إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ماذا وراء زيارة لافروف؟

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-02-09

إقرأ ايضاً


أن يأتي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومعه رئيس الاستخبارات الروسية إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية، فهذا يعني أن الزيارة غاية في الأهمية، وهي حكماً لا تقتصر على تأكيد الموقف الروسي المعلن بتبني ودعم الاستقرار والحوار الوطني في سورية، فهذا الموقف جرى التعبير عنه بقوة من خلال «الفيتو» الروسي- الصيني المزدوج الذي أسقط مشروع القرار الغربي- العربي في مجلس الأمن الدولي، الذي كان يُراد به فتح البوابات والنوافذ للتدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية.

حتى اللحظة، لا أحد يستطيع ادعاء الإحاطة الكاملة بأبعاد الزيارة الروسية، لأن ما يدور في المجالس السورية- الروسية العليا، يبقى ملك المعنيّين، وحين يُراد الإعلان عن أيّ أمر، فمن خلال البيانات والتصريحات الرسمية.. والتصريح الرسمي، من كلا الجانبين أكد أولوية الحوار الوطني الداخلي والإصلاحات.. وضرورة ضمان الاستقرار العام. وهذا أمر قائم، فالرئيس الأسد، يسير في الحوار والإصلاح من جهة.. ومن جهة أخرى في مسار الحسم ضدّ الإرهاب.. وروسيا كذلك، تؤكد محورية موقعها في الساحة الدولية من جهة.. وترفع العصا بوجه الأحادية من جهة أخرى.

وأمام ما هو معلن، وفي ظل ما هو غير معلن، هل يعقل حصر الزيارة الروسية في خانة الموقف المؤيد والداعم للحوار الداخلي السوري؟.. أم يُفترض بالمتابعين والمراقبين والمحللين البحث عما هو أبعد من تأكيد المؤكد في الموقف الروسي؟

كما هو معروف، الموقف الروسي ومنذ بدء الأحداث في سورية، اتصف بالاتزان والموضوعية، فإلى جانب التزام روسيا بمقتضيات التحالف الإستراتيجي مع سورية، حرصت على مطالبة القيادة السورية بالإصلاح وإطلاق الحوار، وهو الأمر الذي سارت به القيادة السورية منذ بداية الأحداث.

لذلك، فإن روسيا ليست في مرحلة اختبار نيات القيادة السورية في مجال الحوار والإصلاح، فالقيادة الروسية تثق جداً بالخطوات الإصلاحية التي أعلنها الرئيس الأسد، وتثق أيضاً بجديته في إطلاق الحوار، وعلى هذا الأساس كان الدعم الروسي بدءاً من المواقف التي تؤكد وجود إرهابيين يقتلون الناس، مروراً بزيارات الأساطيل الحربية إلى سورية، إلى التزام روسيا تزويد سورية بصفقات السلاح.

لذا، طبيعي أن ينشغل المحللون والمراقبون في البحث عن أبعاد الزيارة الروسية، وخصوصاً أنها أتت بعد أيام قليلة على «الفيتو» الروسي- الصيني المزدوج في مجلس الأمن، وهذا بحدّ ذاته يدلّ على أن روسيا منزعجة كثيراً من المواقف الأميركية والغربية والعربية الهستيرية التي صدرت على خلفية «الفيتو»، وخصوصاً أن مضمون هذه المواقف غير مسبوق في تاريخ العلاقات الدولية.

وعليه، يمكن الاستنتاج بأن زيارة لافروف ورئيس الاستخبارات الروسية إلى سورية، لها مفعول إستراتيجي يوازي مفعول «الفيتو» ضدّ التفرد الأميركي، وبهذه الزيارة الروسية تكتمل عناصر اللوحة الدولية، لتستقر على صورة عالم متجدّد بتعدّد القطبية.. منطلقه سورية متجدّدة وفقاً لما أعلنه الرئيس بشار الأسد.

بعد الزيارة، لم يعد هناك إمكانية لأن يتقبّل الرأي العام العالمي ما يروّجه مثقفو الغرب الاستعماري، فروسيا ليست تلك الدولة التي ترتشي مقابل التخلي عن دورها وحضورها، فإذا كانت في الماضي تساهلت مع أميركا تحت عنوان الحرب على الإرهاب، فإنّ أميركا اليوم متورّطة في دعم هذا الإرهاب.. لذا، طبيعي أن يرتفع الحذاء الروسي مجدّداً بوجه أميركا رفعه الرئيس السوفييتي الأسبق خروتشوف أول مرة خلال إحدى جلسات الأمم المتحدة في خمسينيات القرن الماضي وضرب به الطاولة احتجاجاً على السياسة الأميركية في ذروة الحرب الباردة.

قلنا سابقاً إنَّ: مُعادل استمرار المؤامرة ضدّ سورية، هو تداعيات قد يكون في طليعتها عودة الاستقطاب الدولي والحرب الباردة وربما الساخنة، وقد تأكد ذلك، ولم يعد بالإمكان السكوت عن التعجرف الذي أخضع العالم لسنين طويلة تحت رحمة شريعة الغاب والغرب.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024