إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دول إسمية.. وقصور على الرمال!

رمزي عبد الخالق - البناء

نسخة للطباعة 2012-03-03

إقرأ ايضاً


يوم غد الأحد هو موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الروسية، وقد أصبح مؤكداً فوز رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، الذي لن يعود هذه المرة رئيساً وحسب، إنما سيكون كمن يعتلي عرش الكرملين، وستمثِّل عودته إيذاناً ببدء حقبة جديدة من عصر القياصرة.

ولعلّ أطرف ما قيل في تحليل موقف روسيا الثابت إلى جانب سورية، هو أنّ بوتين يصعّد ويتشدّد حتى يشدّ العصب خلفه ويزيد نسبة مؤيديه عشية الانتخابات الرئاسية، وحين تنتهي هذه الانتخابات بفوزه، فإنه سيخفف هذا التشدّد، ويتجه شيئاً فشيئاً إلى التراجع عن الموقف المؤيد لسورية.

يعني أن بوتين الذي يعرف أن تأييد سورية يرفع شعبيته في روسيا، سيتخلى عن هذا التأييد، ومعه عن الشعبية، فور إعلان النتائج.

من البديهي القول أنّ مبتدئاً لا يعرف من فنون السياسة وعلومها إلا الـ«ألف باء» لا يُقدم على أمر كهذا؟ فكيف يُعقل أن يُقدِمَ عليه رجل بدأ حياته العملية بخوض غمار العمل المخابراتي، ثمّ عجّن السياسة وخبَزها لأكثر من عقدين؟ خصوصاً أنه سيكون رئيساً منتخباً، وعادة الرؤساء المنتخبين، بل هاجسهم، هو الاستطلاعات شبه اليومية لمعرفة مدى تقبّل الرأي العام للسياسات التي ينتهجون..

ورغم أنّ كثيرين قد تناقلوا هذه الطرفة، ومنهم وزراء خارجية دول كبرى كفرنسا والولايات المتحدة، ومنهم أيضاً مرشح منسحب من الانتخابات النيابية في كسروان، وكذلك عدد غير قليل من المحللين التلفزيونيين وكتاب الأعمدة الورقية والالكترونية الذين (للصدفة!) تتوارد الأفكار نفسها في ما بينهم، فإنّ مصدرها لا بدّ أن يكون من "أشباه الشيوخ" إياهم، الذين يمارسون في بلدانهم سياسة "الحنفية المفتوحة" التي تنفخ الجيوب، ولا تغذّي العقول!

قد يكون هذا المصدر معذوراً في اجتراح الطرفة وترويجها، ذلك أنه في المشيخات والممالك، لا وجود لمنتخَبين وناخِبين، ولا مَن يفقه في الاستطلاعات، ولا مَن يهتمّ لإرادة الناس، فقط هناك مَن يصل إلى العرش على مذهب «مات الملك.. عاش الملك». وإذا كان الوريث قليل الصبر، فلا مشكلة إذا استعجَل القضاء والقدر، وانقلب على المورِّث قبل الأوان.

ليست هذه هي السقطة الوحيدة الناجمة عن عدم الخبرة لدى هؤلاء، الذين تعطلت أدمغتهم من كثرة السقطات، وثبت لشعوبهم قبل أي أحد آخر أنهم مبتدئون في السياسة، أو أنهم يمارسونها على سبيل الهواية، تماماً كما الهوايات الأخرى المكلِفة على الطاولات في لاس فيغاس أو في القصور على شواطئ ماربيا..

كم كان محقاً ذاك الذي قال مرة أنّ العائلات الحاكمة في الخليج لا تصدّق أنها تحكم دولاً قائمة بالفعل، ولذلك تراها، حتى في التسمية، تصرّ على أن يسبق اسم المشيخة أو الإمارة كلمة دولة.

أما الحقيقة فهي أنّ الاستعمار القديم، كافأ تلك العائلات على تعاملها المباشر معه، فأقطعها المساحات الشاسعة من الأراضي الغنية الزاخرة بالثروات والخيرات، ولكي تحافظ على إقطاعاتها فإنها لا تتورّع عن الاستمرار في العمالة للاستعمار الجديد، الذي ربما تغيّر في الشكل والأسلوب، لكن المضمون هو نفسه.

هم أشبه بمَن يلعب "المونوبولي"، لأنهم يحكمون دولاً بالاسم فقط، أما قصور الحكم فمَبنيّة على الرمال...

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024