شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2008-07-08
 

قانون إسرائيلي يعيق السلام

محمد خليفة

صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يضع عراقيل أمام الانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان السورية المحتلة ومن القدس الشرقية ويكبّله بشرط إجراء استفتاء عام . ونصّ القانون على أن أي تنازل عن مناطق تقع تحت السيادة الإسرائيلية يستوجب إجراء انتخابات عامة أو مصادقة الكنيست بغالبية 80 عضواً . ويأتي هذا القانون في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا للوصول إلى تسوية وفق مبدأ "الأرض مقابل السلام" . لكن هذه المفاوضات التي ترعاها تركيا وتجري على أراضيها لا تحظى بالمباركة الأمريكية ، ولهذا كان من المتوقع أن تصل إلى طريق مسدود . وربما كانت سوريا تدرك ، منذ البداية ، أن إسرائيل غير قادرة على المضي في مفاوضات السلام حتى النهاية ، بدون توافر الرضى الأمريكي . إلاّ أنها مضت في هذه المفاوضات لتقول للعالم ، وبالأخص للغرب ، إنها تريد السلام وتسعى إليه ، وإن الذي يعطّل المفاوضات ولا يريد السلام هي إسرائيل والولايات المتحدة . وقد شكّل قانون الكنيست هذا دعماً للموقف الإيجابي السوري من المفاوضات ، كما أنه أكّد بما لا يدع مجالاً للشك ، بأن الوقت الحالي ليس وقت سلام ، وأن إسرائيل لا تستطيع التحرّك بدون أن تأخذ الموافقة الأمريكية على السلام بينها وبين سوريا . لكن لماذا لا تريد الولايات المتحدة تحقيق السلام مع سوريا وإنهاء الصراع بين العرب وإسرائيل ؟. الواقع أن التبدلات التي جرت في المنطقة والعالم جعلت الهيمنة الأمريكية في المنطقة العربية الإسلامية على شفير الهاوية . فقد أدّى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 إلى استنزاف طاقة الولايات المتحدة ، لأنها وضعت فيه كل إمكاناتها العسكرية والاقتصادية لإنجاحه . وصحيح أنها احتلت العراق ودمّرت الدولة العراقية ، لكن جيشها دخل بعد انتهاء المعركة مع الجيش العراقي في صراع مرير مع المقاومة الشعبية العراقية . وعجز هذا الجيش بسبب هذه المقاومة عن إعلان النصر الكامل على العراق حتى الآن . وفي ذلك الوقت ، كانت روسيا تعيد حضورها في العالم ، فقد آلمها كثيراً احتلال الولايات المتحدة للعراق ورأت في هذا الاحتلال إهانة لها وتهديداً لأمنها القومي ولوجودها كدولة عظمى في العالم . ولهذا بدأت تنتهج سياسة جديدة على الصعيد الدولي قائمة على الهجوم . وتقاربت مع الصين للوقوف في وجه الهجمة الاستعمارية الأمريكية العالمية . وكانت الولايات المتحدة قد فتحت حرباً دبلوماسية ضد سوريا بدعوى أنها تعمل على زعزعة استقرار العراق من خلال إرسال المقاتلين إليه . كما سعت إلى عزل سوريا وأجبرتها على الخروج من لبنان عام 2005 ، فدفعت إسرائيل عام 2006 للعدوان على لبنان بهدف احتلاله ومن ثم يسهل محاصرة سوريا وإسقاطها . وقد فشل هذا العدوان بفضل صمود المقاومة في لبنان . ومنذ ذلك الوقت ، تقف المنطقة العربية في نقطة خطيرة ، لأن المشروع الأمريكي ـ الإسرائيلي حُشر في الزاوية سواء في العراق أو سوريا أو لبنان وفلسطين . وأصبح أمام هذا المشروع خياران : فإما أن يعترف بالهزيمة وبالتالي تخرج الولايات المتحدة من العراق ومن عموم المنطقة العربية ، وتخضع إسرائيل للإرادة العربية وتعيد الحقوق المسلوبة ، وإما أن يقوم هذا المشروع بحرب تصفية حساب كبرى يضرب فيها إيران وسوريا ولبنان وغزة معاً . لكن مع وصول الرئيس الأمريكي بوش إلى آخر أيامه في الحكم ، يبدو أن الإدارة الأمريكية قررت سياسة المراوحة في المكان نفسه من خلال إبقاء الوضع على ما هو عليه ، تمهيداً لمجيء إدارة أمريكية جديدة ، وعلى هذه الإدارة أن تختار أحد الخيارين السابقين . ولعل الإدارة الجديدة ، وبسبب الأزمة الاقتصادية الأمريكية، ستختار الإبقاء على سياسة المراوحة في المكان . وفي ظل هذه السياسة ستبقى أزمات المنطقة مستمرة وسيبقى السلام بين العرب وإسرائيل وهماً غير قابل للتحقيق .



 

جميع الحقوق محفوظة © 2025 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه