إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

التربية والتعليم والعنف المدرسي

د. إيلين دمعة صعب

نسخة للطباعة 2005-12-05

التربية والتعليم والعنف، ثلاث كلمات تجسد طبيعة المجتمع البشري ومسيرته، كأنما الانسان مفطور على الصراع بين الخير والشر، بين السلوك المستقيم المتوازن والسلوك المنحرف العنيف، بين السيطرة على الذات ولجم الغرائز وبين الاسترسال للغرائز وإشباعها. غير أن الكلمتين الأوليين ـ التربة والتعليم ـ تبدوان مكملتين إحداهما للأخرى، لكن لتتعارضا مع الكلمة الثالثة: العنف، علماً ان العنف ما هو الا نتيجة لتربية وتعليم معينين. بكلام آخر العنف ترجمة وتجسيد لاخفاق التربية والتعليم. من هنا، إن كلمة عنف لم تعد تبدو غريبة او مستهجنة لورودها مع التربية والتعليم.


في مجال بحثنا هذا، لا بد من احاطته من جميع الجوانب بشكل منهجي ومنطقي. لذلك رأينا تقسيمه الى ست نقاط رئيسية:


أولاً ـ بعض تعريفات التربية ومفاهيمها عبر التاريخ.


ثانياً ـ هل يمكن الفصل بين التربية والتعليم؟


ثالثاً ـ التربية العائلية: وظائفها وعلاقتها بالسلوك المتوازن والسلوك العنيف.


رابعاً ـ التعليم المدرسي: (أ) من هو المعلم؟ ما هو دوره؟ ما هي ايديولوجيته؟ كيف ينظر الى التلميذ: هل هو غاية أم وسيلة؟ ما هي الطرق والأساليب لبناء معارف التلميذ وتنمية شخصيته بشكل متوازن بعيداً عن ردود الفعل الغريزية المتجسدة في العنف المدرسي؟ (ب) من هو التلميذ؟ ما هي طبيعته؟ ما هي أسسه النفسية من حيث حاجاته ودوافعه وغرائزه، ومن ثم من حيث خصوصيته، أي تفرده في استعداده وقدراته ونسبة ذكائه وإدراكه وذاكرته.


خامساً ـ العنف المدرسي كنتيجة لايديولوجية تربوية وطريقة تعليم معينة: (1) تعريف العنف المدرسي. (2) تحليل بعض الدراسات السوسيولوجية للعنف المدرسي من حيث: حجمه وأنواعه ونسبة حدوثه وأسبابه وارتباطها بالتربية والتعليم.


سادساً ـ الحلول وكيفية تفادي العنف المدرسي.



أولاً ـ بعض تعريفات التربية ومفاهيمها عبر التاريخ


التربية والانسان كلمتان متلازمتان. فمنذ البدء شعر الانسان بضرورة التربية تأكيداً لكيانه الاجتماعي. وكان عليه ان يصارع من أجل المحافظة على حياته وعلى استمراريتها. لذلك نرى ان جذور التربية قديمة قدم الفكر الانساني، والعملية التربوية وجدت مع وجود البشر. فقصة آدم وحواء مع بدء التكوين الانساني قصة تعليمية تربوية، وقصة قايين وهابيل مع بدء الخلق قصة تربوية تقوم على المحاكاة والتقليد، وهي أول الوسائل التعليمية. وبذلك يقوم الانسان بالعملية التربوية بواسطة التعليم بالمحاكاة متكيفاً بالتالي مع بيئته.


وهكذا فان استمرارية تفاعل الانسان مع بيئته والتغلب على المشاكل المختلفة من العوامل التي شكلت المدرسة الاولى في حياته. وتطور مفهوم التربية خلال العصور متخذاً أبعاداً مختلفة وفق الازمنة والمدارس التي انطلق منها حتى شهدنا كثيراً من التعريفات ولا بد لنا من تناول بعضها.


ففي الفكر اليوناني القديم نرى ان التعليم في رأي أرسطو (384 ـ 322) هو إعداد الفعل كما تُعَد البزار للغرس. فهي عملية تنشئة وتطبيع. أما في الفكر الاسلامي فنرى الغزالي (1095 ـ 1111) يقول إن صناعة التعليم هي أشرف الصناعات التي يستطيع ان يحترفها الانسان، وأن أهم أغراض هذه الصناعة هي الفضيلة، والتقرب إلى الله وتلك إلا العملية التربوية التي يسعى إليها الفكر الاسلامي(1).


وفي القرن الثامن عشر برزت افكار إيمانويل كانت (1724 ـ 1804) الذي يعتبر ان التربية هي التي تنمي وترقي جميع أوجه الكمال في الفرد. كما نرى مع جان جاك روسو (1712 ـ 1778) الذي يعتبر رائد التربية الحديثة يقول: "ليس على التلميذ ان يتعلم ولكن عليه ان يكتشف الحقائق بنفسه(2)" وهذا يعني ان التربية عملية ذاتية نابعة من طبيعة الانسان وبعيدة عن التلقي الميكانيكي، وعلى المربي تهيئة الفرص أمام الطفل لكن بنمو انطلاقاً من ميوله ومواهبه واهتماماته. وجاء في المعجم الفلسفي ان التربية هي إيصال الشيء الى كماله أي تنمية الفرد وتنشئته من كل الجوانب العقلية الجسمية والسلوكية حتى يمكنه العيش والتكيف مع محيطه. فال! تربية بهذا المعنى وسيلة وهدف، طريقة وغاية تبدأ مع الفرد وستمر مع الاجيال لانها عملية اجتماعية وجهد اجتماعي لاكساب الفرد التراث الاجتماعي الثقافي واعداده لتطوير مجتمعه وأمته.


ورأى العلماء الذين يشددون على فكرة التكيف ان التربية عملية تكيف لأن اساس البقاء هو التكيف، أي القدرة على الملاءمة بين الظروف الجسدية ـ النفسية وبين الظروف الخارجية. فالحياة تقوم ما دام التكيف قائماً(1).


واذا قرأنا جون ستيوارت ميل (1806 ـ 1873) لوجدنا ان التربية هي كل ما نفعله نحن من أجل أنفسنا، وكل ما يفعله الآخرون من أجلنا حين تكون الغاية تقريب انفسنا مـن كمال طبيعتنا(2). وهكذا يمتاز هذا التعريف بالتركيز على جهد الفرد في إيصال طبيعته إلى كمالها.


أما جون ديوي (1859 ـ 1952) فيعتبر ان الحياة في طبيعتها تسعى الى دوام وجودها عن طريق التجدد المستمر، والتربية مجموعة العمليات التي بها يستطيع المجتمع ان ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ على بقائه ويتجدد باستمرار(3).


كما نرى مفهوماً آخر للتربية يركز على مفهوم التغير في السلوك وعلى تطوير التربية وفق التطور التكنولوجي. ودور التربية الفعال يتمثل في إثراء الخير، كأساس لنمو نظم اجتماعية تربوية تتلاءم مع تغير النظم الثقافية(4).


