شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-12-19 |
بوريس جونسون وتزايد الهواجس الأوروبية والعربية |
ضمن تعقيدات المشهد الأوروبي، وتداعيات الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالقارة العجوز، جراء الإجراءات والسياسات الأميركية، التي يقودها ترامب، ومع تزايد الضغوط على حوامل الطاقة، جاء فوز بوريس جونسون عن حزب المحافظين، ليكون بمثابة صفعة لأوروبا، خاصة عندما تأتي التهنئة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ جونسون عبر تغريدة، ليقول “مبروك لبوريس جونسون على فوزه العظيم، سنقوم معاً بكلّ حرية لإبرام صفقة تجارية ضخمة بعد بريكست، هذه الصفقة أكبر بكثير وأكثر ربحية من أيّ صفقة”. ما يعني بمنطق الصفقات السياسية، أنّ هذه فرصة للولايات المتحدة وبريطانيا للاقتراب أكثر من الناحية الاقتصادية، خاصة أنّ ترامب عرض مراراً تسريع صفقة تجارية مع مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، وترامب كما هو معروف ليس من المعجبين بالاتحاد. وهذا ما لا يُريده حُكام القارة العجوز. تداعيات فوز جونسون يمكن فقط قراءتها بالحسابات الأميركية، وإسقاط هذا التحالف بين ترامب وجونسون، على ملفات “الشرق الأوسط”. حيث أنّ فوز جونسون سيرفع من معنويات ترامب قبيل انطلاق انتخابات 2020، ما يعني أنّ هذه فرصة لفوز ترامب بولاية جديدة، على الرغم من الملفات الساخنة التي تلاحقه، فبالإضافة إلى مسألة التجارة وبريكست، فإنّ نتيجة الانتخابات في بريطانيا هي أيضاً جرس إنذار للتقدميين الأميركيين. وترامب، الذي لا يحظى بشعبية ويواجه المساءلة، وقد يستمتع بفوز جونسون على خلفية حملة شعبية مؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي تشدّد على المشاعر القومية. المقاربة التي نبني عليها، تنطلق من أنّ حزب العمال البريطاني الذي يقوده جيرمي كوربين، وهو المعروف بتبنيه للسياسات الداعمة للفلسطينيين والقضايا العربية عموماً، في المقابل فإنّ حزب المحافظين برئاسة جونسون، والمعروف بإساءته للأقليات والمسلمين، وبتبنّيه مواقف حادة جدا تجاه القضايا العربية، قد حقق انتصاراً ساحقاً على كوربين، الأمر الذي يمكن وصفه بالزلزال السياسي أوروبياً، وعلى صعيد “الشرق الأوسط”. ما يعزز هذه الرؤية، أنّ اسرائيل سارعت إلى الترحيب بفوز جونسون، واعتبار ذلك نقطة تحوّل في قضية معاداة السامية، في وقت بات من الواضح أنّ ترامب يُركز بموجبه، على المساوة بين معاداة السامية وانتقاد “إسرائيل”. هذا الربط يقودنا مباشرة إلى تغيّر في المشهد السياسي الأوروبي، فضلاً عن القراءات العامة لمشاهد “الشرق الأوسط”، فوصول جونسون إلى زعامة الحكومة البريطانية، سيكون له تداعيات جمّة على المنطقة، كما أنّ ترامب ونتنياهو سيقومان باستغلال هذا الفوز على صعيد “الشرق الأوسط”. وقد لا تكون سياسيات جونسون تركز على المنطقة العربية ومشاكلها، إلا أنّ فوزه سيُعطى دافعاً قوياً لجهة تمرير العديد من القضايا المصيرية في المنطقة. في جانب آخر، فإنّ جونسون سيركز خلال الفترة القادمة، على التداعيات السياسية والاقتصادية لمسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإنّ السياسيات الخارجية لبريطانيا لن تركز على “الشرق الأوسط”، لن تكون المنطقة العربية بمجملها، مركز أولويات جونسون، كما يفترض أن يتأثر انتظام بريطانيا ضمن أجندة السياسات الخارجية الأميركية بأوضاع ترامب نفسه، وبوضعيته بعد خروجه من إجراءات عزله ومحاكمته بتهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.في النتيجة، يمكننا القول إنّ وصول جونسون إلى زعامة الحكومة، سيكون له الحق في التعبير صراحة عن سياساته الداخلية والخارجية، وبصرف النظر عن تاريخه الأسود وتصريحاته العنصرية ضدّ العرب والمسلمين، لكن سيكون أمامه مثال ترامب حاضراً وبقوة، فالأخير يواجه احتمالية عزله، فضلاً عن تأطير سياساته الخارجية، وبالتالي فإنّ كرسي رئيس الوزراء يبدو أنه سيكون محكوماً بمصير بريطانيا، وقدرته على تحقيق توازنات أوروبية، دون ذلك، وإذا اعتمد على سياسات حمقاء، فإنّ ذلك سيُنهي مستقبله السياسي، مع الأخذ بعين الاعتبار، أنّ مشهد “الشرق الاوسط” أيضاً سيكون ضمن البؤر الساخنة، والتي ستطال الجميع. |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |