إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى من يهمه الأمر .. هل وصلت رسائل الرئيس الأسد ؟ .

أمجد إسماعيل الآغا

نسخة للطباعة 2018-08-20

إقرأ ايضاً


هنا دمشق ...

مع بداية ما سُمي بـ " ثورات الربيع العربي " ، كان عرابو هذه الثورات يتوقعون سقوطاً مدوياً لدمشق ، شأنها في ذلك شأن باقي العواصم العربية ، و التي أُريد لها أن تكون ضمن خارطة بَشرت بها كونداليزا رايس ، عبر ما سمي بالشرق الأوسط الجديد ، و مع تطور الأحداث في المنطقة ، سعت واشنطن و أدواتها إلى إبعاد سورية عن محورها المقاوم ، لتحجيم دورها الإقليمي المؤثر ، كان ذلك عبر التأسيس لنواة إرهابية لضرب الدولة السورية من الداخل ، لكن القيادة السياسية في سوريا تمكنت و عبر استراتيجية معقدة من استيعاب الصدمات المتكررة و المتلاحقة ، و التي كانت ترجمة لخطة أمريكية اسرائيلية خليجية ،حيث أن تكتيك المرحلة التي عصفت بالشرق الاوسط ، دفعت بالقيادة السورية إلى اعتماد أساليب تتناسب و طبيعة الهجمة الاستعمارية التي تعرضت لها سورية ، و هذا حقيقة ما أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد في أولى تصريحاته مع بداية التطورات في سورية ، حين وصف ما تتعرض له الدولة السورية بالمؤامرة الكونية التي تستهدف سورية و محور المقاومة كاملا ، فالعنوان كان واضحا ، و عليه لابد من اعتماد استراتيجية للتعاطي مع ما يتم التحضير له في أروقة أعتى أجهزة المخابرات في العالم ، و بهذا تمكنت سورية قيادة و جيشا من تحجيم الأخطار المحدقة بالدور السوري المقاوم ، عبر قراءة التطورات بعين استراتيجية و العمل على تفكيك شيفرات هذه الحرب السياسية و الميدانية ، لتكون بذلك أولى رسائل الأسد إلى دول العدوان ، فقد تم احتواء الهجمة الإرهابية الأولى ، و بلا شك سيكون لها ارتدادات سيتم أيضا احتواءها .

" الدور الإقليمي للدولة السورية أقوى .. الدلائل "

للوهلة الأولى و نتيجة ما تعرضت له سوريا سياسيا و ميدانيا ، يبدو أنه من الصعب تصور ان يكون للدولة السورية اي بُعدٍ إقليمي مؤثر بعد هذه الحرب التي فُرضت عليها ، لكن من الواضح أن هذه الحرب باتت في خواتيمها العسكرية ، خاصة أن الدولة السورية و حلفاؤها باتت في أيديهم مفاتيح الجبهات عسكريا ، و المفترض أن واشنطن سعت منذ بداية هذه الحرب إلى تقسيم سوريا على أسس قومية و طائفية بما يتناسب مع خططها الاستراتيجية ، لكن ما حصل لاحقا لم يكن في حسابات الإدارة الأمريكية خاصة مع المنجزات العسكرية الاستراتيجية التي فرضها الجيش السوري ، و بهذه المنجزات سيكون للدولة السورية تحديد الوقائع و المعطيات و رسم الخطوط العريضة لكافة الأدوار في الشرق الأوسط ، لتعود بذلك واشنطن و أدواتها إلى دفاتر الحسابات الاستراتيجية ، و التعاطي بواقعية أكبر مع حجم الانتصار السوري ، بل أكثر من ذلك ، تحاول الآن هذه الدول إلى البحث عن مخرج لها في سورية ، بل و البحث أيضا عن قنوات تواصل مع الحكومة السورية ، من السعودية إلى قطر مرورا بالأردن لنصل إلى دولة الكيان الاسرائيلي ، فقد حاولت كل هذه الدول إرسال إشارات إلى دمشق ، ترغب من خلالها بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العام 2011 ، لكن الرئيس الأسد و من خلال رؤيته السياسية للمعطيات و الوقائع ، جعل من دمشق قادرة على أداء دور إقليمي مؤثر و متعاظم ، في مقابل فشل استراتيجي للدول الإقليمية صاحبة العدوان على سورية .

" لم تنتهي الحرب .. لكن مفاعيلها السياسية و الميدانية انتهت "

معادلات الميدان بمجملها باتت محسومة النتائج لصالح الجيش السوري ، و هذا ما تدركه واشنطن جيدا ، من هنا بات لزاما على الادارة الامريكية التغيير من خططها لمواجهة مفاعيل الانتصار السوري في الميدان ، و محاولة تعطيل الأثار و التداعيات الناجمة عن كسر خطط واشنطن و تجاوز خطوطها الحمراء ، و أنجع طريق لاحتواء الانتصار السوري هو إطالة أمد التواجد الامريكي في سوريا ، و بالتالي الاستمرار في ايجاد الذرائع التي من شأنها فرض واقع سياسي يتناسب مع التطورات الاقليمية و الدولية ، و بمعنى أخر تسعى واشنطن إلى عدم الخروج من سوريا خالية الوفاض ، لكن في مقابل الطموح الأمريكي فإن للرئيس الأسد قول أخر و رؤية سياسية تقوض الخطط الامريكية الجديدة ، و عليه فإن فكرة المقاومة الحاضرة دوما في لقاءات و خطابات الاسد تنطلق من قراءة الاخر و التعقل في مواجهته ، فإثارة الفوضى في سوريا و المنطقة التي تريدها واشنطن من خلال إعادة خلط الأوراق سياسيا ، جاءت بعد الانتصارات العسكرية التي حققتها رؤية الاسد في التعامل باستراتيجية محكمة مع تطورات الميدان ، فالأسد يعلم تماما أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في المنطقة وُضعت بعد حرب العراق ، هذه الاستراتيجية التي تعتمد على إشغال عدو واشنطن في أكثر من ملف و بذات التوقيت ، لكن و من الناحية العملية فقد بدأت واشنطن تفعيل هذه الخطة بعد فشل سياساتهم في المنطقة و في سوريا تحديدا ، و بالتالي فكرة تواجد الأمريكي في سوريا هي تطبيق واقعي لهذه الاستراتيجية ، لكن الدولة السورية و قائدها يملكون الكثير من أوراق القوة بما يكفي لإخافة الإدارة الأمريكية و أدواتها و إدخال الرعب إلى قلوبهم ، فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا حتى أخلاق حيثما تحل واشنطن و يحل إرهابها .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024