وبين الأفكار المعاصرة نرى مفهوماً أو بعداً آخر للتربية حيث ان "هدف التربية مثلث الابعاد. فالتربية أولاً، يجب ان تجعل الفرد يعي امكاناته الذهنية وحالاته النفسية، وان نقدم له المعرفة اللازمة لتحقيق هذا الوعي، وان نجابهه بطرق مختلفة لتحويل امكاناته من حالة وجود بالقوة الى حالة وجود بالفعل. ثانياً، مهمة التربية ان تجعل الفرد يعرف نفسه ويعي انتماءاته. وهذا يقتضي وعياً للادوار التي قد يؤديها الفرد، وبالتالي تنميته لحس الواجب والمسؤولية الذي يفرضه تحقيق دور معين او الانتماء الى نطاق معين. ثالثاً، مهمة التربية توعية الفرد على التمييز بين غايات ووسائل لكي يعرف كيف يحقق امكاناته ويقوم بالواجبات التي تنبع من ادواره أو انتماءاته وأيضاً لكي يكتسب فهماً منفتحاً لطبيعة الغايات والوسائل فيعدلها حين يجب التعديل(5)".


هذه التعريفات والمفاهيم على تنوعها وتميزها تبرز لنا أهمية التربية التي شغلت المفكرين على مر العصور. ورغم اختلافها، فهي تلتقي حول النقاط التالية:


1. الجيل البالغ يوجه الجيل الناشئ توجيهاً مقصوداً وغير مقصود.


2. التربية عملية تكيف وتفاعل بين الانسان ومحيطه حيث يكون الفرد فاعلاً ومنفعلاً، محاولاً ان يقدم للتراث الانساني شيئاً جديداً.


3. التربية تهدف الى تطوير طاقات الفرد الجسدية والعقلية والنفسية ضمن الظروف الملائمة حتى يصل الفرد الى الكمال. كما انها عملية شاملة لها معنى واسع إذ تتم داخل الاسرة والمدرسة والمجتمع.


4. التربية عملية تحدث تغييرات مستحبة في سلوك الفرد، ونتيجة هذه العملية هي الشخصية الانسانية التي تتميز بوعيها لذاتها وقدرتها على التميز بين الغايات والوسائل.


 

ثانياً ـ هل يمكن الفصل بين التربية والتعليم


اذا كانت التربية في الفكر اليوناني القديم تعني التعليم والتعلم فان هذا المزج ميز أيضاً الفكر الحديث. فبعض العلماء جعل التعليم والتربية شيئاً واحداً والبعض الآخر وضع حدوداً فاصلة بين العملين. ومرد ذلك الى التعقيد والتداخل المعروف عن العملية التربوية والعملية التعليمية. وربما امكننا القول ان التربية عملية عامة أشمل وأوسع من عملية التعليم لانها تتجه الى القيم والسلوك وطريقة التفكير ومظاهر الشخصية. اما عملية التعليم فتتجه، كجزء من عملية التربية، الى المعرفة والتفكير دون التركيز على تربية الطفل بالمعنى الشامل. وهذا ما ورد في فكر وليم جيمس حين اعتبر التربية عملية "تنظيم القوى البشرية عند الطفل تنظيماً يضمن له حسن التصرف والتكيف في عالمه الاجتماعي والمادي... أما التعليم فمحدود بالمعرفة التي يقدمها المدرس فيحصلها التلاميذ دون عناء(1)".


وهنا لا بد من الاشارة الى ان هذا التحديد الذي يركز على اتساع التربية وتضييق التعليم خطير جداً لأن تربية الفرد على قيم اجتماعية واخلاقية معينة هي في الوقت نفسه تعليم. كما ان تعليم الفرد معلومات وحقائق معينة هو أيضاً تربية وتنمية قدرات عقلية. وتعليم الفرد لا يمكن ان يكون فارغاً من معانٍ وابعاد انسانية لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون. فهناك تعليم مدرسي أو جامعي "لعلوم انسانية تتعلق بمواقف وقيم علمية ونفسية وخلقية وجمالية ودينية. وفي رأس القيم تأتي قيمة الانسان كغاية"(1). لذلك لا يمكننا الحد أو الفصل بين التربية والتعليم. واذا نظرنا الى التعليم بهذا الشكل الجاف الفارغ من جوهره لا بد من ا! لوصول الى شخصيات منحرفة غير متوازنة متجهة الى ممارسات عنيفة، ومنها العنف المدرسي. من هنا يجب الانتباه الى عدم المبالغة أو التمادي في الكلام عن الفوارق بين التربية والتعليم والتأكيد على ضرورة انسجام التربية في الاسرة مع التربية والتعليم في المدرسة والتربية التي يؤمنها المجتمع من خلال مؤسساته.


 

ثالثاً ـ التربية العائلية: وظائفها وعلاقتها بالسلوك المتوازن والسلوك العنيف


اذا كانت التربية العائلية مسؤولة بشكل رئيسي عن شخصية الفرد وطرق تفكيره وتصرفاته الايجابية واعماله المنحرفة كالعنف وغير ذلك، فلا بد لنا من تناول وظائفها وعلاقتها بالسلوك الانساني بعد تحديد مفهوم العائلة.


لقد شكَّلت الاسرة موضوع اهتمام العديد من علماء الاجتماع والنفس التربويين. لذا نرى الكثير من التعريفات وفق خلفية المدارس التي انطلقت منها. ومن أهمها، كما ورد مع برجس ولوك، ان العائلة مجموعة من الاشخاص يرتبطون معاً برابط الزواج أو الدم أو التبني، ويعيشون تحت سقف واحـد ويتفاعلون معاً، وفقاً لادوار اجتماعية محـددة، ويحافظون على نمط ثقافي عام(2)".


لا شك أن الاسرة هي المفتاح الذي يدخلنا الى عالم الفرد وشخصيته انطلاقاً من وظائف هامة محددة تقوم بها:


1. التربية الجسدية والصحية


من أهم الوظائف الاسرية وظيفة الرعاية والاهتمام بالاولاد من الناحية الجسدية عن طريق المأكل والمشرب والغذاء الصحي الملائم لكل ولد في العائلة، وتسعى العائلة دائماً لتوفير وسائل الراحة في البيت وضمانة الاولاد من المخاطر ووقايتهم من الامراض والمحافظة على نظافتهم وعلى ممارسة العادات الصحية لا سيما وان العقل السليم في الجسم السليم.


2. التربية الاخلاقية والوجدانية


على الاهل تأمين تربية صالحة لاولادهم بإكسابهم القيم والمواقف والاتجاهات الخلقية المنسجمة مع المجتمع الذي يحيطهم. ولكنا نعلم ان الاخلاق الصالحة تأتي من النشأة الفاضلة، وهذه تأتي من الافعال الملموسة في الحياة اكثر مما تتأتى من أساليب الوعظ والارشاد. "فالاخلاق تتكون من خلال الممارسة والانخراط في مواقف الحياة حيث يكون التعامل مع الافراد والجماعات، وحيث يكون اكتساب القيم والاتجاهات والعادات ذات الاثر الايجابي البنّاء، كالتعاون والتساند الاجتماعي، وحب الخير وكره الشر، وفق ما تحدده البيئة من معايير الخلق الطيب والسلوك الحميد الذي فيه خير ضمان لسلامة كيان الفرد وكيان المجتمع(1)".


3. التربية العقلية والذهنية


اذا كان النمو الجسدي الصحي هاجساً عند الاهل فإن نمو طاقات الولد العقلية لا تقل شأناً في هذا الصدد. وتقول مارغريت ريبل، 1943: "إن حب الوالدين مطلب أساسي للنمو العقلي الطبيعي، وإن الاطفال الذين لا يحصلون على العناية الكافية والانتباه اللازم يصبحون متخلفين في عدد من الميادين(2)". ويؤكد هذه النظرة بعض علماء النفس التربويين مُعتبرين أن التغيرات في الطول أو الوزن ودرجات الذكاء وأبعاد الشخصية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظروف البيتية. وفي تحليلهم لنتائج اختبارات الذكاء وجدوا ان 50% من الذكاء يتم تحصيله في السنوات الأربع الاولى من العمر. ويعتبرون انه ما لم يتسنَّ الظروف التربوية للطفل في هذه الم! رحلة من عمره، فهو يخسر 2,5 درجة ذكاء سنوياً(3)". وكلنا نعلم ان الطفل يعيش السنوات الاربع الاولى هذه في العائلة، وهذا ما يؤكد أهمية التربية العائلية.


4. التربية الاجتماعية والوطنية


يعمل الأهل على جعل أولادهم افراداً اجتماعيين عن طريق التكيف والتفاعل الاجتماعي وتنمية العواطف الاجتماعية مع تنمية روح الانتماء والولاء للوطن بالمحافظة على التقاليد والقوانين والاعراف. وبهذا العمل تساهم العائلة في بناء المجتمع وتماسكه والمحافظة على تراثه الثقافي.


5. التربية الدينية


ان للأبوين دوراً كبيراً في تعليم الطفل وتوجيهه نحو عقيدة العائلة وتعليمه العبادات المطلوبة لتنمية إيمانه وتقريبه من الله مصداقاً للحديث النبوي: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه او يمجسانه او ينصرانه".

وهكذا يتعلم الطفل التفرقة بين الخطأ والصواب، بين الخير والشر، بين الثواب والعقاب. كما على الاهل تعليم الولد منذ طفولته كيف يعامل أبناء دينه وكيف يتعامل مع أبناء الأديان الاخرى بما يرضي عقيدته ويرضي المجتمع.


6. التربية الجنسية


التربية الجنسية ضرورة ملحة. وعلى الاهل أن يعوا أهميتها بتوعية ابنائهم في هذا النطاق. ويجب ان تكون هذه التوعية قائمة على الصراحة والصدق بعيدة عن الخداع. وهذا يذكرنا بقول المربية فيفيان جاماتي إيزامبير: "الولد الذي يفقد ثقته بأهله هو بمثابة ولد يتيم". كما أن اكتساب الحقائق العلمية وفق اعمارهم ودرجة استيعابهم مـن الاهمية بمكان. وعلى الاهل ألاّ يتهربوا مـن الاجابة على بعض الاسئلة والاّ يبالغوا فـي امور النهي او تصوير العمل الجنسي كأمر محظور (Tabou)، مركزين على اهمية الحب والتفاعل بين الزوجين الذي يبرر العلاقة الجنسية.


7. التربية الترفيهية


وظيفة العائلة في توفير الراحة والاستجمام لا تقل أهمية عن الوظائف الاخرى، لان الترفيه والراحة يؤمنان الصحة النفسية وبالتالي يساهمان في تطوير الطاقة الذهنية. وعلى الاسرة تأمين الترفيه بتوجيه ابنائها في اختيار العابهم وحثّهم على ممارسة نشاطات رياضية مختلفة ونشاطات فنية على مختلف أنواعها وفق هواياتهم ومواهبهم.


اذا كانت هذه الوظائف من أهم أولويات الاسرة، فلا بد للزوجين لكي يحققاها من أن يكونا نالا حظاً وافراً من التربية الاسرية الجيدة في حياتهما قبل ان يكوِّنا أسرتهما الجديدة. كما ان الروابط بين الوالدين تلعب دوراً مهماً في نشأة الولد. فالتعاون بين الوالدين والاتفاق بينهما والاحتفاظ بلحمة العائلة تخلق جواً هادئاً ينشأ فيه الطفل بشكل متوازن. ويرى علماء النفس الاجتماعي ان الاضطرابات العائلية والنزاعات الزوجية والمشاكسات امام الاولاد تؤثر تأثيراً عميقاً في تكوين ميول الطفل وشخصيته. كما تبيِّن معظم الدراسات انَّ العائلات المهدمة تولِّد أولاداً منحرفين نازعين الى ممارسة أعمال عنيفة. من هنا يمكننا القول ان التربية الاسرية هي الحجر الاساس الذي يُبنى عليه المجتمع. فإما ان يكون هذا الحجر صلباً ومتيناً يساهم في بناء المجتمع وصلابته وإما ان يكون هشاً يساهم في اندثاره. وقد قال كل من! برجس ولوك في كتابهما (الاسرة): "لقد نال النوع البشري حضارته بفصل الاسرة وان مستقبله يتوقف بصورة مباشرة على هذه المؤسسة أكثر من أي مؤسسة أخرى(1)".


 

رابعاً ـ التعليم المدرسي:


أ. من هو المعلم؟ ما هو دوره؟ ما هي ايديولوجيته؟ كيف ينظر الى التلميذ: هل هو غاية أم وسيلة؟ وما هي الطرق والاساليب لبناء معارف التلميذ وتنمية شخصيته بشكل متوازن بعيداً عن ردود الفعل الغريزية المتجسدة بالعنف المدرسي؟


ب. من هو التلميذ؟ ما هي طبيعته؟ وما هي أُسسه النفسية من حيث حاجاته ودوافعه وغرائزه، ومن ثم من حيث خصوصية أي تفرده في استعداده وقدراته ونسبة ذكائه وإدراكه وذاكرته.


إن المؤسسة التي تتولى التعليم هي المدرسة. وهذه تعتبر قاعدة المجتمع وأساس أعمدته كونها تعمل على تنشئة الاجيال على أسس اجتماعية وانسانية. وهي بالتالي "الأداة والآلة والمكان الذي بواسطته ينتقل الفرد من حياة التمركز حول الذات الى حياة التمركز حول الجماعة. إنها الوسيلة التي يصبح من خلالها الانسان انساناً اجتماعياً وعضواً فاعلاً في المجتمع(2)". كما ان المدرسة لا تعتبر المؤسسة القائمة فقط على بناء الانسان وإنما القائمة على الحضارة العالمية على حد تعبير أحد المربين: "هناك مؤسسات رئيسية خمس تتولى امر الحضارة، محتفظة بماضيها وصائنة حاضرها ومؤمنة مستقبلها التقدمي. وهذه المؤسسات هي: البيت والمدر! سة والدولة، ومؤسسة العمل ومؤسسة الدين(3)".


المدرسة مؤسسة مميزة عن باقي المؤسسات الاجتماعية. فهي تضم المدرسين والتلاميذ والاداريين، ولها تكوينها السياسي الذي ينعكس على عملية التعليم، ولها ثقافتها الخاصة التي تعمل في جزء منها على تكوين شخصيات التلاميذ في مراحل العمر المختلفة وتطويرهم وصهرهم في بوتقة واحدة والتواصل في ما بينهم، كما تعمل في الجزء الآخر مع المعلمين على تطوير ثقافتهم ومتابعة التطورات العلمية.


اذاً يقتضي التعليم، أولاً، التركيز على دور المعلم وأهدافه وايديولوجيته ونظرته الى مهنته والى التلميذ، وما اذا كان كلاهما غاية أم وسيلة. وثانياً، التركيز على التلميذ وأسسه النفسية.


من هنا نتساءل: من هو المعلم؟ ما هو دوره؟ وما هي فلسفته التربوية؟


"المعلم يولد ولا يصنع". هذه النظرة التربوية تشير الى التعليم كفن والى المعلم كفنان. والحقيقة ان المعلم يولد ويصنع معاً. فبالاضافة الى الموهبة، التي تجعل المعلم خلاقاً ومبتكراً لطرق فعالة للتعليم، فهناك ثقافة لا بد من اكتسابها. من مقتضيات هذه الثقافة ان يكون المعلم مطلعاً، الى جانب المادة التي يعلمها، على معارف عدة أهمها مبادئ التربية والثقافة العامة ومبادئ علم النفس وعلم الاجتماع. وعليه ان يعرف تاريخ البيئة التي يعلّم فيها وتركيبها الاجتماعي. فلا الرغبة وحدها ولا الثقافة وحدها تجعل من الفرد معلماً. هناك علماء وأدباء كبار لا يمكنهم ان يكونوا معلمين، ومعلمون كثيرون يكون اندفاعهم أكبر من ثقافتهم. والمطلوب هو الثقافة والاندفاع معاً.


لا شك ان هذه المواصفات (الموهبة والثقافة والاندفاع) لا يمكن ترجمتها وتجسيدها الا من خلال وسائل تعليمية مختلفة. ودور المعلم هنا تنظيم هذه الوسائل وتقديمها الى التلاميذ والتفاعل معهم بشكل ايجابي وانساني. ذلك لان تنمية الشخصية لا تتم عن طريق جمع المعلومات فحسب، ولان التلميذ ليس متلقياً للعلم وانما هو انسان أيضاً. من هنا كانت وظيفة المعلم لا تقتصر على نقل المعارف بل تمتد الى الطريقة الفذة الخلاقة التي يحصل فيها النقل والى العلاقات الشخصية التي ترتكز على الاحترام المتبادل.


ان هذه العلاقة بين المعلم والتلميذ لا تعني الاسترخاء، بل تعني ان يحفظ المعلم حدوداً معينة بينه وبين تلاميذه لكن يحافظ على دوره كقائد ومنظم، دون ان يتيح للتلاميذ اشكالاً من الحرية تؤدي الى الاهمال والفوضى، بل الى الانضباط بدل الضبط. من هنا يمكن بلورة هذه العلاقة في النقاط التالية:


- على المعلم ان يدخل عالم التلاميذ الانساني، والاَّ يعزل نفسه في برج عاجي، وان يفهم تلاميذه ويتفاعل معهم بقصد تنمية شخصيتهم وثقافتهم. كما عليه الاّ يوجه عبارات قاسية اليهم والا يعاقبهم للثأر وتنفيساً لغرائزه العدوانية وان يصفح بحزم ومحبة. واذا لزم الامر عليه ان يقيم علاقات حميمة مع الاولاد الذين حرموا العطف والعناية في عائلاتهم، وأن يكرس لهم وقتاً لمراجعة شؤون دراستهم وحياتهم الشخصية.


- على المعلم ان يعي دائماً خلال تفاعله مع تلاميذه ان التعليم الجيد ليس قولبة الشخصية في قالب معين واعتماد التلقي لاعطاء المادة. لأن التركيز على الموضوعات يؤدي الى لا انسانية التربية، لا سيما وان الانسان هو الغاية والمادة هي الوسيلة في عملية التعليم. وهذا ما شدد عليه الباحث أديب صعب قائلاً: "فالتركيز على المادة يعني اعتبارها غاية واعتبار الفرد وسيلة. وهو يؤدي الى إهمال حاجات التلاميذ وحالاتهم النفسية في مختلف مراحل الدراسة. اما طريقة التلقين فتنمي في الافراد قوة الذاكرة، وهذا حسن، لكنها لا تساعد كثيراً في تنمية الذكاء والابداع والمواهب الفردية. انها تقوي روح الاتكال وتضعف روح الاستقلال(1)! ".


- على المعلم ان يعي ان تنمية الشخصية يجب ان تكون بواسطة التعليم المتصف بالسعة والعمق. وتجدر الاشارة الى ان السعة والعمق يجب ان يكونا متلازمين. اذا تكوّن النمو عن طريق ثقافة متميزة بالسعة دون العمق، أي بعدد الكتب والنظريات المقروءة، فالثقافة تكون ممتدة طولاً وعرضاً، ولا تكون ممتدة عمقاً. الثقافة الحقة تكون في العمق وتكمن قوتها في قدرتها على تحقيق الاهداف التربوية الثلاثة التي اشرنا اليها سابقاً.


- على المعلم ان يعي ان النتائج التي يقيس عليها نجاح التعليم هي النتائج التي تدوم، اي يكون لها استعمال في المستقبل. التعليم الجيد يعطي نتائج ثابتة، تصبح عنصراً مكوناً من عناصر الشخصية وتتحول الى ثقافة وسلوك متزن. ومن هنا أهمية حرص المعلم على أن تكون موضوعاته مدروسة ومنظمة ومتكاملة وذات معنى، وان يكون خلاقاً في طرقه معتمداً عنصر الاثارة والتشويق، مجابهاً التلميذ بمواقف تقتضي منه ان يكون فاعلاً لا منفعلاً، مكتشفاً لا متلقناً.


لكن السؤال المطروح هنا هو: هل ان المسؤولين والقائمين على المدارس يعون أهمية هذه الايديولوجية وهذه العلاقة، أم ان هناك منزلقات في السياسة المدرسية تكون المسؤولة عن عدم توازن الشخصية لدى التلاميذ وبالتالي هي المسؤولة عن اخفاق التلاميذ وتفشي ظاهرة العنف المدرسي باشكالها المختلفة.


لا شك ان هناك منزلقات واعية وغير واعية، عن قصد او غير قصد، مسؤولة عن ذلك، ومن أهمها:


1. الانعزالية: تقيم المدرسة احياناً حواجز معينة بينها وبين الحياة الاجتماعية بدلاً من ان تجعل تربيتها على اتصال دائم بها وتفاعل معها. وهذا حال المدرسة التقليدية.


2. الرجعية، أي التمسك المطلق ببقاء ما هو على قدمه والابتعاد عن كل ما هو جديد وبالتالي عن مواكبة العصر الحديث. ولعل من اقوى عوامل الرجعية في المدرسة المعلمين والمديرين الذين لم يتمتعوا بثقافة مسلكية عميقة تجدد آفاقهم.


3. التركيز على مستقبل التلميذ دون الاهتمام بحاضره او واقعه. فعلى المدرسة في سياستها التربوية الانطلاق من واقع الطفل وميوله وحاجاته والاهتمام به كما جاء مع جان جاك روسو عندما استنكر التربية البربرية التي تضحي بحاضر التلميذ من أجل مستقبله، طامسة هذا الحاضر طمعاً بسعادة مزعومة لا يجود بها المستقبل أبداً(1).


إن حاضر التلميذ وواقعه الذي تكلم عنه روسو يشكل الجزء الثاني (ب) من هذا القسم المتعلق بالتعليم المدرسي.

ب ـ من هو التلميذ؟ ما هي طبيعته؟ ما هي أسسه النفسية؟


في صدد كلامنا عن التعليم تناولنا دور المعلم ومميزاته وعلاقته بالتلاميذ. لكن المعلم لا يمكنه القيام بدوره ولا معنى لميزاته ان لم يكن هناك متعلم. لذلك كان لا بد من ان نحدد من هو المتعلم من حيث طبيعته وغرائزه وحاجاته ودوافعه، ومن حيث خصوصيته اي الفوارق الفردية.


ان معرفة المعلم لطبيعة التلميذ تشكل الاسس الرئيسية للتربية والتعليم. وبما ان المتعلم بطبيعته فردي واجتماعي، كان لا بد للتعليم ان يقوم على اسس نفسية واجتماعية.


- طبيعة المتعلم: غرائزه وحاجاته ودوافعه وخصوصيته:


اختلف علماء النفس في تسمية طبيعة الفرد، فذهب البعض الى ان الفرد هو مجموعة غرائز، وذهب البعض الآخر الى انه مجموعة من الحاجات النفسية. ويمكن تحديد الغريزة عند الانسان كاستعداد فطري يدفعه الى القيام بسلوك خاص، اذا ما أدرك نفسه في موقف او سجال معين(1).


وقد صنف مكدوغال (Macdougall) العديد من الغرائز، مثل: غريزة الاستغاثة، غريزة النفور، الغريزة الجنسية، غريزة الاستطلاع، غريزة المقاتلة، وغريزة السيطرة. وفي هذا السياق نرى من الاهمية تحديد غريزة المقاتلة وغريزة السيطرة كونهما مرتبطتين بالتعليم والعنف المدرسي. فغريزة المقاتلة هي استعداد يُستثار في الانسان اذا ادرك انه إزاء عائق في سبيل تحقيق رغباته، ويسعى ازاء ذلك بالغضب وينزع الى تخطي العائق والتخلص منه عن طريق هجومه عليه ومقابلته اياه. اما غريزة السيطرة فتظهر اذا وجد الانسان نفسه في موقف يشعره بالقوة، ونشاه! دها عند الانسان والحيوان(2).


- الحاجات:


فسر بعض علماء النفس دوافع تصرفات الانسان وسلوكه على اساس اشباع الحاجات النفسية، اي الرغبات الطبيعية لدى الكائن الحي التي يهدف من ورائها الى تحقيق التوازن النفسي والانتظام في السلوك.


ونعرِّف الحاجة كحالة من النقص او الافتقار يُصاحبها نوع من التوتر والضيق لا يلبث ان يزول عندما تلبَّى الحاجة، سواء اكان هذا النقص مادياً أم معنوياً، داخلياً أم خارجياً.


وتجدر الاشارة هنا انه على المربين والمعلمين توجيه الحاجة النفسية بدلاً من قمعها او اطلاق العنان لها. والتوجيه نوعان: النوع الاول هو التوجيه عن طريق التنشيط او التشجيع أي تشجيع الفرد على اشباع ميوله ما دام اتجاهها مرغوباً فيه، كالحاجة الى المعرفة والتفهم، وذلك عن طريق المكافأة المادية او المعنوية (renforçateur positif).


اما النوع الثاني، أي التثبيط او التزهيد، فهو طريقة تحويل الميل من وجهة غير مرغوب فيها الى وجهة مرغوب فيها (renforçateur négatif). فمثلاً، الولد العنيف الذي ينزع الى ضرب الأولاد والى ممارسة القوة والنفور والسيطرة يمكن تحويل حاجته هذه باعطائه دور الحماية والرعاية للاولاد في النشاطات الكشفية.


- الدوافع:


ان موضوع الدوافع مهم جداً لأنه يعرفنا على الاسباب التي تؤدي الى التصرفات المختلفة. كما انه مهم في علاج بعض أنواع السلوك المنحرف والوقاية منه. فالمعلم بحاجة الى معرفة دوافع تلاميذه وميولهم ليعرف كيف يحثهم على التعلم. التعليم لا يكون ايجابياً الا اذا كان يرضي دوافع معينة لدى المتعلم. وهكذا يمكننا تحديد الدافع كحالة داخلية جسمية او نفسية تثير السلوك في ظروف معينة، حتى يصل صاحبه الى غاية مرجوة(1).


ان اهمية الدوافع في دراستنا هنا هو انها تشكل سبباً لتفسير بعض التصرفات العنيفة. فإثارة المتعلم وتوجيهه وتطوير اهتماماته عوامل تساعده على ممارسة النشاطات المختلفة. كما تبدأ اهميتها من حيث كونها من العوامل التي تحدد قدرة الطالب على التحصيل والانجاز لأنها تتعلق بميوله واهتماماته وحاجاته، فتؤثر في تصرفاته وتحثه على المتابعة والعمل بشكل نشيط وفعال(2).


- الخصوصية او الفوارق الفردية:


الفوارق الفردية من المسلمات النفسية التي لا تقبل الجدل. فهناك اختلافات بين الافراد من النواحي العقلية والجسدية والمزاجية والنفسية حتى ضمن العائلة الواحدة. وقد اهتم علماء النفس بالفوارق الفردية لما لها من اهمية في التعليم والتعلم والقدرة على التكيف وفي تفسير التصرفات المختلفة ضمن الاسرة الواحدة.


وقد احتدم الصراع بين العلماء حول تفسير أسباب هذه الفوارق وما اذا كانت تعود للوراثة او للعوامل البيئية. ولكن يمكننا القول ان الوراثة والبنية الاجتماعية هما عاملان مرتبطان يتفاعلان فيؤثر كل منهما على الآخر.


ونلاحظ ان الفوارق الفردية تتجلى عند الافراد في المجالات التالية: الاستعدادات، القدرات، السمات، الذكاء، الانتباه والادراك، التذكر والنسيان.


فبعد توضيحنا لطبيعة المتعلم وأسسه النفسية يمكننا القول انه لا بد للمعلم كي ينجح في مهمته ويتجنب أعمال الشغب والعنف في المدرسة أن يدرك أهمية هذه الاسس وان يراعي الفوارق الفردية بين التلاميذ سواء في التدريس او المعاملة، فيدرس شخصية كل تلميذ ويعرف امكانياته من النواحي الجسمية والعقلية والمزاجية والاجتماعية، ويعامله على قدر استطاعته دون ان يحمله فوق طاقته او يتهاون معه، بل يكون رائده دائماً ان ينمي طاقاته وقدراته ويوجه التلميذ الى كيفية استغلالها... وإن فشل التربية القديمة يعود الى عدم مراعاة الفوارق الفردية في التعليم. ذلك ان هذا العمل لا يحترم شخصية التلميذ وخصوصيته ويرمي الى طبع جميع التلاميذ بطابع واحد هو تعليم آلي لا روح فيه ولا يتمشى مع مثل واهداف التربية والتعليم(1).


 

خامساً ـ العنف المدرسي كنتيجة لايديولوجية تربوية وطريقة تعليم معينة


ان العنف كظاهرة اجتماعية بارزة يتجلى في مختلف القطاعات الاجتماعية. فهناك العنف الاسري والعنف المهني والعنف الجنسي والعنف المدرسي.


لا شك ان العنف المدرسي يندرج تحت ظاهرة العنف ككل. وكما نجد بين عوامل العنف ومظاهره ما يختص ببيئة معينة او بلد معين، فإننا واجدون بين هذه العوامل والمظاهر أيضاً ما هو مشترك بين كل البيئات والبلدان وما هو مشترك بين بعضها.


وسنتناول في بحثنا ظاهرة العنف المدرسي، ومدى ارتباطها بالتربية العائلية والتعليم المدرسي، كمدخل لفهم بعض جوانب هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة، وذلك بالتركيز على دراسات حديثة حول العنف المدرسي في فرنسا.


ويحدد الباحث الفرنسي جاك دو باكييه العنف المدرسي على أنه "تعدٍّ قاس على نظام المؤسسة المدرسية وخرق للقواعد المتبعة في الحياة الاجتماعية(2)". ويأخذ هذا العنف برأيه اشكالاً مختلفة، هذه بعضها:


- إحداث فوضى في الصف عن طريق الضحك والكلام واللعب وعدم الانتباه.


- المشاجرة بين التلاميذ: واحد ضد واحد ومجموعة ضد مجموعة.


- التغيب المتمادي عن الصف.


- ابتزاز المال بالتهديد.


- الكلام السفيه والتحريض على الشغب.


- الافعال المؤذية: من الكتابة المؤذية على الجدران الى الحرائق المعتمدة.


- العنف ضد الاشخاص: المعلم تجاه التلميذ والتلميذ تجاه المعلم والاهل تجاه المعلمين(1).


ويؤخذ على الدارسين الفرنسين ضعف كبير من جهة قياس ظاهرة العنف المدرسي بالنسبة الى دراسات جرت في بلدان أخرى في هذا النطاق. غير ان وزارتي العدل والداخلية باشرنا تسجيل إحصاءات منذ العام الدراسي 1993 ـ 1994 بعد ان واجهتنا صعوبات لعدم صراحة المسؤولين والمدرسين في إعطاء معلومات حفاظاً على سمعة مؤسساتهم.


وامام ظاهرة العنف المدرسي وارتفاع وتيرتها، اضطرت الدولة الفرنسية عام 1992 عن طريق وزير التربية جاك لانغ الى تشريع دخول رجال الامن الى المدارس للتصدي وللحد من هذه الظاهرة. أما بالنسبة الى رأي الاهالي حول وجود رجال أمن في المدرسة، فقد بينت الاحصاءات التي أجريت في 24/1/2000 ان 40% مـن الاهالي يؤيدون وجود رجال الامـن و60% لا يحبذون ذلك. كما أظهرت احصاءات وزارة التربية الوطنية عام 1995 ان 24% من الطلاب يعتبرون ان العنف يمارس في مدارسهم، لترتفع نسبة الطلاب عام 1998 الى 41%(2).


وهناك دراسة أخرى، أجريت عام 1996، لقياس وتواتر العنف المدرسي، شملت 14000 تلميذ جاءت اجابتهم عن السؤال: "هل هناك عنف فـي مدرستك"، كالاتي: ضخم: 50%، كثير: 12%، متوسط: 19%، قليل: 43%، غائب كلياً 18%، لا جواب: 2%(3).


وفي 5/3/1997 أجرت وزارة التربية دراسة على الصعيد القومي، شملت 5816 مؤسسة من أصل 6513، وأسفرت عن رسم خطة حكومية لمكافحة العنف. ومنذ منتصف آذار 1998 بدأ إصدار جريدة اسبوعية للعنف المدرسي بهدف الحد من هذه الظاهرة(4).


وفي دراسة حول ضحايا العنف شملت 1300 تلميذ من 13 ثانوية، جاء في إجابات 70% منهم انهـم كانوا ضحايا لأحد أشكال العنف وهـي الآتية: (1) نقص احترام: 27,5 فـي المئة. (2) تخريب ممتلكات: 16,4%، (3) سرقات: 21,6%، (4) تهويل: 15,6%، (5) ضـرب: 8,9%، (6) تميز عنصري: 4,9%، (7) ابتزاز بالتهديد: 3,6%، (8) إزعاج او اعتداء جنسي: 1,5%(5).


اما بالنسبة الى مرتكبي العنف المدرسي فيعرض دو باكييه النسب الآتية بناء على دراسة نشرت 1997:


- 46%: من تلاميذ المدرسة المعنية.


- 24%: من أهل التلاميذ أو اقاربهم.


- 4%: من تلاميذ مدرسة أخرى.


- 3%: من عصابات وجماعات عنف.


- 2%: من المدرسين أو الموظفين في المدرسة.


- 14%: غير محدد.


- 7%: مجهول.


لعل اللافت في هذه النسب تدخل الاهل من أجل تصفية الحسابات بأنفسهم. غير ان دراسة صدرت خلال العام الدراسي 1996 ـ 1997، أظهرت انخفاضاً في نسبة التدخل من خارج المدرسة، خصوصاً في المدارس الثانوية.

كما ظهر ان العنف مرتبط، على الخصوص، بسن المراهقة بين الثالثة عشرة والسابعة عشرة، وبالذكور أكثر من الاناث. وهي تذهب الى ان معظم التلاميذ المراهقين الذين يهمشهم النظام المدرسي ينزعون الى التضامن ويشكلون خلايا تناهض سياسة المدرسة وقيمها. وهكذا تتكون مع الوقت أنظمة مضادة تجد أرضاً خصبة في المدارس لأنها مكان للتجمع وللانسجام في السن وللاستقلال عن الاهل. وتقوم هذه الانظمة على قواعد مثل التطرف ا! لديني أو العرقي أو السياسي او موسيقى البوب والروك أو المخدرات. وفيها يتحول المنحرفون أبطالاً. وينقسم الصف الى قسم يوالي المدرسة وآخر يعارضها(1).


أما ضحايا العنف فقد تبين، حسب آخر احصاءات لوزارة التربية الفرنسية، ان التلاميذ هم الاكثر تعرضاً للعنف المدرسي: نحو 70% من الضحايا هم تلاميذ، تليهم المؤسسة من تعرضها لتخريب الممتلكات: نحو 15%، ثم معلمو وموظفو المدرسة: 15%.


وبالنسبة للضحايا من المدرسين، يبدو ان الاناث، خصوصاً اللواتي تجاوزن سن الاربعين، أكثر تعرضاً للعنف من الذكور. لكن هذا ربما يعود الى ان غالبية المدرسين هم إناث وفوق الأربعين(1).


