شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-06-02
 

حكومات وقيادات ممالئة للعدو ضدّ شعوبها لكنّنا نبقى نقاوم ونحارب... وسننتصر

إياد موصللي - البناء

أمثال أنور السادات وحسني مبارك كثيرون في تاريخنا، فابن العلقمي لا يختلف حسني مبارك عنه كثيراً في الدور والأداء، أو وزير خارجيته أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية اليوم! فهؤلاء هم عون أميركا، وأولئك كانوا عون التتار، هؤلاء خانوا العرب لحساب «إسرائيل» وأولئك خانوا المستعصم لحساب جنكيز خان، وهل نسينا امرءا القيس الذي استعان بالروم لاستعادة ملك أبيه حتى لُقّب بحامل لقب أمير الشعراء في جهنّم… وأبو رغال دليل ملك الحبش لمهاجمة مكة عام 570 م. بماذا يوصف موقف رئيس وزراء السلطة الفلسطينية «سلام فياض»، عندما طلب عدم فكّ الحصار عن غزة لئلّا يُعتبر ذلك انتصاراً لحماس كما كشفت الوثائق مؤخّراً؟

بماذا يوصف التنسيق الأمنيّ بين أجهزة أمن السلطة والمخابرات «الإسرائيلية» الذي جرى بين عامي 2008 و2009 ودور دحلان فيه؟ وهو التنسيق الذي أدّى إلى مقتل عدد كبير من المناضلين في الداخل؟ بماذا يوصف موقف ما يسمّى دولة قطر وغيرها من دول الخليج، والدور الذي يمارسونه في تنفيذ الأجندة المعادية في الشام والعراق؟

تاريخنا العربي ونشأتنا هل درّسناها وندرّسها لأجيالنا كما يجب أن تُدرّس لتعي ماضيها وتقارنه بحاضرها. أقول لا لم نفعل، لأنّ بعض صفحاته بيضاء ولكنّ فيه صفحات كثيرة مشينة لأمّة قال عنها القرآن الكريم: «كنتم خير أمّة أُخرجت للناس»، تاريخنا كلّه لم نساهم في صنعه وتدوينه… اسألوا أجيال المخيمات عن تاريخهم، أسماء بلداتهم، تواريخ القدماء، اسألوا أجيال الأمّة كلّها فلا تجد من يعرف إلّا ما سبق أن سمعه من طاعن في السنّ عاصره، وإلّا قولوا لي مَن يعرف ويقرأ ويحفظ ما هي مساحات ما سُلب من أرضنا وضُمّ إلى دول أخرى. فلسطين ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، إذا ما بقينا على هذه الحال، وإنّي أعدّد لا أحدّد:

كيليكيا، أنطاكيا، اسكندرون، ماردين، ديار بكر، كلّها سُلخت عن سورية وأُلحقت بتركيا وعُرفت باللواء السليب.

احتلّت «إسرائيل» وبدّلت طبيعة الأرض وغيّرت سكّانها، ولكي تتمّ لها السيطرة وتعمل بهدوء، شنّت حروباً وقائيّة وألهت حكوماتنا بآثارها وأعطتها قضيّة تشغلها وانصرفت هي لتعميق سيطرتها على المناطق التي احتلّتها بعد أن أتمّت دولتها، ففي البداية احتلّت سيناء وجعلتها قضيّة مصر الأولى، واحتلّت جنوب لبنان وجعلته قضية لبنان الأولى، واحتلّت الجولان وجعلته قضية الشام الأولى.. وزّعت اهتماماتنا، وبكلّ هدوء ضاعت المسألة الأولى بفعل عوامل كثيرة أخرى أهمّها، أهلها حماتها، الذين تناثروا فرقاً وتشرذموا بكلّ اتجاه إلّا اتجاه العمل الموحّد المنتج. وكما يقول المثل: «أسمع جعجعة ولا أرى طحناً» هل هكذا نستعيد فلسطين؟

حكوماتنا تطمر رأسها بالرمال وتنام على حرير الوعود مطيعة كلّ رغبة من رغبات الدول، أسوأ ممّن سبقتها، فإذا كانت إيران ضمّت أجزاء من بلادنا فيكون بيننا وبينها مشكلة حدود، أمّا «إسرائيل» فبيننا وبينها عداوة وجود، إمّا هي وإمّا نحن…

فماذا أعددنا لكي نبقى نحن، لنعدّد: لم نستعدّ ثقافياً. لم نتهيّأ اقتصادياً ولا عسكرياً. لم يكن لنا موقف سياسي واضح.

1 ـ ثقافياً: كافّة مناهج التدريس تتحدّث عن فلسطين كما تتحدّث عن الفلبين، كلّ ما ذكرته عن اعتداءات حصلت على بلادنا وعن أجزاء سُلخت تمرّ عليها كتب التاريخ مرور الكرام، وطمست الأمور أكثر بعد أن أصبح تدريس التاريخ خاضعاً لمراقبة وتوجيه وإرادة أميركا و«إسرائيل». المذابح التي تعرّض لها شعبنا نذكرها من دون تفاصيلها، هذا إذا ذكرناها.

واليوم، لا زال هناك خلاف في المناهج حول كيفية وطريقة تدريس موضوع فلسطين في التدريس اللبناني.

لماذا لا نخصّص يوماً قومياً في كلّ أرجاء الأمّة والعالم العربي، نحيي فيه ذكرى مذبحة دير ياسين وسواها، ونضع أمام العالم صور الإرهاب الحقيقي الذي يمنح أصحابه الحماية والرعاية.

2 ـ اقتصادياً: لا توجد بُنى اقتصادية تنمويّة، اقتصادنا استهلاكي، صناعتنا لسدّ الاحتياجات الذاتية فقط، ليست لدينا صناعات استراتيجية تنموية أو تعبوية، بترولنا ماذا أفاد أمّتنا والتخلف والفقر والجوع يطرق أبوابها حتى في الدول النفطيّة؟

حتى في لبنان، نسمع عن وجود النفط في بحرنا وداخل شواطئنا، وأذكر أنّ هذا الموضوع يُبحث منذ العام 1973، وفي الفترة التي كان فيها توفيق عسّاف وزيراً للاقتصاد والنفط، وقد اهتمّ كثيراً لمعرفة ما يمكن أن تختزنه المياه اللبنانية من ثروات دفينة تنقذ لبنان وأجياله من الديون والأعباء المالية. أتذكّر هذا اليوم، والحديث عن الثروة النفطية في المياه اللبنانية لا يزال في مكانه ضمن الملفات والدراسات والحكي الفاضي!

منذ ذلك التاريخ اهتمّ توفيق عسّاف بملف النفط، وكلّف المهندس غسان قانصوه بمتابعته وقدّم له المهندس قانصوه تقريراً في 19/1/1974، قال فيه:

«بناءً لرغبتكم، قمت بدرس العرضين المقدّمين من قِبل شركة البترول الفرنسية وشركة أجيب الإيطالية للبحث والتنقيب عن البترول في المياه اللبنانية».

وعدّد التقرير كلّ ما يتعلّق بوجود النفط وطرق استغلاله، ولا زلنا في الأمنيات حتى هذا اليوم من العام 2017.

3 ـ عسكرياً: جيوشنا يكفي سلاحها لقمع الاضطرابات الداخلية والدفاع الخارجي بشكل محدود. أمّا السلاح الفعّال الذي يؤدّي استخدامه لحفظ الوطن وصون السيادة وردّ الاعتداء، ولا سيّما في مواجهة «إسرائيل»، فممنوع الحصول عليه… وما نشتري من سلاح ثقيل تأكله الرمال لعدم استخدامه فنضطر لتجديده، ويتوالى الإنفاق لاستنزاف موارد النفط. لم نرَ ونسمع بقوّة الردع الخليجية إلّا في قمع انتفاضة البحرين وفي الحرب على اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم نسمع حتى بأيّة قوة خليجية منذ نشأت المسألة الفلسطينية حتى اليوم. وما قامت به مؤخّراً بالتزوّد بالسلاح كان بدافع استعماله ضدّ العرب الآخرين، أو ضدّ إيران وليس ضدّ «إسرائيل»، ولملء الخزانة الأميركية وشراء الحماية كما جرى مؤخّراً خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية.

4 ـ سياسياً: شرذمة واختلافات، لانعدام التوجّه القومي الموحّد، ولأنّ الارتباطات الدوليّة كثيرة وأساسيّة إلزاميّة. فلذلك حدثت محاور متعدّدة الأهداف والاتجاهات القومية والوطنية، إذا ما استثنينا سورية والعراق ولبنان بحكم عمق الإيمان الشعبي، ولا نستثني هنا التواطؤ لبعض حكّام الأردن، لذلك نجد المؤامرات تُحاك باستمرار للنَّيل من سورية وشعبها ولبنان المقاوم، والتشفّي لما يجري في العراق على يد الإرهابيّين العملاء.

انعدام اليقظة الوطنيّة وتعثّرها، ومحاولة عدد من الأنظمة إطفاء شعلتها يجعل التشاؤم سيّد الموقف، السيطرة الأجنبية الراضعة من الثدي اليهودي ممسكة بزمام الأمور تلاحق الشاردة والواردة في حياتنا وتضبط إيقاع مجتمعاتنا، فهل نريد مؤشّراً أوضح من هذا كلّه يشير إلى مستقبلنا الآن غير طريق المقاومة الذي كان بصيص الأمل الوحيد الذي جعل الضوء الخافت يستعيد شعلته، هذا النبض السليم الوحيد الذي بقي في شرايين هذه الأمّة! فالمقاومة الراسخة اليوم، والتي هي نتيجة عطاءات مستمرّة وأعمال بطوليّة مجيدة سطّرها السوريّون في الشام والعراق ولبنان، وقدّموا الشهداء حتى اكتملت مسيرة الجهاد بتكوين المقاومة الراسخة الثابتة التي تتمتّع باستراتيجيّة ميدانيّة قتاليّة، واستراتيجية أخلاقيّة محصّنة، واستراتيجيّة إيمان نقي، جعلها تحسن عملها وتتقن أداءها وتثبت أقدامها. ويا ليت قوى المقاومة.. نحن نعرف من المقاومة اللبنانية الوجوه المبشّرة الناشرة الداعية، أمّا الزنود فلا نعرفها ولا نرى أصحابها الأبطال إلّا حين يسشهدون، إنّنا نرنو إلى يوم تصبح فيه أمّتنا كلّها مقاومة… يومها فقط تكون قد عادت الأصالة واستعدنا حقّنا في الوجود.

نريد بناء ثقافة واقعية جديدة، وأن ننبذ تلك الروحيّة والعقليّة الاستسلاميّة الانهزاميّة التوكّلية التي تعكس روحاً انهزاميّة استكانيّة خانعة، وأن نبتعد عن روحيّة «من أخذ أمّي صار عمّي» أو «اليد التي لا تستطيع كسرها بوسها وادع عليها بالكسر». و«العين لا تعلو على الحاجب»، أو «العين بصيرة واليد قصيرة».

نريد للأمّة أن تستعيد حيويّتها ونضارتها، وإنهاء سيطرة العقلية المستوردة على أجيالنا، والتي شرذمتنا وجزّأتنا نفسياً قبل أن تجزّئنا جغرافياً، نفخر بأولئك الشهداء المقاومين طليعة الحياة والاستمرار والانتصارات.

نريد أن يبقى شعبنا في الشام ولبنان والأردن والعراق وفلسطين الأكثر إيماناً وصدقاً بالنسبة للمسألة الفلسطينيّة، بل نريد هذا الشعور أن يصبح عامّاً. ولكنّ للشام ولبنان والأردن والعراق قدرات محدودة بفعل العوامل السياسية المحلّية والدولية، ففي لبنان تلعب الطائفية دوراً أساسياً يحدّ من عطاءات هذا البلد السخيّ بعطائه العميق بإيمانه، والشام تتمتّع برصيد هائل من المخزون الإيماني المفتقر إلى الإمكانيّات، لا سيّما بعد أن أشغلوها بالتآمر والإرهاب والتدخّل الدولي الهدّام، ومثلها الأردن وإنْ اختلف الأمر بين الدولتين، فالحكم في الشام وعلى مرّ الزمن لم يكن ممالئاً للاستعمار، وربما كان مهادناً في بعض الظروف لأسباب سياسية، وباستثناء فترة حكم حسني الزعيم الذي حوكم وأعدم بتهمة الخيانة لأنّه وقّع اتفاقية الهدنة مع «إسرائيل» وتآمر على سعاده… عكس الحكم في الأردن. أمّا العراق، فأثخنوه جراحاً وتركوه يلعقها.

وإذا نظرنا إلى حكومات مصر في عهد الرئيس محمد حسني مبارك وقبله السادات، فإنّها ابتعدت كنصير وبقيت كعميل، وهي تتبع المثل القائل «إذا لم تستح فافعل ما تشاء».

إنّ مجابهة مخطّط «إسرائيل» المستقبلي تقتضي منهجاً جديداً في أمّتنا، من البيت والتربية العائلية، إلى المدرسة والمناهج القومية، إلى المجتمع وتنمية ثقافته الوطنيّة، إلى الدولة وحكوماتها في منهجها الاقتصادي والسياسي والعسكري، وأن يسود لدى حكوماتنا شعار واحد «الحياة وقفة عزّ فقط»، فإذا وقفناها بإيمان أثبتنا أنّنا أمّة حرّة، وعندئذ فقط تكون إرادتنا هي القضاء والقدر، أو نبقى نسمع الوعود فنصدّقها، أو كالأطفال يستمعون لقصص وحكايات قبل النوم فيندمجون معها ويذهبون في سبات عميق.

وأن نتمثّل قول وتوجيه سعاده: «عوا مهمّتكم بكامل خطورتها، ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل، وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوّتها هي، فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق».

يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقّنا. وإذا تنازلنا عن حقّ العراك والصراع، تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه