شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-02-18
 

النبت الصالح 1949 ـ الانضباط والالتزام 3

اياد موصللي - البناء

يوم أسّس سعاده الحزب السوري القومي الاجتماعي مستمداً عقيدته من التاريخ الجلي لهذه الأمة وما أعطته للبشرية والإنسانية من أسس حضارية، كان يعرف ما ستتعرّض له هذه القضية وهذه النهضة، وما سوف يطلب منها تقديمه لاستمرارها وانتصارها… كان يعرف أنّ طريقها طويلة وشاقة، ولا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة، أما الأموات فيسقطون على جوانب الطريق. كثيرون سقطوا وكثيرون ساروا على الطريق وراءه بثبات… يوم وقف سعاده وقفة العز كان مؤمناً بأنه يعطي للأمة ما اختزنته عنده، قدّم الدماء وأعاد الأمانة «انّ الدماء التي تجري في عروقنا هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها»، لقد سمع رفقاؤنا الأمة تنادي فساروا قوافل وراء سعاده وسجل التاريخ الأسماء الخالدة التي تربّت ونمت وأخذت من هذه العقيدة روح الاباء وثبات الموقف وسخاء العطاء حتى الدماء، هذه التربية التي نشأ في كنفها هذا الجيل الجديد في هذه الأمة الجبارة هو الرجاء وهو الأمل لأمة أبت أن يكون قبر التاريخ مكانا لها، النبت الصالح ينمو بالعناية أما الشوك فبالإهمال.

لقد أثبت سعاده وشهداؤنا الأبطال انه تمرّ على الأمم الحية أزمنة مليئة بالصعاب فلا يكون لها خلاص منها إلا بالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة… استشهد سعاده وقبله ومن بعده أولئك الذين آمنوا وفعلوا بوحي ما أمنوا… تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود… لولا بطولة الزعيم وسخاء عطائه ومثله كان عطاء رفقائه لما كان اليوم هنالك عقيدة وحزب بالتجسيد الحقيقي والحي لما آمن ونادى به سعاده ،وكان أميناً لما نادى به، لقد التزم بمواقف وأهداف وأيقن انّ هذا الالتزام قد يكلفه حياته وما هي حياته أمام قضية جعلها صنو وجوده، لم يخف من الموت، لم يتغيّر ولم يتبدّل، ظلّ قوياً متمالكاً حتى انّ البحصة تحت ركبته آلمته فطلب إزالتها ولم يجعله الموت ينسى ما أحدثته له من ألم… وقف أمام الموت متحدياً لم يخف ولم يتراجع… وقفته هذه فتحت الطريق لرفقائه كي يعبّروا فعبّروا وعبَروا… كلّ هذه الصور مرت بخاطري وأنا استعرض ما سمعته وتكوّن لدي عن المراحل الأخيرة لمسيرة سعاده… وفكرت كيف سنقف وكيف سيكون تصرّفنا وكيف سنثبت للعالم قوتنا… انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ… نعم غيّرت هذه القوة وحقق سعاده الانتصار العظيم وسار بنا إليه…

استشهاد سعاده ليس مفاجئاً لمن عاصروا فكره وسبروا غوره، وخاصة أولئك الذين وقفوا معه في لحظاته الأخيرة… كانت المسألة الحقيقية التي تستحوذ اهتمامه هي النهضة، فالنهضة وحدها هي الضمانة لحياة الزعيم والأمة وكرامتها كان يؤمن انّ أقدس واجباته هي المحافظة على ثبات القيادة لحماية القضية وتحقيق مقوّمات الصمود في ثبات البطولة، الزعيم كان في استشهاده قدوة في تجسيد حقيقة الزعامة ودورها وفعلها في الحاضر والمستقبل، هو فعل إيمان بما كان يردّده باستمرار كفعل إيمان بمناقب الزعامة وسلوك الزعيم… كبرت به القيادة والقضية وكثيرون يسعون للقيادة والصدارة… فيبقون صغاراً لأن القضية أكبر منهم… وهو الذي قال قبيل استشهاده:

أنا أموت، أنا لا يهمّني كيف أموت، بل من أجل ماذا أموت، لا أعدّ السنين التي عشتها، بل الأعمال التي نفذتها… هذه الليلة سيعدمونني، أما أبناء عقيدتي فسينتصرون وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي، كلّنا نموت، ولكن قليلين منّا من يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة، يا خجل هذه الليلة من التاريخ، من أحفادنا، من مغتربينا، ومن الأجانب، يبدو أنّ الاستقلال الذي سقيناه بدمائنا يوم غرسناه، يستسقي مجدّداً عطاءنا».

لقد أعطى سعاده باستشهاده الصورة الحقيقية لما آمن به ونادى رفقاءه للإيمان به، لذلك آمن به الناس وأحبّوه وأحبّوا كلّ من احبّه وانتمى إليه من أفراد عائلته إلى أعضاء حزبه، وبرهن القوميون والمواطنون عن هذا الحب في الكثير من المواقف…

دخل القوميون السجون واستشهد الكثير منهم بعد ان حوكموا بالإعدام… سنوات من عمرهم قضوها سجناء، ولدى خروجهم من السجون سارعوا للالتحاق بمدرسة الحياة يتابعون العطاء والجدّ والسعي من أجل نيل وسام التخرّج شهداء في سبيل النهضة…


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه