إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

انطون سعادة... ويفتقد البدر

نجيب نصير

نسخة للطباعة 2006-07-11

إقرأ ايضاً


صحيح ان كل مفكري هذه الامة قد تم تطنيشهم وادارة الظهور لهم، وصحيح انه مع استذكارهم تزداد فجوة نسيانهم، ولكنهم لما يزالون يبعثون فينا الالم بدلا عن الامل، فما قالوه في غابر الازمان (وكان يجب الاخذ به والبناء عليه) يشكل اليوم عصب ازمتنا وخيبتنا وهزيمتنا.


صحيح انه مر على هذه الامة عباقرة ومخلصون، ولكنهم تحولوا الى سطر في كتاب عابر وكأن علينا اعادة الزمن الى الوراء لاستعادة مشاعر الفخر لأنهم عبروا زمان هذه الامة، وقالوا ما قالوه تعبيرا عن جوهرنا الذي ضاع منا ولا نستطيع للبحث عنه سبيلا.


لم يلق مفكر من الاهمال او الاتهام كما لقي انطون سعادة، فهذا الرجل الذي تعامل مع المستقبل تم نسفه من جذوره ( ولا اقصد هنا حادثة اعدامه/الغاؤه) عبر حرب مستمرة جاوزت النصف قرن ولم تنته.


لم يقرأ انطون سعادة، ولم تتح لأفكاره الطرح والمناقشة، بل خون من اولها ولما يزل مطاردا حتى يومنا بلا هوادة او تفكر، تحت شعارات الرجعية والاقليمية واليمينية، دون ان يكلف احد نفسه بمعرفة ماذا اراد والى اين يتجه، فقط شعارات مضادة تخرج من تحت الابط لتقول انه رجعي واقليمي ويميني، ومع ان كل هذه الالفاظ الغوغائية لا يعرفها احد ولم يجربها أحد ، فقط شعارات للغوغاء يطلقها رعاة الغوغاء والغوغائية.


والان وبعد 57 عاما على الغاؤه نعاني من نفس الامراض التي شخصها وسعى الى مقاومتها ولما يزل الرجل رجعيا واقليميا ويمينيا .... وماذا بعد ... لا شيىء .... ها قد اخذت التقدمية ثأرها ولم تنته الى الان من مطاردته ووأده حتى لو كان الثمن القتل على الهوية او الهزيمة في اي ميدان، او الهوان في اية مواجهة.


وحتى الفناء يعتبر ثمنا ضئيلا مقابل قتل هذا الرجل، والا كيف نعيش بلا طائفية او قبلية او تقدمية تراثية؟ حتما سوف نموت، لأن العيش بكرامة التخلف أرقى بكثير من العيش تحت رحمة استحقاقات التقدم والحضور في العصر. الفرصة ليست بحضور الرجل او غيابه بل انها في التعامل مع انتاجه الذي علاه النسيان والاحتفالات .


عن سورية الغد


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024