إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى غسّان تويني رسالة 6 ج 4

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 1946-08-04

بعد كتابة ما تقدم خطر لي أن أعود الى النقطة السابقة المتعلقة بعمدة الثقافة والاعتقاد بتأسيسها القريب من الكلي، لأعطيك صورة ومعلومات توضح لك نواحي كثيرة وتجلو لك فهماً اوسع للحقيقة والواقع: ان الرفيق فايز صايغ حضر، كما يترجح في ذاكرتي، مع أخيه الرفيق يوسف ومع الرفقاء فخري ورشدي وحلمي معلوف، وفخري يحمل آنئذ رتبة الأمانة، بعض اجتماعات "الندوة الثقافية" الأولى وأصغى الى أبحاثها ومناقشاتها واطلع على توجيهات ثقافية كثيرة للزعيم/ وهو، فوق ذلك، احد الذين كان من نصيبهم سماع أحاديث كثيرة للزعيم والوجود مدة من الزمن في دائرة المقربين اليه وهي مدة كثرت فيها الابخاث والأعمال ونشطت قيها الخركة الثقافية بايجاد "الندوة الثقافية" التي قصد منها ايجاد تأسيس أولي للثقافة والعمل الثقافي، فهو حين قدم، طالباً في سنته الأولى في الجتمعة الاميركانية سكن برفقة سقيقيه يوسف وتوفيق (ارجح ان هذا اسم أخيه الأصغر) في بيت الرفيق الموقف فخري معلوف ووالدته واخوته فكان احترامي لوالدة فخري ومحبتي لأفراد هذه العائلة، كما لا يزالان الآن، كبيرين وكنت أتردد كثيراً على بيتهم، نظراً لتوثق العلاقة الروحية بيني وبينهم ولكثرة الأعمال من ثقافية وغيرها، التي كان يعاونني فيها ثخري باجتهاد كثير. وبعض اجتماعات مجلس العمد، في تلك الآونة، جرى في بيتهم (اواخر 1937- اوائل 1938) وفي بيتهم جرى الشروع بوضع قواعد التدريب الجندي بمعاونة الجنديين الرفيقين جمال باشا الغزي الذي كان اول من أخذ يعلم الرفقاء معنى الزعامة وقدر شخصية الزعيم ومنزلته في الحركة والنظام، ومنير الملاذي، وفي بيتهم تألفت لجان وضع التربية القومية للنظام العام والنظام الجندي وابتدأ العمل باشتراك جميع هذه القوى تحت اشراف الزعيم وادارته وتوجيهاته واخذ في تحديد المعاني والقيم الأساسية الآنية: ما هو الوطن، ماهي الأمة، ما هو الزعيم ومن هو، ما هو العلم، ما هو النظام، ما هي الجندية، ما هو الجيش الخ. وكثيراً ما كنت أتغدى وـتعشى في بيت هذه العائلة الجيدة الصفات ويجتمع على المائدة أيضاً الرفقاء صايغ فنطرق مواضيع متعددة وكثيرة منها ثقافي. وأخياناً كنت أتحدث الى الصغار خاصة وأجيب على الأسئلة التي يلقونها علي وكان حلمي أكثر السائلين وكان يريني بعض مقاطع انشائية له، منها قطعة يخاطب بها طيارته. وكانت اجتماعات "الندوة الثقافية" لذاك العهد تجري في بيت الأمين عبدالله قبرصي الذي كان قريباً جداً من بيت معلوف في رأس بيروت. وكان يحضر هذه الاجتماعات، بصورة دائمة، فخري ورشدي معلوف ويوسف صايغ، وبصورة استثائية صار يسمح للأحداث حلمي وفوزي معلوف وقايز صايغ بالحضور والاستماع. وكان الزعيم يحضر جميع هذه الاجتماعات، حتى حين يكون مريضاً ومرهقاً، نظراً لاهتمامه الخاص الكبير بالناخية الثقافية ولأن الثقافة من أثوى أعماله وأغراض رسالته، وكان في آخر كل اجتماع يتناول محاضرة المحاضر فيحللها ويعرض لاسئلة الحضور وأجوبة المحاضر عليها ويبين مواضع النظر في كل ذلك ويصلح الأغلاط ويصحح الاستنتاجات بموجب قواعد أساسية أساسية يشرحها ويعطي توجيهاته فيستغرق كلامه أحياناً ساعة وأحياناً أكثر أو أقل على نسبة أهمية الموضوع وطريقة عرض المحاضر له. وأكثر ذلك كان يدون في وقلئع الاجتماعات. وكان الناموس المدون آنئذ الرفيق فؤاد سليمان شقسق موسى سليمان وأحياناً كنت أملي عليه الأجزاء الهامة من كلامي التي كنت أخشى أن تغفل وفي سياق هذه الاجماعات عرضت علي فكرة السماح لأشخاص من خارج الحزب بحضور اجتماعات الندوة والاشتراك في حركتها وأعمالها وذلك ان خبر الندوة وابخاثها أخذ ينتشر في المجتمع في رأس بيروت وأخذ بعض محبي الأبحاث الثقافية من معارف الرقثاء يبدي رغبته في الحضور والاكتساب فرحبت بالراغبين في ذلك بحسن نية وأعلنت أن غرضنا نشر الثقافة في جميع أوساط الأمة واننا نسمح لكل راغب في العمل الثقافي الاقتراب منا والاشتراك في أعمالما الثقافية بشرط أن لا ينتج من ذلك افساد لخطتنا وتعويج لأهدافنا الثقافية. وبعد سفر الزعيم تابعت "الندوة" أعمالها وتعهدها تعهدا جيداً فخري معلوف ودرس فيها كتاب "نشوء الأمم" وغيره واعتقد ان الرفيق صايغ، فايز، خضر اجتماعاتها. فالعمل الثقافي وتوضيخ بعض غاياته الهامة ابتدأ فعلاً قبل تشكيل عمدة الثقافة ادارياً. ولا يمكن القول ان عمدة الثقافة لم يكن لها اساس قكري واضح الا بعد ان تولى عمدتها الرفيق فايز صايغ. أما ما قدمه لها الرفيق صايغ من الانتاج الفكري العالي القيمة والتنظيم الاداري وابتغاء المحافظة على سلامة غرضها وصحة اتجاهها فتقديره لن يكون أقل من حقيقته ولن يقلل من شأنه كون عمدته مسؤولة، قبل كل اعتبار وفوق كل اعتبار، تجاه المنظمة تاقومية الاجتماعية التي هي فرع من فروعها، عن تحقيق الغرض الثقافي الموكل اليها تحقيقه، خصوصاً وان الحزب السوري القومي الاجتماعي لم ينشأ حزباً سياسياً للأغراض السياسية فخسب، بل حزباً تعليمياً ومدرسة عقائدية تثقيفية ظاهرة اسسها وخطوطها في تعاليمها الأساسية. فعمدة الثقافة لم تنشأ من تلثاء نفسها ويجب أن تشعر، مع تأثرها بشخصية عميدها وسياسته، بوجوب انطباق كل ذلك على الفكرة الأساسية التي صدرت عنها، مع عدم حرمان العميد خق اثبات او ابراز شخصيته ومواهبه المفترض انه معين بناء على وجودها فيه، لأنها هي مؤهلاته، بإعطاء من يراه من تآويل وترجمات لغاية عمدته كما فهمها وبما تسلمخ من اصولها المكتوبة او الملفوظة وبما تحسسه من الشارع او المنظمة من انشائها، كما أظهر شيئاً من ذلك في غير البيان الأساسي الذي وضعه ووضع فيه المبادىء الأساسية المشار اليها وكان من حقه اظهاره في البيان الأساسي ولزوم الظهور تجاه خارج الحزب بصفة الوكيل، كما هو حقيقة، لا بصفة الأصيل كما ظهر في الفقرات التي أبديت ملاخظاتي بشأنها، ان لم تكن مبالغة في الحرص على مطلق الحق والخير والجمال، فعلى الأقل محافظة على وحدة الحزب الأساسية والشكلية تجاه الأوساط والجماعات خارج نطاقه وعلى مبادىء النظام الدستوري. وأرى هذا كفاية مع ما سبق فإذا أحببت التأمل فدقق وراجع.

…..

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 4 اغسطس 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم



 
جميع الحقوق محفوظة © 2024