إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حكومة الحريري: اتفاقات بالتراضي وحياد عن الخلافات

محمد حمية - البناء

نسخة للطباعة 2017-04-06

إقرأ ايضاً


«اتفاقات بالتراضي وحياد عن الخلافات»، هكذا يوصّف مصدر وزاري حال الوضع الحكومي منذ تشكيل حكومة العهد الأولى، حيث اتّخذت حكومة التسوية الرئاسيّة من سياسة النأي بالنفس عن الملفات الشائكة القاعدة الأولى في عملها، أمّا آلية اتخاذ القرار فهي التوافق بين المكوّنات ولم تصدر أيّ قرارٍ بالتصويت.

ويشدّد المصدر لـ«البناء» على أنّ «الأداء الحكومي جيد حتى الآن، وأنجزت الحكومة الكثير رغم عمرها القصير مقارنة بالأداء في الحكومات المنصرمة»، وترى بأنّ «العلاقة الجيدة والمتينة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري أعطت قوة دفع للوزراء للعمل والإنجاز».

إقالة مدير عام هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف ووضعه في تصرّف رئاسة الحكومة وتعيين عماد كريدية مكانه، كان أوّل ثمار التوافق السياسي بين الرئيسين عون والحريري، وما لبث أن انسحب هذا التوافق على إقرار مراسيم النفط التي كانت عالقة في أدراج الحكومات السابقة منذ سنوات. وكرّت سبّحة الانسجام الوزاري بين أخصام الأمس و«حلفاء اليوم» على تسوية التعيينات الأمنيّة والعسكرية والقضائية والإدارية، كان أبرزها في قيادة الجيش والمديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك والتفتيش القضائي، مواقع كانت محلّ انقسام سياسي حادّ في الحكومات السابقة.

أمّا على صعيد أزمة الكهرباء التي تشكّل القسم الأكبر من العجز في الموازنة، فقد تمكّنت الحكومة من إقرار خطة وزير الطاقة سيزار أبي خليل لتحسين قطاع الكهرباء، وهي نفسها خطة وزير الخارجية جبران باسيل عندما كان وزيراً للطاقة، لكن يبدو أنّ الأمر لم يمرّ من دون «كهربة الوضع الحكومي» وتطاير شرارة الخلافات في جلسة المناقشة بالمجلس النيابي اليوم.

وتوّجت الحكومة إنجازاتها بإقرار مشروع الموازنة العامّة التي لم تُحَلْ حتى الآن إلى المجلس النيابي، وتذكر مصادر وزاريّة لـ«البناء»، أنّ «إقرار الموازنة المجمّدة منذ 15 عاماً هو الإنجاز الأبرز للحكومة، لا سيّما أنّها حقّقت تحوّلاً نوعيّاً في السياسة الضرائبية منذ عقود من الزمن، حيث تضمّنت سلّة ضرائب على «تكتلات رأس المال» لم يجرؤ أحد من الوزراء ولا الحكومات على الاقتراب منها، كالضريبة على فوائد المصارف والرقابة على السندات، وقلّصت الأعباء الضرائبية على ذوي الدخل المحدود»، وتوقّعت المصادر أن «يُحال مشروع الموازنة إلى المجلس النيابيّ في أقرب وقت بعد أن ينتهي وزير المال علي حسن خليل من تحضير الأرقام المالية النهائية».

أمّا الجهاد الأكبر بالنسبة لحكومة «الانتخابات» هو قانون الانتخاب، الذي تعهّدت الحكومة في بيانها الوزاري وفي خطاب القسم الرئاسي بالعمل على إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد، لكنّ المصادر استبعدت أن يُطرح الملف في جلسة الحكومة المقبلة».

وتمكّنت حكومة «استعادة الثقة» من السير بين الألغام في سياستها الخارجية، لا سيّما اتجاه الدول العربية وبعد زيارة الرئيس عون إلى كلٍّ من السعودية وقطر التي تكلّلت بالنجاح في طيّ «المرحلة السوداء» بين لبنان ودول الخليج»، واستطاع الحريري وباسيل بالتكافل والتضامن من اجتياز مطبّ رفض وزراء الخارجية العرب تضمين بيان القمّة العربية التي عُقدت في عمان بند التضامن مع لبنان، وتبنّى البيان بالكامل ما طلبه الوفد اللبناني الموحّد.

أمّا ملف النازحين السوريّين والعلاقة مع سورية، فيبقى العقدة الكأداء أمام الحكومة التي لم تقدّم طرحاً جديداً ومتمايزاً عن طروحات حكومة الرئيس تمام سلام التي ربطت هذا الملف بالعلاقة مع الحكومة السورية، فهل سترضخ للأمر الواقع بالتعامل مع النظام الحالي؟ أم ستحذو حذو الحكومة السابقة التي اعتمدت النأي بالنفس والاستثمار المالي والسياسي لأزمة النزوح؟

ترفض مصادر نيابيّة في تيّار المستقبل انفتاح الحكومة على الدولة السورية في ملف النازحين في ظلّ حماوة وضراوة المعارك في مختلف المناطق السوريّة، مشدّدة لـ«البناء» على أنّ وزراء المستقبل سيعارضون أيّ توجّه حكومي باتجاه سورية.

وترى مصادر وزارية سابقة لـ«لبناء»، أنّ «الحكومة الحالية حقّقت إنجازات هامّة خلال فترة قصيرة، أبرزها الموازنة التي تعكس السياسة الاقتصادية والمالية للحكومة، والتي عجزت الحكومات المتعاقبة عن إقرارها بسبب الخلافات بين تيّارَي المستقبل والوطني الحرّ، كما أنجزت رؤية علميّة وواقعية لأزمة الكهرباء، لكنّ العبرة تبقى بالتنفيذ والتفاصيل المتعلّقة بدفاتر الشروط والشفافية. أمّا مراسيم النفط فتضيف المصادر: «هي إنجاز سياسي أكثر من تقنيّ وفنّي، لأنّ المرسومَين موجودان مع الدراسات في الحكومات السابقة ومنذ 5 سنوات، وتم تجميدهما لأسباب سياسية وليس تقنية».

أمّا توزيع الأدوار بين رئاستي الجمهورية والحكومة، فواضح لناحية التناوب في عقد الجلسات بين بعبدا والسّراي، حيث يمنح الحريري مساحة واسعة في السياسة الاقتصادية والمالية، فيما يأخذ عون الهامش الأكبر في السياسة الخارجية والملف الأمني.

لا تمرّ جلسة وزاريّة من دون توجيه رئيس الحكومة توصياتٍ للوزراء بأن لا تخرج تفاصيل المناقشات خارج القاعة الحكوميّة، لا سيّما بعد تسريب لائحة الضرائب التي أشعلت المجلس النيابي وفجّرت الجلسة التشريعية وسلسلة الرتب والرواتب، وكادت أن تطيح بالموازنة، ولا يخفى على أحد جهود رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وحزب الله لإبعاد نار الخلافات السياسيّة عن أسوار السرايا وضبط الإيقاع بين أركان العهد الثلاثة في ظلّ الظروف الحاليّة، وبالتالي تبقى الحكومة حاجة ماسّة، فهي التي ستقرّ قانون انتخاب وتجري الاستحقاق النيابي وتعالج الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، لكن إلى أيّ مدى تستطيع الحكومة التي ستمثل اليوم أمام المجلس الصمود أمام العواصف الإقليمية ورياح الخلافات حول قانون الانتخاب التي طيّرت الانتخابات؟ فهل تبقى مؤسسة الحكومة صمّام الأمان في ظلّ شبح الفراغ الذي يخيّم على البرلمان، أو التمديد للمجلس الحالي وتأجيل الانتخابات؟.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024