إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ما قبل وما بعد وقف إطلاق النار... إعادة الإعمار سلاح حرب سورية المقبلة

سعد الله الخليل - البناء

نسخة للطباعة 2018-03-02

إقرأ ايضاً


على هامش منتدى الأعمال الروسي السوري في موسكو اعتبر رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية سيرغي كاتيرين، بأنّ تكلفة إعادة إعمار سورية تقدّر بما يعادل نصف تريليون دولار، ملمّحاً إلى الدور الروسي في مشاريع مستقبل سورية، بمنح الأولوية للشركات الروسية كخيار حكومي سوري.

ليست المرة الأولى التي تصدر إحصائيات ودراسات عن إعادة إعمار ما دمّرته سنوات الحرب من مقوّمات الحياة الرئيسية والبنى التحتية على امتداد الجغرافيا السورية، ولم تأت التصريحات الروسية بجديد عن الدور الروسي والإيراني في إعادة الإعمار في سورية، وهو دور أعلنته القيادة السورية في أكثر من مناسبة عن الرؤية السورية لإعادة الإعمار كمشروع وطني شامل ينفض غبار الحرب عن سورية المنتصرة بجهود سورية وحلفائها.

يدرك أعداء سورية قبل حلفائها بأنّ إعادة الإعمار ميدان الحرب القادمة في سورية ما بعد الحرب العسكرية، على أكثر من مسار سياسياً واقتصادياً واجتماعياً أيضاً، فمنذ إعلان البنك الدولي بأنّ كلفة إعادة إعمار سورية تتطلب 180 مليار دولار عام 2016، بالتزامن مع تزايد القناعة الدولية باستحالة كسر سورية عسكرياً وكسب المعركة على الأرض، بمواجهة محور المقاومة بدا واضحاً بأن صناديق إعادة الإعمار، ستسعى لتشكيل نظام سياسي في سورية للضغط على دمشق، عبر اقتراح مخططات ملتوية لسبل قيام الغرب بإعادة بناء سورية، أو تأمين الدعم المادي لإعادة الإعمار مقابل تنازلات سياسية والتلويح بوقف تمويل مشاريع إعادة بناء سورية في حال رفض العروض السياسية، ولأجل هذه المهمة زار وفد البنك الدولي دمشق عام 2013 برئاسة عبد الله الدردري قائد السياسات الاقتصادية ما قبل الأزمة لتقديم عرض البنك الدولي والذي رفضته القيادة السورية.

لاحقاً أصدر اجتماع ما سمّي الجهات الفاعلة في الأزمة السورية والتي ضمّت المملكة السعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تقريراً بأنّ «دعم إنعاش سورية وعملية إعادة الإعمار يتوقف على عملية سياسية ذات مصداقية، من شأنها أن تؤدّي إلى انتقال سياسي حقيقي بدعم من غالبية الشعب السوري»، حينها قال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون «نملك ورقة رابحة نستطيع اللعب بها لإخضاع أياد ممدودة تتمثل في المال الذي يمكن أن نقدّمه لعملية إعادة إعمار سورية».

الرؤية الواضحة لملف إعادة إعمار سورية لدى أعداء سورية تجعل من الملف الورقة الأخيرة في السعي للسيطرة على سورية، وهو ما يدفع سورية وحلفاءها لحرقها على أوّل طاولة مفاوضات قبل التلويح بها في أيّ محفل سياسي، يفتح الباب أمام تحقيق مكاسب لدول عجزت عن تحقيقها في السياسة والحرب، خاصة أنّ دولاً غربية تعد محمياتها في المنطقة بالحصول على حصتها من كعكة إعادة إعمار سورية، وخير مثال على هذا التوجه، الوعود التي أغدقها المدير الاقليمي للبنك الدولي ساروج كومار على الأردن وإغرائه بقدرته على لعب دور في إعادة إعمار سورية، وإعادة تغطية الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي حلّت به جراء الحرب في سورية، حيث سيدعم البنك الأردن في سعيه لزيادة معدلات النمو الاقتصادي والتي من شأنها أن تخلق فرص عمل للأردنيين بغية تحقيق نمو اقتصادي شامل يصل عام 2025 إلى حوالى 8 .

ما يُرسَم لإعادة الإعمار لا يقلّ أهمية عما يقابله في السياسة وعلى الأرض ترجم سجال في مجلس الأمن فبعد أخذ ورد ومداولات لم تعد مستغربة عن كلّ ما يتعلق بالشأن السوري، تبنى المجلس قرار الهدنة على الأرض السورية ولثلاثين يوماً على الأقلّ، وكما هو متوقع شهدت جلسة المجلس سجالاً عنيفاً كانعكاس لمواقف الدول في السياسة والتجاذبات والخلافات بما يتعلق بالحرب على سورية، لتعكس النبرة العالية لممثلي الدول الأعضاء حقيقة مواقف تلك الدول وليبدو القرار التوافقي مستغرباً مقارنة مع حدة السجال، حيث بدا واضحاً منذ طرح مشروع القرار على مجلس الأمن قبل أيام، بأنّ الغاية من الطرح الذهاب لمنصة جديدة لإحراج الحكومة السورية وروسيا لوقف مسار العمل العسكري في ريف دمشق، وإيجاد فرصة مواتية للقوات التركية في الشمال السوري لالتقاط الأنفاس تحضيراً لجولة جديدة من العمل العسكري في عفرين، تتوافق مع معطيات دخول القوات الشعبية المدينة لمواجهة العدوان التركي.

هي فرصة لاختبار إنسانية روسيا ودمشق لإنهاء معاناة المدنيين قالتها المندوبة الأميركية قبل طرح مشروع القرار وتعديلاته للتصويت، دون أدنى اهتمام لمعاناة المدنيين في دمشق وعفرين وحماة الذين يتلقون كلّ يوم عشرات القذائف، حيث تسقط الإنسانية أمام اعتبارات السياسة لتمارس لعبتها القذرة في المحافل الدولية.

تدرك موسكو بأنّ الفصائل الإرهابية لن تنتظر تصدير الاتفاق على الإعلام لخرقه، وأنها أضعف من أن تعلن فك ارتباطها بجبهة النصرة وداعش وتنظيم القاعدة، فالأكثر اعتدالاً في تلك التنظيمات مرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين العاجز فكرياً عن التبرّؤ من القاعدة، وعلى الأرض لا يقوى أيّ فصيل على محاربة التنظيمات القاعدية، فالمعركة مع النصرة لا تحتمل أياماً لتأكل القاعدة تلك التنظيمات، وبناء عليه ذهبت موسكو ودمشق للموافقة على القرار مع التهديد بالردّ على أوّل قذيفة، واتهام واشنطن بعرقلة المسار السياسي لدعم الإرهابيين، كما نجح القرار الأممي بوضع قاعدة أممية لشرعنة مسار أستانة بقرار من مجلس الأمن، وهو ما يُعدّ مكسباً لسورية ودفعاً لجهود مسار أستانةالرامية لوضع قواعد الاشتباك العسكري على الأرض السورية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024