إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

نظرية النظام الجديد في غاية الحزب - 4

صبحي فريح - البناء

نسخة للطباعة 2016-12-01

إقرأ ايضاً


إنّ المبادئ القومية الأساسية والإصلاحية لم يخصّها سعاده بأمته سورية، بل قدّمها رسالة للعالم ليستفيد منها وينقذ أوضاعه السلبية إلى السؤدد والفلاح. هذه هي رسالة القومية الاجتماعية للعالم أجمع.

هذه رسالة العقيدة القومية والمبادئ الصالحة لكلّ الأمم. هذه رسالة سعاده العامّة الخيّرة، رسالة الإنقاذ والتقدّم والتطور والنجاح.

خامساً: نظام الحزب الإداري التنظيم :

إنّ دستور الحزب هو نظام الفكر والنهج القومي الاجتماعي بمبادئه الأساسية والإصلاحية، كما أنّه نظام الشكل الذي تحققه القوانين الدستورية المنشئة للمؤسسات بالحزب، والتنظيم هو نظام مركزي تسلسلي حسب الوظائف والرتب التي تنشأ بقوانين ومراسيم تصدرها السلطات الحزبية ذات الصلاحية.

والتسلسل في الحزب تسلسل اختصاصي، والتسلسل على طريقتين هي الرتب الأمناء ومندوبي المنفذيات . والتسلسل في الهيئات الإدارية التنفيذية وفي الوظائف تحدّد من قِبل المرجع بالحزب وحسب الاختصاصات المحدّدة بالقوانين النافذة، وفي حياة الزعيم كانت تصدر من قِبله المراسيم والقوانين، وأصبحت في ما بعد التسلسل هو رئاسة الحزب ثمّ المنفذيات والمديريات حسب الصلاحيات المحدّدة لهم. المنفذيات تضبط العمل في دوائرها ومديرياتها بالتوجيه والمحاسبة والمساءلة، وفي الاتصال المركزي وفي التعبير وفي فرض العقوبات.

والتسلسل في الوظائف هو عبارة عن تكوين الأقنية المختصة وأقنية الأمر في الشأن المختص، وتبدأ هذه السلسلة في دوائر العمدات إلى المنفذيات وإلى المديريات. دائماً دوائر صغرى ضمن دوائر كبرى. دوائر صغرى في نطاق مسؤوليات أعلى، لأنّها الصورة الأمثل لإيضاح المسؤوليات وتعريف العلاقات الإدارية بالسلطة.

بين السلطة والتسلسل علاقة محكمة من الأعلى إلى الأدنى، ومن الأدنى إلى الأعلى، وتبقى السلطة في تناقص متناسب مع تناقص الصلاحيات والمسؤوليات.

ونقول: إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو نظام الدولة السورية المركزية، هو النظام الجديد في نطاق الهيئة الاجتماعية القومية، ذلك لأنّ هذا النظام يقوم على الإرادة والحرية والاعتقاد والإيمان والوعي لدى القوميين، ويعتبر كلّ منهم عضواً في الدولة لأنّه بالأساس كان هناك تعاقد بين هؤلاء القوميين المقبلين على الدعوى القومية وبين مؤسس العقيدة والمبادئ والنظام، سعاده المشرع والشارع، وأدّوا القسم على أن يكونوا أعضاء في المؤسسة الكبرى في الحزب وفي الدولة القومية، لأنّ الحزب هو دولة الأمة وحيث نظام الحزب مركزياً فتكون المؤسسات الفرعية التي أنشأها الشارع داخل الحزب هي تشكّل نطاقه الحركي سياسيّاً واجتماعياً، وكلّ هذه المؤسسات قامت وارتبطت بالقضية السورية القومية الاجتماعية وبغاية الحزب، وهي موضوع التعاقد بكلّ نظرياتها ومبادئها، ومنها الغاية التي جاءت لتحقيق مبادئ الحزب، كذلك بعث نهضة قومية وتنظيم حركة الاستقلال والسيادة وإقامة نظام جديد يؤمّن مصالح الأمة وإنشاء جبهة عربية.

في الدستور الذي شرّعه سعاده كان هو زعيم الحزب وقائد قواته، وهو مصدر السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ومانح رتبة الأمانة، وهو الذي يحاكم الخارجين على النظام بموجب قانون المحكمة الحزبية الذي شرّعه بعام 1937.

وكان قد أنشأ هيئات اختصاصية لتعاونه في إدارة الحزب من مجالس استشارية تخطيطية وتنفيذية، فالمجلس الأعلى بعد استشهاد سعاده أصبح يختص بالتشريع والتخطيط، وللرئيس المنتخب السلطة التنفيذية.

كما أسس سعاده المؤسسات الدستورية منفذيات مديريات ومجالس منفذيات واللجان المحلية، وهي صورة عن النظام اللامركزي في ما تختص به هذه اللجان للشؤون المحلية مثل الصحة المدارس الكهرباء الماء وغيرها، وهذا ما جرى تطبيقه حديثاً في فرنسا وألمانيا وسورية عندما أنشئت مجالس الإدارة المحلية.

أما السياسة العامة للدولة مثل الدفاع، الأمن الاقتصاد الشؤون المالية إلخ… فهي من اختصاص السلطة المركزية دولة المركز، وعلى هذا فرّق سعاده بين السياسة والاجتماع.

لقد شرّع سعاده النظام الجديد ليعطي الحزب وحدة عملية قوية وسريعة، والتنظيم وجد ليعطي التوافق والتنسيق بين المصالح القومية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

إنّه النظام الحافظ والمحصن للعقيدة والمبادئ والمؤسسات التي كانت أعظم أعمال سعاده بعد تأسيس المبادئ. فالنظام القومي يشمل التنظيم للمصالح الداخلية على اختلافها وتوحّدها بالتنسيق التسلسلي والتعاون والتماسك لموقف واتجاه موحّد كما يوثّق جميع الأعمال وحركة الأحزاب بكلّ شؤونها القومية ومسيرة الحزب التاريخية.

إنّ عقيدة الحزب ومبادئه وغاياته هي التي أوجدت التنظيم وتقوده إلى مواقع العمل والتنفيذ الأفضل، لهذا كان النظام طريقاً للعمل المثالي لبلوغ الأهداف وتحقيق مصلحة الأمة التي تجعل للنظام والتنظيم قيمة وفهم أعمق، لأنّ المصلحة القومية هي بوصلة النظام، وهي القوة العظيمة القائمة وراء النظام التي يعمل لها القوميون، لذا فإنّ سرّ النجاح ليس في النظام بل في القوة التي تحرّك النظام هي المصلحة القومية والقوميون .

وإذا كان نظام الحزب مركزياً، فهو متمّم للنظام المنضبط وهو يعطي للرفيق الحق في إبداء الرأي بحرية، ويقترح إلى السلطة العليا كلّ ما يراه مناسباً لمصلحة الحزب، وهذا حق له وواجب عليه.

إنّ النظام القومي الجديد يقيم العدل الاجتماعي الاقتصادي، وقد أوجد طريقة للتغلّب على الصعوبات الداخلية، هذا النظام يصهر التقاليد المنافية لوحدة الأمة والنفسيات الشخصية المناقبية لنفسية الأمة .

إنّ نظامنا الوحيد الذي يؤمل أن يكفل لهذه الأمة مستقبلاً غير الحالة الزريّة التي تتعثر فيها .

وفي بدء تأسيس الحزب كان امتياز الحكم الفردي فيه لصاحب الرسالة ومؤسس العقيدة، وهو نظام موقت وليس نظاماً أساسياً دائماً، وذلك للحالة الأخلاقية التي كانت عليها الأمة ومنعاً للمشاحنات والتسابق على السلطة والمنافسات والخصومات والتحزّبات وغير ذلك من الأمراض السياسية والاجتماعية، وبعد استشهاد الزعيم عدّلت المادة الرابعة التي كانت تحصر جميع السلطات بيد الزعيم، وأصبح القوميون الاجتماعيون هم مصدر السلطات.

ويقول الأمين الراحل عبدالله قبرصي:

وبعد استشهاد الزعيم، وبنهاية عام 1951 بعد الثورة الأولى بعام 1949 اجتمع أكثر الأمناء في دمشق، ومنهم كامل أبو كامل أديب قدورة حسن الطويل أنيس فاخوري عبدالله سعاده عبدالله المقدم مصطفى المقدم جورج عبد المسيح ـ الياس جرجي قنيزح عجاج المهتار عبدالله قبرصي، واعتبروا أنفسهم المجلس الأعلى وأقسموا أمام صورة الزعيم بالصمود حتى الموت.

وفي ما بعد عدّلت المادة الرابعة التي كانت تحصر السلطات جميعها بيد الشهيد الأول سعاده، واصبح القوميون الاجتماعيون هم مصدر السلطات حيث القانون رقم 8 لعام 1951 حول كيفية انبثاق السلطات، وكان يمثّل هؤلاء القوميين الأمناء فقط، وكانت هيئة الأمناء هي التي تقوم بانتخاب أعضاء المجلس الأعلى، والمجلس ينتخب رئيس الحزب وذلك باجتماع المجلس القومي ولمدة أربع سنوات.

ثمّ طبق قانون الانتخاب للقوميين لانتخاب مندوبي المنفذيات ولجان المديريات ليكون ناخبين للمجلس الأعلى بجانب الأمناء، وذلك لمدة أربع سنوات حسب القانون رقم 11 لعام 2011.

إنّ نظام الحزب المركزي، مؤسس على الكفاءات فلا حقوق ولا تحزّب ولا مماحكة بين القوميين، وخاصة بإسناد أعمال ووظائف لبعض القوميين حسب المؤهلات والكفاءات.

إنّ مؤسسة الحزب المركزية تنشئ الفروع النظامية في الكيانات السورية، وترتبط هذه الفروع بالمركز فتنشأ من ذلك إدارة واحدة تتمكّن من القيام بأعمالها وصلاحياتها، وتكون مهيّأة لكلّ أمر معه وتنفيذ كلّ قرار حزبي.

هذا النظام مركزيته أساسية وجوهرية، وهي إحاطة لصلاحيات المسؤولية والمسؤولين إنّه نظام بالمقابل قائم على الديمقراطية التعبيرية بانتخاب السلطات الحزبية التسلسلية من القوميين الذين يعبّرون عن مبادئ الحزب وتطلّعاته وأهدافه وغاياته.

إنهم إرادة الجماعة المجتمعة بحرية وإرادة حرة، وهي تعبّر عن إرادة الجسم الحزبي.

هذه الهيئة هي ليست هيئة فردية أو مجموعة أفراد أو قيادة فئوية أو تمثيل خاص من أفراد محدّدين، أيّ ليست قيادة جماعية، بل هي قيادة مؤسسات يقرّر فيها المسؤول الأول الرئيس المنفذ المدير القرار المناسب وبعد الحوار والمناقشة.

ويقول سعاده: «يتخذ القرار بالهيئة وبعد سماع الآراء من أعضاء الهيئة لأنهم المعاونين للمنفذ أو المدير، ويصبح المسؤول مسؤولاً اتجاه النظام الذي وضعه في وظيفته ومسؤولاً اتجاه القيم العليا مندمجة مع مسؤوليته.

إنّ المرجع الأعلى هو مصدر الصلاحيات والمسؤوليات، وهو المرجع في جميع الأعمال والمشاريع كما أنّ هذا المسؤول له الحق في مراقبة الأعمال وتفتيشها في مؤسسات الحزب والمنفذيات.

وإنّ صدور وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات عن المرجع الأعلى تعني الاختصاص الوظيفي التتابعي، لهذا تصبح أيّ إدارة حزبية مسؤولة عن أعمالها وسياستها وإجراءاتها التنفيذية اتجاه المصدر الذي تستمدّ منه مشروعية وجودها وصلاحية أعمالها.

وهكذا يكون الانضباط الحزبي ثقافة قومية جديدة تفعل من داخل الحياة، فنحن قوة حوية تفعل من داخل الحياة ولا تقبل بالتراكم من الخارج، لهذا كان النظام جزءاً أساسياً من المبادئ القومية، فهما كالدورة الدموية والأعصاب للجسم، فلا يحيا ولا يتحرّك إلا بهما. إنّه إكسير الحياة في المبادئ، أما النظام فليس سوى الجهاز الذي به تنقل الإكسير إلى الأجسام سعاده.

فالمبادئ القومية قد كفلت توحيد اتجاهنا ونظامنا قد كفل توحيد عملنا في هذا الاتجاه.

إنّ هذا النظام العضوي في الحزب ينفي فيه استعمال وسائل الإكراه لتثبيت الانضباط، بل هو نتيجة إرادة حرة طوعية وبلا خوف ولا حذر، بل بصفات أخلاقية لهذا كان النظام ركناً أساسياً في عمل الحزب السوري القومي الاجتماعي ومورداً من موارد قوته الكبرى في العمل والالتزام، وهذا ما يؤكده سعاده بقوله:

القوميون الاجتماعيون يجب أن يكونوا متحداً اجتماعياً روحياً أخلاقياً قبل كلّ شيء، ثم منظمة قومية، فيتفاهمون على المشاريع والمسؤوليات ويتذاكرون في الموقف السياسي وحاجة المنظمة .

ويشير أيضاً إنّ كلّ نظام يحتاج إلى الأخلاق، بل إنّ الأخلاق هي في صميم كلّ نطاق يمكن أن يكتب له النجاح ويبقى ويكون حركة تجديد وسموّ ونيل وطموح للأفضل .

فالأخلاق الاجتماعية ليست نظرية يعبّر عنها في خطاب أو مقالة أو بحث، وإنما هي سلوك اجتماعي يعبذر عنه بالممارسة العملية في العلاقات الاجتماعية وفي أعمالنا العادية وفي مؤسساتنا الحزبية. إنّ الأخلاق نظام حياة اجتماعية، لأنّ مسألة الأخلاق والعقلية الأخلاقية هي من المسائل الروحية الداخلية التي يمكن أن تفعل بالجماعة فعلاً إيجابياً. وبفقدان الأخلاق يفقد النظام والمناقبية القومية وجودهما.

لهذا، فإنّ النقد الشخصي والتجريح والتشهير والتشويه والحطّ من كرامة المسؤولية والرفقاء، وحالة الاتهامات المتبادلة والشائعات المشينة هي ليست من النظام القومي وليست من الأخلاق أو المناقب العليا التي كانت عاملاً في نجاح الحزب بالتربية القومية.

إنّ نظامنا لم يوضع على قواعد تراكمية، بل على قواعد حيوية تأخذ الأفراد إلى النظام وتفسح أمامهم مجال التطوّر والنمو حسب مواهبهم ومؤهلاتهم .

أمّا الذين لا يرتبطون في نظام ولا بقانون ولا مبادئ إدارية أو سلطة عليا، فهؤلاء خارج النظام .

وجميع الأعضاء في الحزب يجب أن يعلموا أنّهم تحت النظام والقانون، وهم مسؤولون اتجاه إدارة الحزب عن تصرّفاتهم وأعمالهم، لأنهم جماعة قوة نظامية وليسوا جماعة مبعثرة .

كما أنّ أي مسؤول في الحزب، سواء كان رئيساً له أو رئيساً للمجلس الأعلى، وأعضاءه والعمد وأعضاء المحكمة الحزبية، كلّ هؤلاء يخضعون للقانون والمساءلة.

هذه هي الطريقة المثلى لتعطي الصفة الأخلاقية العالية والانضباط العملي في ممارسة الأعضاء وظائفهم ومسؤولياتهم، وذلك لتلافي الأخطاء الحاصلة بالعمل الإداري… ويمنع عن القوميين التصادم والمجادلة والممانعة، بل الالتزام بالأنظمة والقوانين.

وبهذه المحاضرة، والتي يجب أن تكون متكاملة من حيث موضوعها وهدفها، أضع في ما يلي توجيهات سعاده للقوميين في كيفية العمل الإداري والالتزام بالأنظمة وطاعة الرؤساء وتنفيذ الأوامر الحزبية:

يقول سعاده بشأن تسلسل المسؤولية والثقة بالمسؤولين، وهناك توجيهات عديدة وكثيرة نختار بعضها:

1 – لا يجوز أن يقيم كلّ قومي نفسه مفتّشاً إدارياً على الرؤساء الحائزين على الثقة، ويكون عاملاً على توليد الشك والفوضى في الأوساط القومية، فهو عدو الحركة القومية، ذلك لأنّ قسَم العضوية والانتماء بالحزب حمّله مسؤولية حفظ قوانينه ويخضع لها ويطيع تنفيذ القرارات وجميع ما يُعهد إليه بكلّ أمانة ودقة .

ويقول في كيفية تلافي الأخطاء في أعمال المؤسسات والمسؤوليات:

2 – وإذا كان هناك من أخطاء أو مخالفة في مضمون القرار، فإنّ الرؤساء يحققون في أعمال المرؤوسين المضبوطة وغير المضبوطة، وهذا هو القانون والنظام وقوامه، وهما دعامتان أساسيّتان لقيام مؤسسات الحركة ومشاريعها، فالنظام هو المبدأ الضامن لبقاء أية جماعة والذي يجعل ارتقاءها ممكناً، وكيان الجماعة لا يقوم إلّا بخضوع أفرادها طوعاً أو كرهاً لكيانها ونظامها، لا فرق بين أن يكون هذا النظام جيداً أو رديئاً .

وأيضاً في حال تعارض التدابير المتّخذة من قِبل المسؤول ومصلحة العمل القومي يوجّه سعاده القوميين بمعالجة هذه القرارات:

3 – بأنّه إذا وجد أحد ملاحظة على أغلاط واجب إبداؤها، فيكون ذلك بمراجعة القائم بالإدارة في دائرة عمله، فيرفع الملاحظة أو الشكوى إلى مرجع أعلى من غير التصدّي لإحباط التدابير وعدم تنفيذ ما يصيبه من التدابير المفروضة .

4 – كذلك يوصّف سعاده الوظائف والنظام، فيقول:

إنّ الوظائف لها حدود لا تتجاوزها، وإنّ الأوامر الإدارية العليا الصادرة وفقاً للقانون لا يمكن للمأمورين منعها أو توقيفها أو إلغاءها من تلقاء أنفسهم .

5 – ذلك لأنّ النظام يضع الحدود للأفراد، ليمنع استبدادهم… ويخضعهم للإرادة العامة الممثلة في النظام ومؤسساته.

ثم يحدّد الزعيم كيفية تكوّن العلاقة بين الأعضاء والمسؤولين قائلاً:

6 – إنّ النظام الإداري القومي لا يخوّل الأعضاء أو المسؤولين بدرجة أدنى الحكم أو التدخّل في مسؤولية بدرجة أعلى ومعارضة أعماله الإدارية والتدابير التي يتّخذونها لمصلحة العمل القومي، فرجال الإدارة مسؤولون اتجاه رؤساهم فقط وليس اتجاه المرؤوسين.

7 – ولا يجوز لأحد الأعضاء مخالفة تدابير الرؤساء أو إثارة الظنون حولهم لعرقلة مهمّتهم، ولا يجوز للأدنى مخالفة تدابير الأعلى وإثارة الظنون حول مهمّته، ولا يجوز لمجلس العمد مجتمعاً ممارسة الحرص على مصلحة الأمة خارج النظام الدستوري والتسلسل المركزي ورقابة صلاحية السلطة العليا، ولا يجوز لرئيس الحزب أن يطرح الظنون حول المجلس الأعلى ولا العميد أن يطرح الظنون حول رئيس الحزب أو المنفذ العام والأمر نفسه بالنسبة للعميد كلّ هؤلاء ممتنع عليهم حسب الدستور والنظام.

وبالمقابل أعطى سعاده الحرية الكاملة للقوميين بإبداء الرأي وإبداء الملاحظات عن الأخطاء التي تحصل، سواء من قِبل الأعضاء أو الرؤساء، وعليه أن يقدّمها للسلطات العليا المختصة.

حيث لكلّ قومي حق إبداء الرأي والمناقشة بحرية، وهو من حقوق كلّ عضو في الحزب وقد ضمنه الدستور بالمادة 8 منه، ويكون إبداء الرأي في الاجتماعات الحزبية أو لأيّ مرجع أعلى أو مباشرة أو بالاتصال شخصياً أو بواسطة التسلسل.

ودستور الحزب وقوانينه النافذة تعيّن شكل التقرير أو الحنث باليمين أو الخروج عن الدستور والنظام بحجة اختلاف آراء سياسية .

ومن هنا قال سعاده:

8 – إنّ كسر أحد المبادئ الأساسية البسيطة لمبدأ النظام ومبدأ وحدة السلطة وإدخال الشكوك في النفوس وزعزعة الإيمان بالتآمر على المعلم واليقين به وبالدستور كلّ هذه الرذائل والمنكرات ليست إلّا انشقاقاً بل جرائم لا يمحوها الطرد ولا النفي .

9 – كلّ قومي بالحزب يريد الحرص على مصلحة الحزب يجب أن يتقيّد بالنظام الذي لا يمنعه من تقديم أية ملاحظة على خلل إلى مرجع أعلى، ولكنه يمنعه من بثّ الفوضى والإساءة للمناقب القومية بمجرّد الظنون.

لذا، من أولى واجبات القومي الاجتماعي أن تكون لديه المعرفة الصحيحة والسليمة في العقيدة والنظام لكي تسير الحركة في خطّها السليم والهادف إلى تحقيق المبادئ القومية.

فإذا لم نفهم أهداف الحركة وأسسها والقضايا والأنظمة، لا نكون قادرين على فعل شيء في سبيل العقيدة والتي أقسمنا على تحقيقها.

فالفهم والمعرفة هما الضرورة الأساسية الأولى للعمل الإذاعي، ولإقناع المقبلين على مبادئ الحزب وعقيدته، وهي أول واجبات القومي في العمل الإذاعي لنشر الدعوة بين أفراد الشعب.

فها هو سعاده يقول:

إنّ العمل الإذاعي الإفرادي مع الأفراد هو الأساس، وفي بدء عهد الحزب كنت أسير بنفسي أحياناً كثيرة مسافات تحت المطر لأجل عضو إلى اجتماع تأخر عنه، وكنت آخذ الفرد كما يأخذ المعماري الحجر، فأصرف ساعات وساعات في إفهامه الأمور والعقيدة، ولم أكن أترك شخصاً يسقط إلّا بعد قطع الأمل منه .

لذا، علينا واجب البذل والتضحية والعمل والنضال في سبيل تحقيق المبادئ، لأنّ في تحقيقها حياة للأمة، وقيمة هذه المبادئ هي بمقدار ما تعني وتعمل لحياة الإنسان السوري، لهذا يؤكد سعاده على أنّ سرّ قوة الحزب السوري القومي الاجتماعي في تنظيمه لا في أشكاله النظامية، والنظام شيء عميق جداً في الحياة لأنّ الحزب سيغيّر وجه التاريخ.

خاتمة

وأقول: نحن القوميون الاجتماعيون ملتزمون بالنظام القومي بالتزامنا بالعقيدة القومية الاجتماعية، لأنّنا اعتنقنا العقيدة ومبادئها لندافع عن قضية أمة نحن جنودها، وواجب علينا تأييد المؤسسات الحزبية بكلّ تشريعاتها وقراراتها لأننا أقسمنا على الخضوع إلى قوانين الحزب ونظامه، وإيماناً بسعاده والعقيدة إيماناً مطلقاً.

لهذا، فإنّ قوانين الحزب من المرسوم 2 حتى القانون 16 هي قوانين تنظيمية لحركة الحزب وضبطها، ولتقويم العمل ونشاط الإدارات ونشر العقيدة بين أفراد الشعب، وفي ضبط سلوك المسؤولين والأعضاء ومراقبة أعمالهم.

وفي محاكمة كلّ مخالف أو مرتكب أو متجاوز على النظام والأعضاء أو المنحرفين عن العقيدة الجميع يخضع للمحاكمة والمحاسبة وفرض العقوبة المناسبة بحق الخارجين عن القوانين، شاملاً ذلك رئيس الحزب والعمد ورئيس المجلس الأعلى وأعضائه، وحتى أعضاء المحكمة وكافة الأعضاء بدون استثناء بالوطن أو عبر الحدود.

وأخيراً أودّ أن أذكر ما قاله سعاده للقوميين ليبقوا صامدين مجاهدين صابرين أقوياء مناضلين حتى النصر أو الشهادة، وقال:

إنّ أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتي على الأمم الحية فلا يكون منفذاً لها إلّا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحّة العقيدة.

إنّ آلاماً عظيمة، آلاماً لم يسبق لها مثيل، تنتظر كلّ نفس كبيرة فينا، إذ ليس على الواحد منّا أن ينكر ذاته فحسب، بل عليه أن يسير وحيداً بلا أمل ولا عزاء لأنّ حياتنا الاجتماعية والروحية فاسدة.

وقال: أيها السوريون القوميون، إنكم ارتبطتم بعضكم ببعض وربطتم أرواحكم ببعضها البعض، لأنكم تعملون متضامنين، فكونوا عصبة واحدة أينما سرتم وكيفما توجّهتم، ولأنّ عقيدتنا تولد وتبعث في القوميين روحاً جديدة، وحدة الروح والعمل والتضامن .

وقال: أوصيكم بالثبات والنصر، فإنه تمرّ بنا أوقات لا نجد فيها معتصماً، إلّا بالصبر وثبات اليقين .

إنّ سعاده مؤمن إيماناً قوياً عميقاً لا حدود له بشعبه وبعقيدته وبحزبه حامل المبادئ المنقذة لأمته، وكان سعاده شخصية مؤثّرة في كلّ من التقاه أو بالجماهير التي خطب فيها أو محاضرة له أو مقابلة كانت شخصيته الساحرة ومنطقه وصحة عقيدته الأثر البليغ على المواطنين والمقبلين لدعوته.

إنّه يحمل سحر الزعامة والقيادة، فيستدعي الولاء العضوي الشعبي والحماس البالغ لشخصيّته الجذابة فيها سحر مغناطيسي، إنّها شخصية آسرة للسيطرة الشعبية والإقناع الإرادي، إنّه شخصية فذّة وطاقة تشعّ عن قدوة وقيادة. يوسف مروة .

وقوة وإيمان وشجاعة فدى حزبه وعقيدته وأمته بدمه، وهو باسماً يتحدّى الموت، وهو مؤمناً أنّ موته شرط لانتصار قضيّته وأنه يموت أما حزبه فباقٍ.

إنّ أبطال التاريخ كسعاده لا يمكن فهمهم الفهم الصحيح، إذ إنّ الإدراك الفردي يكلّ عن الإحاطة بالمصدر الذي يشعّ فيهم قوّتهم الهائلة، فلذلك تتعدّد ميزات البطل التاريخي بتعدد الذين يرون فيه ميزة أو عدّة ميزات في آن واحد، ولكنّهم يقصّرون من استيعاب ماهيّته الأخيرة التي ليست إلّا تجسيداً لنفسية الأمة وروحه التي يشترك فيها كلّ فرد من أفراد الأمة .

وقال الشاعر أدونيس في رسالته إلى هشام شرابي عام 1950:

إنّ سعاده رائعة فريدة يتقطّع الزمن عندها حبات لتنتظم زمناً جديداً لم يتفتّح جفن التاريخ على مثله من قبل .

هذا سعاده العظيم الخالد بخلود أمته…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024