إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أردوغان.. عقدة الشمال السوري

نظام مارديني - البناء

نسخة للطباعة 2016-10-29

إقرأ ايضاً


من الضروري الاعتراف بنجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصوير «حروبه» ضد الأكراد على أنها لخير «الأمة التركية» وخصوصاً حربه ضد كرد سورية، فهو يسوّقها داخلياً على أنها حروب على الإرهاب، بخاصة في ضوء صمت الغرب الذي يكيل بمكيالين مع أكراد سورية ولا يقف بوجه أردوغان و «حروبه» المزعومة ضد الإرهاب في الشمال السوري.

يراد لخريطة الشمال السوري أن تتغيّر مع استمرار معارك ريف حلب التي يخوضها أردوغان عبر تنظيم «داعش» ولكن بلباس «الجيش الحر»، والهدف قوات «سوريا الديمقراطية» و «وحدات حماية الشعب» الكردية.. أردوغان الذي لم يبقَ لديه سوى ورقة عسكرية واحدة وهي دعم الجماعات الإرهابية وضرب أكراد سورية.. يسعى لإثبات وجوده في مقبل الأيام، وهو لذلك يحضّر نفسه ويعزّز شروط حضوره.. إنها الوليمة السورية المغمّسة بدماء أبنائها!

آن الأوان لصالح مسلم وحزبه «الاتحاد الديمقراطي» أن يدرك أن الرهان على الأميركي هو رهان على حمار خاسر، وأن السيادة السورية ليست انتقائية كأن يسمح لقواعد أميركية في «رميلان» وغيرها.. السيادة شيء مقدّس وهي يجب أن تكون بمواجهة الاحتلال الأميركي كما بمواجهة الاحتلال التركي، وأن أوهام السلطة الفيدرالية والقبول بتقطيع أوصال سورية ستؤدي بصاحبها إلى الانتحار السياسي والسقوط الأخلاقي.. هي مواقف غرائزية، وثأرية، حيال سورية والسوريين.. فهل يدرك مسلم أن للسذاجة حدوداً..؟

إذا كانت لا تزال هناك بقية باقية من الضمير السياسي، الوجدان السياسي، لدينا كسوريين بجميع مكوّناتنا، يفترض بنا إعلان النفير العام، لمواجهة لعبة الأمم ولعبة القبائل معاً، بين لعبة الإمبراطوريات ولعبة الطوائف…

منذ بداية العدوان على سورية يحاول أردوغان «تتريك» الشمال السوري. راهن على «الإخوان المسلمين» ثم على تنظيم «داعش»، والآن على «جبهة النصرة» وفصائل أخرى، ما يعنيه اختراق عظام السوريين، وأرواح السوريين، بزعم مواجهة خطر «الكرد».. فهل استطاع أردوغان أن يتخطّى دور الثعلب، وشخصية الثعلب، في دفع التراجيديا السورية الى تخوم العدم؟

مَن يفكر بتجنيس ثلاثة ملايين سوري، كيف لا يفكر بتجنيس عشرين مليون سوري؟ الشيطان يلعب في رأس هذا الرجل.. لا تستغربوا أبداً أن يعرض الجنسية التركية على هذا العدد من السوريين، حتى إذا ما تحقق ذلك تغدو سورية، تلقائياً، ولاية تركية!

هنا ليس احتلالاً للأرض فقط، بل احتلال للناس أيضاً وتحويلهم «دمى عثمانية» بل و«دمى أردوغانية» يراد لمواطني الشمال السوري أن يكونوا حطباً بشرياً في حضرة الباب العالي وضد إخوانهم الكرد..

إياكم أيّها السوريون الوقوع في فخ الفتنة الأردوغانية وعليكم أن تتذكّروا أيام «الجندرمة العثمانية» وأيام «السفربرلك» وكيفية تعاطي «الباب العالي» مع الأقليات على أنها حثالة بشرية.

بعد أن كان الغرب يعطي بيتهوفن، وجان جاك روسو، وهيغل وكارل ماركس، كان يُراد لثقافتنا، ثقافة ابي العلاء المعري، والكواكبي، وأنطون سعاده مَن أطلق حركة العقل والنهضة في مجتمعه ، أن تتوقف عند ثقافة.. «باب الحارة!».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024