو ذاك قد تعود بفوائد الكرسي والجاه ، وهذا أخطر ما تواجهه النهضة ، والأبعد عن غايتك وأهدافك فأنت من آثر التضحية بنفسه على التضحية بمبادئه وهكذا رفضت كل المغريات ومنها السلطة والجاه ... أين نحن منك يا زعيمي .

قد أستطيع التنبؤ بالقليل حول أراءك في هذا الاتجاه ، لكنني لا أسمح لنفسي الارتقاء إلى علاك وأنا العاجز ، كما لن أسمح لنفسي بفتح باب لحوار لا يدفع نحو طوق النجاة بل قد يؤدي إلى مزيد من التشرذم والخروج على المؤسسات التي وضعتها كمشرع لصيانة النهضة مع تطور الأزمان والأوضاع وهي من تحكم عملها بصوت الأغلبية وانصياع الأقلية .. لا خروجها ... ويبقى نظامنا الداخلي هو الطريق الأسلم والصحيح لكل إصلاح أو تصحيح .

لك الخلود يا زعيمي في ذكرى رحيلك الطوعي ، وكنت تعلم أنك ضحية الغدر ... غدر بك الثلاثة ... ( الصهيوني والوهابي والعثماني ) ..وأدواتهم .

اليوم يغدرون بأمتك هم أنفسهم ، لكن نبوءتك وتصميمك سيظل دافعنا لتحقيق النصر وإننا لمنتصرون ... لتحيى سورية .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024