إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى متى...؟!

عبد بصل

نسخة للطباعة 2005-10-15

إقرأ ايضاً


أن تكون إنساناً، يعني، وبالدرجة الأولى، أن تكون عامراً بالأنس، ساعياً الى تحسين وتأطير علاقتك بمحيطك وبالآخر الذي هو شرط إنسانيتك.

أن تكون إنساناً، يعني، أن تكون جزءاً من هذا الكون الفسيح بكل اتساعه المترامي قيمة فاعلة وبنّاءة.. متخطية كل الحواجز والسدود، تهزأ بالمستحيل وتصنع المعجزات.

أن تكون إنساناً،.. يعني أن تختزل في ذاتك كمّاً هائلاً من الإرث الحضاري الذي تعمر به مجتمعاتنا البشرية والإنسانية على مختلف ألوانها ومشاربها.

أن تكون إنساناً، يعني أن تكون ذا صلة وثيقة بما تحمله من قيم مجتمعية وأخلاقية ومناقبية متقدمة تعبّر عن ذاتها بذاتها،.. تلك هي القاعدة الإنسانية... والعكس،.. ما نشهده اليوم في عالم أضاع بوصلته وتاه في مجاهل الحضارة الزائفة، لعنوان واحد ويافطات متعددة... وارتضى لنفسه شريعة الغاب، عن سابق تصور وتصميم،.. ونصّب نفسه "ديّاناً" على الشعوب والأمم، يحاسب هذا، ويكافئ ذاك، ويحوّل الأسود أبيضاً والأبيض أسوداً، ويجتاح كالإعصار شعوباً وبلداناً وأمماً، فيقتل ويدمّر ويرهب ويشرّد ويسجن ويستبيح متخطياً كل الأعراف والمواثيق الإنسانية والحقوقية والأخلاقية، ثم "يحاضر في العفاف..." ولما لا؟! فهو ماركة أميركية الصنع... إذن "فلتكن مشيئته...".

ولا نبالغ كثيراً إن قلنا هذه القاعدة هي صنيعة خيالات جامحة، قد تكون هبطت من القمر أو"المريخ"،.. أو من خارج هذا العالم الذي نعيش فيه.

ولا يستغربنّ أحد! أن هذا الإنسان،.. إنساننا، اللاقمري أو مريخي،.. قد يتحوًل وينقلب في لحظة ما الى نقيضه،.. "فيُمرخ ويُقمر"،.. ولكن، هل خطر لهذا الإنسان أن ينظر الى ذاته بجراءة ويُخرج ما بداخلها؟.. أم هل بمقدور واحدنا أن ينظر الى أنانيته ونرجسيته وعبثيته التي تعربد بدون رقيب ولا حسيب؟.. ويسائلها، ماذا فعلت وماذا جنت، وأين مرساها؟‍!..

أقول هذا لا لأستعرض مفاهيماً وصيغاً، وما أكثرها،.. ولا لأجلو الإنسان بالقيم والمواعظ. إنما كلنا سواء قد نصيب قد ونخطئ ونتمادى في الخطأ، وقد نسمو فنرتفع الى قمة الإنسانية،.. ولكن، والحال على ما أصبح القاصي والداني والكبير والصغير يعرفه،.. هو ان معظم الناس يرزحون تحت نير الفقر والمرض والأعباء والهموم، وارتفاع نسبة الجريمة والانحرافات السلوكية والأخلاقية، ناهيك عن الكوارث الطبيعية والتي قد يكون مصدرها الأساس عبثية غبيّة رعناء،.. أو هي أحقاد كامنة تسكن في غياهب النفوس المظلمة التي يبهرها ضوء الحق فتسعى بما أوتيت من خدع وأباطيل لطمسه...

أما الإنسان الطبيعي فانه يشقى ليلاً نهاراً، وهو يحاول أن يؤمّن لنفسه حياة كريمة، ولكن الحياة، تتسلل من بين نهاراته ولياليه لتتركه في نهاية المطاف شبحاً يلاحق أطياف سعادة زائفة لا تلبث أن تزول فيعود يلهث مخلفاً وراءه الكثير من الأعباء والتداعيات التي تقضّ مضجعه وتحرمه الراحة والأمان.

إذاً ما العمل؟‍! ولماذا يصرف معظم المفكرين والعلماء جهدهم وأوقاتهم ليشرّعوا وينظموا نبض المجتمع حسب الضوابط الخلقية والمسلكية؟. وما جدوى تلك التشريعات والدراسات والقوانين والنظم؟!. إذا لم تكن في خدمة الإنسان والإنسانية جمعاء؟!. وما جدوى أن نستسلم مذعنين، طالما لا شيء نخسره،.. وما جدوى أن نسير مع التيار، طالما أننا هالكون لا محالة؟ في أحسن الأمور..

فهلاّ اخترنا عالماً جديداً نصنعه بإرادتنا،.. عالم ينتصر بـ "الحرية والواجب والنظام والقوة" ويسمو بـ "الحق والخير والجمال".




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024