شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2017-07-15
 

تحية وفاء للمعلم في عصر قيامة الأمة

هاني الحلبي - البناء

الفداء عند السوريين أقنومٌ من أقانيم الحياة، كاصطفاء الحياة فديةً من أبنائها. قانون وجوديّ لم تتعدَّه الأمم الحية في أي طور من أطوار سيرها التطوري. التضحية بالجزء لأجل الكل.

اختارته الحياة قائداً. وبقرار واعِ كامل، قرّر مؤسس النهضة القومية أنطون سعاده أن يكون الزعيم الكفيل حياة جديدة، زعامة التأسيس والبناء النهضوي، زعامة النبوغ الاستشرافي، زعامة النظام والتنظيم، زعامة الشهادة المضيئة بالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة المجددة كل حطبنا والركام في أمّة ظنّها أعداؤها أنّها انقرضت وبادت إلى الأبد.

يصبح الفداء واجباً، إن كان الفرد – الجزء معبّراً عما في المجتمع – الكلّ من سموّ وعظمة وعزم ونبل واقتدار.. يكاد يكون هو الكلّ بالقوة، فهو الهادي الأمة والناس، ليكون الكلّ كجوهره قدوةً بالفعل، مهتدياً بالإيمان والمبدأ.

لم يكن مؤسس النهضة السورية القومية الاجتماعية سوى هذا المعبّر الأوفى عما في جوهرنا من سمو وعظمة وعزم ونبل واقتدار.. وكم فَعَلَ هذا الاقتدارُ في حقب تاريخنا الجليّ وتجلّى حضارة وبِنىً ودولاً وأبجدية.. وكم استوحته البشرية رسالات هدىً من عقل سورية الممتاز للعالمين. دانوا بها فأصلحوا انحطاطَهم وارتقوا إلى مصافنا، فاهتدوا بحقّ، ولمّا غلبتْهم جاهليتهم وبداوتهم حطّموا الجواهر الدررّ كحصىً بيادر أتاها الرسل من حقولنا حيث يزهر التاريخ أقحوان شهداء وقصص عظمة، وتراشقوا كعجماوات بلا دين ولا دنيا، تقتل وتذبح، باسم ربّ عالمين. هو منهم براء.

سورية الشمس. سورية النور. الأمة الإلهة التي تكالب عليها مسوخ العصور، في كل عصر ودور، ليخنقوا نورها. استطاعوا كَتْمَهُ ردحاً من زمن لمّا كانت لهم غالبية كافية، لكن النور انبعث في قلوب غزاتها معظمهم، فحملوه وارتقوا بشراً يهتدون ويهدون.

عادت المسوخ، أيّها الفادي، تستدعيك من صليبك. وأنت لمّا تزل تزهر جراحك قوافل مقبلين على طريق الجلجلة، فكراً وجهاداً دعوتهم إليه لإنقاذ شرف الأمة وحيدين، فكانوا فرقة الزوبعة في فلسطين وكانوا نسور الزوبعة في الشام، وما هانوا وما كانت لهم عزيمة تلين.

وها نحن لم نعد وحيدين أصبحنا جيشاً ولو تلوّنت راياتنا، ودمك الرصيد، وعقيدتنا المعجم، وقدوتك النهج، وصوتك الهادي وقامتك الزعيم..

الغدر، النميمة، الضعف، القعود، النقمة، الشكوى، التشتت، الاضطراب، البلبلة… آفات تصيب الأفراد، فيتذرّعون حيناً بحرّ صيف وحيناً آخر بصقيع شتاء، و«اذهبا أنت وأمتك وقاتلا، إنّا هاهنا قاعدون!».

الكل مسؤول عن أن يحفظ الجهود القومية من تشتيتها، لتبقى بزخمها الفاعل المؤثر الكافي للانتصار. وإذ كان بعضنا يعتدّ بكثرتنا عشرات الملايين، في سورية، ومئات الملايين، في العالم العربي، وقلة جماهير الأعداء، اليهود بخاصة لكن ها نحن كثرة وقلوبنا شتى، تتنازع ريحَنا نوازعُ شتى، فضلاً عن أن أعداءنا تكاثروا وتناسلوا مسوخاً جديدة من أقاصي الأرض أتت إلينا لتفتك في الرقاب وتأكل الأكباد والقلوب!

والتزاماً بقَسَمك، أن نبني سمواً وأن نحفظ أمتنا مجتمعاً إنساناً واحداً، شخصاً واحداً، أن نكون كلّنا يوم فلسطين ويوم الشام ويوم لبنان ويوم العراق ويوم الأردن ويوم الكويت، ويوم قبرص، هكذا نحن، وهكذا سنكون!

المؤمنون يقصدون كل حين قوافلَ بطولة وبيارقَ نور، حجيجَ وعي يتنامى. حجيجنا ليس طقساً سنوياً يفرغ من روح الحياة. فأنت الزعيم الذي إذ بارك الترابَ جسداً، انبثّ في قلوب حزبه السوري القومي الاجتماعي ومقاومي الأمة وشرفائها، على تباين ألوان طيفهم الجميل، «عزماً لا يلين فوق آماد المنون»!

نحن، أمتك الناهضة من أشلائك، القائمة من صناديق الكيانات والأوهام إليك، حزبك البديع نظامه والحضور، هكذا كنّا، وهكذا سنكون، ويدوّي هتافُ رجاله ونسائه في مدن هذه الأمة وقراها، في كيانات هذه الأمة ودولها، بين مقيميها وبين المغتربين عن أرضها، المزروعين في وجدانها أينما كانوا: إننا هنا باقون، نهضة تهزّ القرون!


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه