شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2008-08-10 |
السلاح النووي الأمريكي في بريطانيا |
قال اتحاد العلماء الأمريكيين يوم 26/6/2008 ، إن الولايات المتحدة سحبت في هدوء آخر أسلحتها النووية من بريطانيا بعد أكثر من نصف قرن من نشرها هناك. ولم تتحدث الحكومتان البريطانية والأمريكية عن هذا الأمر وربما لولا هؤلاء العلماء لبقي هذا الموضوع طي الكتمان . ولعل ما يدعو إلى الأسى هو أن بريطانيا العظمى ، الإمبراطورية التي لم تكن تغرب الشمس عن ممتلكاتها التي كانت موجودة في كل قارات العالم ، قد تحوّلت إلى مستعمرة أمريكية وما كان ذلك ليحدث لولا الحرب العالمية الثانية التي استهلكت قوتها وحطّمت أسطورتها . لكن هل كانت بريطانيا مضطرة للدخول في تلك الحرب والوصول إلى هذه النتيجة المُرّة ، أم أنها كانت قادرة على دفعها عن نفسها ؟. لا شك أن بريطانيا لم تكن مضطرة لدخول الحرب ، لأن ألمانيا لم تهاجمها ولم تهاجم مستعمراتها في العالم ، بل إن هتلر نفسه كان يريد عقد اتفاق طويل الأمد مع بريطانيا ، لأنه كان يعتبرها حليفاً تاريخياً بسبب القرابة التي تجمع بين الشعبين الألماني والإنجليزي . لكن كان يعتبر فرنسا عدواً وحيداً لألمانيا وكان يريد إزاحتها بأي وسيلة كي تعيش ألمانيا في سرور وهناء . ولم تكن بريطانيا أيضاً تريد تصعيد الموقف مع ألمانيا ، بل كانت تسعى إلى فهمها ومعرفة ماذا تريد من خلال تنامي قوتها . وما يدلل على هذا ، هو أن رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت تشمبرلين ، كان مع التسوية السياسية مع ألمانيا . ولكن الولايات المتحدة كانت تحرّض حلفاءها في بريطانيا ، من بعيد ، لوضع حدّ لألمانيا ، وحتى عندما أعلنت بريطانيا الحرب مع فرنسا على ألمانيا في 3/9/1939 ، مرّت ثمانية أشهر لم تُطلق فيها طلقة . وعندما رأت الولايات المتحدة أن تشمبرلين غير جاد في الحرب على ألمانيا ، دفعت حلفاءها في مجلس العموم لإسقاط تشمبرلين ، وهذا ما حدث في 8 و 9 مايو 1940 ، حيث تعالت أصوات النواب عن حزبي "العمّال" و "المحافظين" وأجبرت تشمبرلين على الاستقالة ، وتم المجيء بونستون تشرشل الذي ألّف حكومة جديدة جعلت شعارها "الحرب حتى النصر" . وبهذا الشعار الخادع تحوّلت الحرب الكلامية إلى حرب فعلية . وعوضاً عن أن تحقق حكومة تشرشل النصر ، فقد كانت السبب الأول والأخير في تحطيم قوة بريطانيا وفي تدمير إمبراطوريتها . ولم يدخل عام 1943 إلا وكانت بريطانيا قد أفلست بالكامل ، وأقامت الولايات المتحدة نفسها وصية عليها وعلى مستعمراتها . واندفعت تقاتل ألمانيا بشراسة في أوروبا لا من أجل إعادة القوة لبريطانيا ، بل لتقطف هي ثمار القتال الإنجليزي خلال السنوات الأولى من الحرب . واستطاعت الولايات المتحدة في النهاية أن تحطم ألمانيا وأن تستعمر ـ عملياً ـ أوروبا الغربية كلها استعماراً عسكرياً مباشراً . وبدعوى الخوف من الاتحاد السوفيتي ، نشرت الولايات المتحدة أكثر من 7000 رأس نووي في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وفي دول غربية أخرى . وتحت هذه المظلة النووية استطاعت الولايات المتحدة أن تشكّل أوروبا الجديدة على مقاسها . وإنصافاً للحق ، فإنها لم تحرم بريطانيا من كل شيء ، بل كرّمتها بأن جعلتها دولة علاقات عامة لها . ولا شك أن هذه مرتبة سامية لم تكن لتستحقها بريطانيا لولا شعار "الحرب حتى النصر" . ولا ريب في أن الولايات المتحدة التي وصلت إلى قيادة العالم بآلام الأوروبيين ، لن تعرف الهناء والسرور . وهي الآن تقترب من السقوط ، لأن صعودها كان خطأ ومن سوء تقدير الأوروبيين ، والخطأ يبقى خطأ حتى النهاية .
|
جميع الحقوق محفوظة © 2025 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |