إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بعض الإعلام العربي يروّج لتبرئة الصهيونية من آثام العنصرية!

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-06-28

إقرأ ايضاً


نشر هنري سيغمان، وهو من الأعضاء البارزين في المنظمة الأميركية ـ الصهيونية، مقالاً في صحيفة عربية تمولها السعودية، بعنوان: «الصهيونية ليست عنصرية لكنّ الصهاينة يمكن أن يكونوا عنصريين»، وجه فيه انتقادات مباشرة لعدد من القادة الصهاينة على خلفية مواقفهم العنصرية تجاه الفلسطينيين، لكنه في المقابل دافع باستماتة عن الصهيونية نافياً عنها صفة العنصرية!.

الكاتب الأميركي- الصهيوني لم يضف شيئاً جديداً. فقادة الكيان الصهيوني معروفون بعنصريتهم، وسجل كيانهم الأسود حافل بالجرائم والإرهاب الوحشي والتمييز العنصري. لكن ما هو إضافي وجديد، تحويل بعض الصحافة العربية منصة لترويج أكذوبة أن الصهيونية براء من العنصرية!

ما يحويه مقال سيغمان من انتقادات لعدد من القادة الصهاينة ووصفهم بالعنصريين، لا ينفي التوصيف ذاته عن صاحب المقال، خصوصاً أن انتقادات سيغمان تنطلق من قاعدة التسليم بأمر واقع حصل بفعل الاحتلال والعدوان والإرهاب والعنصرية. وهذه القاعدة تمثل أخطر شكل من أشكال العنصرية والإرهاب. ولذلك نرى كيف يحرص الكاتب على أن يدرج انتقاداته لقادة الكيان الصهيوني على خلفية عدم التزامهم باتفاقية «أوسلو» التي هي نتاج أمر واقع الاحتلال.

ما هو واضح أن كل همّ سيغمان، هو الدفاع عن الحركة الصهيونية. ففي مقدمة مقاله، يصف القرار 3379 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، بـ«الاتهام الافترائي»، ما يعني، تبرئة الصهيونية وأذرعها الإرهابية «الهاغانا» و«الأرغون» و«شتيرن» وغيرهما من كل الجرائم والمجازر العنصرية المرتكبة بحق الفلسطينيين والعرب منذ العام 1948 وحتى اليوم.

لقد تعمّد سيغمان الإشارة إلى سحب الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الرقم 3379 لإيهام الرأي العام بأن التراجع عن هذا القرار يشكل قرينة براءة للصهيونية من العنصرية، لكنه تجاهل واقع الظرف الدولي الذي شكل الأساس في إلغاء القرار 3379. وللتذكير فإن العام 1991 شهد تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المنظومة الاشتراكية واختلت موازين القوى دولياً لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية التي تفردت بالهيمنة على العالم ومارست السطوة على المنظمات الدولية وتحديداً الأمم المتحدة التي ألغت قرارها الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية تحت وطأة الترويع الأميركي.

ما هو مؤكد أن الصهيونية مُجسدة بالكيان الصهيوني القائم الاحتلال والاغتصاب على أرض فلسطين، والمجازر التي ارتكبها هذا الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين والعرب ومشاريعه الاستيطانية والتهويدية، كلها أفعال عنصرية، وهذه الأفعال الإرهابية العنصرية حصلت قبل قرار الجمعية العامة وبعده، وقبل إلغاء القرار وبعده.. لذلك فإن مقال سيغمان يندرج في سياق محاولات طمس الحقائق التي دأبت عليها الحركة الصهيونية.

وإذا كانت مرامي سيغمان وغيره من الصهاينة معروفة واستهدافاتهم واضحة، فإن ما هو محل استهجان واستغراب واستنكار، أن تنشر بعض الصحف العربية مقالات تروّج أن الصهيونية ليست عنصرية! إنها حقاً لمفارقة، خصوصاً في وقت تكشر الصهيونية عن إنيابها وتمعن في قتل الفلسطينيين في غزة والضفة وكل فلسطين المحتلة بهدف إبادتهم!

تلميع صورة الصهيونية وكيان الاغتصاب عبر بعض الإعلام العربي لم يبدأ مع مقالة سيغمان، بل مع فضائيات «الرأي والرأي الآخر» التي استضافت مئات المسؤولين الصهاينة لتبرير جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.. وهذا يؤكد أن وظيفة بعض الإعلام العربي هي الترويج للتطبيع مع العدو الصهيوني وتحسين صورة الصهيونية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024