إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الجيش السوري يعيد ضبط الإيقاع في المنطقة

جمال العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2014-12-19

إقرأ ايضاً


كلما تقدم الجيش السوري في حربه على الإرهاب يتغيّر مستوى التصريح السياسي وتنخفض أصوات أعداء سورية، ويصبح البحث عن حلول لمحاربة الإرهاب عنوان الزيارات والمؤتمرات.

اليوم وبعد معارك طاحنة خاضها رجال الجيش السوري في حلب ودير الزور أصبح لخطة دي ميستورا معنى آخر فرض شروطه تقدّم الجيش ميدانياً وعدم مسارعة القيادة السياسية في سورية إلى جعل الكلمة العليا للحلّ وفق المصالح الوطنية ووضع أعداء سورية في زاوية محدّدة يكون القرار فيها محصوراً إما بقبول ما فرضته سورية على الأرض، أو بإعلان حرب شاملة.

هذه الحرب التي لم يعد بإمكان دافع الفاتورة الاستمرار فيها، خصوصاً بعد انخفاض سعر النفط وارتفاع عقود استيراد السلاح التي أنهكت الاقتصاد النفطي، وعدم تمكّن الجماعات الإرهابية المسلحة من فرض واقع عسكري جديد على الأرض يمكن الاستناد إليه لتغيير شروط اللعبة. وتبنّي ما يُسمّى ائتلاف الدوحة لـ»انتصار» وادي الضيف مع التحفظ على كلمة انتصار والذي شاركت فيه جماعات محسوبة على «القاعدة» يثبت من جديد أن هذا الائتلاف ليس إلا مكتباً تمثيلياً للجماعات الإرهابية لا أكثر. ولا يجوز وضعه ضمن قائمة القوى التي يجب أن تشارك في الحلّ السياسي إلا إذا اعتبرنا وجوده تمثيلاً لمصالح مشغليه… وهم كثر.

وللإنصاف فإنّ الجيش السوري اليوم لم يحدّد إيقاع الحلّ في سورية فقط، وإنما انعكس هذا على حلفاء سورية، فالملف النووي الإيراني، وعلى رغم كلّ المطبات التي تضعها إسرائيل» من خلال محاولات تعطيل الاتفاق، ما زال يتقدم لمصلحة إيران.

كما أنّ أوكرانيا تغازل روسيا عبر قبول المفاوضات مع الخصوم السياسيين المحسوبين على موسكو.

أما عربياً فتغيُّر الخطاب العربي العاجز أصلاً جاء وفق غياب الملف السوري عن أولويات الراعي الأميركي، وترك الملف بيد موسكو التي تقوم بالتوفيق بين معارضة الداخل والحكومة وفق المصلحة الوطنية السورية.

واليوم سيكون خصوم سورية وصانعو الحرب عليها منشغلين في إيجاد مخارج لهم بعيداً عن دعم المعارضة المشتتة، وعلى تلك الدول إيجاد مخرج لها في شأن التحويلات المالية الضخمة التي غذّت الإرهاب في سورية، كما أنّ عليها تقديم مبرّر مقبول عن سبب تسهيل مرور المرتزقة عبر أراضيها ومن نقاط حدودية رسمية.

أما الدول التي تمتلك معسكرات تدريب للمرتزقة فعليها أن تجد طريقاً لإخراجهم أو حلّ تلك المعسكرات ونفل المرتزقة إلى أراضيها، وهذا ما لا تتحمّله تلك الدول، خصوصاً أنّ أوضاعها الداخلية ليست بالأوضاع التي تسمح بمثل هذا الإجراء الذي سيتحوّل إلى قنبلة موقوتة تنفجر في أيّ لحظة.

فاليوم ضبط أمن مدينة حلب وتنظيفها من فلول الإرهابيين سيشكل نواة الانتصار المقبل في الشمال السوري، وبهذا يكون المرتزقة أمام خيارين… إما الموت أو الانسحاب باتجاه الحدود التركية التي ستغلق أمامهم عاجلاً أم آجلاً… ولا يمكن أن تتحمّل تركيا عمل معسكرات للمسلحين الفارّين من سورية، إلا إذا قرّر أردوغان أن يشعل الداخل التركي أكثر مما هو مشتعل. وبهذا يكون قد نقل إلى بيته النار التي حاول إحراق سورية بها.

لقد استطاع الجيش السوري وخلال أربع سنوات من القتال إعادة الموسيقى العسكرية إلى المقدمة، وفرض إيقاع انتصاراته على الواقع السياسي، وفرض الجيش الوطني شروطه الوطنية وأكد أن سورية وحدة لا تتجزأ، وأنّ محاربة الإرهاب في المنطقة تحمّلها جنود الجيش السوري، واستطاع الجيش أن يتحمّل ويمتصّ ضربات لم تتحمّلها كبرى جيوش العالم… فكلّ من راهن على تمزيق الجيش وانحلاله خلال الأشهر الأولى من الأزمة خسر رهانه… وكلّ من اعتقد أنّ الجيش السوري ضعيف ويمكن اختراقه كان اعتقاده خاطئاً… على رغم الأموال التي أغرق بها ضعاف النفوس، وعلى رغم العزف الشاذ على وتر الطائفية بقيَ الجيش ينجز مهامه ويحقق انتصاراته، وما يقلق اليوم «إسرائيل» وكلّ مَن دعم الإرهاب هو تراكم الخبرات لدى مقاتلي الجيش السوري الذين قاتلوا في أصعب الظروف الميدانية. وهذا بحدّ ذاته يكفي لكي يواصل حلفاء «إسرائيل» الحرب على سورية قدر الإمكان، أو الوصول إلى تسوية سياسية يكون أمن «إسرائيل» من ضمن بنودها.

فالتغيّرات التي تعصف اليوم بالمنطقة، على رغم مرارتها وما خلفته من ضحايا، تنذر بنتائج الحرب المقبلة مع الكيان الصهيوني الذي أقرّ بفشل دول «الاعتلال العربي» ومرتزقتها في تحقيق الهدف من الحرب على سورية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024