شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2008-12-06
 

انكشف المستور

معن حمية - البناء صباح الخير

يحفظ رئيس حكومة لبنان فؤاد السنيورة عن ظهر قلب، قولاً مأثوراً، "قتل إمرىء في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر"، وهو ـ أي السنيورة ـ أراد أن يورط مجلس الوزراء مجتمعاً وينتزع منه توصيفاً لحادثة الصحافي في تلفزيون المستقبل عمر حرقوص بأنها جريمة لا تغتفر، وتلبيس الصحافي الآخر في مجلة "البناء ـ صباح الخير" أدونيس نصر تهمة مجرم خطير.

السنيورة لم يجد حرجاً من طرحه بأن تكون هذه الحادثة بنداً اساسياً على جدول أعمال مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، إلا أن وزير الحزب في الحكومة علي قانصو، صدّه بالقول: حزبنا أدلى بدلوه واعتبر الحادث فردياً، وبالتالي ليس هنالك من ضرورة لطرح هكذا موضوع، وإلا،.. فنحن بحوزتنا عشرات، لا بل مئات الحوادث المماثلة لطرحها على طاولة مجلس الوزراء..

حسم الرئيس سليمان النقاش، ولم يتخذ مجلس الوزراء موقفاً كان يريده السنيورة وفريقه، لكن وزير الإعلام طارق متري آثر أن يخالف حقيقة ما جرى داخل الجلسة، فخرج إلى الإعلام ومرر موقفاً من الحادثة أو "الخناقة"، ليس بوصفه وزيراً للإعلام في الحكومة، بل كأمير اعلام في بلاط إمارة "المستقبل"، ورأى في التعرض لحرقوص "تعنيف" و"اعتداء على حرية الاعلام وكرامة الاعلاميين"، ولم يكتف بهذا الموقف بل تجشم وزار حرقوص وقال عن "الخناقة"، بأنه "ليس مقبولاً بكل المعايير الاخلاقية والوطنية والسياسية"، وطبعاً للوزير متري معاييره الخاصة، فهو حمل لقب المعالي بعدما ائتمنه الرئيس اميل لحود، لكنه سرعان ما انقلب عليه لينضم إلى جوقة "المستقبل".

أما لماذا كل هذه الضجة حول حادثة فردية حصلت بين زميلنا في المجلة، وعمر حرقوص؟

في خفايا الأمور أن السنيورة لم يكن يتوقع أن يُصّد في مجلس الوزراء، فهو كان واثقاً من قدرته على وضع حرقوص بنداً في مداولات الحكومة، وذلك لمواكبة الحملة الكبيرة التي قرر فريق 14 شباط شنها ضد الحزب السوري القومي الاجتماعي، باعتبار أن الإدانة في مجلس الوزراء تُخّدم الإعلام قاطبة في هذه الحملة بذريعة الدفاع عن الحريات الإعلامية، وهو ما ألمح إليه بعض المسؤولين الاعلاميين في محطات تلفزيونية حينما اعتمد قاعدة أنصر "أخاك" الإعلامي ظالماً كان أم مظلوماً، دون أن يرف لهم جفن لإعلامي آخر هو الطرف الثاني في المشكلة وقد سلّم نفسه للقوى الأمنية. وهذا للأسف ما وقعت به بعض وسائل الاعلام التي نجل ونحترم.

إذاً، السيناريو كان معداً سلفاً، ولعل الحادثة من عين أصلها كانت جزءاً من هذا السيناريو، وأن زميلنا في مجلة "البناء ـ صباح الخير" أدونيس نصر استدرج اليها كما استدرج بعض الاعلام إلى فخ حملة فريق 14 شباط على الحزب القومي.

وفي خفايا ما حصل ايضاً، أن فريق 14 شباط المختنق بضوابط اتفاق الدوحة ونتيجة عدم قدرته على وضع العراقيل أمام استعادة الحركة السياسية على خط بيروت دمشق، كان يخطط لأمر ما، وهو استطاع أن يحبك خطته بشكل دقيق وأمسك باللحظة المناسبة، علّه يشوش على زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى دمشق، واستطراداً على زيارات أخرى لمسؤولين لبنانيين مقررة إلى دمشق.

