إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أيامنا الدامية..

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2009-11-01

إقرأ ايضاً


ليس الأربعاء ولا الأحد وحدهما, بل كل يوم في عراقنا أصبح داميا. وستبقى أيامنا دامية, طالما بقي برابرة الإحتلال الصهيو- أمريكي جاثمين على أرضنا, يخططون وينفذون ويحققون ما يريدون وسط تقصير وعجز معظم القوى الوطنية عن توحيد جهودها في النضال المشترك ضد الاحتلال, وانشغالها بخلافاتها العقيمة, وجذورها القديمة, وأسبابها السقيمة, ونتائجها الوخيمة, وعدم معالجتها بالطرق السليمة, والأساليب الحكيمة, والعلاقات الحميمة, في الأوقات الأليمة, على العراق وشعبه.

ستبقى أيامنا دامية, طالما بقيت الفتنة والتفرقة الطائفية مؤثرة في مجتمعنا الى حد الاقتتال, بعد ان نجح الاحتلال في إثارتها, وساعد على نشرها بعض المجرمين, المتسترين بالدين . وستبقى دامية, ما دام البعض يسكت كالشيطان الأخرس على ما يرتكبه حكام الأنظمة في الجزيرة والكويت من جرائم في العراق, ويلوذ الآخر بالصمت على التدخل السافر والابتزاز الايراني-التركي بقطع المياه عن العراق, خلافا للأعراف الأخلاقية والانسانية والدولية.

ستبقى أيامنا دامية, طالما بقيت الأحزاب السياسية تمارس العهر لا النضال السياسي وتجري لاهثة لتحقيق مصالحها الذاتية, مبينة بذلك, كذب وزيف التزاماتها بشعاراتها,التي رفعتها ونادت بها طويلا . فهذا الفصيل من ذاك الحزب, يستميت من أجل العودة الى السلطة, ويظهر استعداده لتقديم التنازلات والتعهدات السخية لقوات الاحتلال على حساب القيم والمبادئ الوطنية, وذاك يحاول بيع بضاعة تحالفاته الرخيصة لمن يشتريها في سوق الدعارة السياسية, العامر بصفقات المساومات والقوميسيون المربحة . وستبقى أيامنا دامية, ما دامت المشايخ الاقطاعية في الشمال, تستغل وجود قوات الاحتلال الأمريكي لفرض إرادتها الملئى بالغباء وقصر النظر السياسي .

ستبقى أيامنا دامية, طالما بعد كل جريمة, يخطط لها السفلة, وينفذها نعثلة, يدعي الجهلة, في حكومة المزبلة, إعتقال القتلة, ويا لها من مهزلة.. فلو صدق إدعاء تبني المجموعة,التي تطلق على نفسها اسم "دولة العراق الاسلامية" للهجوم الاجرامي,الذي وقع في بغداد في آب الماضي وأسفر عن مقتل 95 شخصا, وعن الهجوم البربري, الذي خلف المئات من القتلى والجرحى يوم الأحد, فإن إتهام الزيباري, في حوار على قناة العبرية الفضائية لدول مجاورة( يقصد سوريا ), بالفشل في الوفاء بالتزاماتها الدولية القاضية بالحفاظ على استقرار العراق, إنما يدل على تخبط وسذاجة عقول من يحكم في عراق اليوم . فهل يمكن الحديث عن الإستقرار في ظل الاحتلال الصهيو- أمريكي للعراق ؟. وهل يعتمد الاستقرار على الالتزامات الدولية أكثر من اعتماده على الالتزامات الوطنية ؟.

إن تجديد الدعوة لما يسمى بالأمم المتحدة لإجراء التحقيق في الدعم المزعوم,الذي تقدمه دول الجوار لزمر التكفير, ما هي الا محاولة فاشلة, لصرف الأنظار عن جرائم النهب والسلب, وتوقيع الاتفاقيات السرية,التي تكفل للامبريالية والصهيونية تحقيق مطامحها في السيطرة على ثروات العراق وتوسيع رقعة بسط نفوذها على المنطقة .

كان الأجدر بالزيباري ان يستغل الحوار مع قناة العبرية ليطالب بوقف تصدير حثالات التكفير من مصادرها المعروفة, لا أن يوجه الاتهامات لسوريا, وعليه أن يدرك حقيقة ان استقرار العراق مرهون بخروج القوات الغازية ومعاقبة قادة الاحتلال على ما ارتكبوه من فضائع وجرائم ضد الانسانية في بلد الحضارات, والتعويض عن الخسائر البشرية والمادية,التي مني بها العراق منذ بدء العدوان الآثم . وحري بالزيباري ان يعمل على الوقف الفوري للنشاطات الصهيونية المحمومة في شمال العراق, وان يدعو المشايخ الكردية الى التعقل ورفض لغة التهديد الغبية بالانفصال. وكفى استغلالا للظروف, ومبالغة في المعاناة, فليست معانات الشعب الكردي بأكثر من معاناة باقي القوى الوطنية في العراق طوال فترة التسلط والارهاب السياسي المريرة . وعلى المشايخ الكردية التحلي بالمسؤولية, والتعامل بروح الأخوة الوطنية مع مختلف طبقات الشعب المتضررة من العدوان الغادر على العراق, وان تعلن تضامنها وتعاطفها معها, كما تضامنت وتعاطفت هذه الطبقات مع الشعب الكردي الشقيق في قضيته, لنيل حقوقه المشروعة.

لا الإحتلال, ولا حكومته, ولا أية قوة في العالم, قادرة على وضع حد لجرائم القتل الجماعي لأخوتنا وأحبتنا,عدا قوة الاتحاد الوطني, وتنامي الوعي الشعبي بضرورة التخلص من برابرة العصر وأعوانهم . إننا نبني الكثير من الجدران والقليل من الجسور, كما قال اسحاق نيوتن . فهل لنا أن نقلب المعادلة, ونبدأ بمد جسور التآخي والوحدة الوطنية, لكي لا تظل أيامنا دامية ..؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024