إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

علل الأفكار في رأس المختار ..

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2009-04-25

إقرأ ايضاً


لا شك ان القوى الوطنية الرافضة للاحتلال الغاشم, قد بذلت وتبذل ما بوسعها من أجل توحيد الجهود ونبذ الخلافات الجانبية إيمانا بمبادئ, لم تؤثر ظروف النكبة ولا الأوقات الصعبة, التي يمر بها الجميع ( ما عدا أعوان الاحتلال ) على التمسك بها, وحرصا منها على ألا يُفسر النقد الموضوعي لبعض القيادات البعثية بانه إستغلال للظرف أو شماتة, لم تكن يوما من شيم وأخلاق الوطنيين . إلا أن كثرة الادعاءات والمغالطات والافتراءات للسيد صلاح المختار, قد كشفت ما في الاناء , بعد أن رفعت عنه الغطاء, وبينت بوضوح وجلاء, ما يدعو الى الرثاء, وتقديم العزاء, لمن يدعي تمثيلهم, لتخلف التفكير, وسوء التقدير, والنهج الخطير, لسعادة السفير, والمفكر الكبير, في قضايا التحرير. ولا عجب إن استحق الثناء, من الملوك والأمراء, والدافعين بسخاء, لوكالات الأنباء, وأقلام السفهاء, والصحفيين الأجراء,المعروفين بالعداء, للمقاومين الأوفياء, الذين قاتلوا الأعداء, وارتقوا العلياء, ومكانة الأولياء, في الأرض والسماء, بقوافل الشهداء .

الموقف من المقاومة العراقية :

وقفت القوى الوطنية المعارضة للاحتلال منذ اليوم الأول لانطلاق المقاومة العراقية الباسلة الى جانب الفصائل المقاتلة بمعزل عن الانتماءات السياسية والطائفية لمناضليها,على أساس أن المقاومة ليست حزبية ولا فئوية أو طائفية وإنما وطنية. وينطبق هذا الموقف على المقاومة اللبنانية والفلسطينية والصومالية والأفغانية,التي تخوض نضالا شرسا ضد العدوان الصهيو- أمريكي . أما محاولات السيد صلاح اليائسة, واتهاماته البائسة لحزب الله وحماس, واستمراره في إعتبار صمودهما الأسطوري يصب لا في مصلحة الشعوب المقاومة للاحتلال وانما في صالح إيران, فدليل على علامات التخريف في فصل الخريف من عمره, خصوصا وأنه يصف حركات التحرر الوطنية ومقاومتها في كل مكان بـ "الثانوية" ومقاومته بـ "الرئيسية", دون أن يعي حقيقة ان الربط بين حلقات النضال في سوح القتال للمقاومة وحركات التحرر الوطنية يشكل السلسلة,التي تضيق الخناق على الامبريالية والصهيونية, وأن نجاح المقاومة يعتمد على شعبيتها, لا على طائفيتها, وعلى ما يحققه المقاتلون, لا على ما يقوله المنظرون .

الموقف من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق :

في برنامج الاتجاه المعاكس سأل د. فيصل القاسم : "من الذي تآمر أكثر على العراق؟ إيران أم كما يسميهم أحد الساخرين العرب الجرب ؟ من الذي حاصركم بالعراق أليس جيرانكم, أليس الأخوة الذين حاصروكم على مدى 13 عاما وقدموا للأميركان كل شيء لغزوكم وإعادتكم إلى العصر الحجري؟ ما علاقة إيران بربك بذلك" ؟. وعوضا عن الرد الرافض لكافة أشكال الدعم لقوات الغزو النازية, بغض النظر عن الجهة, التي تقدمه, أجاب صلاح المختار: "أنا لا أتحدث عن الأنظمة العربية, هذه الأقطار العربية أقطار شقيقة لنا, وهذه صراعات داخل عائلة,العرب عائلة واحدة ".

- في خطابه, قبل دخول القوات العراقية الى الكويت نطق الرئيس الراحل صدام حسين بعبارته الشهيرة " قطع رقاب ولا قطع أرزاق ." بعد ان مارس لصوص الكويت سرقة النفط العراقي وبيعه بأبخس الأثمان في وقت كان الجيش العراقي يخوض فيه, معارك طاحنة في جبهات الحرب مع إيران .

- فرض عبيد الكويت بواسطة أسيادهم تعويضات خيالية عل العراق,لا تتناسب مع حجم الخسائر الفعلية,التي لحقت بهم أثناء الاجتياح .

- تم إقتطاع مساحات واسعة من الجنوب العراقي وضمها الى إمارة السعدان .

- لعبت الحكومة الكويتية أدوارا قذرة أثناء الحصار الفاشي على العراق وفعلت مالم يفعله النازيون والفاشيون والصهاينة, لافشال محاولات رفع أو تخفيف الحصار عن الشعب العراقي .

- شارك الكويتيون في عمليات النهب والسرقة المشينة بعد سقوط النظام وحرضوا على الأفعال البربرية , وشجعوا على الاعمال الارهابية والحرب الطائفية .

- صرفت حكومة الكويت منذ 1991 مليارات الدولارات على رعاة البقر, لرعي ثيرانها وتيوسها وبقراتها, ولم تنقطع عن العطاء لحد الآن .

أما ما يخص حكومة القتلة والمجرمين في شبه الجزيرة العربية, فحدث ولا حرج . وهيهات أن يكون التاريخ الحديث قد سجل لها موقفا مشرفا واحدا تجاه قضايانا الوطنية والقومية. ولا يفوت التذكير هنا, بمواقف النظام المصري:

- نكران الجميل والمشاركة الفعلية في العدوان على العراق .

- السماح لحاملات الطائرات الأمريكية بعبور قناة السويس, ومنع باخرة مدنية محملة بالأدوية والمواد الغذائية الى العراق .

- إرسال أعداد من النساء تحت غطاء "خدمات خاصة" للقوات الأمريكية .

- تسخير وسائل الاعلام المصرية, لشن حملة دعائية كاذبة حول أسلحة الدمار العراقية .

- ذرف دموع التماسيح على أطفال أمريكا "المتعودين على أكل الشوكولاتة", كما قال الرئيس القرف والخرف, دون أن يرف له جفن لموت عشرات الألوف من أطفال العراق أثناء الحصار .

فهل يجوز الحديث بعد كل هذا,عن "العائلة الواحدة" والدفاع عن مَن دنس الدار, والحق بأهله الخزي والعار, يا سعادة صلاح المختار ؟.

حاشى أن يرتبط العراقيون بشيئ مع الأنظمة الحقيرة في مصر والكويت والجزيرة, التي قد ينتمي أفرادها الى جنس البشر, لكنهم في الترتيب أدنى من حشر, وفي القذارة أرذل من خنزير مُحتقر ..

قضية الـ 150000 شهيد بعثي :

يقف المرء حائرا أمام دائرة الإحصاء لصلاح المختار, فالرقم المذكور كبير, ولا يدعو ( إن صَدق ) الى التباهي والفخر, بل الى الحزن وما مِنه أمر, ويلقي باللائمة, لهذه الخاتمة, على جهات حاكمة, ظلت بقدراتها واهمة, حتى سقوط العاصمة. إن مسؤولية هذه الخسائر البشرية الجسيمة تتحملها القيادات, التي لم تحسب لأرواح الناس, حين زجت بمئات الألوف من أبناء الشعب العراقي في حروب مدمرة, أدت في النهاية الى احتلال العراق في نيسان 2003 الأسود .

فهل لسعادة المختار, بلا بحث عن الأعذار, بعد ما دار وصار, أن يجيب باختصار :

- هل إحتفظنا بمدينة المحمرة أو فرضنا شروطنا بعد الحرب العراقية- الإيرانية, وهل أوقفنا التدخل الإيراني في شؤوننا الداخلية ؟.

- هل تمكنا من إرجاع ودمج المحافظة التاسعة عشر بالوطن الأم بعد " أم المعارك " ؟.

- هل نجحنا في وقف أو اختراق الحصار على شعبنا المظلوم, بعد كل التنازلات, التي قدمتموها ؟.

- هل حسمنا في "أم الحواسم" معركة الدفاع عن بغداد وباقي المدن العراقية لصالحنا ؟.

- هل تمكنت دائرة إحصاء السيد صلاح المختار من تحديد عدد الشهداء (غيرالبعثيين) في هذه الحروب, وفي الفترة ما بين 1968-2003 وما سبقها ( انقلاب 8 شباط 1963 ) نتيجة الصراعات الداخلية ؟ .

- ألا يكفي ما خلفته هذه الحروب من دمار وتضحيات لوقف جنونها ومجانينها ؟ أما آن لشعبنا أن يعيش بسلام ووئام ؟.

إن نجاح أو فشل أي حزب سياسي في العالم, يعتمد على كبر إنجازاته مقارنة بصغر تضحياته, لا بفداحتها كما حصل في الحرب العراقية- الإيرانية, وحرب الكويت, وحرب الحصار, واحتلال العراق, والصراعات الدموية في الداخل . وليست لغة الحديد والنار, وقتل وتعذيب الأحرار, وتهديد دول الجوار,التي يعتمدها المختار, بل لغة التفاهم والحوار, وعلاقات حسن الجوار, سيظل وحده الخيار, لمستقبل أبنائنا الأبرار .

الخلاصة :

سقطت قيادات كثيرة في العالم,عُرفت بقوتها عسكريا واقتصاديا وأيديولوجيا. ولم يتوقع أحد لها السقوط رغم إتساع حدة التناقضات بين القيادة والجماهير في الداخل وحبك المؤامرات ضدها في الخارج ( كما حصل في الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي ) . ومن البديهي أن يبدي ما يتبقى من عناصر القديم مقاومتة للجديد بأساليب وأشكال مختلفة ولكن دون جدوى, نظرا لأستحالة العودة الى القديم, وانعدام عوامل التغيير اللازمة, التي تشترط وجود التراكمات واحتدام التناقضات لعملية النفي ( الاحتلال وأعوانه في حالة العراق ), الأمر الذي لن يحدث ما لم :

- ترتقي بعض العقول الى مستوى الوعي السياسي النابذ للنزعات الشوفينية والخلافات الطائفية .

- يتوقف هذا البعض عن التفرد والالغاء السافر لأطراف وطنية لا ولن تطلب تزكية مواقفها من أحد.

- تقوم القيادات السياسية بمراجعة أخطائها وتقديم الاعتذار الصريح للشعب العراقي عنها, والتوقف عن التعامل الفوقي والتنافس الضيق بين الاحزاب الوطنية .

- تتوفر الرغبة الوطنية الصادقة لدى القيادات السياسية والدينية, لوقف التناحر السياسي والطائفي وبناء جسور الثقة والتآخي بين أبناء الشعب العراقي, لكونها الشرط الضامن والوحيد للتخلص من نير الاحتلال ووقف التدخل في الشؤون الداخلية للعراق من قبل إيران والكويت والجزيرة وغيرها, والسبيل لتحقيق الغد السعيد للجيل الجديد .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024