شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-12-15
 

المؤسسات الاجتماعية في حزب سعادة - حلقة ثانية : مؤسسات المنفذيات

طه غدار

بد بداية، من الإشارة إلى ضرورة الاطلاع على مطلع الفصل السادس من "نشوء الأمم" إطلاعاً وافياً، لفهم معنى "المتحد" وصفاته وعلاقاته مع المتحدات الأخرى... وليتسنى لنا الوقوف ملياً على معنى المؤسسات الاجتماعية التي ارادها سعاده لتكون رأس مؤسسات المناطق ويتم الانطلاق منها إلى مؤسسات أخرى تحت إشراف ورقابة الأولى لدمج الجماعة البشرية التي تعيش في المنطقة في وحدة متينة عبر مؤسسات سياسية محلية واجتماعية واقتصادية وثقافية تُسهِّل تواصل الناس بعضهم مع بعض، وتعمل على إقامة مشاريع لإحياء المنطقة على كل المستويات، وتحتضن جميع أبناء المنطقة في "مصالح" واحدة لرفع مستوى حياتهم ووعيهم القومي.

أنشأ سعاده في المراسيم: 2 – 3 – 4، المؤسسات الاجتماعية في المناطق الواقعة ضمن حدود الوطن السوري. وهي: المنفذيات، المديريات، ومجالس المنفذيات ولجان المديريات والمجلس الإداري. وكان قصده من إنشائها واضحاً كل الوضوح (الحلقة الأولى)، لا سيما في كتاباته وشروحاته لهذه المراسيم الثلاث: ايجاد مؤسسات جديدة صالحة لتحقيق "مصالح" الشعب السوري في حياة جديدة .

أولاً: واضح من المرسوم الثاني: المنفذيات، وجود تشريع واحد لكل مناطق الوطن السوري، وليس من حق أية منطقة إيجاد تشريع استثنائي خاص بها يخالف النظام العام للدولة السورية المركزية الواحدة. وأن مناطق الحزب الإدارية تنشأ بمراسيم: المنفذيات. وتقسم المنفذية إلى أحياء ونواحي وقرى يُطلق عليها اسم مديرية (المرسوم الثالث).

التاريخ الاجتماعي:

في الحقيقة، أنه طوال تاريخ الحزب، لا سيما بعد استشهاد سعاده، لم تُدرس مراسيم المؤسسات الاجتماعية الثلاث، وبالتالي لم يقف القوميون الاجتماعيون عند أهميتها لبناء مؤسسات في المناطق، وبالتالي لم يُرّبَ أبناء الشعب على نمط جديد من الحياة الاجتماعية والسياسية للنهوض في كل النواحي الحياتية في المناطق السورية، وتوجيه الرفقاء لقيادة متحداتهم، ليكونوا "قدوة" مواطنيهم في كل أعمالهم ونشاطاتهم ، ومصدر قوة للمنطقة وبالتالي للوطن.

ثانياً: ما حصل لتاريخه فيما خصَّ هذا الشأن. إن المنفذيات كانت وما زالت تنشأ بموجب مراسيم وفقاً للتقسيمات الإدارية المعمول بها في مختلف الكيانات السورية، وبمعنى آخر، وفقاً للتقسيمات المفتعلة من قبل التركي، فالفرنسي والإنكليزي، فالأميركاني واليهودي مؤخراً! ونتيجة للحروب الداخلية أو الأهلية التي نشبت بين أبناء شعبنا بتحريض من الأجنبي، الأمر الذي ساهم "بتطهير" بعض المناطق من طوائف أو أثنيات معينة خلافاً لنفسية شعبنا وتاريخه الاجتماعي الطويل. وهذا ما كان ألمح إليه الدكتور عادل إسماعيل في مؤلفه الوثائقي حول تاريخ لبنان (30 جزءاً). فأتت هذه المراسيم "مسايرة" للحكومات السياسية لكيانات الوطن السوري ذي الأوضاع الشاذة – السالفة الذكر – فقسّمت المناطق وفقاً لتواجد الجماعات المذهبية والطائفية أو الأتنية من اللون الواحد.

ثالثاً: صدرت المراسيم لتحديد المنفذيات في الحزب، وفقاً للتقسيمات المعمول بها في الكيانات السورية. فكانت مصيبة جديدة تضاف إلى سلسلة المصائب التي وقعت فيها "قيادات" الحزب منذ استشهاد سعاده ولتاريخه، وكأنها أتت تلبية لرغبات وأهواء السلطات الحاكمة في الكيانات السياسية السورية. وربما أيضاً بسبب اللوثة الانتخابية التي ما زال يتصاعد "نجمها" في الحزب. مما أبقى شعبنا رهن الانقسام في مناطق هي بمثابة "سجون" كبيرة لكل طائفة أو مذهب أو عرق. لذلك نرى أن شعبنا ما زال يعيش حالة التمزق الاجتماعي والمناطقي، وهذا ما سهّل نشوب الفتن الداخلية بين جماعاته. فأغلقت كل جماعة منطقتها وسيَّجتها بالسواتر المادية و"النفسية". فبقيت كل جماعة حبيسة منطقتها، مما يدفعها في المستقبل بعون أجنبي لطلب "الحكم الذاتي"!

وهذا ما كاد يحصل في لبنان في السبعينات من القرن المنصرم، عندما أغرت الدولة العبرية بعض المتزعمين في لبنان بإنشاء دولتين "مارونية" و "درزية". وهذا ما يحصل حالياً في شمالي بلادنا – بلاد الرافدين – عبر إنشاء دولة كردية تكون بمثابة القنبلة الموقوتة لتفجير كل منطقة الهلال السوري الخصيب، لإقامة دويلات "كسيحة" أتنية ومذهبية وطائفية...

هذا ما وعاه سعاده ، قبل وبعد تأسيس حركته النهضوية، لأن الوحدة الاجتماعية هي أساس الوحدة القومية، وذلك للتغلب على فكرة الانعزال الاجتماعي التي أوقد أتونها الاستعمار القديم، وتعمل الدولة اليهودية، اليوم، كما بالأمس على إيقاد مشاعر الفرقة والانقسام بين أبناء شعبنا لإشعال حروب داخلية من ضمن مخططها: "حرب المجتمع على نفسه" لإقامة مشروعها السرطاني الخبيث الذي يمثّل نقيض مشروع سعاده وهو يقوم على انقاضه ، ولذلك فالصراع بين المشروعين هو بمثابة صراع على البقاء، إما إنتصار أو اندحار.

الوحدة الاجتماعية:

إن المنفذيات يجب أن تنشأ في مناطق مختلطة على الصعيد الاجتماعي، وهذا يجب أن يكون الشغل الشاغل لعمدة الداخلية، لا سيما لجهة اهتمامها بعملية انصهار أبناء المنطقة الواحدة ضمن مؤسسات خاصة في المنطقة يحضنها ويحصِّنها وجود القوميين الاجتماعيين. وتشجيع الزواج المختلط والزواج المدني، وغيره من الأمور والمشاريع التي تساهم مساهمة فعالة في وحدة أبناء المنطقة، وبالتالي وحدة الشعب السوري.

هذا هو العمل الحقيقي الذي يجب أن تتجند له عمدة الداخلية، إضافة إلى الاهتمام بالأحوال الشخصية لمجمل الناس وأوضاع عائلاتهم، وبالعائلات القومية الاجتماعية وأوضاعها على وجه الخصوص.

على العمدة، بعد دراسة أوضاع المناطق، أن تنطلق لإقامة المنفذيات الكبرى التي تجمع عدة مناطق – فيها جماعات من مذاهب وطوائف مختلفة – وليتسنى إقامة مشاريع "حيوية"، ترفع مستوى حياة الناس الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وإقامة أوسع علاقات التفاعل والتواصل بين القوميين الاجتماعيين لخلق بيئة ثقافية – اجتماعية – اقتصادية واحدة، تقدم نفسها كنموذج للوحدة الاجتماعية الفريدة في المنطقة. وكمثال حي يُحتذى به لجميع أبناء المنطقة.

هذا بعض ما ابتغاه سعاده من خلال إنشاء المنفذيات في المناطق: إعادة حياكة النسيج الاجتماعي للجماعات البشرية التي تعيش فيها عبر إنشاء مؤسسات اجتماعية، افتقدها الناس لفترة طويلة، وبناء أعضاء مؤهلين لقيادة الشعب في المناطق، وذلك لخلو بلادنا – لسنوات طويلة – من وجود المؤسسات القادرة على نقل شعبنا من طور متخلف إلى طور أعلى وأرقى.

