إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أزمة مصر – حزب الله مم تخاف القاهرة؟

زاهر العريضي

نسخة للطباعة 2009-04-16

إقرأ ايضاً


منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، ومن ثم الحرب الهمجية على غزة، فرزت المنطقة بين محورين واضحين هما محور الممانعة والمقاومة الذي يضم سورية وقوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله وحماس، ومحور ما يسمى بالاعتدال. ثم جاءت الأزمة بين مصر وحزب الله لتكرس هذا الانقسام وتزيد من حدة التصادم.

وفي مقاربة حزب الله وحلفائه من قوى وفصائل المقاومة، استغراب للاتهامات الملفقة ول "التهريج الاعلامي"، وتشديد على ان الدفاع عن فلسطين هو الدفاع عن أمن مصر القومي، والمقاومة هي الطريق الصحيح لتحقيق حقوق الشعوب الاسلامية والعربية، وخاصة الشعبين الفلسطيني واللبناني، مبررة توقيتها بوجود أجندتين في المنطقة: الأولى تعمل لحماية المقاومة ونصرتها ضد العدو الاسرائيلي، والثانية لا همّ لها الا ارضاء الاميركيين والاسرائيليين. وتعتبر ان الخلاف الحقيقي يعود الى الانقسام الموجود بين جبهة الاعتدال العربية وجبهة المقاومة، مؤكدة ان التهديد الحقيقي للأمن القومي المصري ليس من حزب الله بل من اسرائيل والتدخل الاميركي في شؤون مصر. وترى ان النظام المصري يشعر حاليا بالتهميش في ظل المحاولات الغربية للتقارب مع تركيا وايران، وبالعزلة بعد مقاطعته قمة الدوحة التي أطلقت قطار المصالحات العربية ولا سيما بين سورية والمملكة العربية السعودية. والقاهرة التي شعرت في الاشهر السابقة بانها وُضعت في موقع دفاعي على خلفية موقفها من العدوان الاسرائيلي على غزة، وجدت في قضية خلية حزب الله الموقوفة فرصة ذهبية لالتقاط الانفاس وشن هجوم مضاد على أكثر من جبهة، مفترضة انها تستطيع ان تصيب بحجر واحد عصافير عدة تحلق في أجوائها الاقليمية.

وبما ان القيادة المصرية اندفعت نحو تضخيم ملف شهاب، فان ذلك يدعو الى افتراض الخلفيات الآتية: التزام

القاهرة بتنفيذ ما سبق ان تعهدت به خلال المؤتمر الدولي - الاوروبي في شرم الشيخ، من حيث مكافة تهريب السلاح الى غزة وتفكيك الخلايا التي تؤدي هذا الدور - محاولة إمتصاص التأييد الشعبي للسيد نصرالله في الشارع المصري والذي بلغ أوجّه بعد حرب تموز، الامر الذي شكّل إحراجا للقيادة المصرية ولاستراتيجيتها السياسية القائمة على خيار التفاوض والسلام في مواجهة خيار المقاومة والممانعة - محاولة قطع الطريق امام الانفتاح الغربي على حزب الله، بعدما قررت بريطانيا معاودة الاتصال به، وإيصال رسالة الى صانعي القرار في الاوساط الاوروبية والاميركية بأن أي إنفتاح يجب ان يُضبط على إيقاع مصالح القاهرة التي تشعر بالضيق وهي تراقب تجاوزها من خلال التقارب الغربي مع سوريا وإيران وكسر الجليد مع حزب الله ولاحقا حركة حماس - تحديد دفتر شروط للتفاوض مع طهران وحزب الله على قاعدة المطالب المصرية، والتأثير على مناخ الانتخابات في لبنان التي يخوضها حزب الله كطرف رئيسي وتلوح أمامه فرصة كبيرة الوصول الى الحكم مع حلفائه في المعارضة.

لكن هل تدرك مصر أنها تؤجج فتنا بغيضة في المنطقة وتزيد من انقسام البيت العربي المنقسم أصلا؟ ألم تدرك مصر بعد دماء لبنان وغزة، أم المقاومة وحدها هي نقطة القوة لشعوب المنطقة؟ ألا تدرك مصر أن هذه الأزمة التي افتعلتها مع حزب الله أخذت تكبر وتكبر ككرة الثلج، وبات من غير المعروف إلى أين ستودي مفاعيلها؟

ان كانت لا تدرك فتلك مصيبة، وان كانت تدرك، فالمصيبة أعظم.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024