شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-07-05
 

«حلم النهضة» كتاب مذكرات للأمينة الراحلة أدما ناصيف حمادة عاشت هاجس الأمة فكراً وثقافةً واجتماعاً

فدى دبوس - البناء

زهرة من أبناء الحياة، حملت العقيدة فكراً وفعلاً وآمنت بأن التاريخ لا يسجّل الأماني والنوايا بل الأفعال والأقوال، ففعلت. تخطّت حواجز الكيانية والطائفية العمياء مؤمنة بأنها مسلمة لله رب العالمين، بالقرآن والإنجيل والحكمة، وبأن اليهود هم العدو الوحيد لأرضها وحقّها ودينها. وقفت وقفة العزّ وكانت في بحرها نهراً هادراً يُسكت نقيق الضفادع حولها.

هي الأمينة أدما يوسف إيليا ناصيف، ولدت عام 1930 في مقلس وعاشت طفولتها في مرمريتا قرب قلعة الحصن في وادي النصارى. وحّدت أدما بين حياتها وثقافتها ببصيرة نفّاذة. امرأة يمكن وصفها بأنها متعدّدة، والتعدد لديها يتمحور حول التغيير، تغيير المجتمع الذي تنتمي إليه إجتماعياً وثقافياً وفنياً، إذ جمعت في نشاطها بين الهاجس الفكري الثقافي والهاجس الفني الجمالي.

عرفت السجن في المزة في دمشق، وفي بيروت... كما عرفت الحرية دائماً. أسقطت النظام الطائفي على طريقتها أربع مرات: الأولى حين التزمت بفكر علماني وحدوي عام 1953، والثانية عندما تزوجت بنعمة حمادة على الطريقتين المسيحية والإسلامية عام 1957، والثالثة لمّا استمرت طوال حياتها تحلم ببناء وطن، والرابعة والأخيرة حين قيل لها أن الإسلام هو طريق الثرى بجانب زوجك فجاء الجواب ولمَ لا؟ توفت أدما في أيار 2011 بعد سنة من الصراع مع المرض. كانت دائماً قوية، شجاعة، فتحدّت المرض وصارعت من أجل البقاء على الحياة فتعاملت مع المرض على أنه تجربة علمية تختبرها وتدرس أوضاع المرض ومراحله، لتمضي بعد ذلك إلى المجهول. إلا أن الموت لم يغيّر شخصيتها ولم يغيبها فبقيت حاضرة في العقول والقلوب.

إحياءً لذكرى الراحلة، أهدى ولداها أمس لمناسبة ذكرى الأربعين لوفاتها كتابها «حلم النهضة» في نادي خريجي الجامعة الأميريكية في بيروت. وحضر الإهداء حشد من الرفقاء في الحزب السوري القومي الإجتماعي والعديد من الأصدقاء والأقارب فألقى الدكتور سليم أديب زميل الراحلة في الدراسة كلمة رثاء، ثم ألقت السيدة صفية أنطون سعادة كلمتها باسم الحزب فذكّرت بما قدمته الرفيقة الغائبة للحزب والرفقاء، وأشارت إلى معاناتها مع المرض وكم كانت قوية في مواجهته وتحديه «فظلت شامخة كما كانت في حياتها وستبقى حية في قلوب الجميع».

وفي حديث إلى «البناء» أخبرنا ابنها غسان حمادة أن الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية تم التحضير لها خلال أربع سنوات، ويضمّ مذكرات أدما وملاحظات صغيرة كانت قد جمعتها في مدونات صغيرة إلى العديد من التسجيلات التي ترجمتها إلى كتابات في ما بعد. ساعدتها في مسودة كتابها الصحافية مي بسيل والصحافي محمود شريح. وانتهت من المسودة الأولى للكتاب بعد سنتين من العمل عليه، لكنها مرضت فتأخر الكتاب. وقبل شهرين من وفاتها عاودت العمل وابنها على الكتاب، إلا أن الموت اختطفها إلى العالم الآخر قبل الانتهاء من الكتاب، فعاود غسان العمل عليه ليقدمه إليها في أربعينها.

يحمل الكتاب تجربة أدما الشخصية مع الحزب، وينطوي على العديد من العواطف الإنسانية. تجربة وجدانية، تجسيد لمعاناة المواطن القومي بين مفهوم النضال الاجتماعي والنضال العسكري، وتمرّ فيه على الصراع أثناء الحرب الأهلية والانقلاب.

قدمّت أدما ناصيف حياتها للحزب وحلمت بفلسطين حرة وببلاد الشام موحدة، وبقيت تحلم بنهضة الأمة. الكتاب هو محاولة لإيصال حلمها، علّ ما لم يتحقق في حياتها يتحقق في موتها.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه