شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-08-24
 

وحدهم الشهداء يعترضون ... ولهم المجد

الياس عشّي - البناء

اسمحوا لي ولو لمرّة واحدة أن أشارككم الخوف من الآتي وأن أضع قلبي النازف أمامكم فأنا والتفاؤل توأمان فإن خرجت اليوم من هذه التوأمة فلأنّ قسوة المقارنة بين ما وصلنا إليه نحن العرب وما وصل إليه الصهاينة تدفعني أحياناً إلى تبديل أصابعي .

لنتأمٌل معاً هذه المفارقات :

1 - الصهاينة يخطّطون لألف عام آتٍ والعرب يخطّطون كي يعودوا إلى العصر الجاهلي .

2 - الغرب يضيء قناديله كما يقول الدكتور غالي شكري بزيت العرب والمسلمين فيما لا نزال نأمل في أن ينجلي ليلُ امرئ القيس الطويل .

3 - انتهت محاكم التفتيش وأضاف الأوروبيون إلى لائحة الشرف عقولاً مستنيرة أمثال ڤولتير وجان جاك روسو ومونتيسكيو وشكسبير ونحن أقمنا محاكم ميدانيّة لكمّ الأفواه وقطع الرؤوس وهدر دم كل من يجرؤ على التفكير .

4 - المنظّمات الصهيونية أسّست في بال بروتوكولاً قادها بعد خمسين عاماً إلى احتلال فلسطين وإقامة دولتها على أرضنا ونحن العربَ بلعنا وعد بلفور واتفاقية سايكس - بيكو وأسّسنا جامعة الدول العربية لتكريس الكيانيّة وضرب كلّ المحاولات لقيام أيّ شكل من أشكال الوحدة .

5 - إسرائيل وحلفاؤها جعلوا من القادة العسكريين الصهاينة أبطالاً رغم كلّ المجازر التي ارتكبوها فيما خوّن العرب المقاومة وتآمروا عليها واتّخذوا منها قميص عثمان آخر للانقضاض على منجزاتها .

6 - إسرائيل ترفع المستوطنات في سماء فلسطين وتهجّر من بقي على أرضها من العرب ونحن ندمّر مدننا التي لطالما تغنّنينا برائحة ياسمينها وقامات نخيلها وثورة أبجديّتها وشفافيّة شعرائها وعقلانيّة فلاسفتها مدناً نهبوا تراثها وذبحوا تاريخها وباعوا خيراتها وتركونا على قارعة الطريق نستجدي النصر من عنده تعالى كما يقول الشاعر المبدع نزار قباني .

7 - «إسرائيل بعد مئة عام ونيّف من صدور بروتوكولات حكماء صهيون حقّقت الكثير من طموحاتها في تأسيس إمبراطوريتها الممتدّة من الفرات إلى النيل والعرب بعد مئة عام من سايكس - بيكو كرّسوا التقسيم وهم يسعون اليوم إلى تقسيم آخر له هُويّة أخرى تنتمي إلى المذهبية الدينية.

8 - «إسرائيل تفتح أبوابها كي يعبر إليها اليهود من كلّ أنحاء العالم ليشاركوا في بناء دولتهم الافتراضية ونحن العرب نفتح أبوابنا أيضاً ولكن في اتجاهين : أحدهما للهجرة إلى أقاصي العالم لنتحوّل إلى شتات وثانيهما لاستقبال المسلحين الوافدين إلينا من الرياح الأربع لتدمير خمسة آلاف عام تحمل في ذاكرتها في ما تحمل شريعة حمورابي وأبجدية أوغاريت وجبيل والرسالتين المسيحية والمحمديّة.

هكذا تبدو خريطة العالم العربي اليوم فهل من يعترض؟

وحدهم الشهداء يعترضون... ولهم المجد.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه