إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الهزيمة الستراتيجية والنصرالستراتيجي

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2008-04-10

إقرأ ايضاً


حين يتحدث جورج بوش عن "النصرالستراتيجي" بعد مرور خمسة اعوام من الفشل المتواصل للتكتيك العسكري الدموي والسياسي الغبي الذي اتبعته الادارة الامريكية في العراق فانه يبين مدى الاصرارعلى الاستمرار في سياسة خداع الذات والكذب حول نجاح مزعوم , ونصر موهوم , لقائد مهزوم , أمره محسوم , رحيله محتوم , بالعار موسوم ..

ان ما يحدد مصير الستراتيجية هو النجاح او الفشل في التكتيك.. لذا, فان ما حصل للعراق خلال خمسة اعوام كارثية, يجعل من الحديث عن "النصر الستراتيجي" نفاقا سياسيا وكذبا رخيصا, لا يصدقه الا القليل من المغفلين في الادارة الامريكية واعوانهم في وقت يرى العالم و يسمع ما تنقله وسائل الاعلام , وما تدونه الوثائق والارقام , لمنظمات اوروبية وامريكية منصفة عن جرائم القتل و التعذيب والاعتقال والتهجير والدمار,التي مارسها ولا يزال يمارسها برابرة الاحتلال وصناعه, بشكل فاق في وحشيته وهمجيته ما فعله النازيون والفاشيون .

يقول مثل شعبي : حچاية عاقل براس مجنون.. واذا راوَد جورج بوش وقرأ عن النصر الستراتيجي , فانه بلا شك قد فهم الموضوع مقلوبا, لأن تاريخ البشرية لا يعرف سوى نماذجا لانتصارات آنية ومرحلية يحققها الغزاة, سرعان ما تتحول عاجلا أم آجلا الى هزائم ستراتيجية منكرة, تلحقها بهم الشعوب الابية والمناضلة ضد الاحتلال . ويحتفظ التاريخ بصفحات خالدة, سجل اسطرها رجال المقاومة الوطنية والقوى الشعبية المؤيدة لها, لعبت ادورا حاسمة, بمعزل عن انتماءاتها القومية والدينية والسياسية في الحاق الهزيمة بالغزاة .

صحيح, ان النظام السابق لم يحسن الاعداد والاستعداد لمواجهة العدوان, الا ان القوى الوطنية قبل وبعد الاحتلال هي الاخرى, لم تحسن الفعل في توحيد صفوفها, وبقيت اسيرة الاحقاد المتراكمة و التنافس غير المسؤول, مبعثرة بذلك الطاقات والامكانيات, ومقدمة على جبهات الانتقام والفتنة الطائفية القذرة اعدادا كبيرة من الافراد والمعدات, كان العقل المغيب سببا في تزايد هدرها على حساب جبهة القتال الرئيسية ضد الاحتلال الامبريالي– الصهيوني .

يحاول بعض "المثقفين" من حثالات ثقافة الاحتلال اعتبار بقاء قوات الغزو لامد طويل أمرا ممكنا, مستشهدين ببقاء القوات الامريكية في اليابان وكوريا لعدة عقود بعد الحرب العالمية الثانية, ويتبجحون بالنهضة العلمية والقفزات التكنولوجية السريعة لهما,على الرغم من وجود قواعد امريكية فيهما. ومن الواضح ان هؤلاء المغفلون لم يقرأوا تاريخ الحروب, ولا يعرفون شيئا عن الشروط القاسية والتعجيزية, التي أملتها الولايات الصهيونية المتحدة على اليابان بعد القاء قنابلها الذرية على هيروشيما وناكازاكي والتي لولاها لما استسلم اليابانيون ولما خاف الكوريون من ذات المصير, ان لم يرضخوا لبقاء قوات الغزو الامريكي .

ان امكانية التعايش مع الاحتلال ومحاولات ايجاد المبررات الواهية لبقاءه, التي يروج لها المهطعون والراكعون والخانعون تعد للشعب اهانة وللوطن خيانة,لا يمكن ان يقبل بها أو يرتضيها ابناء الرافدين الاباة. ومن السخف تصديق ادعاء بوش حول امكانية تحقيق النصر الستراتيجي في العراق بعد كل ما تسببوه من قتل ودمار, وبعد التضحيات الجسام التي قدمها الشعب العراقي, وطول المسافة التي قطعتها المقاومة العراقية الباسلة في اتجاه انزال الهزيمة الستراتيجية بالاحتلال الصهيو- امريكي وتحقيق النصر الستراتيجي لا للشعب العراقي وحسب, وانما لكل الشعوب المناهضة للامبريالية .

فصبرا يا أولي الالباب,على جلل المصاب, فقد دنى يوم الحساب, وساعة انزال العقاب, بمحتل واعوان كلاب, هزيمتهم على الابواب , ونصرهم وهم وسراب .



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024