هذا في المجتمع الفرنسي. واذا نظرنا الى بعض مجتمعات العالم الثالث، لوجدنا ان العنف يصل الى أبشع صورة، ليظهر أدنى الدركان التي ممكن ان يتوصل اليها الانسان. ففي الكاميرون وكينياً مثلاً، تتحول المدرسة في بعض الأرياف الى نظام يغلب عليه طابع السلطة القبلية المستعمِرة. ولا يقتصر العنف من المعلم على طلابه، بل أحياناً من الطلاب على معلميهم والاهالي على المعلمين. وقد أبرزت بعض الصحف الكينية الصادرة في أيلول 1988 أخباراً تتعلق بأحد المدرسين الذي أجبر بعض طلابه على ممارسة الطقوس الدينية الوثنية التي تتخللها ممارسات جنسية شتى. وفي الكاميرون بلغ تعدِّي الاهالي على الهيئة التعليمية في إحدى ! المدارس حداً مذهلاً، عندما اقتحم أحد أولياء الطلاب صفاً وانهال ضرباً على المدرِّسة قبل ان يغتصبها على مرأى من الطلاب(2).


رأينا حتى الآن حجم العنف المدرسي أنواعه وضحاياه، سواء أكانوا معلمين أم موظفين أم تلاميذ أم ممتلكات. وكنا قد عرضنا سابقاً في هذه الدراسة أثر التربية العائلية والتعليم المدرسي على سلوك الافراد وتصرفاتهم وردود فعلهم. وبكلام آخر ان التربية العائلية الجيدة والتعليم الناجح لا يمكن ان يؤدي الى ممارسات عنيفة كالعنف المدرسي. اذاً، ما هو مصدر هذا العنف وأسباب تفشيه في معظم المجتمعات المتطورة وغير المتطورة؟ ومن المسؤول عن ذلك؟

التربية الاسرية؟ طريقة التعليم؟ نظرة المعلم الى التلاميذ؟ سياسة المدرسة والمجتمع بتجاهلها طبيعة التلميذ والفوارق الفردية؟


تكاد الدراسات تجمع على أن اسباب العنف المدرسي تنقسم الى قسمين: قسم خارجي وقسم دخلي. الاسباب الخارجية ناتجة عن وجود طبقات شعبية فقيرة يكتنفها الكثير من الحرمان والبطالة وبالتالي سوء التربية العائلية. اما الاسباب الداخلية فهي ناتجة عن السياسة التربوية والطرق التعليمية المتبعة في المدرسة من جهة، وعن الرسوب المدرسي من جهة أخرى. والمقصود بالسياسة التربوية نظام المدرسة القاهر(contraignant) المتعلق بالتوق!

يت او البرنامج أو بنظم الادوات والوسائل المستعملة.


اما الطرق التعليمية المتبعة فتترجم بعلاقة المعلم مع التلاميذ، وكأن المعلم انسان مقدس تكون أوامره منزلة غير قابلة للنقاش دون الاخذ بعين الاعتبار آراء التلاميذ، وأوضاعهم المختلفة وفوارقهم الفردية، علماً ان التعليم يقتضي معرفة الاصغاء لاقتراحات الطلاب. كما ان العقاب يحصل في أغلب الاحيان من اجل العقاب وتنفيس الغرائز العدوانية المكبوتة وليس من اجل اصلاح التلاميذ. وبكلام آخر، ان العقاب يمارس كأمر نهائي دون تبريره أو تعليله.


كما تترجم علاقة المعلم غير المتوازنة مع التلاميذ بغياب الوقت المخصص للتلاميذ خارج نطاق الدرس أو الصف.

ان تكريس ساعات معينة لدرس أوضاع التلاميذ وللاطلاع على مشاكلهم وتفهم حالاتهم من شأنه ان يخفف ظاهرة العنف.


ومن هذه العوامل أيضاً رسوب التلاميذ وتوبيخهم أمام زملائهم بكلام لاذع وعدائي دون ان يدرك المعلم ان أسباب رسوبهم قد تكون عائدة أحياناً الى أوضاعهم الاقتصادية والعائلية (بطالة ونزاعات عائلية وتيتّم)(1).


كذلك يجيبنا دو باكييه عن عوامل العنف بتقسيمها الى قسمين: عوامل خارجية وعوامل داخلية. ويصنف العوامل الخارجية كالآتي:


1. العامل الاقتصادي: الاقتصاد الفرنسي قائم لا على التعاون، بل على المنافسة والاحتكار، الامر الذي يؤدي الى هيمنة الاقلية وتفاقم البطالة وبالتالي الى بروز الروح العدائية وعدم التسامح والتساهل مع الاخرين.


2. العامل الاجتماعي: التفاوت بين الطبقات، خصوصاً من حيث الغنى والفقر، يخرق ميزان العدالة الاجتماعية. يضاف الى هذا ارتفاع عدد الاجانب في فرنسا (نحو أربعة ملايين)، خصوصاً نسبة المراهقين الذين يعانون مشكلة اندماج اجتماعي وينزعون الى تشكيل مجتمعات منعزلة.


3. العامل التربوي العائلي: تعاني الاسرة المعاصرة تفككاً كبيراً، خصوصاً من جراء الطلاق. ويعيش العديد من الاحداث مع واحد فقط من الوالدين، مما يؤدي الى ميوعة التنشئة الاجتماعية وعدم استقرار وخلل في تطبيق القواعد التربوية الاسرية التي تكلمنا عنها سابقاً في هذه الدراسة.


4. العامل الثقافي: تشهد المجتمعات أنظمة شبابية على هامش النظام الاجتماعي العام، مع هيمنة او سيادة النسبية في الاخلاق وبروز قيم "الحرية" و"التحرر" و"الحقوق"، بعيداً عن قيم الالتزام الاجتماعي واحترام حقوق الآخرين والعمل لتحقيق أهداف مشتركة.


5. أثر التلفزيون: بعض القنوات التلفزيونية تشجع الانظمة الشبابية المستقلة، وتقدم العنف كما لو كان أمراً عادياً ومقبولاً، لا بل جميلاً، فيما تتجاهل فاعليات الامر الواقع الأثر السلبي للتفزيون.


أما العوامل الداخلية للعنف المدرسي فأهمها الآتي:


1. الرسوب الدراسي: معظم المدرسين وفلاسفة التربية يردّون العنف المدرسي الى الاخفاق في الدراسة.


2. التربية الحديثة: يرى دو باكييه في الاصلاحات التربوية الحديثة العامل الرئيسي للرسوب المدرسي وبالتالي للعنف المدرسي. ففي رأيه ان المدرسة الابتدائية، وهي مهد الاعداد التربوي، انحرفت عن النموذج التقليدي القائم على تعليم القراءة والكتابة والحساب وباتت تدفع نحو 20% الى المرحلة المتوسطة شبه جاهلين في هذه المعارف الأولية. ومن لا يتعلم القراءة بعيد السادسة والسابعة ينزع الى رفض المدرسة والمعلم، كما ترفضه المدرسة، ولن يستطع متابعة أي تحصيل علمي على الوجه الصحيح بعد ذلك الحين.


3. رئيس المؤسسة: ان شخصية رئيس المدرسة وقدرته الادارية والانسجام بينه وبين الجسم التعليمي من العوامل الحاسمة في التصدي للعنف المدرسي. لكن في معظم الاحيان تكون العلاقة، بين المدير والجسم التعليمي غير منسجمة وغير متوازنة. وهذا يؤدي الى خلل في العلمية التعليمية، ومن مظاهرة أعمال العنف.


