إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حيتان على اليابسة

شريف سيفو

نسخة للطباعة 2005-05-25

فــي دمــي نســغ دُفلــى ومشكاة زيتٍ
وبعض فتيلٍ تجمَّرْ ...
جذوة نار برغم الحصار تشاكسُ
ريحَ الطغاةِ العفَنْ...
والمساحات في القلب تواقــةٌ لاحتضانِ
بقايا وطنْ ...!!
آه يا خمرة الكأس رُمتُكِ ســُكراً
فأيقظتني صحوةً قاتلــهْ..!!
حين رأرأتُ بعدَ ارتشافكِ لمْ ألقَ
غير الكفنْ ...!!
أغشمَ الصبحُ في العينِ طالت أظافرُ
ليل الوطنْ .....
يا الملوك ارحموا هذه الأرضَ ، كُفُّوا
عن الزرع والضرع حرقاً .. فســاداً
فأنتم قوارض هذا ... الزمن .....


* * *


قامةٌ من لهبْ ...
جذرها في الثرى صخرةٌ عاشقهْ...
رأسها مقصدُ النسر ملَّ انخفاضَ الذرا ،
ما انحنتْ للأعاصير عصرَ التعبْ...
قامةٌ عذَّبتْ في المحيطات حيتانها
فاستشاظتْ غضبْ ...!!
ها هو المدُّ والجزْرُ يهدأُ في البحرِ،
تخرج حيتانه تحت جنح الظلام وتنسلُّ
شبراً فشبراً فتبني عروشاً
على اليابســــهْ ...!!
يستوي كلُّ حوتٍ على عرشــهِ
ظافــراً باللقبْ ...
صلوات الدجاجات في الأرض موهوبةٌ
للإله الأحدْ...
بانتظار القوانين ، توزيع قمح البلدْ ...
البشاراتُ هلَّتْ ، قوانينُ تُتْرى إذا
رُمتَ عدّاً يتوهُ العددْ ...!!
آنَ وقتُ المطرْ ...
أوَّلُ الغيث كان ازديادَ أجور الدجاجِ ،
فعشرونَ حبَّةَ قمحِ لكلِّ سمينِ شقيٍّ
وخمسُ حبيبات قمحٍ لكل هزيلٍ يعاني البطرْ ... !!
مُضحكٌ في الحواكير شرْعُ النِّسبْ..!!
قطرةٌ ثانيهْ ...
بل رهامٌ يبلّلُ أعينَ كلِّ الجياعْ...
لامتطاءِ الحناتيرِ رسمٌ يعادل أضعافَ
رسم امتطاء البواخر والطائراتْ ...!
يا زمانَ الأعاجيب يعجبُ منكَ العجبْ ..!!
لمْ تعدْ قامتي من لهبْ ...
أنهكتها القراراتُ ، أمستْ هشيماً
من القشِّ لا يرتقي شأنَ
عود القصبْ ...!!


* * *


برهةٌ من صقيعٍ وتشعلُ ثلجَ المكانِ
رحى الجلجلهْ ...
ذاتَ صبحٍ غشيم الملامحِ جلجلَ صوت المذيعِ
المدلَّلِ ... بشرى نزفُّ إلى أهلِ
هذي البلادْ ....
البياضُ من الآن يدعى سوادْ ..!!
خيرُ ما في الجنائزِ لونُ السوادْ ...
لم تعودوا عباداً كما اللهُ ناداكمُ أوَّلَ
الخلقِ ... في عهدِ عصرنةِ العصرِ أنتمْ
بلغتمْ رقيَّ العبيدْ ...!!
ليس بعد التحضُّرِ تنفعُ في الناسِ
رجعيَّةُ التسمياتْ .....
المواخيرُ تُهدى لكمْ واحةً للضياعِ .. اشربوا
الخمرَ منذُ الطفولةِ ، غيبوا عن الوعي ،
كفوا عن الثدي .. لا تقربوا الأمهاتْ ...
انتهى نصُّ هذا البيانْ .....!!
دهشةٌ في عيون المواتِ ، حرائقُ تلفحُ
وجهَ المكانِ ... ودون اعتلاءٍ لصوتٍ
يتمتمُ فوهٌ بغير لسانْ ...
" أولُ الرقصِ يا وطني ... حَنجَلَهْ " ..!
فغداً بعدَ نَصبِ الخوازيقِ نرجوا حُنُوَّ
المشانقِ ، شمَّ عبير دمِ المقصلهْ ...
ربما يهربُ الموتُ من مُشتَهيهِ ابتعاداً
عن الشرِّ في زحمةِ الجلجَلَهْ ...!!!
وطني ... رامَ مَنْ رامَ حُبُّ الثرى
مقتلَهْ ...!!!


* * *


ليلةٌ منْ بَرَدْ .....
كانت الريحُ تحجبُ صوتَ استغاثاتِ
ذاكَ الولدْ ...!!
يهربُ الجمرُ من موقد النارِ ، يُعلنُ عُرسَ
رمادِ البلدْ ..!!!
يا أبي ... أنا منْ كان يوم ارتداءِ
السواد الولدْ ...!!
لمْ أكنْ خائناً يا أبي .. أستميحُكَ عذراً
إذا كنتُ أتعبتُ عينيكَ بالدمعِ ليلةَ كانتْ
نعالُ الجنود تحطمُ رأسي وتهرسُ عظمي
لأني أطالبُ للجائعينَ بكسرة خبزٍ ...
لأني رفضتُ انحناءَ ورود الحدائق للقاطفينَ ...
لأني أحبُّ ثرى وطني قَدرَ حقد الجناةِ عليهِ
وليسَ لأني حرقتُ العَلمْ ... !!!
لا .. ولا قايضَ القلبُ والروحُ منّي تراب البلاد بكلِّ الذهبْ ...
لمْ أبعْ ثديَ أمي بنهدٍ ...
وحُفرةَ قبري بنجمٍ .. وحبرَ دواتي بخمرٍ ..
وما اعتدتُ ضعفاً أمام جنون الثمنْ ...
كلَّما همَّ سيفٌ بقطع الرقابِ امتشقتُ القلمْ ...
تُهمتي يا أبي أنني ما ركَعتُ لغيرِ
الإلهِ الصمدْ ...!!!
لا تلمني إذا كنتُ نسراً يرومُ ارتيادَ
رؤوس القممْ ....
كفكفِ الدمعَ آنَ ارتحالُ جحيم الألمْ ...
ها هي الريحُ تقتلُ صمتَ الزنازينِ ،
تُعلنُ عنْ حفلةٍ راقصهْ ..!!
قادمٌ أنتَ يا مؤنسَ القاطنينَ الجُدُدْ ...
أَسمعُ الآن وقعَ الخُطا ...
كلُّ قلبٍ هنا اشتاقَ نعشَ الرحيلِ ،
استعدَّ لعرسِ النزيفِ الجسدْ ...!!
يا ضواري السجونِ .. مَدَدْ ...!!!


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024