إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سورية إلى مربع الاستقرار.. وروسيا تعدّل هندسة «البناء العالمي»..

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-04-24

إقرأ ايضاً


عندما أعلن وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف «أنّ هناك دولاً وقوى خارجية محدّدة، تعمل على إفشال خطة المبعوث الأممي إلى سورية»، ألقى باللائمة على هذه «الدول والقوى المحدّدة»، لأنها تقارب الموضوع السوري بتهوّر، ومن زاوية أحقاد متعدّدة الأسباب والأوجه، وهذا برأي روسيا، مسار خطر يُصّدع «البناء الدولي» الذي تعيد روسيا هندسته، وفقاً لدفتر شروط جديد، عنوانه تعدّدية قطبية تنهي الأحادية، التي أغرقت العالم بالأزمات والمشاكل.

إذاً، هي رسالة روسية، لأطراف في المجتمع الدولي، يقول لافروف إنها «تتمنى إخفاق خطة أنان لتلجأ إلى خيارات أخرى، أولها خيار استخدام القوة». وفحوى الرسالة، أنه ليس مسموحاً التلاعب بالتعديل الهندسي الروسي على البناء الدولي الجديد.

وهي رسالة لحكومة العدالة والتنمية التركية، التي تمادى رئيسها رجب طيب أردوغان في التصعيد مع سورية ومطالبته «الناتو» بالتدخل فيها، وذلك بعد موافقته على نشر الدرع الصاروخية في تركيا، ما يعتبر مسّاً بخطوط حمر روسية. ويتوضح فحوى الرسالة الروسية حين يقول لافروف: «على الناتو إقناع خبرائنا بأن الدرع الصاروخية لا تستهدفنا». وحين يؤكد «أن موسكو تتسلم معلومات، تفيد بأن مقاتلي ما يسمّى «الجيش السوري الحر» يسيئون استخدام صفتهم كلاجئين في تركيا، و«ينفذون هجمات على نقاط الحدود السورية، مؤكدين بذلك رغبتهم في إفشال خطة أنان». لذا كان رفض روسيا استبدال خطة أنان بمجموعة ما يسمّى «أصدقاء سورية»، وقد أدى هذا الرفض إلى قرار آخر في مجلس الأمن بإيفاد المراقبين الدوليين طبقاً للخطة، وهذا يقطع الطريق على الغرب وحلفائه.

بالتأكيد هناك أطراف في «المجتمع الدولي» ساءها التعديل الهندسي الروسي الذي رسّخ توازنات دولية جديدة، فأوعزت إلى أردوغان بالتصعيد، وكذلك إلى أمير قطر حمد بن خليفة الذي أعلن «أن الشعب السوري ليس بحاجة إلى حلّ سياسي، بل إلى السلاح». وهذا كشف طبيعة المهمة الموكلة إلى مملكات الخليج ومشيَخاتها.. وهي تسليح المجموعات الإرهابية وتمويلها.

لدى روسيا مقارباتها وسياساتها، وهي تتكئ على حليف سوري يصدقها الالتزام، وهذا الحليف هو بوابتها الآمنة إلى المياه الدافئة، وهي بمقدار ما تدفع لإنجاح خطة أنان، تحرص على مقتضيات الأمن السوري، فما تضمّنه بيان وزارة الدفاع السورية الذي بموجبه توقفت العمليات العسكرية، تأكيد حق الردّ على الاعتداءات الإرهابية، وهذا حق سيادي لسورية جرى تأكيده في لقاءات وزير الخارجية وليد المعلم مع نظيريه الروسي والصيني، وسبق أن التزم به أنان.

والسؤال: إلى أين تريد «الدول والقوى المحدّدة» أن تصل في دعمها للإرهاب؟ وهل ما تقوم به تركيا وقطر والسعودية يتمّ خارج السقف الغربي والأميركي؟ وماذا عن المجموعات الإرهابية المتطرّفة التي اعترفت بعض الدول بأنها تتوجّه من أراضيها لـ«الجهاد» في سورية؟

ما تقدّم يحتاج إلى إجابات، فإما أن يشهر الغرب وعلى رأسه أميركا حلفه مع الإرهاب والتطرّف، وعندها ستكون هناك رسائل حاسمة ونهائية أقوى وأبلغ، وإما أن ينصاع هذا الغرب لمعادلة دولية جديدة تثبت الاستقرار العالمي لعشرات السنوات. وفي كلتا الحالين، يجمع المتابعون على أن الوضع السوري ورغم كل التصعيد الخارجي يتجه نحو مربّع الاستقرار.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024