إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لو سكت يا عمرو موسى ..

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2009-03-31

إقرأ ايضاً


لم يحرك عمرو موسى ساكنا قبل استلام التعليمات من ولاة نعمته للتحرك بعد إنقضاء عامين ونصف على جريمة احتلال العراق. وقد أوعز لا كما يقول المثل بعد "خراب البصرة" وانما, بعد ثلاثين شهرا من خراب العراق,الى مساعده أحمد بن حلي للسفر الى بغداد, للاشراف على محاولة سُميت بـ "المصالحة الوطنية" كان يدرك فشلها منذ البداية, نظرا للهوة,التي لا يمكن لها أن تتقلص بين الاحتلال والزمر المحتمية به والسائرة في ركابه, وبين القوى ألوطنية الرافضة لكل أشكال التعامل معه, ولبُعد المسافة الفاصلة بين الوطنية والخيانة .

ولعل في تصريحات عمرو موسى ما يكفي لكشف حقيقة كونة أحد الموظفين المسخرين لخدمة مصالح الولايات الصهيونية المتحدة, وثالوث التآمر العربي ( مصر,السعودية والأردن ) . فقد صرح في أوج محنة الشعب العراقي " ليس لأمريكا وايران مصالح في العراق فحسب .." ( يبدو أنه أحس بالحرج فلم يضف مصالح الدولة العبرية..) ولم يمض كثيرا من الوقت حتى تجاوز صلفه حدود الاعتراف بالمصالح الأمريكية والإيرانية, وتعداها في تصريح آخر "على أمريكا عدم الانسحاب من العراق وتركه للفوضى ."

إن متابعة تحركات وتصريحات عمرو موسى توصل الى حقيقة أخرى مفادها, أن الأخير كان في حالة ترقب دائم لما تؤول اليه الأحداث ليكون آخر من يتكلم ووفقا لما يُطلب منه. ففي الوقت الذي تعالت فيه أصوات بعض قادة الاحتلال وأعوانهم, لتؤكد على أهمية البقاء في العراق لفترة طويلة " لضرورات أمنية"وأعذار باطلة, كانت تصريحات عمرو موسى تصب في خدمة هذه الأهداف المعلنة, بحجة الخوف من "الفوضى". وما أن بدأت ملامح التغيير في السياسة الخارجية للولايات الصهيونية تبدو واضحة, من خلال الإعلان عن انسحاب قواتها الغازية, حتى لمسنا ان لغة وتصريحات عمرو موسى قد تغيرت 180 درجة, إذ أعلن : " ان استقرار العراق يتحقق بانسحاب الولايات المتحدة "

و كان الأجدر أن يصرح بذلك فور إحتلال العراق لا بعد ستة أعوام من جرائم القتل والدمار والتشريد, الا أنه لم ولن يجرؤ على ان يصرح بما قد يغضب قادة الاحتلال والرجعية العربية, فموسى كما ذكرت في مقال سابق : لا يختلف عن تلفونات الشوراع, حيث لا فرق بين المتحدث والسامع, المهم أن يكون مَن للنقود واضع . ولا شك أن موسى قد وجد الدافع, فصار عن بقاء إحتلال يدافع, بشكل لا يليق بدبلوماسي بارع, يقوم في السلك بدور بائع, ويروج للإحتلال تصريف البضائع, ويحاول في التبرير تحريف الوقائع, وليس لديه في ذلك مانع .! فما عمرو موسى إلا موظف تابع, لولاة نعمته في الخليج طائع, وصيته في التمَلق معروف وذائع, وجب أن يوفر لنفسه جهده الضائع, فلن يوافقه الا من مثله في الحضيض واقع ..

يتبين من إعلان عمرو موسى " ان التدخلات والاستقطابات أمر يتعارض مع المصلحة العراقية، وان استقرار العراق يتحقق بأمرين أساسيين هما وقف الاستقطاب المذهبي والطائفي الذي يمكن ان يؤدي إلى شر كبير في العراق، والأمر الآخر انسحاب القوات الأميركية وان هذين الأمرين متلازمين، ومستقبل العراق يقوم على وحدة العراق وتضامن كل عناصره، وهذا الأمر أصبح واضحا لكل العراقيين ".

- ان موسى لا يصرح الا بما تملي عليه الادارة الأمريكية وقيادات الانظمة العربية التابعة لها .

- الانتقال من الاعتراف بمصالح أمريكا وإيران, والطلب من أمريكا عدم الانسحاب من العراق الى الاقرار بان انسحاب قوات الغزو سيحقق استقرار العراق يبين مدى انتهازية ونذالة المواقف .

- الحمقى والأغبياء وحدهم من يصدق بأن الامبريالية الأمريكية قد أقدمت على احتلال العراق, لتخليص شعبه من الدكتاتورية,التي تزكم روائح عفنها الأنوف في الدول, ذات الأنظمة الموالية لرعاة البقر .

ترى, هل احتاج ابن موسى الى كل هذه السنين,التي سجلت خسارة أكثر من مليون عراقي وملايين من المشردين والمهجرين والثكالى والأيتام, ليفهم بأن الانسحاب سيوفر الاستقرار؟ وهل يعتقد بأن العراقيين بحاجة الى مثل هذه التصريحات, مدفوعة الأجر لأمثاله ؟

لو أنك ياعمرو موسى سكت, لكنت خير ما في عمرك فعلت. وكما يقول المثل: اذا كان الكلام من فضة, فالسكوت من ذهب. فهل لك أن تسكت..؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024