إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ناقش هنري زغيب في كتابه "لغات اللغة"

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2011-04-22

نظم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، في اطار لقاءات "كتاب الشهر"، ندوة أدبية لمناقشة كتاب "لُغات اللغة - نُظُمُ الشعر والنثر بين الأصول والإبداع" للشاعر هنري زغيب عن "دار الساقي"، في حضور جمهور من الأدباء والشعراء والصحافيين والمثقفين.

افتتح الجلسة مدير الندوة عضو الهيئة الإدارية في المجلس الدكتور شفيق البقاعي، بكلمة أوجز فيها سيرة هنري زغيب الثقافية، وأضاء على كتابه الجديد بأنه "ينطلق من الكلمة، واللغة اصطفاف لها. فهو الشاعر الحداثي المجدّد المؤمن بارتباط الأدب الحديث، شعراً ونثراً، بالقديم الذي انسلّ منه. وهو يرى أن الشعر ظاهرة عقلية لا صوتية فقط، لأن العمارة الشعرية لا تقوم إلا بهندسة يشرف عليها العقل. وهو وضع خلاصة فكره النظري في هذا الكتاب، الذي جاء يحمل وجهة نظر تستحق الملاحظة والتقدير، وهو جدير بالقراءة والإفادة من عمق تحليله وبُنية المنطق الذي يقدمه في فصول الكتاب، عبر أسلوب لذيذ سكبه بألوان قوس قُزح يعانق فيه رذاذ المطر شفيف خيوط الشمس الذهبية... وما قدمه هنري زغيب في هذا الكتاب فيه إقناعٌ للقارئ، وإنصاتٌ للعالِم، وتشويق لطريقة تواصله مع المفهوم الذي جال فيه قبله أعلام كبار قديماً وحديثاً، أمثال عبدالقاهر الجرجاني والجاحظ وابن قتيبة والخليل بن أحمد الفراهيدي".

فارس

المداخلة الأولى كانت للنائب الدكتور مروان فارس الذي رأى في الكتاب " أكثر من محاولةٍ في فهم الأحداث التي يريد العقل أن يعبّر بها عن ذاته. إنه كتابٌ في علْم الإمكان اللغوي، لأنّ كلّ شيءٍ يعيش هو كلُّ شيء يموت. إلاّ أنّ في علم اللغات ما يبقى بعد الحياة والموت... يقول هنري زغيب: "الشعرُ في كينونته الأولى لحظةُ اندهاشٍ ومباغتَة جميلة. لحظةُ كيمياء تُحوِّل الكلام العادي كلاماً غير عادي، لحظةُ سحرٍ عجيب رائع حين يتولاّه شاعر يعرف كيف يلاعب الكلمات ...". إن شيئاً ما يحصل في علم اللغة: تتقاذف المعنى كلماتٌ تهبط من الشمس أو الغيم مطراً يُحرق الأشياء الاعتيادية، يُحوّلها ذهباً أصفر. هكذا كان يفعل أصحاب الكيمياء: يُحوّلون التراب ذهباً بالكلمات. في اللغة يَحدث ذلك. وهذا ما يرمي إليه هنري زغيب في "لغات اللغة": يتوقّف عند الجدار، يُحطِّمه كما تَحَطَّم جدارُ برلين، ليصل الى المعنى. لكنّ المعنى في اللغة لا وصولَ إليه. من هنا أن اللغة تبقى، وإن كانت اللغات تموت. فالعلاقة بين المعنى وما تحمله الصورة الشعرية تبقى علاقةً مستحيلةً ليبقى الشعر فصلاً من فصول عالم المستحيل حيث يسبح هنري زغيب. غريبٌ كم هذا الشاعرُ متفلِّتٌ من القوانين، وإن كان عمله دراسةً في علوم النُّظُم والإبداع والأُصول، فهو يَبعث هواءً ثورياً في اللغة، فلا يعود فرقٌ بين كلمة وكلمة. تتساوى عنده الكلمات في عاصفة اللغات".

موسى

بدوره، رأى الدكتور منيف موسى أن الكتاب من قسمَين، الأوّل: "من مصادر الإبداع في الكتابة"، والآخر: "في التراكيب الجماليّة"، إضافةً إلى مدخل ومقدمة و"نحو الخلاصة". وفيه يؤسس هنري زغيب- جمالياً- لقاعدة أصول الكتابة في مستواها الراقيّ، الإبداعي والجماليّ، حيث يكون عنده عنصرُ المباغتة- المفاجأة/الدهشة، أساسُ تكوين الشّعر والنثر. فهذانِ النمطان من الكتابة ليسا أُلْهِيةً أو لعبةَ رصّ كلمات. ليس شعراً عنده كلُّ كلامٍ موزون مقفّى". من هنا أن كتاب هنري زغيب يضاف إلى البيانات الشعرية العربية الحديثة منذ مطلع عصر النهضة العربية حتى اليوم... يقول هنري زغيب: "قَدَرُ الشاعر أن يُجدِّد في اللغة، شعراً ونثراً. ولكلّ نمطٍ كتابيّ لغتُه. من هنا تكون عندنا لغاتٌ في اللغة، ومن هنا نفهم الجدلية الجمالية في علاقة الأصول بالإبداع، أو الإبداع بالأصول". وهكذا توغَّلَ هنري زغيب في جغرافيا الكتابة مُنَظِّراً ومُطَبِّقاً راسماً أقاليمَ الشعر والنثر، بانياً أعمدةً/ثوابتَ في أُصول الصَّوغ الإبداعي، وحارساً حُدودَ الأصالة في التكوين التأسيسي للخلْق الفني المبدع، فجاء كتابُهُ بياناً نقْدياً في التنظير والتطبيق، مُوائِماً في ثالوثية الكتابة: الشاعرَ والناثرَ والنصّ. من هنا أن هنري زغيب رأى، فكَتَبَ، فأوْجَز".

نصر

المداخلة الثالثة كانت للدكتورة نجوى نصر التي وجدت في هنري زغيب "كاتباً مهووساً بالأصول، مسكوناً بالإبداع، شغوفاً بالجماليا. وكتابه يعجّ بمصطلحات يشكل بعضُها هاجساً عنده، يعود إليها مشيراً، محذراً، مدافعاً، مشدداً، ناصحاً، موصياً، في مواقف ذاتية يغفل أحياناً عن تحديدها... وفي مكان آخر يصنّف الكلمات (ص63) بقوله: "في اللغة كلمات تصلُحُ للنثرِ ولا يمكنُ أن تدخلَ في الشعرِ..." فيشير إلى كلمة "باخرة" بأنها نثرية وإلى "سفينة" بأنها شاعرية. ولكن كيف يستخدمُ كلمةَ "سفينة" وجِرْس أصواتها الناعِمِ النَغَمِ في قصيدةٍ عن بحرٍ هائجٍ لا تستطيع أن تمخرَ عُبابَه سوى "باخرة" لا "سفينة". ومع كل ذلك، تبقى أهمية الكتاب في أنه طرح أموراً أساسيةًً حول لغة الإبداع الأدبي ويرضي بعض حاجتنا إلى مراجع لاستخدامِ اللغةِ في الأنواع الأدبية وفي تحليل الخصائصِ والمميزاتِ الألسنية للنصوص الإبداعية. لذا جاء هذا الكتاب يسدّ فراغاً بكل صدقٍ، وبناءً على تجربةٍ غنيّة".

وفي ختام اللقاء، أجاب الشاعر عن أَسئلةٍ وردت في مداخلات المحاضرين، وشرح مواقف له في الكتاب من الشعر والنثر، ورأيه لا في "ماذا" يقول الشعر بل "كيف" يقول.

وبعد الندوة وقّع الشاعر كتابه الجديد.



 
جميع الحقوق محفوظة © 2024