إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عيد تأسيس الحزب احتفاء بمسيرة مضيئة.. وثبات على عقيدة سعاده ومبادئه

معن حمية - الديار

نسخة للطباعة 2014-11-16

السادس عشر من تشرين الثاني عام 1932، ليس يوماً عادياً، وهو لا يمّر عرضاً في روزنامة التاريخ، ففي هذا اليوم، تأسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أحدث بفكره وعقيدته ومبادئه، انقلابا جذرياً على منظومة المفاهيم الهدّامة والآفات الاجتماعية، وشكّل عنواناً للمستقبل... بوصلته الحق والصراع من أجل أن تحيا بلادنا، أمة حرة عزيزة موحدة.

بتأسيسه للحزب، أضاء أنطون سعاده شعلة الحقيقة، فرسّخ مفهوم الأمة، وحدّدها تحديداً علمياً دقيقاً، وحدّد الغاية، والأهداف ووسائل تحقيقها، وأنجع الوسائل تمثلت ببناء الإنسان الجديد، الإنسان المقاوم الذي يدافع عن حقه وأرضه وشعبه، بهدي عقيدة قومية حيّة لا تموت.

حين أسّس سعاده الحزب السوري القومي الاجتماعي قبل 82 عاماً، كان شعبنا يرزح تحت نير القوى الاستعمارية التي تقاسمت الحكم والنفوذ على كيانات «سايكس ـــ بيكو»، وكانت فرق الهاغانا والشتيرن اليهودية تتسلل إلى فلسطين تحت غطاء قوى الاستعمار وترتكب المجازر وعمليات القتل الممنهج على طريق إقامة كيان الإرهاب الصهيوني على أرض فلسطين.

لذلك، فإنّ تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي يكتسب معان نضالية وصراعية ووجودية، وقد شكل تحدياً خطيراً في وجه المشروع الاستعماري الذي قسّم بلادنا لمصلحة إقامة الكيان اليهودي الإرهابي على أرض فلسطيــن.

في وقت كان فيه القائمون على أمر الناس في بلادنا غارقون في التبعية والانصياع لمخططات ومشاريع قوى الاستعمار، دعا سعاده إلى الجهاد الحقيقي ضدّ العدو اليهودي وضدّ مؤامرة التقسيم، ومن يراجع خطب سعاده ومواقفه وإجراءاته في تلك الفترة، يكتشف أهمية دور الحزب القومي، وكيف أنّ سعاده وضع مرتكزات الخطة القومية النظامية المعاكسة في مواجهة الخطة الصهيونية العدوانية. وأهمّ المرتكزات تخريج الضباط القوميين والاشتراك في معارك فلسطين ضدّ العصابات اليهودية.

وإذا كانت المقاومة سمة بارزة وطاغية في نهج الحزب السوري القومي الاجتماعي وسلوكه، فإنّ أبرز سمات هذا الحزب، أنه تأسّس على فكرة الوحدة القومية، وعقيدة الوحدة ومبادئ الوحدة، وجسّد ذلك ليس في دستوره وحسب، بل في مسيرة نضاله ومقاومته ودماء شهدائه.

في ثقافة الحزب، «وعد بلفور» وعد باطل ومشؤوم، فهو وعد الاستعمار لليهود بجعل فلسطين وطناً لهم، وفلسطين، جنوب الأمة، هي جزء أساس لا يتجزأ من جغرافية سورية الطبيعية، ولذا، لم يتأخر الحزب السوري القومي الاجتماعي في تهيئة القوميين وتشكيل الجرائد والمجموعات لمقاومة المحتلين اليهود على أرض فلسطين.

وفي ثقافة الحزب «سايكس ـــ بيكو» اتفاقية استعمارية قسّمت الأمة السورية الى كيانات، بهدف ضرب مكامن قوتها ووحدتها، وقطع شرايين الحياة الجامعة لأبنائها، وتجهيل تاريخها والقضاء على حضارتها المتجذرة عبر التاريخ.

وقد تسبّبت مبدئية سعاده في نظرته إلى الأمة ومواجهة التحديات التي تسعى للقضاء عليها، باتخاذ قرار اغتياله على أعلى المستويات المخابراتية العالمية وبواسطة أدوات محلية مرتبطة بقوى الاستعمار، وهذا ما أكده مايلز كوبلاند في كتابه «لعبة الأمم»، حيث أشار إلى أنّ الهدف كان القضاء على كلّ صوت يقف في وجه اتفاقيتي الهدنة والتابلاين، كما أكد ذلك العديد من الكتّاب والباحثين والمؤرّخين.

مؤامرة الأمم على الحزب السوري القومي الاجتماعي وزعيمه، لم توهن الحزب، ولم تغيّر وجهته، فبقي وحده على قراره في التصدى لمفاعيل التجزئة الكيانية، بالممارسة الفعلية، وانغرست في نفوس أعضائه فكرة أننا سوريون من أيّ كيان كنا، تجمعنا وحدة التاريخ الذي يمتدّ إلى ما قبل الزمن الجلي، والجغرافيا الواضحة المعالم والثقافة التي شكلت مدرسة للبشرية جمعاء، كما تصدّى الحزب للتجزئة بالموقف والتضحيات، وواجه القوميون الاجتماعيون في الكيانات المؤامرة، بالثبات على انتمائهم للقضية الواحدة التي تساوي وجودهم، وفق قاعدة النظام المركزي.

وفي نظام الحزب، لا يكون سورياً قومياً اجتماعياً، مَن يسلك سلوكاً يناقض جوهر الفكر والعقيدة والمبادئ، ولا يمتّ إلى الحزب بصلة، مَن لا يتخلى عن الأنانية المفرطة والطائفية البغيضة والكيانية المقززة.

جراء لعبة الأمم ومصالحها دفع الحزب السوري القومي الاجتماعي أثماناً باهظة، واغتيل زعيمه بمؤامرة كونية، وشكل اغتياله سابقة في تاريخ الاغتيالات...

ومن جراء لعبة الانصياع لأنظمة الكيانات، يسعى البعض إلى المسّ بجوهر العقيدة والمبادئ، وجوهر العقيدة والمبادئ هو أنّ الأمة مجتمع واحد، فكيف يكون البعض قومياً إذا تخلى عن جوهر العقيدة؟

إنّ مصالح الأمم قسّمت بلادنا واغتالت سعاده، وإرهاب الأمم يدمّر كياناتنا ويقتل شعبنا، لذلك فإنّ المطلوب قومياً هو الاعتصام بالوحدة في معركة المصير القومي، معركة نحشد فيها كلّ قوانا، لا أن ينأى البعض تحت عنوان الكيانية عن حمل أعباء القضية القومية.

إنّ كلّ حزب أو حركة تستسلم للأمر المفعول وتتخلى عن نظامها وأهدافها، هي حركات ظرفية ووهمية لا قيمة لها، أما الحزب السوري القومي الاجتماعي فهو حزب فكر وعقيدة ومبادئ، يكافح ويصارع من أجل تحقيق أهدافه وغايته النبيلة، وغاية الحزب توحيد الأمة، وبعث نهضتها.

لذلك، فإنّ إحياء مناسبة عيد التأسيس لهذا العام، يحمل توجهاً مشدوداً إلى عنوان المستقبل، إذ يؤكد الحزب ثباته على عقيدته ومبادئه، في مواجهة كلّ أشكال التجزئة والتقسيم، وثباته على نهج الصراع المصيري ضدّ العدو اليهودي الذي يغتصب أرض فلسطين... وحكماً هو في مواقع المواجهة ضدّ الإرهاب والتطرف الذي يتهدّد بلادنا في الشام والعراق ولبنان وكلّ الأمة.

وعيد التأسيس لهذا العام، ليس احتفاء بطوي 82 عاماً من عمر الحزب، بل باستحضار مسيرة نضال هذه السنوات بكلّ ما فيها من محطات مضيئة ومشرقة، وبكلّ ما فيها من شهداء ارتقوا من أجل القضية القومية، لأنّ هذا الإرث هو الزوّادة التي تحفزنا على المزيد من البذل والعطاء.

وفي سياق مسيرة النضال القومي، لا يقتصر دور الحزب على قتال ومواجهة قوى الإرهاب والتطرّف في العديد من المدن والمناطق السورية، ولا على دوره في تحصين الوحدة الاجتماعية، ولا على تحشيد الطاقات في المغتربات وقوفاً الى جانب الوطن في مواجهة المؤامرة، بل يعمل من أجل إقامة جبهة شعبية لمقاومة الإرهاب والتطرف، وهو سيعلن قريباً عن الخطوط العريضة لدور هذه الجبهة ومهامها، وهو يدعو كلّ قوى شعبنا وكلّ أطيافه ومؤسساته وجمعياته وهيئاته الأهلية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية إلى الانضواء في هذه الجبهة، حتى تشكل درعاً واقياً يحصّن بلادنا في مواجهة التفسّخ والمؤامرات.

ويولي الحزب كلّ الاهتمام للمبادرة التي كان أطلقها رئيس الحزب أسعد حردان، والتي تدعو إلى قيام مجلس تعاون مشرقي، إذ سيشرع في إقامة مجموعة من الفعاليات في هذا الخصوص.

وبموازاة الثبات على خيار مقاومة العدو اليهودي وقوى الإرهاب والتطرف، وبذل الجهد في سبيل تأطير شعبنا في جبهة واحدة ضدّ الارهاب والتطرف، وإنجاح مبادرة قيام مجلس تعاون مشرقي تعاضدي تعاوني بين كيانات الأمة، سيضطلع الحزب بمسؤولياته، وعلى مختلف الصعد. وفي الأولوية التصدّي لمخططات التهويد والاستيطان التي ينفذها العدو اليهودي في فلسطين المحتلة، والتأكيد على الحق في مقاومة هذا العدو حتى تحرير فلسطين كلّ فلسطين.

ويولي الحزب أهمية لتحصين المجتمع، من خلال التشديد على الوحدة الروحية والاجتماعية، والدعوة إلى وحدة القوى الوطنية والقومية كافة في مواجهة ما يتهدّد بلادنا من أخطار، وفي مقدمة الأخطار الخطر الصهيوني والخطر الإرهابي الذي تدعمه قوى دولية وإقليمية وعربية معروفة.

وعلى صعيد لبنان، فإنّ موقف الحزب ثابت وراسخ لجهة التمسك بخيار المقاومة ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة، ولن يألو جهداً في الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يكون مؤمناً بثوابت لبنان وخياراته ويدافع عن عناصر قوة لبنان، وحريص على تعزيز علاقات لبنان القومية مع الشام.

في عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ندعو أبناء شعبنا في كلّ الأمة إلى التوحّد في مواجهة المؤامرة، وفي مواجهة العدو اليهودي وفي مواجهة الإرهاب والتطرف الذي هو صنيعة العدو اليهودي. لذلك فالمطلوب اليوم مواجهة إرهاب الأمم بكلّ ما أوتينا من قوة وعزم وإرادة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024