شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2016-07-21
 

قانون العزل الصهيوني..لضبط إيقاع العمل السياسي الفلسطيني

وكالات - يحمل القانون الذي أقره الكنيست، تحت عنوان قانون "الإبعاد"، الذي يجيز إبعاد عضو من أعضاء الكنيست على الرغم من انتخابه من الشعب، أبعاداً خطيرة تهدد مستقبل طبيعة وجوهر العمل السياسي للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.

ويفرض على هذا العمل قيوداً إسرائيلية لم تكن موجودة في السابق، ويشكل محاولة، متأخرة، "لتصحيح خطأ" رفع نسبة الحسم في الانتخابات السابقة، الذي هدف إلى إسقاط الأحزاب العربية، لكنه أدى إلى تحالفها في قائمة مشتركة تمكنت من إدخال 13 عضواً إلى الكنيست.

وجاء هذا القانون بالأساس بناء على مبادرة من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بهدف إبعاد نواب التجمع الوطني من الكنيست، ولاسيما بعد لقائهم في شهر فبراير/شباط الماضي عوائلَ شهداء القدس، الذين يرفض الاحتلال تسليم جثامينهم لأهاليهم. ويندرج في إطار استكمال حملة التحريض التي يقودها نتنياهو نفسه ضد نواب حزب "التجمع الوطني" وهم، باسل غطاس، وحنين زعبي، وجمال زحالقة، بحجة أنهم غير جديرين أن يكونوا في الكنيست. إلا أن القانون جاء في صيغته النهائية كقانون يردع النشاط المستقبلي للنواب العرب، ويكرس حدوداً لا يحق لهم تجاوزها، سواء على مستوى الأداء البرلماني العملي أم على مستوى التصريح والتعبير عن الرأي.

وينص القانون على أنه يحق للكنيست عزل وإبعاد أي نائب عضو فيه، بحجة تحريضه على العنصرية، أو دعم الإرهاب، في حال قدم الطلب سبعين عضو كنيست، منهم 10 على الأقل من المعارضة، وأن يوافق على هذا الطلب 90 نائباً في الكنيست، لكنه لا يسري على تصريحات وخطوات أو أعمال يعود تاريخها إلى قبل سن هذا القانون، أو خلال المعركة الانتخابية.

ومع أن الشرط الذي يتحدث عن عدم سريان القانون على الأفعال والتصريحات التي سبقت عملية سنّه، يعني في واقع النواب العرب، وخاصة نواب التجمع الوطني، وتحديداً، النائب، حنين زعبي، عدم توفر دليل أو سبب لتقديم طلب بإبعادهم عن الكنيست حالياً، إلا أنه يشكل في واقع الحال نوعاً من السيف المسلط على رؤوسهم وتهديد متواصل لهم، أنهم في حال أصروا في المستقبل على تكرار نفس المواقف، لاسيما التشديد على أن مقاومة الاحتلال حق وأن المقاومة شيء شرعي، فإنهم والحالة هذه يعرضون أنفسهم لخطر تقديم شكاوى ضدهم لطلب عزلهم من الكنيست.

وهذا التطور يعني في سياق الخطاب الفاشي والعنصرية المتفاقم في الكيان الصهيوني، بقاء النواب العرب رهائن نزوات اليمين الصهيوني ونوابه، وعرضة لحملات التحريض الفاشي ضدهم عند كل تصريح أو موقف يعبرون عنه ضد الاحتلال، أو تأييداً للانتفاضة الفلسطينية، أو لحق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال. ومن شأن هذا الوضع أن يؤدي إلى شل نشاط النواب العرب في هذا المجال، لاسيما في حال مضت حكومة الاحتلال قدماً في تشريع قانون ينص على أن الكيان الصهيوني هو دولة الشعب اليهودي. وبالتالي فإن كل من يريد ترشيح نفسه للكنيست، عليه أن يعترف بالكيان الصهيوني دولة يهودية، مما يعني عندها شطب الأحزاب العربية الرافضة لهذا الموقف، وفي مقدمتها حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان أسسه عزمي بشارة، وتزعمه حتى خروجه للمنفى القسري في العام 2007، إضافة إلى الحركة الإسلامية الجنوبية.

في غضون ذلك، انتقد مركز "عدالة"، المركز القانوني لحقوق الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، قانون "الإبعاد"، معتبراً أنه "يمس بشكل خطير أحد الحقوق الأساسية في المجتمع الديمقراطي، وهو حق الانتخاب والترشح". وأضاف: "لا شك أن القانون يهدف إلى إقصاء أعضاء الكنيست العرب الذين يتجرأون على تجاوز حدود النشاطات التي ترسمها لهم الغالبية اليهودية، وبذلك يتم إخفاء الخطاب المختلف للجمهور العربي الفلسطيني، ويضاف القانون إلى القرار بإخراج الحركة الإٍسلامية خارج القانون، وإلى عدد من القوانين التي سنت في السنوات الأخيرة، مثل قانون رفع نسبة الحسم، وقانون النكبة وقانون المقاطعة، والتي تسعى في جوهرها، وبأشكال مختلفة، إلى تكميم أفواه المواطنين العرب"، كما جاء في بيان مركز "عدالة".

وينضم هذا القانون، أيضاً، إلى سلسلة من القوانين التي تسعى لتجريم النشاط السياسي للفلسطينيين في إسرائيل، مثل قانون حظر إحياء ذكرى النكبة في الهيئات المحلية العربية، وأخيراً القانون الذي يفرض عقوبة السجن لسنوات طويلة على كل من يحاول الضغط على الشباب العرب المتطوعين لجيش الاحتلال، بالعدول عن الخدمة العسكرية فيه، أو من ينشط ضد الخدمة الوطنية في هذا الجيش.

وينضم إلى سلسلة الخطوات هذه، قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحظر نشاط الحركة الإسلامية الشمالية، بقيادة الشيخ رائد صلاح، ومنعها من العمل في صفوف الداخل، واعتبار عشرات الجمعيات الخيرية والمجتمعية المحسوبة عليها خارجة على القانون، وفي مقدمتها جمعية "المرابطين والمرابطات"، التي نشط عناصرها في المرابطة في المسجد الأقصى ومواجهة محاولات المتطرفين اليهود لاقتحامه وتكريس التقاسم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، على غرار ما قام به الاحتلال في الحرم الإبراهيمي في الخليل، بعد المذبحة التي نفذها الإرهابي، باروخ غولدشتناين، في أوائل التسعينات.

وفي سياق فرض القيود على نشاط النواب العرب في الكنيست، كان نتنياهو أصدر أوامر واضحة وقطعية، أوعز بها للشرطة الصهيونية بمنع دخول النواب العرب إلى المسجد الأقصى، منذ أواسط شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، متذرعاً بأنهم يلهبون المشاعر ويحرضون على العنف.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع