إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عيد الزعيم

د. أدمون ملحم

نسخة للطباعة 2007-03-04

إقرأ ايضاً


غايتنا، نحن معشر القوميين الإجتماعيين، هي الوصول إلى الشعب والإنتصار في نفوس أبنائه والنهوض معاً لنقيم الحياة الجديدة، حياة العز والشرف والكرامة التي وضع أسسها زعيم الأمة الخالد: أنطون سعادة.

ولكي نحقق هذه الغاية، اقسمنا على ان نكون في حالة قتال وصراع دائمين. قتال بدمائنا الحارة التي تجري في عروقنا وصراع بالتعاليم والمفاهيم الجديدة التي نحمل والتي تشكل برأينا الخلاص الحقيقي والوحيد لمشكلاتنا وويلاتنا القومية المستمرة.

وفي صراعنا الدائم في سبيل تحقيق غايتنا، نواجه احياناً أشخاصاً تختلط عليهم حقيقة مفاهيمنا وقيمنا الجديدة وأشخاصاً يسيئون قصدنا النبيل وأشخاصاً يسعون ليل نهار لإذلالنا وأشخاصاً يعيشون في نطاق أنانياتهم الصغيرة... ولكن نحن لا تثنينا كل هذه الصعوبات لأننا نؤمن انه "كلما تراكمت علينا الصعاب تجددت قوانا وسحقت ما اعترضنا من صعاب".

ان الذين يسعون لإذلانا، نحن مستعدون لأن نوزع عليهم العز القومي الذي ننهض به. والذين يعيشون لذواتهم المريضة، نحن مستعدون لمواجهتهم بعقليتنا الأخلاقية الجديدة التي تبغي الخير العام والتفاني من أجله. والذين يسيئون فهمنا، لا تدفعنا إساءة فهمهم للتراجع والإحباط فنحن نعمل للحياة ولن نتخلى عنها أبداً. والذين تختلط عليهم المفاهيم فنحن مستعدون لأن نشرح لهم أفكارنا ومفاهيمنا النهضوية، وهذا ما نفعله دائماً في وسائلنا الثقافية والإذاعية وفي كلماتنا وكتاباتنا وفي كل الظروف والمناسبات، وذلك لكي نعمم المفاهيم الجديدة ولكي لا يكون هناك غموض او التباس او تحفظات حولها. ومفاهيم النهضة القومية الإجتماعية، الحق نقول، لا يعتريها الغموض بل هي مفاهيم واضحة وسهلة الإستيعاب بكونها ترتبط بنظرة سعادة الجلية إلى الحياة والكون والفن وبعقيدته الصحيحة، الجامعة، التي تعبّر عن جوهر نفسيتنا وشخصيتنا القومية والتي وحّدت اتجاهنا في الحياة.

ومن بين المسائل أو الأسئلة التي يطرحها بعض المشككين او الذين يسيئون فهمنا سؤال يتناول ظاهرة احتفالاتنا بمولد سعادة في الأول من آذار والإعتقاد بأننا جماعة تعبد شخصاً اسمه أنطون سعاده وتقيم له الطقوس والإحتفالات كتقديس المؤمنين للرسل والأنبياء.

وتوضيحاً لهذه المسألة نقول ان الإحتفالات والحفلات في ذكرى ميلاد معلم الأجيال ومؤسس القضية القومية لا تعد لشخص أنطون سعاده مجرداً عن التعاليم السورية القومية الإجتماعية بل انها تعد لشخصه من أجل تمثيله هذه التعاليم ومن أجل كونه زعيماً للحركة السورية القومية الإجتماعية وقائداً نذر حياته من أجل أمته ووطنه السوريين ولم يتردد لحظة في الإستشهاد من أجل حياتهما ورقيهما... وكيف يتردد وهو القائل: "ان الدماء التي تجري في عروقنا هي ليست ملكنا بل وديعة الأمة فينا، ومتى طلبتها وجدتها".

إيماناً بهذه الحقيقة الساطعة وتأكيداً عليها تقام الإحتفالات القومية في ذكرى الأول من آذار ويشترك فيها في الوطن وفي المغتربات الألوف المؤلفة من السوريين المؤمنين بالعقيدة القومية الإجتماعية، يجتمعون ليثبتوا وحدة اتجاههم الروحي والعملي وحقيقة اشتراكهم في الجهاد القومي في سبيل قضية تتناول حياتهم لا بل حياة الأمة كلها، لأنها قضية بعث الأمة وانقاذها من أمراضها وإنقساماتها ومن أعدائها الطامعين بخيراتها.

هذه الحقيقة، حقيقة التوحيد بين الرجل والمبدأ، بين المعلم والتعاليم، أكد عليها سعادة ذاته مراراً وتكراراً كما في قوله: "أنطون سعادة لا يعني فقط أنطون سعادة، بل يعني مبادىء نهوض هذه الأمة وتبوءها مقام العز والشرف".

يوم كان الحزب سرياً، عام 1935، جاء بعض الرفقاء إلى الكوخ الذي كان يقطنه سعادة في رأس بيروت لتهنئته بعيد ميلاده وتقديم باقة من الزهر له عربوناً عن محبتهم له وإيماناً به زعيماً منقذاً للأمة ومرشداً لأجيالها. هذه المناسبة التي أرادها هؤلاء الرفقاء إحتفالأ بسيطاً لسعادة بعيد ميلاده، كما يحتفل معظم الناس بالمقربين منهم، حوّلها سعاده من مناسبة شخصية إلى مناسبة تخص الأمة كلها إذ تلى امام الرفقاء "قسم الزعامة" الذي أقسم فيه ان يكرّس حياته من أجل أمته السورية ووطنه السوري عاملاً لحياتهما ورقيهما، وعلى ان يكون أميناً للمبادىء التي وضعها وان لا يستعمل سلطة الزعامة إلا من أجل القضية القومية ومصلحة الأمة...

وتماماً كما حول سعادة عيد ميلاده عام 1935 إلى مناسبة قومية لها مدلول عظيم، حول كل الحفلات التي أقيمت له في عيد ميلاده في السنوات التالية إلى مناسبات قومية تتجلى فيها رابطة الجهاد القومي والوحدة الروحية والإيمان القومي العظيم. فلنقرأ ما قاله في خطاب ارتجله في إحدى هذه الحفلات وتحديداً في الإحتفال الذي أقيم له في كردبة عام 1943 إذ قال:

"ان الذين يجهلون حقيقة امر الحزب السوري القومي الإجتماعي لا يدركون المعنى العميق الواسع لهذا الإجتماع ولا يفهمون المدلول العظيم المتعلق به، لأنهم يجهلون ان في هذا اليوم، كما في السادس عشر من تشرين الثاني الذي هو يوم ذكرى تأسيس الحزب السوري القومي الإجتماعين يجتمع في الوطن وفي المغتربات عشرات الألوف ومئات الألوف من السوريين الذين اعتنقوا الإيمان القومي الإجتماعي ليثبتوا وحدتهم الروحية والعملية في العقيدة والشعور والجهاد". ويضيف، "ليس هذا الإجتماع الذي تحيونه هنا سوى واحد من ألوف الإجتماعات التي تحدث في هذا اليوم لتبرهن للعالم ان الأمة السورية العظيمة التي كانت صريعة قد نهضت وان الحركة السورية القومية الإجتماعية قد أخذت توحد صفوف الأمة لمغالبة اللصوص الذين اقترعوا فيما بينهم على حقنا في الحياة والإرتقاء".

وهكذا امسى يوم الأول من آذار، كما في حياة سعادة كذلك بعد إستشهاده، تقليداً جديداً في حياة الأمة وأجيالها وعيداً قومياً للمؤمنين بالحياة الجديدة وللمصارعين من أجلها.

إنه عيد الزعيم ذو النفس الكبيرة المتفانية والروح النبيلة التي تمثّلت روح الأمة فيها فعبّرت تعبيراً صافياً عن حقيقة هذه الأمة وعن شخصيتها ومثلها وتطلعاتها وإرادتها. فالزعيم أمسى روحاً جبارة وصوتاً للحق صارخاً: اعدوا طريق أمتي بين الأمم. هذه الروح الصادقة تتغلغل في وجدان الأمة وعروقها وتعبّر عن إرادتها وتطلعاتها وذلك بما تمثله من مبادىء سامية ومثل عليا وغايات نبيلة..

الأول من آذار عيد قومي يحمل معاني الوعي والثورة والبطولة والتضحية والفداء. عيد لأمة ناهضة تتوق لحريتها وسيادتها وإستقلالها وتقدمها بين الأمم.. عيد للفرح القومي وللإلفة والوئام والآمال بتحقيق حياة العز والخير والفلاح لسورية كلها.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024