المؤسسة الجديدة:

أراد سعاده من مؤسسات المنفذيات وهي مؤسسات إدارية بامتياز، إعادة بناء الإنسان السوري عبر تخليصه من كل الرواسب المذهبية والطائفية والعشائرية والعائلية والأنانية الفردية. وتهيئة هذا الإنسان لقيادة أبناء منطقته بعقلية وروحية جديدتين. أي بمعنى آخر ، يجب أن يتجه عمل المنفذية الأساسي نحو إيقاظ "الوجدان القومي". ومن ثم إنشاء المؤسسات التي توحّد جهود القوميين ومواطني المتحد، كالمؤسسات التربوية التي نشأت في الخمسينات من القرن الماضي في الشام، وغيرها من المؤسسات المماثلة. وإنشاء كل ما يساهم في جمع الكلمة حول المصير القومي. لذلك نرى سعادة يطلب في رسالته إلى منفذ عام المكسيك (15/8/1941): ضرورة التقيد بالقانون والنظام لأنهما الدعامة الأساسية "لقيام مؤسسات الحركة ولمشاريعها" في مختلف المناطق، وبين كل القوميين الاجتماعيين.

وفي رسالة أخرى إلى الرفيق العسراوي (10/12/1941) يُوضح سعادة أهمية المؤسسات في حياة الحزب قائلاً " في كتابي الإداري الماضي تجد تشديداً من قبلي على وجوب إعطاء هيئة المنفذية عناية لكي لا تكون صفراً على الشمال. لأن ذلك لا يليق بنظام حزبنا. ومنه تدرك كيفية تخطيطي للمستقبل. فهو في المؤسسات الثابتة فهذه يجب أن تعطى أهمية كبيرة لأن الأشخاص يتقلبون على المؤسسة الواحدة ويتداولونها ولكنها هي تبقى واحدة. وهنا أهميتها. ولذلك شددت في كتاب سابق بفتح دائرة السجلات التي يتناولها الخلف من السلف فتعينه على فهم الموقف بما هو مسجل في الماضي".

أن مؤسسة المنفذية، التي أقرها سعاده في المرسوم الثاني من دستوره، هي مثال المؤسسات الاجتماعية التي توخى منها إعادة تشييد المؤسسات الجديدة الرافعة لشعبه من حضيض المؤسسات الفاسدة التي أرخت بظلالها عليه لفترة طويلة من الزمن. ونتج عنها عادات وتقاليد غريبة عنه وعن مساره التاريخي والحياتي الطويل، فقيَّدته بأغلال "نفسية" أبعدته عن تاريخه العريق: من نشر المعارف وأنواع الفنون، و...

وقد رمى سعاده من خلال إنشاء مثل هذه المؤسسات في المناطق، إلى تثقيف الرفقاء وتدريبهم على معنى المؤسسة ودورها في حياة الجماعة البشرية. ومن ثم تدريبهم على قيادة مناطقهم لإعادة إحياء هذه المناطق بالأعمال الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي توحّد الناس في مؤسسات جديدة تُبرز حيويتهم ومواهبهم التي انطفأت بفعل الاحتلالات المتتالية لسورية، وتعيد تفعيل دور الإنسان في منطقته عبر إنشاء مجموعة أنشطة تربط الناس بعضهم ببعض برعاية وقيادة الفرع الحزبي في هذه المنطقة.

مسؤولية المنفذ العام

المنفذيات، هي – كما أسلفنا – "مناطق إدارية" تنشأ بمراسيم، تصدر عن الزعامة أو رئاسة الحزب حالياً. ويتم تعيين مسؤول إداري لكل منطقة يدعى "المنفذ العام". ويكون تعيينه بمرسوم أيضاً يصدر عن رئاسة الحزب في جلسة رسمية لمجلس العمد. وكذا الأمر بالنسبة لاستقالته أو إقالته. وذلك بعد دراسة ملفه الذي يتناول خبرته ونشاطه، والرتبة التي حصل عليها نتيجة اختصاصه وخبرته وثقافته وجهاده.

أما صلاحيات المنفذ العام فهي "إدارية بحت" ويُمنع عليه أن يتعداها إلى أي شأن آخر، لا سيما الشأن السياسي. لأنه من مهام الشُعبة السياسية المولجة الاهتمام بالوضع السياسي لكل كيان من كيانات الوطن السوري في ظل الانقسام الحاصل اليوم. وهذه الشعبة تابعة للمكتب السياسي المركزي، وهي "تُعنى بالشؤون السياسية الداخلية المختصة بعمل الحزب في المنطقة القائمة فيها الشعبة". "مرسوم الشُعب السياسية لسعادة عام 1948)

وعلى المنفذ العام:

- عقد جلسات هيئة المنفذية.

ب- اتخاذ جميع التدابير النظامية لتنفيذ شؤون الإدارة في منطقته. وتحديد هذه الشؤون في القوانين الداخلية التي لم تصدر لتاريخه!؟

ج- تطبيق نظام الحزب.

د- تنفيذ خططه الإدارية.

هـ- تنفيذ قرارات الزعامة أو الرئاسة حالياً.

و- تنفيذ قرارات العمد المختصين.

ز- تنفيذ قرارات مجلس المنفذية (المرسوم الرابع – مع العلم أنه لم يُعمل بهذا المرسوم كما أراد سعاده طوال تاريخ الحزب – وبالتالي لا قرارات لهذا المجلس الذي هو السلطة العليا في المنطقة). فكيف يمكن أن يقوم المنفذ العام بأعماله في ظل غياب مجلس منفذيه . لذلك يمكننا القول أنه لا عمل وفق الأصول الواردة في الدستور منذ استشهاد سعادة حتى اليوم !.

ح- الإشراف على أعمال النظار وقيامهم بما وُضع عليهم من مهام.

ط- اتخاذ القرارات اللازمة في جلسة رسمية لهيئة المنفذية غايتها:

1- الدفاع عن الحزب في المنطقة.

2- بسط نفوذه وتقوية معنوياته فيها.

3- إقتراح إنشاء مديريات.

4- إقتراح وتعيين أشخاص للوظائف الإدارية التابعة لمنفذيته.

5- اتخاذ قرار بفصل أي عضو فصلاً احترازياً مؤقتاً (وليس لمدة ثلاثة أشهر كما ورد في النظام الداخلي؟) وهو يعتبر فصلاً إدارياً وليس عقوبة، على أن يرفع ملفه بصورة مستعجلة إلى عمدة الداخلية، أو اقتراحاً معللاً بالطرد إذا وُجدت الأسباب الكافية.

يتضح، مما أوردناه آنفاً – المادة الرابعة والتاسعة عشرة من المرسوم الثاني – أن كل صلاحيات المنفذ العام هي إدارية، وبالتالي عليه التقيد التام بمضمون هذه الصلاحية الإدارية الواسعة في منطقته وأن لا يتعداها إلى أي شأن آخر من غير اختصاصه الإداري – التنفيذي.

هذا ما يشير إليه سعادة في رسالته إلى منفذ عام المكسيك (14/8/1941) "إن المؤسسة أهم من الأشخاص، ومؤسسة المنفذية هي من المؤسسات الرئيسية التي يجب ألاّ تبقى حياتها معلقة على حياة فرد واحد. لذلك يجب المباشرة في الحال بدرس دستور الحزب السوري القومي وخصوصاً المرسوم عدد 2 في أول جلسة رسمية تعقد لهيئة منفذية المكسيك... يجب أن تعلموا أن الفرع السياسي في الحزب هو غير الفرع الإداري وأنه ليس من صلاحيات المنفذ العام إعطاء تصريحات سياسية إلاّ بتخويل خصوصي منعاً للتضارب في سياسة الحزب وحرصاً على وحدته السياسية".

إن تحديد سعاده الواضح، لصلاحيات المنفذ العام، على أنها "إدارية بحت" يعني بما لا يقبل الشك حصر صلاحياته ضمنها فقط، وعدم امتدادها لأي سبب كان إلى مهام أخرى لا سيما السياسي منها. وهذا ما يعود ليؤكد عليه في رسالة أخرى إلى منفذ عام بيونس أيرس (26/10/1946) حيث يطلب منه عدم القيام بأية حركة سياسية دون استئذان الزعيم فيما خصّ وضع مذكرة بخصوص فلسطين.

من جهة أخرى، على المنفذ العام، أن يسهر على تدريب وتثقيف الأعضاء لانتخاب عدد منهم للمسؤوليات المختلفة في المنطقة.

الهيئة المساعدة

يعين لكل منفذيه: ناموس، ناظر مالية، ناظر إذاعة وناظر تدريب ، الذين يشكلون مع المنفذ العام هيئة المنفذية ، الهيئة المساعدة للمنفذ العام، وكل منهم لديه اختصاص وخبرة في الشأن الذي عُين لتحمل مسؤوليته. ويتابع كل منهم عمله وفقاً للمهام الملقاة على عاتقه وصلاحياته المنصوص عليها في الدستور (المرسوم الثاني) تحت إشراف المنفذ العام.

صلاحية الناموس:

أ- تسجيل وقائع جلسات هيئة المنفذية.

ب- تسجيل قرارات المنفذ العام الإدارية.

وبالتالي لا قرارات للهيئة، وإنما فقط للمنفذ العام الذي يتخذ قراراته في جلسة رسمية للهيئة.

ج- تعهد المراسلات وحفظها، في دائرة السجلات الخاصة بكل منطقة.

د- النيابة عن المنفذ العام حين غيابه.

هـ- تهيئة تقارير المنفذية لرفعها إلى عمدة الداخلية.

و- إبداء الرأي والمناقشة في جلسات هيئة المنفذية.

ويتم تعيينه بقرار من عميد الداخلية بناء على اقتراح المنفذ العام وتقبل استقالته أو إقالته بالطريقة عينها.

هنا لا بد من الإشارة إلى أن الناموس في حال غياب المنفذ العام يتابع تنفيذ قرارات الأخير. وفي حال عقده جلسات للهيئة فلمتابعة بعض الشؤون المطلوب تنفيذها من المنفذ العام في المنطقة. وفي هذا الشأن كتب سعاده إلى منفذ عام مينس (1940.9.19) "لا يجوز للناموس العام، وفي حال نيابته عن المنفذ العام، اتخاذ قرارات رسمية، ولكن يمكنه إعطاء توجيهات ومعلومات لتسهيل تنفيذ الخطط والأعمال المقررة". كما أن الناموس يكون مسؤولاً عن "دائرة السجلات" للمنفذية ) رسالته الى منفذ عام المكسيك 14/8/1941 ).

فالناموس ينوب عن المنفذ العام، إذا غاب الأخير لمدة قصيرة لا تتجاوز 15 يوماً، في إعطاء التوجيهات اللازمة بناء على ما هو مقرر من قبل.

صلاحية ناظر المالية:

أ- ضبط أعمال الجباية:

1- المركزية (للدولة القومية). وهذا يعني ضرورة وجود مكتب مركزي في كل منطقة لتسديد الضرائب للدولة.

2- الفرعية، للمنطقة أو للفرع الحزبي. على أن تُصرف أمواله برقابة لجنة مالية منتخبة من مجلس المنفذية الذي يقر بدوره موازنة المنفذية (المادة 11 من المرسوم 4)، وهذا ما لم يُعمل به إطلاقاً بعد استشهاد سعادة!

وكل ذلك وفاقاً لأحكام القانون المالي وتعليمات عمدة المالية.

ب- وضع موازنة للمنفذية (تُوضع الموازنة للمؤسسات الكبرى ذات المشاريع المتشعبة والعديدة لإنماء المنطقة).

ج- إدارة حساباتها. (هي مجموعة حسابات لمجموعة إدارات أو مشاريع، وتحتاج لمجموعة محاسبين. ويوجد جباة للضرائب المحلية – المادة التاسعة من قانون الضرائب المحلية).

د- تصديق أوامر الصرف للنفقات المختصة بموازنة المنفذية.

هـ- رفع التقارير المالية إلى عمدة المالية.

و- العمل بموجب القرارات الواردة من عمدة المالية.

ز- إبداء الرأي والمناقشة في جلسات هيئة المنفذية .

على أن يتم تعيينه بقرار من عميد المالية بناء على اقتراح المنفذ العام وبالطريقة عينها تقبل استقالته أو إقالته.

إن وجود موازنة لكل منفذية (منطقة) ، يعني "استقلالية" المنطقة بماليتها، كما أن المنفذية تسد نفقاتها وتقوم بمشاريعها بالاعتماد على الضرائب المحلية والأموال التي تردها بطرق أخرى (المادة الرابعة من القانون السادس). وأن المشاريع تكون قد دُرست من قبل مجلس المنفذية. وترفع إلى عميد الاقتصاد لإقرارها في مجلس العمد، ويصدر بها تشريع – إذا احتاج الأمر – من قبل المجلس الأعلى.

مع العلم، أنه لتاريخه، لا موازنة للمنفذية وفق الأصول المعتمدة في وضع الميزانيات كما تجري الأمور في المؤسسات الممتازة. وكل ما سبق ذكره من مهام ناظر المالية لم يعمل به طوال تاريخ الحزب. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إن مجلس المنفذية هو الذي يدرس موازنة المنفذية ويقرها كما هي أو بإحداث تخفيض في اعتماداتها. وهذا – أيضاً – ما لم يُعمل به بعد استشهاد سعادة في كل ما خص الشأن المالي السابق الذكر.

صلاحية ناظر الإذاعة:

أ- تولي أعمال الإذاعة المحلية من قبل عمدة الإذاعة.

ب- تولي أعمال الإذاعة المحلية البحت من قبل المنفذية.

وهذه الأعمال يجب أن تطال كل المنطقة بجميع وجوهها، وما متابعة النشاطات الإذاعية للمذيعين وللمواطنين إلا أحد شؤونها.

ج- العمل بموجب القرارات الإذاعية (عمدة الإذاعة).

د- درس أحوال المنطقة من النواحي:

1- الاجتماعية.

2- الاقتصادية.

3- السياسية (المحلية).

هـ- وضع منهاج العمل الإذاعي بناء على هذا الدرس:

1- المحلي الداخلي للرفقاء.

2- الخارجي للمنطقة ومواطنيها.

و"الدرس" يعني فيما يعنيه إعداد دراسة شاملة عن المنطقة بكل وجوهها. سواء لناحية التاريخ السياسي، أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وعمليات انتقال أو نزوح السكان وأسبابها وخلافه من الأمور. ووضع اقتراحات عملية بعد تحليل كل النتائج التي توصل إليها نتيجة دراسته. لكأن ناظر الإذاعة أو المذيع في المديرية هو طالب اختصاص يعد دراسة أكاديمية لتقديمها للجامعة.

بناءً على هذه الدراسة، يضع ناظر الإذاعة خطته الإذاعية للمنطقة كلها وتتضمن: وضع الرفقاء وثقافتهم، مستوى الوعي لديهم، وضع المنطقة، أبناءها، ومؤسساتها على اختلافها ما هو موجود منها وما هو مطلوب ايجاده لرفع مستوى المنطقة.

و- رفع المنهاج إلى عميد الإذاعة بعد مناقشته في جلسة الهيئة ومصادقة المنفذ العام عليه.

ز- إبداء الرأي والمناقشة في جلسات هيئة المنفذية.

على أن يتم تعيينه بقرار من عميد الإذاعة بناء على اقتراح المنفذ العام وتقبل استقالته أو إقالته بالطريقة عينها.

مع العلم أن الدراسة التي يقوم بتحضيرها ناظر الإذاعة، تكون شاملة كل الأوضاع للمنطقة. ويستفيد مجلس المنفذية من هذه الدراسة لمعرفة أوضاع المنطقة وما يوجد فيها من مؤسسات، وما تحتاجه منها . ويعمل المجلس بناء عليها أو بعد إدخال تعديل في بعض مضمونها لإعداد مشاريع تساعد على رفع مستواها.

بمعنى آخر. إن الدراسات المتتالية والمتتابعة من قبل نظّار الإذاعة، يستفاد منها للوقوف على أوضاع المنطقة، وللتدقيق في المشاريع الحيوية المطلوبة بالنظر لحاجاتها الأولية.

كما ويستفاد من هذه الدراسات لاحقاً، من قبل الطلبة والبحاثة الذين تدفعهم جامعاتهم ومكاتب الدراسات للإطلاع على أوضاع المناطق والمساهمة بوضع مشاريع لإصلاح هذه الأوضاع ودفعها في طريق التقدم والرقي من النواحي الاجتماعية والتربوية والاقتصادية و.....

ولو تمَّ وضع هذه الدراسات – وفقاً للأصول – منذ أيام الحزب الأولى، أو بالأحرى بعد استشهاد سعاده ، لكان لدينا اليوم مكتبة ضخمة تفخر بها الأجيال السورية مضموناً وعدداً.

صلاحية ناظر التدريب:

أ- إدارة أعمال التشكيلات المحلية للميليشيا.

ب- إدارة التدريب النظامي من قبل عمدة الدفاع.

ج- السهر على تنمية فضائل الجندية ووحدة النظام في جميع رجال الفرق التابعة لمنطقته.

د- التقيد بالمنهاج العام لعمدة الدفاع.

هـ- الحيازة على موافقة المنفذ العام الرسمية في التدابير المحلية.

و- إبداء الرأي والمناقشة في جلسات هيئة المنفذية.

يعين ناظر التدريب بقرار من عميد الدفاع، وترفع استقالته أو إقالته إلى عميد الدفاع مباشرة بدون واسطة المنفذ العام سنداً للمادة الأولى من المرسوم الثاني. ويجب أن يقترن قبول الاستقالة بالحصول على موافقة (الزعيم) أو رئاسة الحزب كونه القائد الأعلى للجيش القومي، أي للقوات النظامية.

مع الإشارة الى أن عميد الدفاع يعين ناظراً للتدريب لا ناظراً للدفاع، وفقاً لما هو معمول به بالنسبة لبقية العمدات: عميد إذاعة – ناظر إذاعة، عميد مالية – ناظر مالية.

فناظر التدريب مسؤول عن ميليشيا شعبية أو جيش شعبي – غير نظامي – أي فرق مدربة على حرب الشوارع للدفاع عن المنطقة ومؤسساتها. ولحماية أبناء المنطقة من أي عدوان خارجي. إضافة إلى عمليات الدفاع المدني، ولإرشاد الناس إلى الملاجئ والمساعدة في نقلهم إلى مناطق آمنة وخلافه... وذلك لتوفير جهد الجيش القومي ليقوم بدوره على الحدود ضد العدو الغازي.

فمسؤولية ناظر التدريب: إعداد جيش شعبي (مقاومة شعبية) لحماية مؤسسات الدولة وأبناء المناطق. ليتفرغ الجيش النظامي، للنظر إلى المهام الجسام الملقاة على عاتقه والقيام بها ، إزاء من يتربص به لا سيما العدو اليهودي في فلسطين، إضافة إلى الاحتلالات الاستيطانية لبعض الأراضي السورية: كيليكيا، الاسكندرون، الاحواز، سيناء ، الجولان ومزارع شبعا.

هذا، بالإضافة أيضاً، إلى أراضٍ ابتعدت عن وطنها الأم نتيجة للمشاكل الدولية والأزمات القومية وأهمها قبرص.

لقد رأى سعادة ضرورة إنشاء جيش شعبي يتولى هو بعض المهام المحلية داخل الوطن ليتفرغ الجيش القومي للأعمال الحربية الكبرى مع الاعداء ، لا سيما أن بلادنا ذات موقع استراتيجي هام، وتختزن أرضها موارد ومواد خام عديدة تطمع بها الدول الاستعمارية.

نظارات أخرى:

سبق الإشارة في كتابي "قراءة في دستور سعاده" الصادر عام 2010 أن تطرأت بشكل مسهب إلى أن سعاده لم يعمد لإسقاط كل العمدات (المصالح العامة الرئيسية) الواردة في المرسوم الأول، على المناطق، وأسباب ذلك. وبالتالي لا ضرورة إطلاقاً لإنشاء نظارة للعمل، وأخرى للبيئة، وأخرى أيضاً للتربية وأخرى لشؤون عبر الحدود وللثقافة والفنون الجميلة والخارجية والقضاء، "والحبل على الجرّار" وإن هذه الشؤون الاختصاصية العالية هي شأن من الشؤون العليا للدولة...

مسؤولية إدارية:

المنفذ العام، هو رأس السلطة في المنطقة، يتابع شؤونها وشجونها. ويتخذ في جلسات الهيئة القرارات الملائمة للنهوض بها على كل المستويات. فهو يتابع شؤون الناس عبر إدخالهم في أنشطة مختلفة في المؤسسات المتعددة الموجودة في المنطقة. ويعطي توجيهاته للنظار لسد الثغرات ولتفعيل الأنشطة المفيدة للمنطقة وأبنائها. وبالتالي عليه أن يتابع عمل مختلف المؤسسات التي أنشئت في المنفذية بموافقة مجلس المنفذية، لاطراد تقدم أعمالها وتواصل الناس معها وانخراطهم بها. ويتابع أعضاء الهيئة أعمالهم تحت إشرافه المباشر: متابعة العمل الحزبي في الوحدات الحزبية، والمؤسسات المنشأة على اختلافها، وينظرون في الحاجات الملحة لهذه المؤسسات أو اقتراحات لإنشاء مؤسسات أخرى جديدة يستدعي التطور الاجتماعي أو الاقتصادي إحداثها.

المنفذ العام – هو "قائد منطقته يقوم بالمهام المنوطة به تحت رقابتين:

1- مركزية: من القيادة العليا للدولة ( لاسيما من العمدات المختصة ).

2- لا مركزية: من قبل مجلس المنفذية لا سيما في الشان المالي.

انه المسؤول الذي يتابع كافة شؤونها: السياسية، الاجتماعية، الثقافية (إنشاء مكتبة وفرق موسيقية و تمثيل مسرحي و...) الاقتصادية، التربوية... يساعده في ذلك أعضاء هيئة منفذية التي يقوم كل عضو فيها بعمله وفقاً لاختصاصه.

تعقد هيئة المنفذية برئاسة المنفذ العام، جلسات التخطيط للمنطقة للنهوض بها في كافة النواحي السالفة الذكر. ويرفع المنفذ العام تقاريره حول هذه الجلسات والأعمال إلى كل من المركز ومجلس المنفذية ، للمتابعة والتدقيق في الأعمال والنتائج المتوخاة. وفي هذا المجال، لا بد من الإشارة إلى وحدة عمل النظار، وضرورة أن يقوم كل واحد منهم بنصيبه من الأعمال المطلوبة منه ، أو التي وضع على عاتقه تنفيذها أو اتخذ قرار بشأنها في جلسة رسمية للهيئة.

يناقش أعضاء الهيئة في هذه الجلسات مختلف المشاريع والأعمال والاقتراحات الواردة من الفروع الحزبية ويتم التداول بكل الواردات من العمدات ومجلس المنفذية ، ويصغي المنفذ العام إلى آراء أعضاء الهيئة، ثم يتخذ القرار الملائم بعد المناقشة المعمقة. فيصبح قرار المنفذ العام قرار الهيئة مجتمعة، ويعمل أعضاؤها كل وفق اختصاصه بما يتوجب عليه القيام به لتنفيذ القرار المتخذ.

وتجدر الملاحظة هنا ، أنه على وجه الاجمال يجري في الجلسات درس المسائل التي يحتاج تنفيذها الى صدور قرار عن المنفذ العام.

نشير ختاماً إلى ضرورة أن يحوز كل عضو من أعضاء هيئة المنفذية على رتبة محددة تبعاً للوظيفة التي يتحمل مسؤوليتها.

المتحد الواعد

أنشأ سعادة المؤسسة الاجتماعية (المنفذية) في المنطقة (المتحد) لتوحيد الجماعة البشرية التي تقطن فيها من خلال "مصالح" أي روابط موحدة بين هذه الجماعة. والعمل على ترسيخ فكرة "الوجدان القومي" وتنظيم المقبلين على الدعوة القومية وتعليمهم القواعد الأولية للثقافة القومية ودراسة الوضع الاجتماعي للجماعة التي تقطن في هذه المنطقة ، ومنع تسرب أي فكر انعزالي أو تفتيتي أو إثني أو طائفي يسهّل للعدو التسلسل إلى قلب وحدتنا الاجتماعية.

لذلك فإن مؤسسة المنفذية هي التي تعمل لبناء جماعة موحدة المصير والهدف ولإنشاء خطط منظمة: اجتماعية، اقتصادية وثقافية و... لمصلحة كل أبناء المتحد.

إن غاية سعادة من هذه المؤسسة الاجتماعية: تحصين المجتمع وتحسينه وتنظيم أعماله وتوزيعها بين أبنائه لبناء المجتمع الواعد.

في حلقتنا التالية نتناول : مؤسسات المديريات.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه