إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحكومة... والميل الأخير

هتاف دهام - البناء

نسخة للطباعة 2016-11-24

إقرأ ايضاً


مضت السجالات كغيمة صيف. التقى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على منصة عيد الاستقلال في جو من الصمت. كانت الملامح بينهما ثقيلة. لكنّ كلاً منهما كان يبحث عن الفرصة لكسر هذا السكوت. انتهى الوجوم بين الرئيسين بعد نصف ساعة عندما بدأ فخامته وهو قائد جيش سابق بشرح عسكري مفصّل ودقيق عن القطاعات التي مرّت في العرض. لحظة وانقلب المناخ. بدت الأمور كأنها عادية وطبيعية بين الرجلين. لم يقتصر الأمر عند هذا الحدّ. بل تعداه الى الرئاستين الثانية والثالثة عندما اصطحب الرئيس المكلف سعد الحريري «الأستاذ» إلى بعبدا بسيارته.

في القصر الجمهوري، أخذ الرؤساء وقتهم في مناقشة موضوع الحكومة. فتح الرئيس العماد الموضوع، ليبدو معها أنّ العقدة المتبقية هي وحيدة. تتصل العثرة بأية وزارة ستكون من حصة تيار المرده.

الواضح، أنّ رئيس المجلس وفريقه وحلفاءه ليسوا في وارد الموافقة على أية تشكيلة لا تمنح «بنشعي» حقيبة أساسية. يفضّل النائب سليمان فرنجية أن تكون واحدة من ثلاث وزارات الاتصالات، الطاقة، الصحة . الوزارة الأساسية من وجهة نظر الرئيس المكلف تتمثل بـ «التربية والتعليم العالي». يرى الرئيس بري أنّ الحلّ يكمن في استعداده للعب دور رئيسي يضمن نتائجه مسبقاً حتى لو استدعى الأمر بعض التنازلات. يتحدث المقرّبون من عين التينة عن إمكانية أن ينجح دولته في إقناع الـ «بيك» بالوزارة التربوية. برأيه العقدة المردية ليست جوهرية وقابلة للحلحلة. شرح رئيس المجلس أمس، ضرورة الالتزام بالأعراف والقواعد التي يتمّ تجاوزها. حسم قراره في تسمية الثنائي الشيعي للمقاعد الشيعية من دون أن يتحدث عن الوزير الخامس.

تقف الحكومة على قشة، يقول «الأستاذ». يتوقع تشكيلها قريباً. ينتظر ما ستؤول اليه مشاورات الرئيسين عون والحريري في معالجة بعض الأمور. ينبّه إلى أهمية تهيّؤ الكتل النيابية لموضوع قانون الانتخاب، حيث يجب أن يشكل البند أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً على جدول أعمال الحكومة العتيدة.

لم ينته لقاء الأربعاء. حتى بدأ بعد نحو ساعة ونصف اجتماع التغيير والاصلاح في الرابية. في الفترة الفاصلة بين الموعدين. رأت مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ الحكومة ستبصر النور في مهلة تتراوح بين نهاية الشهر الحالي، بعد عودة وزير الخارجية جبران باسيل من زيارته إلى البرازيل، ومنتصف الشهر المقبل.

مطلب التيار الوطني الحر، كما قال رئيس تكتل التغيير والإصلاح بعد الاجتماع «الاسبوعي» للتكتل، «أن تكون حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع، وبالحدّ الأدنى القوى الممثلة في المجلس النيابي. نطالب بالمرده والكتائب والقوميين والسنة من خارج المستقبل والنائب طلال أرسلان. الحكومة يمكن أن تتسع للجميع، وإنْ كانت من 24 وزيراً. نحن نرفض الفيتو على أحد سواء أكان على مستوى التمثيل أو نوع الحقيبة، إلاّ أنّ هناك اعتبارات معينة ضمن ظرف سياسي معيّن لإراحة الجو العام». ولفت الى «أنّ الحكومة يجب أن تكون ميثاقية، وبالتالي الخلل بالتمثيل يُراد له أن يصحّح في هذه الحكومة، وتحديداً التمثيل المسيحي، فهو يعالج بقناعة من قبل الجميع».

أتى بيان التغيير والاصلاح أمس، منسجماً مع موقف رئيس الجمهورية بعد انتخابه. أبدى فخامته حرصاً على تشكيل حكومة وحدة وطنية. أشاع كلام رئيس التيار البرتقالي مناخاً إيجابياً يرافق خطاب القسم الرئاسي. وفق المعلومات، أراحت أجواء الرابية القوى السياسية في البلد، إذ إنها ستكرّس الرؤية التي تشكل انطلاقة جديدة لعهد يعوّل عليه سياسياً واستراتيجياً.

أعاد مشهد أول أمس، إحياء التفاؤل بنتائج الاتصالات. كان للقاءات الاستقلال وخلوتي القصر الجمهوري كسر للآثار النفسية والمعنوية للاشتباك السياسي الأخير، ودور مهمّ بما يُسمّى غسل القلوب. كما يقول مصدر مطلع لـ «البناء». إنّ الخلاف السياسي في الأسبوعين الماضيين تمحور حول ضرورة إشراك قوى أساسية تشكل توازناً مع «القوات اللبنانية» في مجلس الوزراء، ولها حقها الطبيعي في التمثيل، وإنْ كان صمت معراب إشارة انسحاب تدريجي أو تحضير لهجمة مرتدّة.

يشدّد المصدر على أنّ صورة التشكيلة الحكومية خططت بشكل دقيق. هناك تجاوب من مختلف الفرقاء السياسيين. نحن أمام الميل الأخير قبل إعلانها. اللوحة رسمت بريشة أخذت بعين الاعتبار التقليل من ردود الفعل على بعض الأحجام المنتفخة. لم يبق إلا القليل من الرتوش. العقبة الإجرائية ستُحسم عند بعض المكونات في الساعات القليلة المقبلة.

ثبت تصريح رئيس التيار الوطني الحر أنّ سكة التأليف تسلك الطريق الصحيح. لكن في بلد مثل لبنان تبقى الأمور دائماً في خواتيمها.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024