إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الغِـربـــال

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2008-02-24

إقرأ ايضاً


يقول مثل شعبي قديم : من لا يرى من الغربال فهو أعمى .. واذا كان عمى البصر ما يقصده المثل, فلا شك في انه أهون من عمى البصيرة , وذلك لأن الأعمى, وإن لم يرالعالم المادي,الا أنه يتحسسه, ويتصوره, ويتمكن من وصف بعض ظواهره بشكل قد يعجزعنه أحيانا حتى من يرى .

أما عمى البصيرة, فالاصابات به كثيرة, وحالاته صعبة ومريرة, بلغت مراحل خطيرة, وخلقت مأساة كبيرة, أسبابها احتلال وجيرة, وبعض خنازير الجزيرة, حلولها صعبة وعسيرة, لا يعالجها ديوان عشيرة, ولا مائدة مستديرة, طالما بقيت حضيرة, تقطنها حكومة أجيرة, سيئة صيت وسيرة, على الخيانات قديرة , وفي السرقات خبيرة, تسيرها دولة شريرة, يرأسها أعمى البصيرة, وقردة بمنصب وزيرة, تظن نفسها أميرة ..

لقد عبثت بنا وجنت في احكامها الاقدار, فبالامس جاء اعوان احتلال في قطار, واليوم على متن دباباته في وضح النهار, ليعلنوا عن نية تحرير وتحقيق انتصار, وما كان منهم غير قتل ونهبٍ و دمار, يعينهم في الجريمة بعض حكام الجوار. فيا لعيبٍ على أمة سكتت ويا للعار, ويا اسفا على جموع ناضلت بكل اقتدار, محسوبة في السياسة كانت على اليسار, تراجع بعضها وانحرف الباقي عن المسار, وتحول قادتها الى عهر سياسة وتجار. ويا حرتاه على من غُررَ بهم وجرفهم التيار, بدعوة مُعممٍ ينافق بالدين ويعبد الدولار, ويا حسرتاه ان يملك الاغراب صنع القرار, في بلاد سومر وبابل واشور وعشتار, ويضطر اهل البيت على ترك الديار, وهجر أحبة لهم وما في الدار, وقد اذعنوا على مضض لمر الخيار, فاما الى جَدَثٍ واما ان يلوذوا بالفرار, ولسان الحال يدعو : اليس لنا غير هذه الدار دار.. وكم لنبوخذ نصر سنبقى في انتظار؟

لقد فقد البعض صوابه, وحسب الآخر حسابه, في بلد تحكمه عصابة, بلا رادع ولا رقابة, يقودها قاتل مأجور, بسيده معجب مبهور, وبقردته هائم مسحور, وزيره خائف مذعور, يطالب الأحمق المغرور, ببقاء جيشه المقهور, ويقينا انه مدحور. ومرجعية اساسها منخور, شيخها بالصمت مشهور,اذا سالته عن مجرى الامور,لقال سعيد ومرتاح ومسرور,بلطمية وتطبير في شهرعاشور, ولا يهم ما يجري في باقي الشهور,ومليون شهيد في عراقنا منحور,بكاهم كل حي وحتى القبور..

وطرزان صار يعربد في الشمال,لا يختلف معدنه عن كاكا جلال, تعود اللعب على انواع الحبال, يساعده الظرف وفسح المجال, فسبحان من غير بنا الاحوال, وجعله يهدد بالقوة والانفصال, ونسى أن رؤوسا داسوا عليها ببسطال, وان عمامات النفاق قذوفوها بالنعال, ودوره قادم اذا ما صال وجال,وسيسقط من عالي الجبال, ولن تنقذه صرخة آووو..ولا احتلال, فالعراق غني بخيرالرجال, قادرين على صنع المحال, ويستوي فيه من لبس الشروال, ومن اعتمد الغترة ووضع العقال, وهذا ماعرفته وستعرفه الاجيال..

ومجرم تعرفه باقي الامم, صاررئيسا بجرة قلم, شغله الشاغل شراء الذمم, وتمديد احتلال وتبديل العلم, والقول لاسياده حاضر ونعم, وعلى الولاء للاعداء قسم, ونسى المبادئ وخان القيم, وشكر المحتلين على النِعَم . ولكن,هل ينفع المال ويشفع الندم, اذا البركان ثار وصب الحمم ؟ وحقيقة معروفة منذ القدم , من صدق بجيش احتلال وهم ..

فقل لمن فقد البصيرة, ان أعمارالطغاة قصيرة, وان دروب الخيانات حقيرة, مهما وضعوا لها تسعيرة, ودفعوا بالدولار والتومان والليرة, والما يعرف تدابيرة , حنطته تاكل شعيرة ..


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024