4. المدرسون: صحيح ان هناك مدرسين ذوي كفاية وضمير وإقدام. لكن هناك مدرسين سيئين، لا يتمتعون على الاطلاق بالمواصفات الضرورية التي يجب ان يتحلى بها المعلم (وكنا قد أسهبنا الكلام عنها في هذه الدراسة)، وبالتالي يعززون العنف عبر عجزهم عن التعليم وعن إدارة الصفوف. وبعض هؤلاء لا يكترث لمصلحة التلاميذ وينظر إليهم كوسائل وأدوات من أجل تحقيق مآربه وليس كغايات بحد ذاتها كما أشرنا سابقاً.


5. بناء المؤسسة وعدد تلاميذها: تبيَّن ان المدراس التي تتصف بجمال هندسي وفسحات خضراء وصالات رحبة تشهد عنفاً أقل من تلك التي لا تلبي هذه الشروط. كما تبين ان العنف يزداد مع ازدياد عدد التلاميذ.


 

سادساً ـ الحلول وكيفية تفادي العنف المدرسي


ان كشف أسباب ظاهرة العنف المدرسي يشكل الخطوة الاولى لمعالجتها والتصدي لها. لذلك نرى الحلول لمواجهة هذه الظاهرة تندرج تحت بابي العلاج والوقاية.


بالنسبة الى العلاج، نرى ان أي كبح فعّال للعنف المدرسي يجب ان يكون مرتبطاً بسلسة عقوبات واضحة ومحددة تنتمي الى مجموعة قوانين مترابطة يفرضها مجلس إداري. ويجدر ان تنسجم العقوبة مع حجم الجرم، فيتصدى رئيس المدرسة للافعال الصغيرة، وتحال الافعال الاقوى على مجلس المدرسة التأديبي، فيما تقع الافعال الجسيمة، مثل العنف الجسدي والاعتداء الجنسي وحمل السلاح وابتزاز المال بالتهديد وبيع المخدرات، تحت طائلة القانون المدني.


أما الوقاية فمن مسؤولية وزارة التربية. ويمكن ترجمتها تحت ثلاثة أبواب:


1. من الناحيتين الانسانية والاجتماعية، يجب إعطاء أولوية للتربية الاخلاقية، وهذا يحتم ايضاح حقوق التلاميذ وواجباتهم عبر عقد خطي بين المؤسسة من ناحية والتلميذ وذويه من ناحية أخرى. وعلى المدرسين احترام التلاميذ ومساعدتهم في كل مشكلة يواجهونها، مثل سوء المعاملة والاستغلال الجنسي والوصول في الوقت المطلوب وتصحيح الفروض والامتحانات ضمن مهلة محددة. وهذا يعني اختيار المدرسين على اسس مدروسة تحدد كفاءتهم ونظرتهم لعملهم وللتلميذ. (هذا ما فعلناه في الاقسام السابقة).


2. من الناحية الادارية، يجب اختيار الاداريين على أسس واضحة أيضاً، تجمع بين الكفاية العلمية والادارية والرجاحة الخلقية. وكما تستتبع تنشئة المعلمين دورات مستمرة، هكذا تستبع تنشئة الاداريين دورات في التدريب الاداري.


3. من الناحية التربوية، ينبغي تنشئة التلاميذ، منذ المرحلة الابتدائية، على التعبير الشفوي والكتابي بلغة جلية، من أجل عرض أفكارهم بوضوح واجتناب الوقوع في الغموض وسوء التفاهم. ومن الضروري تقوية روح الانجاز والابداع لدى التلاميذ عبر توزيع الجوائز واعتماد لوائح الشرف، مع تشجيع التلاميذ الضعفاء. والحق أن كل تجنب للعنف المدرسي يجب أن يمرّ في التصدي للاخفاق في الدراسة.


وأخيراً، وبعدما رأينا، من خلال هذه الدراسة، العلاقة المباشرة بين العنف المدرسي والتربية العائلية من جهة والعنف المدرسي والتعليم وأساليبه من جهة أخرى، وبعدما لاحظنا ان الوضع الاسري الاقتصادي والاجتماعي والتربوي يساهم في ارتفاع وتيرة العنف المدرسي، كما ان نظرة المعلم للتلميذ والاساليب المتبعة التي لا تضع التلميذ على رأس سلم القيم تؤدي الى الاخفاق المدرسي وبالتالي الى العنف، فقد آن الأوان لوعي أهمية التربية العائلية المتزنة ـ حتى ولو كان الوضع الاقتصادي متأزماً ـ التي من شأنها ترسيخ القيم الانسانية والاجتماعية ترسيخاً مطلقاً. عندئذٍ مهما كانت معاناة الفرد المادية، فإن قيمه الانسانية الراسخة في داخله تستطيع ان تتحدى المشاكل التي تعترضه، فيواجهها بالتساهل والتفهم والمحبة.


كما حان الوقت لوعي المعلمين أهداف مهنتهم التي تضع التلميذ في رأس القيم، وبالتالي لممارسة مهنتهم انطلاقاً من النظر الى التلميذ كغاية رئيسية والى التعليم كوسيلة من أجل بناء التلاميذ وتطويرهم وبالتالي تطوير المجتمع.


 

المراجع



1. ابراهيم ناصر، علم الاجتماعي التربوي، دار الجيل، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1996.


2. عبدالله الرشدان ونعيم جعنيني، المدخل الى التربية والتعليم، دار الشروق للنشر والتوزيع: عمان، الاردن.


3. رونيه أويير، التربية العامة، ترجمة عبدالله الدايم، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الثانية، 1972.


4. منير المرسي سرحان، في اجتماعيات التربية، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1981.


5. أديب صعب، الدين والمجتمع، بيروت، دار النهار، الطبعة الأولى، 1983.


6. محمد لبيب النجيحي، الاسس الاجتماعية للتربية، القاهرة، عالم الكتب، 1977.


7. جورج شهلا وآخرون، الوعي التربوي ومستقبل البلاد العربية، بيروت، دار العلم للملايين، 1972.


8. عبدالعزيز القوصي، أسس الصحة النفسية، القاهرة، مكتبة النهضة العربية، الطبعة الخامسة، 1956.


9. عبدالمجيد عبدالرحيم، مبادئ التربية وطرق التدريس، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الأولى، 1965.


10. عبدالمجيد نشواتي، علم النفس التربوي، عمان، دار الفرقان، الطبعة الثانية، 1986.


11. Jacques Dupâquier, La violence en milieu scolaire, Paris Presses Universitaire de France, Première edition, 1999.


12. Le monde diplomatique, October 2000, p. 1 of 4, http. www.mondediplomatique/fr/2000/10/Gracia/14409.


13. Eric Débardieux, la violence en milieu scolaire, Etat des lieux, Paris: ES. F, 1996.


14. Cecile Carra et François Siest, in B. Charlot et J – e Emin, violence à l’école, Etat des saviors, Paris A – Colin, 1977.



15. Yves Bottin, politique de prevention de la violence à l’école en seine – Saint Denis, Bilau de l’année scolaire 1996 – 1997. Paris:


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024