إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لبنان - جريصاتي: للتدقيق في سندات الملكية والمستندات الرسمية تحت طائلة الملاحقة

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2017-02-25

وطنية - شارك وزير العدل القاضي سليم جريصاتي، في المؤتمر الخاص ببلدات البقاع الشمالي الحدودية تحت عنوان "تحديات متفاقمة وخطط معالجة" مشروع نموذج القاع رأس بعلبك الفاكهة الجديدة.

بداية وجه الشكر الى "راعي ورشة العمل، فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي لم يتردد يوما في مواجهة التحديات والمشاكل التي يعاني منها اللبنانيون، على جميع الصعد، سيما عندما تكون هذه التحديات وجودية الطابع، ما يستوجب إيجاد الحلول الشجاعة والناجعة لها".

كما توجه بالشكر الى كل من "البطريرك غريغوريوس الثالث لحام والاساقفة وأعضاء المجلس الأعلى للروم الملكيين الكاثوليك المحترمين، ومعالي الزميل وزير الدولة لشؤون التخطيط والى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذين كثفوا الجهود، وأخذوا المبادرة لتسليط الضوء على معاناة أهالي بلدات البقاع الشمالي الحدودية من خلال عقد ورشة العمل هذه، جامعين على طاولة واحدة كل المعنيين الرسميين بهذه الظلامة التي يعاني منها المواطن اللبناني في هذه المنطقة من أرض الوطن، بتقصير كبير من الدولة، أي منا جميعا راهنا".

وقال: "إن عدم إتمام أعمال الضم والفرز في مناطق القاع، الهرمل (الرجم) ويونين، هو من أكثر القضايا التي تلحق الأذى والظلم بحق أبناء المنطقة"، مضيفا "إن متابعتي القضية مع الأهالي ومع المعنيين بينت أن عدم إتمام أعمال الضم والفرز أدت الى ظهور العديد من التعديات على حقوق المواطنين في هذه المناطق، وأهمها ما يلي:

- إشغال وأعمال بناء مستمرة ومتمادية على الأراضي من أشخاص لا يملكون أي صفة شرعية للاشغال أو البناء.

- تعديات على الأراضي من قبل أشخاص يملكون حصة من ملكية الأرض، ولكن يقومون بإستثمار أو إشغال مساحة تفوق الحصة التي يملكون.

- تعديات مستمرة على أملاك الدولة وعلى الملك البلدي الخاص.

- تغيير تصنيف الأراضي من زراعية الى صناعية وتجارية، من دون وجه حق.

كلفت تبعات هذه المشاكل المواطنين في بلدات البقاع الشمالي الحدودية ثمنا باهظا جدا، لم يقتصر على خسارة أصحاب الحقوق آلاف الأمتار من أراضيهم بل أيضا إمتد الى خسارة الأرواح دفاعا عن الحقوق".

أضاف: "لا يخفى على أحد، أن الحل لجميع هذه المشاكل يكمن في إتمام أعمال الضم والفرز وإعطاء كل ذي حقٍ حقه من خلال قيود رسمية تثبت الحقوق وتجعلها غير قابلة للمنازعة، ذلك انه من غير الطبيعي ومن غير المقبول على الاطلاق ان تظل هذه الاعمال معلقة منذ 16 سنة، لكن ما هي المعوقات التي أخرت ولا تزال تؤخر، انجاز اعمال الضم والفرز حتى الآن؟

أصبح من المعروف لدى الجميع أنه تم إفتتاح أعمال الضم والفرز في مناطق الهرمل ويونين والقاع تحت إشراف اللجنة التي يرأسها القاضي هنري خوري واللجنة الثانية برئاسة القاضي المتقاعد عمر حمزة، منذ تاريخ 1832011. إلا أن اللجنتين واجهتا العديد من المعوقات العملية التي حالت دون انجازهما المهام الموكولة إليهما، وأهمها الوضع الأمني الذي يمنع اعضاء اللجنتين من إجراء الكشف الميداني، وعدم تعيين مكتب للتنسيق بين المكاتب المكلفة من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل لإجراء عمليات مسح الأراضي وتقسيمها بعد إقتطاع نسبة 25% كحصة للدولة سيما بعدما تعذر على المكتب الهندسي الذي كان معينا سابقا (مكتب خطيب وعلمي) إكمال المهمة بسبب ما يدليه من ضآلة بدلات الاتعاب والضغوطات التي تمارس عليه في هذ المجال".

وأردف جريصاتي: "هذه المشاكل التقنية التي تعيق إتمام أعمال الضم والفرز، أدت الى ظهور مشاكل من نوع آخر، ذات طابع قانوني او بالأحرى ذات طابع غير قانوني، من شأنها أن تزيد من واقع الأهالي سوءا ومرارة، اذ بعد ان فرض بعض المعتدين امرا واقعا مخالفا للقانون، تصرفوا بالحقوق التي اغتصبوها لدى دوائر كتاب العدول، او طالبوا بحماية تعدياتهم هذه إزاء أصحاب الحقوق، وللأسف وجدوا اذانا صاغية لهم في بعض الاحكام القضائية، هذا فضلا عن عدم قمع التعديات والمخالفات، وإستمرارها وتفاقمها من خلال تشييد، من دون أي وجه حق، أبنية وإنشاءات جديدة".

وسأل: "ما هي الحلول الموقتة والطويلة الأمد التي من شأنها أن تدفع قدما نحو إتمام أعمال الضم والفرز؟ ما هي الحلول المقترحة لرفع الظلم عن الأهالي ولإعادة الحقوق المغتصبة الى أصحابها؟".

وقال: "إن إيجاد الحلول لهذه المشاكل لا يمكن أن يتأتى عن جهة معينة منفردة، بل يتطلب تضافر جهود جميع المعنيين، من رسميين ورجال دين وسياسيين نافذين في المنطقة، وصولا الى الوزارات المعنية، وهي وزارات العدل والدفاع والداخلية والبلديات والأشغال العامة والنقل. لا أعفي نفسي من الحل، بل على العكس أعاهدكم بأني سأقوم بما يمليه علي واجبي الوطني من خطوات في إطار الحلول المنشودة، وقد بدأت بإتخاذ بعض الإجراءات السريعة على صعيد وزارة العدل لحث القضاة وكتاب العدول على الحذر الشديد من اي تصرف مشبوه بالارض والملك في المناطق المعنية بأعمال الفرز والضم المعلقة".

أضاف: "إلا أن الحل الشامل يتطلب لإنفاذه شرطا مسبقا (condition préalable) وهو: توافر الإرادة السياسية من جهة، والنوايا الحسنة لأهالي المساحات المتنازع عليها من جهة أخرى، في سبيل إحقاق الحق والعدالة بين الجميع، ذلك لأن القضية ليست قضية فئة معينة أو طائفة معينة، بل هي قضية رفع الظلم وقضية حق، بغض النظر عن هوية صاحبه أو إنتمائه الديني أو الطائفي أو العقائدي أو الحزبي أو المناطقي"، لافتا الى ان "كل حل يهدف بالمحصلة الى إعادة الحقوق لأصحابها، من شأنه أن يرسي الإستقرار بين جميع مكونات المجتمع في هذه الأرض الصامدة والمتاخمة لنيران المنطقة".

وتابع: "إن رؤيتنا للحل تنقسم الى ثلاث محاور أساسية مرتبطة إرتباطا وثيقا في ما بينها:وقف التعديات الجديدة، إزالة التعديات القديمة وتعزيز عمل اللجنتين المشرفتين على الضم والفرز لاتمام المهام بمهلة زمنية معقولة.

وإليكم تفصيل هذه العناوين وكيفية إنفاذها، على ما نتعهد به:

- إقتراح مقدم الى مجلس الوزراء بإتخاذ قرار بمنع البناء الجديد ومنع الأشغال والحفريات وإقامة الإنشاءات الجديدة على الأراضي المعنية، وذلك لمنع تفاقم الأزمة ومنع حصول تعديات ومخالفات جديدة على الأراضي وحصر النشاطات في المنطقة بالنشاطات الزراعية فقط في الأراضي المصنفة زراعية، على ما هي حال غالبية الاراضي في مناطق البقاع الشمالي الحدودية.

-إقتراح إنشاء لجنة مشتركة بين المالكين من أصحاب الحقوق غير الواضعي اليد على عقاراتهم، وبين المالكين من أصحاب الحقوق الواضعي اليد على العقارات بما يزيد عن حصة ملكيتهم فيها، وذلك من أجل إيجاد حلول منصفة لكل منهم (على سبيل المثال أن يقوم أصحاب الحقوق غير الواضعي اليد على عقاراتهم بتأجير حصصهم الى أصحاب الحقوق من واضعي اليد على جزء يفوق قيمة حصتهم في الملكية لقاء بدل عادل ووفقا لمعايير موضوعية)، على أن يتم الحل تحت رعاية وزارة العدل.

-التشدد في قمع المخالفات والجرائم المرتكبة بحق أصحاب الحقوق وذلك من أجل معاقبة المعتدين وإلزامهم بإنهاء حالة الإشغال غير المشروع لأراضي الغير، ولا سيما للجهات التالية:

أ - التشدد في تطبيق أحكام المادتين 737 و738 عقوبات، التي تتيح عقوبتها التوقيف الإحتياطي بحق كل من لا يحمل سندا رسميا بالملكية أو بالتصرف واستولى على عقار أو قسم من عقار بيد غيره، وتشديد العقوبة بحق المرتكب إذا رافق الفعل تهديد أو عنف على الأشخاص أو الأشياء، أو إذا وقع الغصب على كل أو قسم من الطرقات العامة أو أملاك الدولة أو الأملاك المشاعية.

ب - التشدد في تطبيق أحكام المادة 423 عقوبات وتوقيف المخالفين والتي تعاقب كل من لبث في عقار غير معتد بقرار الإخلاء أو وضع يده على عقار أخرج منه، وكل من خالف التدابير التي اتخذها القاضي صيانة للملكية أو وضع اليد، على أن تشدد العقوبة إذا اقترن الفعل بالعنف.

ت -التشدد في تطبيق الأحكام الجزائية المتعلقة بمخالفة القرارات الادارية والبلدية، لا سيما منها تلك التي تقضي بتصنيف أرض معينة زراعية، وذلك لمنع تحويلها، من دون وجه حق، الى أراض صناعية أو تجارية.


- الإيعاز لمن يلزم، وبالطرق القانونية المتاحة، من قضاة وموظفين عموميين، بعدم إتخاذ أي إجراء ضمن نطاق عملهم وإختصاصهم في ما يتعلق بالعقارات موضوع عملية الضم والفرز، إلا من خلال التحقق من صفة الشخص وملكيته.

إتخذت إجراء بهذا الخصوص بتاريخ 1022017 قضى بالإيعاز لكتاب العدل الأصيلين والمكلفين بعدم القيام بأي إجراء أو تصرف قانوني يتعلق بعقارات ممسوحة إلا بعد التدقيق في سندات الملكية والمستندات الرسمية المثبتة للحق، وذلك تحت طائلة إجراءات الملاحقة المسلكية والجزائية.

- التنسيق مع وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والبلديات من أجل تأمين المواكبة الأمنية اللازمة لأعضاء اللجنة المكلفة إتمام عملية الضم والفرز وتمكينها من القيام بالكشوفات الميدانية من دون أي خطر.

- التنسيق مع وزارة الأشغال العامة والنقل من أجل تعيين مكتب هندسي بديل للتنسيق بين نتائج المسح وتقسيم الأراضي المنفذ من قبل المكاتب المعتمدة من قبل الوزارة المذكورة.

- حض اللجنتين المكلفتين، بعد تأمين الضمانات الأمنية لأعضائهما وتعيين مكتب للتنسيق، بإتمام أعمال الضم والفرز بالسرعة الممكنة وضمن مهلة زمنية معقولة ومحددة.

- تأمين استمرارية توافر الاعتمادات المالية لاجراء أعمال الفرز والضم، وقد لحظ مشروع الموازنة العامة لعام 2017 (الفصل الثاني/م 14) قانون برنامج لاعمال الفرز والضم في لبنان بقيمة 92 مليار ليرة لبنانية عن السنوات 2017 الى 2020 ضمنا لانجاز هذا الملف، اي باضافة 40 مليار ليرة لبنانية الى الملحوظ اصلا في البرنامج المذكور.

وختم جريصاتي: "إن عهدا جديدا واعدا وواثقا، هو الضمانة بأن صاحب الحق سوف ينال حقه مهما كانت المعوقات، ونحن على موعد قريب مع هذه الإجراءات التي سوف ترى النور لإعادة الحقوق لأصحابها وليس لإنكارها عليهم قبل صياح الديك. مراسلاتنا وخطواتنا سوف تتكلم عنا وتظهر أن إرادتنا لن تلين حتى إنهاض دولة القانون لكل الناس وعلى كل الناس".


 
جميع الحقوق محفوظة © 2024