شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-10-26
 

متى يعود الإبن الشاطر إلى حقول الياسمين؟

الياس عشّي - البناء

نداء

يعيش اللاجئ في أرض غريبة وبين غرباء ينسى الناس اسمه ويتذكّرون فقط رقم بطاقته التموينيّة.

صحيح أنّ سكّان أميركا الجدد قتلوا عشرين مليوناً من سكّانها الأصليين المسمّين خطأً بالهنود الحمر ولكنّ الصحيح أيضاً أنّ الناجين من المجزرة تشبّثوا بأرضهم ورفضوا مغادرتها رغم العنصريّة التي مارسها الأوروبي الأبيض عليهم وعلى السود طيلة مئتي عام ونيّف.

أيّها السّوريّون لا تذبحوا وطنكم مرّتين : المرّة الأولى كانت بتدميركم له والثانية ستكون لو تخلّيتم عن المشاركة في إعادة بنائه.

جرح في الخاصرة

مع اندلاع الحرب العربيّة - الإسرائيليّة الأولى عام ثمانية وأربعين بعد التسعمئة والألف نزح الفلسطينيون إلى البلدان العربيّة المجاورة آملين كما وُعدوا في عودة قريبة.

هذه العودة لم تأتِ أبداً ولا أظنّها آتية في ظلّ «ربيع عربيّ» مخلّع وكسيح. ومع مرور الزمن تحوّل الفلسطينيون إلى لاجئين إلى جرح في خاصرة الوطن إلى جداول وأرقام إلى مستعطين على أبواب السفارات والأونروا وأقاموا في مخيّمات أكثرها لا تصلح لتكون حتّى زريبةً لناقة أمير من أمراء النفط.

أثناء ذلك كلّه كان اليهود يتسلّلون من الجهات الأربع إلى فلسطين ويعدّون العدّة لقيام دولتهم الممتدّة من الفرات إلى النيل ويتآمرون مع الدول الداعمة لقيام دولتهم اليهوديّة كي تفتح باب الهجرة للفلسطينيين الذين تحوّلوا إلى شتات.

أيّها السّوريّون إنّ المشهد يتكرّر وإنّ المشاعر «الإنسانية» الملفّقة التي أظهرها الغرب لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة هي ذاتها تمارس اليوم لإقناعكم بالتخلّي عن تراثكم الحضاريّ العمرُه تسعة آلاف عام وحصولكم على بطاقة لاجئ والإقامة في مخيّمات أعدّت لكم سلفاً.

أيّها السّوريّون أوقفوا نزف الجرح في الخاصرة فثمّة حقول من الياسمين تنتظر الاحتفال بعودة الابن الشاطر فلا تخذلوها.

معنى اللجوء

لجأ لغةً تعني لاذ إليه واعتصم به ومنها اشتُقّ اسم المكان: الملجأ.

واسم الفاعل : اللاجئ وجمعه : اللاجئون .

هذا في اللغة أمّا في السياسة فلها معانٍ عجيبة وغريبة ومبتكرة أيضاً. دخلت في النفاق وخلعت عباءة الحماية التي لطالما تغنّى العرب بها كواحدة من خصالهم الحميدة.

صار اللجوء تشرّداً والملجأ صار خيمة مسكونة بالبؤس والتجارة والسلاح والجوع والدعارة والكدية. تحوّل اللاجئون إلى ورقة رابحة في حساب التغيّرات الديمغرافيّة التي يكثر الحديث عنها في الاجتماعات المغلقة .

أيّها السّوريّون: « المؤمن لا يُلدغ من جحر مرّتين « عودوا إلى مدافئكم واصطلوا بنارها فثمّة شتاء قاسٍ يدقّ الأبواب ولن يستطيع أحد أن يردّ بلاءه عنكم.

وإنّي لواثق بأنّ سورية ستدفئ الجميع.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه