شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-08-27
 

أميركا تهوّل بالحرب لوقف الانهيار.. و تبقى الحرب مستبعدة

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

اتجه البعض لتفسير الحركة الدولية والاتصالات التي تجري حول الازمة السورية تفسيراً يقطّع بحتمية شن عدوان غربي على سورية خلال الايام القليلة الاتية التي لا تتعدى العشرة على ما نسب لبعض الدبلوماسيين الأوروبيين واعتمد مروّجو فكرة الحرب على قرائن ودلالات تخدم ظنهم وتوقعهم منها ما يتعلق باجتماعات عسكرية هنا او تحشيد أساطيل هناك او حتى ما جاء في المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية الروسي بعد ظهر يوم الاثنين في 26 8 2013. وانطلاقاً من كل ما يتداول فإننا نرى أن ما يستند اليه ليس كافيا لاتخاذه دليلاً قاطعاً بأن العدوان سيقع حيث أن التحليل والتفسير الموضوعي ينفي هذا الاستنتاج كالتالي:

1 بالنسبة لاجتماع رؤساء أركان بعض الجيوش التي تعتبر دولها حليفة او تابعة لأميركا فان هذا الاجتماع كان مقررا قبل وقوع أكذوبة الكيماوي التي تحاول جبهة العدوان التذرع بها لتبرر التدخل العسكري المباشر في سورية ثم إنه اجتماع يحصل في اطار سلسلة ما يسمى مناورات «الأسد المتأهب» الذي تصر الجهات المعنية به على رفض ربطه بالتدخل في سورية. ومع ذلك فاننا لا نسقط اهمية الاجتماع كلياً ولكننا لا نرى ان تحضيراً لحرب في مثل ما يتم الحديث عنه ضد سورية يجري بشكل استعراضي وإعلامي بالشكل الذي يحصل الان في الاردن.

2 بالنسبة للأسطول السادس وإبقاء القطعة البحرية التي كان مقرراً سحبها الى الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة الاميركية في معرض عمليات التبديل الدوري للصيانة والتعهد فإننا لا نرى ان تأخير انتقال البارجة لمدة ثلاثة اسابيع مؤشر مهم للإعلام بقرب حصول حرب وسبق لأميركا أن قامت بمثل هذا التصرف أكثر من مرة في سياق معاركها الدبلوماسية وحروبها النفسية.

3 اما بالنسبة لقول لافروف بان روسيا لن تنضم الى الحرب ان وقعت الأمر الذي فسره البعض انه نوع من الابتعاد واخلاء ميدان الشرق الاوسط لاميركا ما سيغري اميركا بالحرب غداً فاننا لا نرى فيه مثل هذا المعنى ولا نعتد به دليلاً او قرينة على حتمية الحرب وقربها بل نرى فيه عكس ذلك تماماً. وهو برأينا قول بديهي اذا اخذناه في السياق الطبيعي لتسلسل الأمور ولمكانة روسيا دولياً الآن وموقعها في الازمة السورية والتحضير لمؤتمر جنيف. وإننا نرى ان روسيا التي تعلم كما يبدو من خلال مراقبتها واتصالاتها اليومية باميركا أن الحرب لن تقع فإنها لا تجد نفسها مضطرة لاعلام حربي استفزازي يضع العراقيل في وجه مؤتمر جنيف 2 الموعود وهي صاحبة المصلحة الأكيدة فيه لأنه ان عقد سيترجم الانتصار الميداني لحليفتها سورية الى واقع سياسي معترف به دوليا وسيكون ذلك نصراً استراتيجياً كبيراً للسياسة الروسية يشكل النصر الاهم منذ ثلاثة عقود. لذلك ترى انه ليس من مصلحتها تصعيد الموقف مع اميركا والدخول في مبارزة مجانية معها تؤدي الى تعطيل المؤتمر واطالة فترة الحرب في سورية اشهراً وسنوات اضافية اخرى ولهذا اقول ان موقف لافروف في مؤتمره الصحفي سواء ما تعلق بالحرب وعدم الاستعداد للاشتراك فيها او في توصيفها بانها انتهاك للقانون الدولي العام انما هي مواقف امتازت بالعمق والحكمة التي من شأنها التحذير من الحرب وسحب ذرائعها والامتناع عن صب الزيت على النار في شأنها.

4 وفي كل الأحوال نعود ونذكر بان محور المقاومة الذي خاض المواجهة ضد المشروع الصهيو ـ اميركي منذ عام 1990 لم يكن في مواجهته معتمدا على غير قوته الذاتية وانه امتلك خلال العقدين من القوة ما جعله يسجل الانتصار تلو الانتصار بدءاً من عام 2000 ثم انه بعد عام 2006 امتلك من قوة الردع ما منع العدو من اي مغامرة ضده.

لهذا وبموضوعية اقول مكرراً انني لا أرى اميركا ستغامر بحرب ضد سورية إلا اذا كانت قد قررت الخروج من الشرق الاوسط.. فالحرب إن وقعت ستغير وجه المنطقة كما قال السيد حسن نصرالله تغييراً لن يكون في مصلحة أميركا طبعاً. ومع هذا نقول ان المنطقة تمر الآن في فترة عصيبة من الضغوط والحرب والنفسية والتهويل الذي لن ينفجر حربا كما يظن البعض فاميركا تريد وقف هجوم الجيش العربي السوري في الغوطة بشكل فوري لمنع انهيار مرتزقتها واعتقد انها لن تبلغ مأربها كما انها لن تجرؤ على الحرب.

أستاذ في كليات الحقوق اللبنانية



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه