شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-03-02
 

منهج سعاده في مواجهة خيارات الاستسلام.. تأسيس الفعل المقاوم

الدكتور أسامة سمعان - البناء

تعرّض العالم العربي، في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، الى ثلاث موجات استعمارية جرّاء السياسة الاستعمارية البريطانية والفرنسية، بدأت الأولى على يد الاستعمار الفرنسي في الجزائر عام 1830، وأعقبها الاستعمار البريطاني في عدن 1839، حيث أخذ الزحف الاستعماري البريطاني بالتمدّد انطلاقاً من عدن على طول الساحل الجنوبي والشرقي للجزيرة العربية، حتى سيطر عليها جميعها وصولاً إلى الكويت شمالاً قبل نهاية القرن التاسع عشر.

وكانت الموجة الثانية في ثمانينيات القرن التاسع عشر حين أخذ النفوذ الفرنسي يتّسع من الجزائر إلى تونس عام 1881، فيما احتلت بريطانيا مصر عام 1882، وفي العقدين التاليين استطاعت بريطانيا أن تتّخذ من مصر قاعدة للتوسّع في السودان حتى تمكّنت عام 1899، بموجب اتفاقية الحكم الذاتيّ من رفع العلم البريطانيّ على سراي الحكم في أم درمان.

و جاءت الموجة الثالثة، في العقد الثاني من القرن العشرين قبيل وأثناء الحرب العالمية الأولى، فبدأت بانقضاض إيطاليا على ليبيا عام 1911- 1912، فيما بدأت فرنسا بالتوسّع انطلاقاً من الجزائر باتجاه مراكش، في ظل منافسة إسبانية، حتى انفردت بها عام 1914. أما في المشرق العربي فقد كانت هذه الموجة أخطر فترة في تاريخه، إذ سقطت بلاد الشام والعراق دفعة واحدة، كجزء من مساومات الصلح، فاستولت فرنسا على لبنان وسورية، وبريطانيا على فلسطين والأردن والعراق. وحصلت أكبر جريمة في التاريخ على أرض فلسطين عندما تآمرت الدول الكبرى عليها واستقدام اليهود المهاجرين إليها من مختلف أنحاء العالم وزرعهم بالاستيطان، فيما اقتلع المواطن الفلسطيني السوري العربي من أرضه ليتشتت في مخيمات اللجوء حيث الفقر وسوء الحال.

في ذكرى ميلاد سعاده، باعث النهضة القومية الاجتماعية، وهو المدرك أبعاد الخطر الصهيوني على الأمة والعالم أجمع، يطيب لنا أن نتعرف إلى موقفه من المقاومة وسلاحها في مواجهة خيارات الاستسلام، فيهون علينا تحديد موقفنا. إذ يكتب سعاده في العام 1925، أي قبل تأسيس حزبه بسبع سنوات قائلاً «بالرغم أن الحركة الصهيونية غير دائرة على محور طبيعي، تقدمت هذه الحركة تقدماً لا يستهان به، فإجراءاتها سائرة على خطة نظامية دقيقة، إذا لم تقم في وجهها خطة نظامية أخرى معاكسة لها، كان نصيبُها النجاح، ولا يكون ذلك غريباً، بقدر ما يكون تخاذل السوريين والعرب كذلك، إذا تركوا الصهيونيين ينفذون مآربهم ويملكون فلسطين. ويتابع سعاده: حتى الآن لم تقم في سورية منظمة، تنظر في شؤون سورية الوطنية، ومصير الأمة السورية، لذلك نرى أننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا. فنحن أمام الطامعين والمعتدين، في موقف تترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما: الحياة والموت، وأي نتيجة حصلت كنا نحن كشعب المسؤولين عنها.

وعندما زار بلفور، صاحب الوعد المشؤوم، فلسطين عام 1925، كتب سعاده قائلاً: لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية التهويل من بعيد والجعجعة، بل الشيء الحقيقي الذي يُخيفهم هو الموت، ولو وجد في سورية رجل فدائي، يضحّي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور، لكانت تغيرت القضية السورية من الوجهة الصهيونية تغييراً مدهشاً، فإن الصهيونيين عندما يرون واعدهم بفلسطين قد لقي حتفه يعلمون أنهم يواجهون ثورة حقيقية على أعمالهم غير المشروعة، ويوقنون أن سورية مستعدة للمحافظة على كل شبر من أرضها بكل ما لها من القوى، وما لديها من الأسلحة العصرية والقديمة.

حزب المقاومة

أسس سعاده الحزب السوري القومي الاجتماعي سراً عام 1932، فأعلن حزبه كله مقاومة، وكان أول مخيم تدريبي على القتال لأعضائه القادرين على حمل السلاح عام 1935، لمواجهة قوات الاحتلال الأجنبي على مدى سورية الطبيعية، وفي العام الذي تلا المخيم التدريبي، اندلعت الثورة الشعبية في فلسطين، وكان للحزب السوري القومي الاجتماعي دور فاعل في العمليات الحربية التي قادها الشهيد سعيد العاص.

وعندما نشطت الإدارات الغربية في التحضير لتقسيم فلسطين، دعا سعاده حزبه للتظاهر في 2/ تشرين الثاني1947، من أجل رفع قدرة الشعب لمواجهة مخاطر التقسيم وقيام دولة يهودية على أرض فلسطين، ولكن الحكومة اللبنانية آنذاك ألغت المظاهرة لمنع قيام حركة مقاومة شعبية تستطيع إنقاذ فلسطين.

وخلال الحرب العربية – «الإسرائيلية» عام 1948، قرر سعاده إدخال جحفل مقاتل من القوميين الاجتماعيين، من أجل تحرير فلسطين، وقامت الإدارة الحزبية بقيادة عميد الدفاع أديب قدورة بمساعٍ لدى «مكتب فلسطين الدائم» مطالباً بتزويد المتطوعين القوميين بالسلاح، ولكن الجواب جاء صافعاً لا سلاح للقوميين الاجتماعيين. عندئذ قاتلت فرق الزوبعة التابعة للحزب بما تيسّر لها من سلاح قليل بقيادة مصطفى سليمان، الذي كتب لي شرف اللقاء به عام 1997 في عمان، وقد أخبرني الكثير عن معاناة القوميين المقاتلين من قلة الذخيرة والسلاح.

بعد وقوع كارثة فلسطين، تابع حزب سعاده خطته الإنقاذية، فأسس كلية حربية لتخريج الضباط العسكريين، ويقول سعاده رداً على بن غوريون: «نحن مستمرون اليوم في خطتنا، إن الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطاً عسكريين، وإن الحزب السوري القومي الاجتماعي يخرّج بدوره ضباطاً عسكريين، ومتى بدأت جيوش الدولة المغتصبة بغية تحقيق مطامعها الأثيمة، ابتدأت جيوشنا تتحرّك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدولة الغريبة».

عندما كان سعاده يعمل من أجل تحرير الأرض المغتصبة، من براثن قوى الاحتلال، بتعزيز روح المقاومة لدى الشعب، كانت قوى الرجعية والطائفية والصهيونية والاستعمارية تتآمر عليه وعلى حزبه، حتى استطاعت اغتياله عام 1949، ولكنها فشلت في القضاء على حزبه.

الحزب السوري القومي الاجتماعي كان رائداً في المقاومة الحديثة والمعاصرة والمقاومة تتعرّض اليوم لأبشع الحملات وأخطرها، تشنها عليها قوى رجعية وعميلة للعدو الصهيوني وحليفته الإمبريالية العالمية.

حديثنا اليوم، هو محاولة للإجابة على مضمون الحملة السياسية التي أطلقتها قوى 14 آذار منذ حوالي أسبوع حول نزع سلاح المقاومة وفق ما أطلق من شعارات تضليلية لنزع سلاح المقاومة.

المقولات الرئيسة التي نودّ الإجابة عليها هي:

1ـ الجيش وحده هو الجهة الشرعية التي يحق لها امتلاك السلاح، وهو الجهة الوحيدة المعنية بالدفاع عن لبنان.

2ـ الدولة حصراً هي صاحبة القرار في الحرب والسلم.

3ـ الزعم بأن سلاح المقاومة استعمل في الداخل بدلاً من انصرافه كلياً ضد العدو الخارجي.

4ـ مدى خطورة الشعار المرفوع.

حول المقولة الأولى المتعلقة بشعار: الجيش وحده الجهة الشرعية التي يحق لها امتلاك السلاح وهو الجهة الوحيدة المعنية بالدفاع عن الوطن اللبناني.

لا بد من إلقاء نظرة ولو سريعة على قدرة الجيوش العربية في رد العدوان الصهيوني، من خلال التجربة التاريخية.