وليس سراً أن وراء الحملة المسعورة على الحزب القومي واتهامه بالارهاب، هدفاً واضحاً، وهو الانقلاب على مناخ التهدئة الذي كرسه اتفاق الدوحة، خصوصاً وأن مضمون الخطب النارية لجهابذة 14 شباط لم تكتف بإعلان موقف محدد من الاشكال، بل استحضرت 7 أيار الذي مهد الطريق لاتفاق الدوحة، وفي هذا الاستحضار محاولة مكشوفة للتنصل من التزامات وموجبات الاتفاق المذكور، ونكأ جراحات ما قبل 7 أيار يوم بدأ مسلسل قتل الأبرياء على أيدي عصابات الإجرام والحقد الداخلي، بدءاً بالشهيد احمد محمود وصولاً إلى شهداء مجرزة حلبا الوحشية.

وما يدعم هذا الاتجاه، أنه وقبل أيام قليلة من حصول "الخناقة"، تحركت عناصر أمنية باتجاه ساحة الشهيد خالد علوان، لإزالة اللوحة التذكارية التي تخلد ذكرى الشهيد علوان، بذريعة ازالة الشعارات والملصقات الحزبية، علماً أن اللوحة المذكورة أزيلت منذ شهرين، وبعد مراجعة الجهات المعنية، طلبت هذه الجهات اعادة تصميم اللوحة بمواصفات محددة ووضعها في مكانها وهذا ما تم تنفيذه فعلاً، فما عدا مما بدا حتى تتحرك تلك العناصر لازالتها مجدداً، لو لم يكن وراء الأكمة ما وراءها؟؟ خصوصاً وأن محاولة ازالة اللوحة تمت من دون مراجعة وزير الداخلية، ومن دون علم محافظ بيروت.

ما يفسر الأمر هي الحملة الإعلامية والسياسية المسعورة التي مارسها فريق 14 شباط ضد الحزب القومي، مطلقاً ضده شتى صنوف التوصيفات، كتوصيفه بالحزب المجرم والإرهابي. لا لسبب سوى لأن هذا الحزب قاوم إرهاب العدو الصهيوني في أحلك الظروف وتلقى في صدور أبنائه حراب الحقد ورصاص الإرهاب الحقيقي الموصوف في مجزرة حلبا الوحشية، بعد أن استهدف على مدار ثلاث سنوات ونيف بالاتهامات من جريمة عين علق إلى اغتيال الوزير الجميل وغير ذلك من التهم الكاذبة والملفقة، وكأن هذا الحزب موضوع من قبل فريق 14 شباط على مقصلة الإعدام، مثلما اعدم زعيمه ومؤسسه بمؤامرة اشترك فيها القريب والبعيد، لا لسبب سوى أنه حمل لواء الدفاع عن وحدة لبنان في مواجهة التفتيت والتقسيم والطائفية، وكان طليعياً في تحرير بيروت عبر عملية شهيده البطل خالد علوان الذي تحاول بعض الجهات التحريض على ازالة اللوحة التذكارية التي تحمل اسمه.

لا يخفى على أحد أن هم الرئيس السنيورة وهموم كل فريق 14 شباط، تنحصر في كيفية التنكيل بالقوى التي ترفض في عقيدتها وثقافتها وتربيتها أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وإلا ما هو تفسير أن يقيم فريق 14 شباط الدنيا ولا يقعدها تنديداً بحادثة فردية بين صحافيين، في حين لم نسمع من هذا الفريق كلمة تنديد بالحصار المضروب على غزة، ولا ضد الانتهاكات "الاسرائيلية" المتواصلة للسيادة اللبنانية المترافقة مع التهديد والوعيد بضرب لبنان..

حادثة "الحرقوص" كشفت المستور، فظهر إناء 14 شباط فارغاً، إلا من البذاءة والشتائم والسباب ضد أعرق حزب في الشرق، هو الحزب السوري القومي الاجتماعي،.. ودائماً لغاية في نفس هذا الفريق..



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه