إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

السعودية في زمن الهزائم!

بندر الهتار - البناء

نسخة للطباعة 2016-12-23

قبل أن أستطرد في عنوان المقال، أودّ أن أُطلع قراء الصحيفة الكرام على حادثة مهمة في تاريخ العدوان على اليمن، وهي ضربة توشكا النوعية التي استهدفت معسكراً تمركزت فيه القوات السعودية والإماراتية وخليط من المرتزقة بينهم عناصر من البلاك ووتر، وقد كانت الضربة دقيقة جداً، أصابت مقرّ القيادة وأودت بحياة أبرز القيادات، على رأسهم قائد القوات السعودية العقيد الركن عبد الله السهيان، وقائد القوات الإماراتية العقيد الركن سلطان بن هويدان الكُتبي.

كان لتلك الضربة أثر كبير في إحداث حالة من الارتباك في صفوف تحالف العدوان، خصوصاً أنها أتت بالتزامن مع مخطط كبير للزحف باتجاه المديريات الغربية لمحافظة تعز لتأمين سيطرة كاملة على باب المندب، ومن ثم محاولة استعادة مدينة تعز، وقد فشلت كلّ الزحفات التي أعقبت الضربة، وفرض الجيش اليمني واللجان الشعبية تقدّماً ملحوظاً بالسيطرة على مدينة ذو باب ومحيطها القريبة جداً من باب المندب.

هذه الضربة صورة مختصرة عن الوضعية السيئة التي كان يعيشها النظام السعودي آنذاك، أيّ قبل عام من الآن، أما الصورة اليوم فتختلف بشكل كبير، وبات لعملية باب المندب نُسخ كثيرة، سواء في معارك الداخل اليمني أو في جبهات الحدود مع السعودية.

في الذكرى الأولى لضربة باب المندب، نتذكر انطلاق «عاصفة الحزم»، كيف كانت النبرة السعودية عالية جداً جداً، وغرور أمرائها الجدد لم يكن له حدود، وهم يظنون أنّ بإمكانهم ابتلاع اليمن، ومن ثم التحرك صوب سورية وليس انتهاء بحزب الله. واليوم وبعد قرابة عامين من العدوان، تنحصر خيارات السعودية، وجميعها تشير إلى هزيمة ماحقة، وهي نتيجة طبيعة لسوء التقديرات.

أعرج في سياق حديثي على السقوط الكبير للسعودية في سورية، في ظلّ التحوّل الكبير في مسار المعركة، والانتصارات الكبيرة التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه خصوصاً في حلب، ونستذكر معاً كيف ظلت النبرة السعودية تهدّد بإسقاط الرئيس السوري بالقوة، وبعدها التهديد بإرسال قوات برية إلى هناك على غرار ما يجري في اليمن، وكيف هي اليوم، أو على الأقلّ كيف بدت في الخطاب الأخير للملك سلمان أمام مجلس الشورى، الذي تعمّد إغفال الحديث عن تطوّرات حلب، كوسيلة للتعبير عن الشعور بالهزيمة.

في زاوية مقابلة، ركز الملك سلمان في خطابه على اليمن، بما يشير إلى أنّ النظام السعودي يرى أنّ سقوطه في سورية، والعراق بشكل بديهي، وانحسار دوره مستقبلاً في المنطقة، كلّ ذلك يشجعه للاستمرار في عدوانه كخيار وحيد، لتفادي ما يمكن تفاديه، من خلال الإمساك باليمن كورقة مهمة، وبما يحمله هذا البلد من موقع استراتيجي يوضع في الحسبان في سياق الصراع القائم.

في اليمن خياران لا ثالث لهما، إما الاستمرار في العدوان دون أفق واضح، والنتائج محسومة سلفاً بالفشل والتورّط أكثر، وإما التسليم بانتصار الإرداة اليمنية، وهو ما يعني نتائج عكسية، وارتدادات كبيرة، ستفتح المجال أمام مزيد من التصدّع الداخلي في الأسرة السعودية ما لم يتمّ تداركها بإبعاد كلّ رموز السقوط، بدءاً من سلمان وليس انتهاء بمحمد بن سلمان، وبالمحصلة السقوط والاختفاء من ملفات أخرى في المنطقة.

نكتب عن هذه النتائح، والسعودية تعيش أزمة اقتصادية كبيرة، إلى جانب الخسائر العسكرية، وأزمة ثالثة داخلية في المجتمع، وحتى محيطها الخليجي، فالمستقبل لا يبشر باستمرار التحالف الشكلي المشوب بخلافات داخلية كبيرة، وقد كان فشل الملك سلمان مؤخراً في فرض الاتحاد الخليجي في قمة المنامة تعبيراً صريحاً عن ذلك.

نضيف إلى ذلك، النظرة الأميركية إلى السعودية كبقرة حلوب، ما إن يجفّ ضرعها سيتمّ ذبحها، كما عبّر عن ذلك الرئيس المنتخب دونالد ترامب.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024