أولاً: الحرب العربية ـ «الإسرائيلية» الأولى 1948: كان عدد المقاتلين التابعين للجيوش العربية، بما فيها جيش الإنقاذ المؤلف من المتطوّعين: قد بلغ 18.756 مقاتلاً مقابل 119.400 جندي صهيوني مؤلفة من قوات البلماح، وقوات الميدان حيس، والحاميات المحلية من: شرطة المستعمرات، والحرس الشعبي، والأرغون وشتيرن.

هزيمة 1948 لم تكن بسبب النقص في الرجال والعتاد وحسب، بل لأن القيادة الصهيونية كانت يهودية، فيما القيادة العربية كانت بريطانية، وكان الصهاينة يمتلكون وحدة الهدف، أما العرب فكانوا يشكون من الازدواجية ولهم أهداف مختلفة، بحيث كان الفلسطينيون هم المعنيّون بالحرب، فيما الجيوش العربية للمساندة. كما أنّ الصهاينة كانوا في حالة هجوم، بينما العرب كانوا في حالة دفاع.

ثانياً: في حرب 1967 كان هدف الصهاينة المزيد من الاحتلال، بينما الجيوش العربية كانت تدقّ طبول الحرب من أجل تدخل دولي لمنع الحرب. وكان الصهاينة يتمتّعون بالقدرة على المبادرة بوحدة القيادة والدعم الأميركي، أما العرب فلم تكن قيادتهم موحّدة وينقصها الدعم الدولي.

ثالثاً: حرب تشرين التحريرية 1973: سعت سورية لتحرير الجولان، فيما كانت مصر تريد حرباً تحرّك بواسطتها المسار التفاوضي الذي أدى إلى اتفاقية كامب ديفيد.

الاستراتيجية الأميركية بعد انكفاء الإنكليز

هنا ليس من الضروري الإسهاب في شرح أسباب العجز عن تحرير الأرض المحتلة، إذ إن التعهد البريطاني بقيام «دولة إسرائيل» قد انتقل إلى الولايات المتحدة من أجل المحافظة على أمن «إسرائيل»، وكان رمز ذلك ما حدث بتاريخ 21 شباط 1947 عندما أخبرت بريطانيا الولايات المتحدة، بأن صيغة السلام البريطاني التي حافظت على مصالح العالم الغربي لسنوات طويلة قد أوشكت على الانتهاء، وأن على الولايات المتحدة، أن تتولى مسؤولية الدفاع عن العالم الحر. ولذلك وضعت الولايات المتحدة استراتيجيتها عام 1952 للمنطقة وأذاعها وزير خارجيتها دالاس. وهي على النحو التالي:

1ـ حماية أمن «إسرائيل» والحفاظ على التوازن العسكري بينها وبين الدول العربية، ومفهوم التوازن هذا يعني الحفاظ على قدرة «إسرائيل» على هزم أي طرف عربي يتكوّن من دولة أو أكثر، وفي فترة الستينيات والسبعينيات تطور هذا المفهوم ليشمل التوسّع «الإسرائيلي».

2ـ استمرار ضخ النفط العربي إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية واليابان بأسعار معتدلة من وجهة النظر الغربية ومنع دخول الاتحاد السوفياتي في سوق النفط كمشترٍ.

3ـ حماية النظم المؤيدة للولايات المتحدة والغرب في المنطقة، وذلك بتزويدها بالسلاح والتدريب اللازمين، من دون أن يكون من شأن ذلك الإخلال بالتوازن العسكري مع «إسرائيل» وفقاً للمفهوم السابق الإشارة إليه.

4ـ محاربة الاتحاد السوفياتي في المنطقة واحتواؤه وحصاره بسلسلة من الأحلاف والقواعد العسكرية.

5ـ تشجيع العلاقات الاقتصادية والتجارية وبيع التقانة الأميركية في السوق العربية.

لا تزال الاستراتيجية الأميركية قائمة حتى اليوم في دعم الكيان الصهيوني وتأمين قدرته على هزم أي جيش عربي منفرداً والجيوش العربية مجتمعة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح أمام هذه المعضلة تجاه الموقف الأميركي، هل نستسلم لهذا الأمر المفعول؟

منطق المقاومة

هنا لا بد لنا من التذكير بمنطق الدولة، أية دولة تريد أن تبني جيشاً قوياً. فالجيش يحتاج إلى المال، والمال يجب أن تسبقه نهضة اقتصادية في المجالات كلها الصناعية والزراعية والتجارية. وهذا بدوره يتطلب نهضة علمية، والنهضة العلمية تتطلب إعداد المدرسين والمعلمين والمناهج التعليمية. وكل هذا يتطلّب وقتاً طويلاً تكون فيه «إسرائيل» والغرب الإمبريالي قد أطبق على العرب من مختلف الجهات والنواحي.

أما منطق المقاومة التي لا تهمل العلم، فيرتكز أساساً على الجذوة النضالية التي تقوم على:

1ـ قيمة الحق التي تحتل المرتبة الأولى في سلم القيم وفي طليعتها الحق الوطني أو القومي.

2ـ توليد الإرادة المطالبة بالحق، إذا أن الحق يسقط من مرتبته إذا لم يكن وراءه مطالب.

3ـ توليد القناعة الكلية والاستعداد الكامل بدفع ثمن المطالبة بالحق مهما كان الثمن غالياً.

لذلك، فإن مقولة تسيلم السلاح للجيش يعني وضع السلاح بيد سلطة سياسية وجيش لم يتمكن سابقاً من حماية لبنان، وهو اليوم بالرغم من تغيير عقيدته القتالية، نحمله أكبر من قدرته، إذا طلبنا منه الانتصار وحيداً من دون المقاومة، في أية معركة مع «إسرائيل» تعجز عنها الجيوش العربية مجتمعة.

معادلة الشعب والجيش والمقاومة

وعليه، فإنّ معادلة الشعب والجيش والمقاومة هي الحل المنطقي، لاسيما وأن انتصارات المقاومة على أرض لبنان التي بدأت منذ العام 1982 تتوالى تباعاً بدءاً من بيروت فالجبل، فالبقاع الغربي وحاصبيا والنبطية وصيدا، حتى بلغت عام 2000 النصر المؤزر، وأكدت المقاومة انتصارها باعتراف العدو الصهيوني، الذي أفصح أن المقاومة أصبحت تمتلك قوة ردعية لا يستهان بها، ولذلك تأتي معادلة الجيش والشعب والمقاومة، هي المعادلة الصحيحة حيث يحتضن الشعب مقاومته، ويشكل الجيش عنصر الحماية الخلفية للمقاومة، فيما تكون المقاومة رأس الحربة في الميدان.

المقولة الثانية: حول أن الدولة حصراً هي صاحبة القرار في الحرب والسلم.

منذ قيام الأمم المتحدة كمنظمة دولية غايتها حفظ السلام العالمي، انحصر قرار الحرب بها أيضاً لأن من يعلن الحرب عليه أن يؤمن مرتبات السلام. ولذلك نستطيع القول بأن جميع الحروب التي قامت في العالم بعد قيام الأمم المتحدة كان قرار الحرب والسلام محصوراً بمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة. وهذه بعض النماذج:

1ـ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، أو ما عرف بحرب السويس، قررته كل من فرنسا وبريطانيا، بموافقة ضمنية أميركية، والذي صاغ قرار السلام بعد هذه الحرب إنذار وزير خارجية الاتحاد السوفياتي بولغانين، الذي هدّد ضمنياً الدولتين النوويتين بريطانيا وفرنسا بقصفهما بالصواريخ العابرة القارات. مما فرض على الولايات المتحدة الأميركية الانضمام إلى السلام بسبب الرعب النووي.

2ـ العدوان الصهيوني على مصر وسورية والأردن عام 1967 الذي عرف بحرب الأيام الستة، أو نكسة حزيران العربية، كان قرار الحرب من صنع أميركا، وقرار السلم كان أميركيا فرنسياً.

3ـ الحرب الهندية الباكستانية، التي ربحت الحرب فيها الهند وقامت بنتيجتها دولة بنغلادش، قرّرها الاتحاد السوفياتي، وصاغ مجلس الأمن قرار السلم وفق الرغبة السوفياتية.

4ـ حرب تشرين التحريرية 1973 دعمها الاتحاد السوفياتي، وصاغ مجلس الأمن قرار السلام.

5ـ قرار الحرب بين العراق وإيران، كان بيد الولايات المتحدة، وكذلك قرار السلام.الذي اعتبره الإمام الخميني أصعب من تجرّع السم.

6ـ الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 كان قراراً أميركياً، وكذلك قرار السلم.

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تفّردت الولايات المتحدة بقراري السلم والحرب ولا تزال.

إزاء كل هذه الحقائق عن قرار السلم والحرب يتحدث فريق 14 آذار عن حق مستحيل للدولة اللبنانية. وفي كلامهم تعمية واحتقار لمدارك اللبنانيين.

المقولة الثالثة: زعم ارتداد سلاح المقاومة إلى الداخل

في الخامس من أيار 2008 أصدرت حكومة 14 آذار قرارين الأول يقضي بنقل رئيس أمن المطار، وذلك بهدف استباحة المطار ونقل الجواسيس إلى لبنان للعمل ضد المقاومة، والثاني يريد إلغاء شبكة الاتصالات التي تشكل لدى المقاومة عصب سلاح الإشارة، مع ما يستتبع ذلك من محاولة سجن قادة المقاومة وصولاً إلى القائد العام في مسعى منهم لإشعال فتنة بين الجيش والمقاومة.

يومها دافعت المقاومة عن سلاحها بسلاحها وأرغمت الحكومة على العودة عن هذين القرارين اللذين كانا تتويجاً لسلسلة من الاعتداءات التي قام بها فريق 14 شباط على المقاومة، نذكر بأبرزها:

1ـ بتاريخ 28/ آذار عام 2006 اندس فؤاد السنيورة بمؤتمر قمة الخرطوم وحاول شطب عبارة المقاومة من البيان الختامي، ولولا مواجهته من قبل رئيس الجمهورية إميل لحود لكان عرّى المقاومة سياسياً، بسحب الغطاء العربي عنها.

2ـ تنكّر السنيورة للمقاومة عندما قامت بأسر الجنديين الصهيونيين 12/تموز/2006، وتبرئ من نضالها.

3ـ في اليوم 33 من حرب 2006 وكان إطلاق النار لم يتوقف بعد، طالب السنيورة من وزراء المقاومة أثناء الجلسة تسليم السلاح.

4ـ بتاريخ 30 أيار 2007 اتخذ مجلس الأمن بناء لطلب حكومة السنيورة القرار رقم 1557 بإنشاء المحكمة الدولية، بأغلبية 5 أصوات وامتناع 5 أصوات هي: روسيا، والصين، وقطر، واندونيسيا، وجنوب أفريقيا، حيث اقترن الامتناع بحيثيات متماسكة، رأت في القرار تدخلاً، في شؤون لبنان الداخلية، ومساً بسيادته الوطنية، وتهديداً لاستقراره، وأمنه، وسابقة خطرة تفتح الباب أمام استعانة الحكومات بمجلس الأمن لتتجاوز مؤسساتها الدستورية والتشريعية.

ليس أسهل من حل مشكلة استخدام السلاح في الداخل، فليتوقف المتآمرون على المقاومة من التآمر على المقاومة وعلى سلاحها، المقاومة لا تستخدم سلاحها في الداخل.

أما عن مدى خطورة شعار نزع سلاح المقاومة، فإن قوى 14 شباط المتشكلة من مجموعة خلفيات، بعضها معروف بعمالته للعدو، هذه القوى غير خجولة بذلها، فهي تريد استعادة تجربتها في رفع شعارها قبل الحرب الأهلية اللبنانية 1975- 1989 في وجه المقاومة الفلسطينية، حيث نجحت في إشعال حرب أهلية استمرت حوالي 7 سنوات توّجتها بالتواطؤ مع العدو الصهيوني لاجتياح لبنان، وترحيل المقاتلين الفلسطينيين بسلاحهم الفردي إلى تونس ثم التفاوض من أجل معاهدة أمنية مع العدو عرفت باتفاق 17 أيار.

هنا نستطيع القول بأن تجديد هذه المحاولة على لسان النائب عقاب صقر في إطلالة تلفزيونية، معارضة لما قدمه فخامة الرئيس ميشال عون من غطاء سياسي للمقاومة وسلاحها، هي محاولة جدية بهدف إضعاف لبنان ورميه في أحضان التسوية السلمية مع العدو الصهيوني وضحية في طاحونة السياسة الأميركية في إشعال الفتن بين اللبنانيين، ولكن هذه المساعي ستبوء بالفشل كما باءت محاولات كثيرة، أخطرها محاولة تثبيت رئيس للبنان انتخب على ظهر الدبابة «الإسرائيلية»، واتفاقية 17 أيار المذلة.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه