إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الفاشل فيلتمان يُثرْثرُ وحيداً:هل مَن يذكر "الشختورة كول"؟

رمزي عبد الخالق - البناء

نسخة للطباعة 2011-12-19

إقرأ ايضاً


على مدى الأيام العشرة الماضية، لم تخلُ وسيلة إعلامية في لبنان من رأي أو موقف أو تحليل عن نتائج زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان إلى لبنان.

وفي الأعمّ الأغلب، تركّز ما نُشر على ما حمله "العزيز جيف" من تعليمات إلى جماعته وأصدقائه (الذين منهم مَن ذهب وعاد، خلافاً لمقولة ذهبَ ولم يعد). كذلك لم يفتِ الإعلام الإشارة إلى أن كثراً ممّن التقاهم لا يزالون مَسكونين بهواجس "ويكيليكس" التي لم يبلوا بعد من عوارضها، ما اضطر المسؤول الأميركي المفوّه إلى أن يُثرثر وحيداً في معظم اللقاءات.

وإذا كان البعض قد قرأ في "حَيْف" النائب وليد جنبلاط ترجمة شبه حرفيّة لتعليمات "جيف"، فإن البعض الآخر قرأها في تصريح النائب فؤاد السّنيورة بعد لقائِه الشيخ عبد الأمير قبلان.

ذلك أن جنبلاط كان قد بدأ "تكويعته" الجديدة قبل أكل السمَك مع الزائر الأميركي، ولكن يبدو أنه اختار هذه المرّة "توسيع الكوع"، اعتقاداً منه أن التصويب فقط على سورية واستثناء حزب الله قد يجنّبه التهوّر من جديد فيما لو "قصّ الكوع" وصوّب على الاثنين معاً، علماً أن الاعتقاد بإمكانية اعتبار سورية والمقاومة فريقين لا فريقاً واحداً، يستدعي السؤال عمّا إذا كانت "الغشاوة على العيون" قد عادت لتشوّش الرؤية؟

أما السّنيورة (رئيس حكومة فيلتمان الشهيرة)، فقد "كوّع" بدوره وقال بعد الزيارة كلاماً جديداً معاكساً لما كان يصدر عنه وعن فريقه قبلها، إذ أعلن عدم الموافقة على إقامة مخيّمات لمَن يسمّيهم نوّاب وإعلام تيّار المستقبل "لاجئين سوريّين إلى لبنان"، فيما لم تغِب عن الأذهان بعد "همروجة الولولة" النيابية والحزبية والإعلامية التي افتعلها "المستقبل" عند التخوم اللبنانية ـ السورية في الشمال للمطالبة بإقامة المخيمات!

السؤال: لماذا كانت المخيّمات مطلباً ثمّ صارت محرّمة؟ هل لأن فيلتمان، وكما نقل بعض الحاضرين، طلب من "ضيوفه" في قصر أياس (بيت الوسط) أن يهدأوا قليلاً في الموضوع السوري، ملقياً عليهم محاضرة أظهرت أنه يعي أكثر منهم طبيعة وحساسية العلاقات بين لبنان وسورية.

بمعنى أن فيلتمان أفهم سامعيه أن المطلوب في المرحلة الراهنة ليس توتير الوضع في لبنان، حيث يكفي إبقاء جمر النزاعات الداخلية تحت الرّماد إلى أن يَحين وقت النفخ في الجمر لإشعال الحرائق، بل المطلوب الآن التركيز على الأعمال الخبيثة في الدّاخل السوري، أي الاستمرار في تسهيل عمليات تهريب الأسلحة والأموال إلى المجموعات الإرهابية التي سبق أن دعتها الخارجية الأميركية علناً إلى الاحتفاظ بسلاحها وعدم التجاوب مع المبادرة العربية.

إذن، المطلوب أميركياً هو السعي إلى تأجيج الوضع في سورية لا في لبنان، ولذلك أزعج فيلتمان فريق 14 آذار حين تحدّث عن رضا واشنطن على أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

إزاء ما تقدّم يمكن من جهة فهم تصريح السّنيورة ودلالة المكان الذي أطلق منه، ومن جهة أخرى يمكن فهم كلام جنبلاط على أنه محاولة لصبّ الزيت على النار في سورية، لا سيّما أنه انطوى على تحريض طائفي ومذهبي خطير جدّاً، لأنه أولاً يتجاهل خصوصية أبناء جبل العرب الذين لم يتخلوا أو يتخلفوا يوماً عن أداء دورهم الوطني والقومي، ولأنه ثانياً لا يُراعي ما يسمّيه هو خصوصيته اللبنانية الضيقة التي طالما تذرّع بأنها سبب مواقفه وتكويعاته.

وعليه، يكون فيلتمان قد ورّط جماعته وأصدقاءه مرّة أخرى بمواقف وسياسات لن تختلف نتائِجها مطلقاً عن سابقاتها، وسيكون مآلها الفشل والخيبة مجدّداً، سواء في سورية أو في لبنان، تماماً كما فشلوا وخابوا حين استمعوا إليه ونفذوا تعليماته في ليل 5 أيار 2008، مستنِدين إلى أنّ المدمّرة الأميركية "كول" كانت تجوب المتوسط، فإذا بهم بعد يومين فقط يكتشفون أنها "شختورة" لا مدمّرة.

قديماً قيل أن العالِم هو الذي يتعلم من أخطاء غيره، وأن العارف هو الذي يتعلم من أخطائه، أما الجاهل فهو الذي لا يتعلم لا من أخطائه ولا من أخطاء غيره.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024