إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عندما يعترف أنان بموجبات السيادة السورية

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-04-12

إقرأ ايضاً


عندما أعلنت سورية أن لا قيمة ولا معنى لجامعة الدول العربية، حين تكون هي خارجها، فإنها عنت ما تقول. فجامعة الدول هذه، بلا سورية، فقدت كل ارتباط لها بالعروبة، انتساباً وانتماءً، وأحرقت كل مراكب العودة إلى شطآن الكرامة. وهي عندما تكون على هذا النحو من فقدان الانتماء أو الانتساب إلى العروبة، فليس مستغرباً على أمينها العام نبيل العربي مطالبته بتدخل أجنبي في سورية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. و«العربي» هذا، عندما يطالب بالتدخل الأجنبي، إنما ينوب عن الثلاثي القطري والسعودي والتركي، الذي لم يتورّع عن تنفيذ مهمة سفك الدم السوري، مسخراً لهذه المهمة أموال النفط والغاز والأسلحة ذات الدمغة الأميركية و«الإسرائيلية».

نعم، لا معنى ولا قيمة لجامعة دول، لا تجد عربياً يرتضي أن يكون مبعوثاً لها إلى سورية، فهي - أي الجامعة العربية - طعنت بتقرير بعثتها إلى سورية والتي ضمّت عشرات المراقبين العرب برئاسة مصطفى الدابي، لأن التقرير كشف القليل من جرائم المسلحين وإرهابهم. ولذلك لجأت إلى كوفي أنان كمبعوث لها، إضافة إلى مهمّته مبعوثاً أممياً إلى سورية! وهذا إجراء غير مسبوق منذ تأسيس الجامعة، إلا حين أصبحت في عهدة سعود بن الفيصل وحمد بن جاسم وداوود بن أوغلو، وأداة طيعة لتنفيذ سياسات أميركا والغرب الاستعماري. وعلى سيرة جامعة الفيصل بن جاسم وأوغلو، فإن المواكبين لمسار النقاشات والمحادثات التي أجراها كوفي أنان في سورية، تؤكد أنه لم ينبس ببنت شفة حول تكليفه من الجامعة العربية، لأنه وقبل زيارته إلى دمشق، سمع كلاماً واضحاً، أنه عندما سيقدم نفسه إلى السوريين بوصفه مبعوثاً مزدوجاً من الجامعة العربية والأمم المتحدة، فإن سورية سترفضه بصفتيه، لأنها تعتبر الجامعة العربية بحكم الميتة.

لقد فهم أنان جيداً مضمون الكلام السوري، وصاغ نقاطه الست وفق توليفة دولية طغت عليها المقاربات الروسية الصينية، وقد قوبل بإيجابية سورية عندما وضع نقاطه على الطاولة منطلقاً من قاعدة احترام السيادة السورية بشكل تام. لكن الذي حصل، أن الإيجابية السورية فُسّرت على نحو خاطئ، وأصبح الحديث يدور حول انسحاب الجيش العربي السوري من المناطق السورية في تاريخ محدّد، من دون الإشارة إلى إلزام الإرهابيين بإلقاء السلاح! وهذا ما كانت سورية متنبّهة له تماماً، فأعلنت خارجيتها بلسان الناطق باسمها، رفضها لهذا السيناريو الخطير، وربطت عودة الجيش إلى ثكناته، بإلقاء سلاح الإرهابيين وبتعهّدات من الأطراف المشاركة والراعية لسفك الدم السوري، (السعودية، تركيا، قطر) بعدم تمويل الإرهاب وتزويد الإرهابيين بالسلاح. ولم يفتِ الخارجية السورية التذكير بأن الجيش أعيد إلى ثكناته، عشية قدوم بعثة المراقبين العرب، لكن المسلحين والقوى التي تدعمهم استغلوا هذا الأمر لإعادة تنظيم خلايا إرهابية في عدد من المناطق السورية. وفي هذا التذكير، إشارة سورية واضحة إلى أن ما حصل عشية وصول بعثة المراقبين العرب لن يتكرّر. وأنّ حفظ الأمن وصيانة الاستقرار وحماية حياة الناس هي من مسؤولية حماة الديار، عندما تكون هناك مؤامرة خارجية هدفها ضرب سورية وهز استقرارها.

وعليه، فإن الحديث عن «انسحاب الجيش من المدن» هو اعتداء سافر على السيادة السورية، فالجيش هو مسؤول عن حماية المناطق والمواطنين وهو أداة بسط سلطة الدولة وحفظ الاستقرار العام، وخصوصاً عندما تتعرّض الدولة لمؤامرة خارجية ولأعمال إرهابية.

من واجب الجيش، في أي بلد من بلدان العالم، بسط سلطة الدولة وحفظ الاستقرار العام، وفي هذه الحالة فإن الجيش السوري ينفذ المهام المنوطة به، في مواجهة مؤامرة خارجية تتوسل القتل والإرهاب الموصوف، وعندما يُنهي الجيش مهامه في اجتثاث الإرهاب الذي يهدّد حياة الناس، سيكون في ثكناته حكماً.

وفي هذه الحالة، فإن سورية تتعاطى بإيجابية مع كلّ اتجاه لا يمسّ بسلطان السيادة والكرامة، وبالتالي فإنها لا تهتمّ كثيراً بلغة التهويل والتهديد والوعيد الذي تمارسه دول غربية وإقليمية وعربية، ولن تلتفت إلى تحريض الإعلام المعادي الذي يبالغ في تصوير صدمة كوفي أنان بعد سماعه الموقف السوري، ولن تتأثر بما صرح به رئيس حكومة «العدالة والتنمية» في تركيا رجب طيب أردوغان حول المهل والإجراءات، ولن تهتز بفقاقيع تنبعث من الخيم المنصوبة للمجموعات المسلحة على طول الحدود التي يتسلل منها الإرهابيون.. فقد سبق أن سمِعت سورية الكثير من التهويل والتهديد، لكنها لم ترضخ.. ولن ترضخ.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024