شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-02-04
 

الصراع على سورية

د. تيسير كوى

يقترب من نهايته ما كان يوصف بالصراع على سورية وذلك بعد أن انتصر ما يسمى حاليا " حلف المقاومة " الذي سبق أن كتبت أن من المستحسن أن يسمى " حلف دمشق" الذي يضم دول المقاومة حاليا فيما الأمل معقود على أن تنضم اليه دول أخرى مع مرور الوقت لكي يصبح حلفا قويا يواجه حلف الناتو الذي أنشئ للنهب والسلب والاعتداء وتحول مع مرور الوقت الى حلف يقتل ويدمر البشر والحجر ويناصر الظلم والعنصرية والاستكبار ويبدد النور باشاعة الظلام في أرجاء الكرة الارضية كافة. وبالمناسبة تستحق دمشق أن تكون اسم هذا الحلف بسبب ما أبدته هذه المدينة العريقة من بطولات وشجاعة وحسن تدبير في خلال حرب السنوات الستة الماضية اذ أثبتت فيها أنها لا يمكن أن تحني الرأس أمام الطامعين البغاة أو أن تخضع لمخططاتهم.

لكن ما يجب أن نلتفت اليه حاليا هو صراع قديم لعله ابتدأ عندما " نفقت" رسميا الخلافة العثمانية وورثتها تركيا المعاصرة . فقد ابتدأ وقتذاك ما يجب أن يوصف بالصراع على تركيا الذي بدا وكأنه انتهى بانضمام هذا البلد الى حلف شمال الأطلسي ( الناتو) بعيد انشائه في منتصف القرن الماضي لكن هذا الصراع عاد مؤخرا ليبرز الى الوجود بل ليتعاظم بعد نهوض روسيا الاتحادية من كبوتها التي بدأت قبيل انهيار ما كان يسمى الاتحاد السوفياتي واستمرت الى حين وصول الرئيس فلاديمير بوتين والنظام الذي يرأسه الى السلطة .

يبدو للمراقب المطلع أن روسيا الاتحادية المعاصرة تسعى حثيثا وبالوسائل المتاحة كلها الى تفكيك حلف الناتو بعد أن توسع ليضم دولا في أوروبا الشرقية كانت حتى عهد قريب أعضاء فيما كان يسمى " حلف وارسو " . وازداد طموح حلف الناتو الى حد صار يشكل تهديدا جديا لروسيا الاتحادية لا سيما بعد ما تسلمت السلطة في أوكرانيا جماعة مناوئة لروسيا وعلى استعداد تام لمحاربة نفوذها واشغالها بمناوشات أو حروب صغيرة لا تنتهي .

ما يهمنا من هذا كله هو تذكير من يكون قد نسي أن سورية دفعت مؤخرا ثمنا باهظا جدا لانهاء الصراع عليها كما دفعت في الماضي ثمنا باهظا في معركة الصراع على تركيا وذلك عندما أقدم الغرب ( فرنسا تحديدا ) على "اهداء" تركيا أجزاء حيوية من سورية ( لواء الاسكندرون ) مقابل أن تبقى هذه الدولة المشرقية خارج ساحة الحرب بين الحلفاء وألمانيا النازية وذلك بعد أن كانت تركيا استولت على منطقة كيليكيا السورية في ظروف لا مجال للخوض فيها في هذا المقال .

يتخوف السوري المحب لسورية من أن تطالب بلاده بدفع ثمن باهظ اضافي مقابل قبول تركيا بأن تكون فاتحة عملية تفكيك حلف الناتو وهي العملية التي لن يهدأ بال روسيا المعاصرة الى أن تتم بنجاح حاسم .لا شك في أن اخراج تركيا من حلف الناتو سيكون الجائزة الأكبر لروسيا في المشهد الدولي المعاصر , اذ أن هذا الاخراج اذا تم , وهو سيتم أجلا أو عاجلا , سيفتح فجوة كبيرة في جدار الحلف الغربي من المؤكد أنها ستؤدي الى زعزعته وانتهائه في خلال مهلة زمنية لن تطول .

لقد أتاحت الحرب في سورية لروسيا الاتحادية فرصة ذهبية وتاريخية لكي تعاود محاولة تفكيك حلف الناتو على نحو جدي وممنهج بواسطة اخراج تركيا منه لكن المطلوب الان من السوريين أن يعوا ضرورة اتخاذ خطوات جريئة وسريعة لكي لا تدفع سورية أي ثمن مهما صغر لقاء اتمام عملية تفكيك هذا الحلف الشرير . ولعل من أهم هذه الخطوات أن يعود تلاميذ سعادة مع مناصريهم الى أفكاره الفذة وأن تتوحد دولتا سورية الكبيرتان أي الجمهوريتان السورية والعراقية والمملكة الأردنية على أن تنضم اليهما لاحقا فلسطين ولبنان لكي تتشكل من هذه الدول التي تنتمي الى قومية واحدة دولة قوية متماسكة تكون سدا منيعا أمام حروب السلب والنهب والاضعاف والاذلال التي قد تشنها أي دولة مستكبرة على وجه هذه الكرة الأرضية.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه