إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دماء القامشلي.. و«حصان طروادة»!

نظام مارديني - البناء

نسخة للطباعة 2016-07-28

إقرأ ايضاً


تسللاً وصل «حصان طروادة»، الى القامشلي من جديد.. حين يتواطأ «مجهول ما» من داخل المدينة ويسهّل له هذا الإجرام بحق الآمنين من أهلنا ومواطنينا.. هل هي الحساسية المذهبية أو الحساسية العرقية، تجعل من المدينة التي تقع على تخوم المثلث السوري العراقي التركي، ويُراد لها أن تكون نقطة الاستقطاب المركزية للإرهاب؟

وكيف يمكن لأي حصان من «أحصنة طروادة الدموية» أن يصل إلى مقهى شعبي أو مركز حزبي لولا الانقسام العمودي والأفقي الذي تعيشه مدينة القامشلي منذ بداية العدوان على سورية في آذار من العام 2011؟

كان محمد الماغوط ينصح الله بأن يقفل أبواب جهنم، لأن أجهزة الاستخبارات العربية والإقليمية والدولية و»أحصنة طروادة» تفوقت عليه بصناعة جهنم.. في مدننا، ولعل القامشلي ستتفوّق على العديد من هذه المدن السورية بعدد التفجيرات الإرهابية التي ضربتها والتي تصل إليها معلبة ومزخرفة، كأي هدية ثقيلة الظل، ودموية المدى وقاتلة الجراح؟

.. هذا غيض من فيض.

دموي جداً، خطير جداً، هو مشهد أطفالنا ونسائنا ورجالنا في مدينة القامشلي، حيث وقع الانفجار المزدوج بانتظار المجهول الآخر.. لا فرق هنا بين أن يكون التفجير بصناعة محلية او بصناعة خارجية! ولكن هل هو حقاً مجرد.. «حصان طروادة»؟ يقول بابلونيرودا «دعوا الدم ينَم»! كما لو أن توماس هوبز قال «الإنسان ذئب الإنسان» لوصف حال مكونات مدينتنا التي هي أقرب إلى قطع الفسيفساء منها إلى وحدة حياة.

نقول لنسيجنا الشعبي، آن الأوان للتراجيديا السورية أن تقفل.. ليس من حقنا أن نسمح لأولئك الإرهابيين أن يُمسكوا بشاربَي صلاح الدين ولا أن يلامسوا عباءة محيي الدين بن عربي.

حيال هذا التقاطع الدراماتيكي بين التصدع الأفقي والتصدع العمودي في القامشلي، لا بد أن نستغرب حين يُحكى عن «مرجعية الدولة»، رغم أن المدينة تعيش فوضوية القرار، وعبثية القرار، وتبعية القرار.

لا بدّ من سؤال صريح: ماذا تفعل المراكز الحزبية داخل الأحياء السكنية المكتظة؟

هذا السؤال يستدعي حواراً صريحاً بين القوى الحزبية المهيمنة على شوارع المدينة لاستيعاب المجهول الذي يلعب دموياً في القامشلي وفي عموم سورية بطريقة أو بأخرى. ولعل المستغرب أن ثمة من يقرأ ويشيح بنظره إما مذهبياً أو إتنياً أو بسبب مورد رزقه الخارجي، عن تلك السيناريوات التي توضع في المعاهد، وفيها الكلام الكثير عن تفكيك نسيج سورية، بعد إسقاط الدولة، كما لو أن موت سورية لا يعني موت الشعب، بقضهم وقضيضهم، وإن وجد مَن سيقول إنهم موتى سريرياً منذ أكثر من الف وخمسمئة عام

عند التفجيرين صرخ «المؤمن» «الله أكبر».. ولكن هل كان الله حقاً هناك؟

بفظاظة أم بواقعية قال روبرت كاغان «هذه هي معتقداتهم، وهذه هي طقوسهم. إنهم يفهمون الله هكذا، ولولانا لتحوّلوا إلى حطام».. إذاً، الأميركيون يغسلون أيديهم. لم يخترعوا أسامة بن لادن، ولا الملاّ عمر، ولم يوقظوا الفتنة في العراق عود ثقاب بعود ثقاب. لكن بعضنا يكاد يصدقهم.. هل كان الأميركيون بيننا في تلك القرون الغابرة عندما أزدهر الفقه التكفيري عند عموم المسلمين المحمديين، وكانوا يطاردون بعضهم بالسيوف وبالخناجر، وأحياناً بالحجارة، ودائماً تحت عباءة الله؟

المشكلة، إذاً، في الذئب الذي فينا، في القبيلة التي فينا، في القبور التي فينا والتي تنام ساعة تشاء وتستيقظ ساعة تشاء!

قلبي معكم يا أهلنا في القامشلي.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024