إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فتح الإسلام: شبكة قاعدية بامتياز ومعادية لسورية

زاهر العريضي

نسخة للطباعة 2007-06-07

إقرأ ايضاً


يبدو أن الفريق الحكومي في لبنان بات مصاباً بلوثة اتهام سورية بكل حادث ومصيبة تقع على امتداد الوطن وآخرها ظاهرة فتح الإسلام، فما إن اندلعت الاشتباكات في نهر البارد حتى اندلعت الاتهامات لسورية على ألسنة فريق 14 شباط بتمويل ودعم هذه المجموعة الإرهابية وأخواتها وتصديرها إلى لبنان عبر الحدود، في التقرير التالي نلقي الضوء على عدد من الوجوه الهامة في تنظيم فتح الإسلام من الذين سبق لهم أن «هاجروا» إلى العراق ثم عادوا إلى لبنان لينخرطوا في صفوف فتح الإسلام بعد أن امتلأت رؤوسهم بإيديولوجية قاعدية، وطالت لحاهم وباتوا يلبسون أثواباً» شرعية فضفاضة.

فما جذور هذه التنظيمات الأصولية؟ كيف نشأت وكيف دخلت إلى لبنان؟

بذرة فتح الإسلام: «الهجرة» إلى العراق للجهاد، فمن المعروف تقليدياً أن الشبكات «القاعدية» الناشطة في معظم الدول تتشكل من أفراد خاضوا تجربة «الهجرة» وعادوا إلى بلادهم محملين بأفكار وميول مختلفة عن تلك التي كانوا يحملونها قبل «هجرتهم»، وتحولوا في بلادهم إلى خلايا نائمة مرتبطة إلى حد كبير بالجماعات التي عملوا معها في بلاد «الجهاد»، إنها تجربة «الأفغان العرب» في كل من مصر والسعودية والأردن والجزائر والمغرب واليمن وغيرها من البلدان التي أرسلت بعض أبنائها إلى أفغانستان وعادوا إليها على نحو لا تشتهيه، ولبنان والمخيمات الفلسطينية فيه، لن تشكل استثناء.

للبنان تجارب طفيفة على هذا الصعيد، فالمجموعات التكفيرية الصغيرة التي ظهرت فيه، أو تلك التي لعبت أدواراً أمنية في حقبات سابقة لطالما تشكلت قياداتها من شبان خاضوا التجربة الأفغانية، هذه هي حال بسام كنج (أبو عائشة) الذي قاد مجموعة الضنية عام 2000 التي تألفت من مجموعة شبان اعتقلتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية للاشتباه بعلاقتهم بالقاعدة، وأنشأ كنج معسكراً لهم في جرود الضنية، وخاضوا مواجهات مع الجيش اللبناني أدت إلى سقوط قتلى من الطرفين على رأسهم «أبو عائشة» نفسه، وكذلك حال أحمد الكسم الذي كان على رأس المجموعة التي اغتالت رئيس «جمعية المشاريع الإسلامية» الشيخ نزار الحلبي، فأحمد هو من اللبنانيين القلائل الذين «هاجروا» إلى أفغانستان. يبدو أن «الهجرة» إلى العراق هذه الأيام باتت موازية لـ«الهجرة» إلى أفغانستان في ثمانينات القرن الفائت وتسعينياته، فالشروط متشابهة في «الهجرتين»، وربما تجمعت في «الهجرة» إلى العراق شروط أكثر تدفع إلى تشكل العائدين منها في جماعات، وارتباطهم بشبكات قاعدية تتعدى أوطانهم كما هو حال فتح الإسلام مع قاعدة العراق، الأرجح أن لبنان لم يرسل أعداداً تذكر إلى أفغانستان، لكنه في المقابل أرسل عشرات وربما مئات إلى العراق هناك، من الذي استقبلهم وأعاد تشكيلهم؟ الإشارات التي أطلقها أهل بعضهم عن تبدل في أحوالهم وأذهانهم لمسها الأهل من الاتصالات الهاتفية الدورية التي يجرونها معهم، وهي تفيد أن هؤلاء انخرطوا في سياقات وضائقات غير «محلية»: القاعدة.

المخيم، وعلى رغم الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات اللبنانية في محيطه، ليس جزيرة معزولة عن بيئة نشاطات «الجهاديين» اللبنانيين، فلجوءهم إليه بعد كل حادثة مع الجيش اللبناني ليس العلامة الوحيدة على امتداد «الشبكات الجهادية» وتواصلها، إذ أثبتت التحقيقات في ملفات كثيرة أن المخيم حلقة متصلة بسلسلة من الحلقات الممتدة إلى خارجه وفي كثير من الأحيان إلى خارج لبنان. أحدث مؤشر على علاقة فتح الإسلام بالقاعدة: شهاب قدور أو «أبو هريرة»، الرجل الثاني في تنظيم فتح الإسلام، والذي أشيع أنه قتل منذ يومين في الاشتباكات في نهر البارد قبل أن يتصل وينفي الخبر، هو أكبر دليل على عداوة هذا التنظيم لسورية، فبحسب أخته (التي أجرت معها جريدة الأخبار اللبنانية مقابلة) فإن أبو هريرة هو معتقل سابق لدى الأجهزة السورية لاتهامه بدعم مجموعات تكفيرية، وقد انتمى بعد خروجه من السجن ناقماً» على سورية وكل الأنظمة العربية، إلى منظمة فتح الإسلام ذات الأفكار القاعدية، وخاض معارك الضنية واليوم معارك نهر البارد ضد الجيش. كذلك كانت الأجهزة السورية قد أطلقت النار على صهر زعيم تنظيم فتح الإسلام شاكر العبسي، ومعه أربعة من مجموعة فتح الإسلام وهم يحاولون التسلل عبر الحدود السورية – العراقية، ما أدى إلى مقتلهم، الأمر الذي أشعل العداوة أكثر بين التنظيم وسورية.

قد لا تكون فتح الإسلام اليوم على علاقة مباشرة بتنظيم القاعدة، غير أنها بالتأكيد نشأت على يديه، بفكره وأسلوبه وإيديولوجيته وأهدافه، فجماعة القاعدة لم تعد هيكلاً تنظيمياً واحداً ومنسجماً، بل باتت فكرة وأسلوب عمل وصلة بشبكة خارجية، ويرجح أن تكون هذه الشروط متوافرة لدى الكثير من الجماعات اللبنانية والفلسطينية على رأسها فتح الإسلام، ناهيك عن شروط أخرى كالـ«هجرة» إلى العراق وتسرب الأفكار التكفيرية من مغتربات أوروبية وعربية، وقبل هذا كله بنية اجتماعية جاذبة لهذه الأفكار أو ضعيفة المناعة حيالها، وهذا الشرط الأخير ناجز في لبنان وإن على نحو ضعيف وفي هوامش البنية الاجتماعية، إضافة إلى ضعف الدولة وأجهزتها التي لم تضع حدا» لهذه العناصر ولم توقف تسربها وتنقلها مسلحة بحرية من وإلى مخيم نهر البارد، غير إدخال السلاح إلى المستودعات وتخرينه.

الفكر واحد والممارسات واحدة والوظيفة واحدة والشكل واحد، فتح الإسلام تنظيم مرتبط بالقاعدة والدلائل كلها تشير إلى ذلك، لكن – على غرار كثير من الأمور – يتبع الفريق الحاكم مقولة: عنزة ولو طارت!


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024